«آخر رجالة» حسب الله

5 عازفين فقط يحملون الراية.. سلالة فرقة «حسب الله الموسيقية» تنقرض

عزت الفيومى آخر أعضاء فرقة حسب الله
عزت الفيومى آخر أعضاء فرقة حسب الله

أسطورة شعبية حفرت اسمها لسنوات طويلة فى أذهان المصريين، معبرة عن الأفراح الشعبية فى كل شارع وبيت وحارة، قدمت فناً شعبياً وتراثاً فلكلوريا نفتخر به حتى كتابة هذه الكلمات، إنها فرقة حسب الله الموسيقية النحاسية.

وكانت تلك الفرقة مكونة من 24 فردا خرجت من بين جدران شارع الفن «محمد على» سنة 1860 على يد صاحبها الشاويش «محمد حسب الله، وكان أحد أفراد فرقة السوارى التى عملت فى خدمة الخديوي عباس حلمي، ولذلك منح الخديوي لقب الباشوية على «حسب الله»، فأصبح من الأثرياء لدرجة أن حذاءه كان مصنوعا من الجلد المرصع بكبسولات من الذهب.


على مقهى بشارع محمد علي، جلس عازف فى فرقة حسب الله «عزت الفيومي» صاحب الـ 75 عاماً وشهرته «عزت حسب الله»، يتذكر لياليه مع الفرقة وسط عزف الألحان المبهجة ودقات الطبول التى تقرع بأصواتها الذهبية، يروى «عزت» حكايته ويقول: جئت من بلدتي بالفيوم عام 1965، وتجولت فى شوارع عماد الدين ونجيب الريحانى ومحمد علي، حيث كنت شابا مولعاُ بالفن والموسيقى وتعلمت العزف على آلة «الترومبيت»، وهنا فى شارع محمد على تعرفت على نجل حسب الله مؤسس الفرقة واسمه «على محمد على حسب الله»، والتحقت بالفرقة الموسيقية التى كانت طقساً رئيسياً لا غنى عنه فى موالد الشيوخ والأولياء، وزرنا جميع المحافظات وذاع صيت الفرقة كثيرا، وازداد الطلب علينا ، وحققنا نجاحا باهرا. وأضاف: فى أول يوم عمل كنا على موعد مع زفة عزال عروس بمنطقة المنيب فى الجيزة، وكنا جميعاً نرتدى زيا رسميا واحدا، تقاضيت وقتها أول أجر وكان 25 قرشاً، وعزفنا الألحان ودقت الطبول والرق والترومبيت، وانطلق المزمار البلدى وسط زغاريد أقارب العروسين، وعمت الفرحة أرجاء المكان وازدحمت الشوارع بالإقبال علينا لمشاهدة فرقة حسب الله وموسيقاها الشهيرة بمقطوعاتها الموسيقية، والتى تحدث عنها الفنان اللبنانى عبدالسلام النابلسى صاحب شخصية «حسب الله» فى فيلم «شارع الحب»، متذكرا قوله: «أنا حسب الله السادس عشر آخر سلالة آل حسب الله، السلالة التى غزت جميع الميادين من ميدان الحسنية لميدان المدبح، من القاهرة للإسكندرية، أنا حسب الله ربيع الفن ونابليون أكبر فرقة موسيقية نحاسية».


وبمرور الوقت، تعرضت الفرقة الشعبية للإهمال كثيرا واقتصر نشاطها على الاحتفالات الشعبية والموالد فقط، حتى توفى منهم الكثير واعتزل بعضهم العمل ولم يعد باقياً منهم سوى 5 أفراد، وما زال عزت يقود الفرقة حتى الآن، ويلتقى مع الزبائن فى مقهى شهير يعرف قهوة حسب الله بشارع محمد علي، حيث اعتاد أعضاء الفرقة على الجلوس عليها منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى الآن، وقال عزت: إن أجر الفرقة حالياً فى المناسبات والأفراح تقدر بـ 2000 جنيه.


وعلى مدار العقود الماضية لم تمض الفرقة بين الاحتفالات والموالد، بل دخلت إلى عالم السينما من خلال مشاركتها في عدة أعمال فنية، فيقول «عزت»: شاركنا كفرقة في مسلسلات عماشة عكاشة، ليالي الحلمية، زيزينيا، أميرة فى عابدين، شارع المعز، المال والبنون»، ثم أفلام «الباطنية، بياضة، الواد محروس بتاع الوزير، المدبح، الخادمة، الإمبراطورة، سلام يا صاحبي، بخيت وعديلة»، بالإضافة إلى مسرحية «فارس وبنى خيبان».