اسامة عجاج يكتب عن القمم الثلاثة في السعودية.. توافق على تعزيز التعاون «العربي- الصيني» 

أسامة عجاج
أسامة عجاج

تسعد المملكة العربية السعودية، لعقد 3 قمم في إطار التعاون «العربي- الصيني»، تبدأ الأولى اليوم الأربعاء، بين المملكة وبكين، وتضم الثانية دول الخليج والتي سوف تعقد «الخميس»، أما الثالثة مع بكين والدول العربية في الرياض يوم الجمعة القادم.

وسبق للملكة العربية السعودية في مايو 2015 أن استضافت 3 قمم مماثلة في أول زيارة للرئيس الأمريكي السابق ترامب إلى المنطقة وهى قمة سعودية مع أمريكا أعقبها أخرى خليجية مع واشنطن، والأخيرة قمة ضمتها مع الدول الإسلامية، وتم استنساخ ما حدث في مايو 2019 عندما نجحت المملكة في عقد ثلاث قمم خلال يومين وكان العنوان الأبرز والوحيد البحث في التدخلات الإيرانية في العديد من الدول العربية وكانت على مستوي خليجي وعربي وإسلامي، وحققت الهدف منها في توحيد مواقف الجميع من مخاطر تلك التدخلات على صعيد استقرار المنطقة السعودية.

وعلى لسان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أشارت المملكة منذ أسابيع إلى أنها تنظر باهتمام بالغ وكبير وتعمل على الانتهاء من كافة الترتيبات الخاصة بالقمم الثلاثية مع الصين من أجل إنجاحها وتحقيق التطلعات المرجوة منها، مؤكدا أن المملكة تسعى إلى أن تكون القمم الثلاثة هي تتويج للنجاح بين الجانبين. 

وحقيقة الأمر ان القمة العربية الصينية الأولى كفكرة بدأت منذ سنوات ولكنها واجهت عقبات تمثلت في تداعيات جائحة كورونا التي تسببت في إيقاف كثير من الأنشطة المماثلة لأكثر من عامين دون أن يعني ذلك وقف الاتصالات بين الجانب العربي والصيني، حيث عقد في يوليو عام 2020 الاجتماع الوزاري العربي الصيني عبر الاتصال المرئي وفي سبتمبر الماضي تم افتتاح الدورة الثالثة للمنتدي الصيني العربي للإصلاح والتنمية، كما أقامت وزارة الخارجية الصينية ومركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، المنتدى العربي الصيني، بمشاركة نحو 20 خبيراً عربياً وصينياً، عبر تقنية الفيدوكونفرانس.

وفي يوليو من العام الماضي التقي أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية مع وزير الخارجية الصيني أثناء زيارته لمصر كما سبق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن زار بيكين خلال الأشهر الأولى من عام 2019 ومؤخرا ترأس الأمير فيصل بن فرحان، الاجتماع الرابع للجنة الشؤون السياسية والخارجية المنبثقة عن اللجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى، فيما ترأس الجانب الصيني وزير خارجية الصين وانج يي، وذلك عبر الاتصال المرئي.

ودعونا نتفق هنا الي الوضوح الكامل للسياسة الصينية تجاه الدول العربية والتي وأعلنتها بكين في الوثيقة التي أصدرتها عام 2016، بمناسبة أول جولة رئاسية للرئيس الصيني للمنطقة إذ إنها شكلت معادلة 1+2+3 التي تتخذ مجال الطاقة كمحور رئيسي، ورقم 2 هو التعاون في مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، و3 مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة، تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة.

وتتعدد العوامل التي تجعل من القمم الثلاثة حدث استثنائي في مقدمتها التوقيت فهي تأتي في ظل حالة استقطاب دولي غير مسبوق لم نشهده منذ سنوات الحرب الباردة في خمسينات وستينات القرن الماضي وعادت الامور الي صراع مكشوف بين واشنطن ودول الغرب وبين روسيا الجديدة تحت زعامة بوتين وساحتها أوكرانيا ومحاولة كل طرف البحث عن حلفاء وداعمين له ويشار ايضا إلى الأزمة التي تعيشها العلاقات بين السعودية الدولة المضيفة وأمريكا حول قرار اوبك بلس برفع اسعار النفط مما يجعل الصين بديلا مقبولا من قطبي الصراع ويسمح بعدم قصر التعاون بين الجانبين خاصة الخليج والصين علي البعد العسكري ولكن تمتد الي ابعد آخري خاصة التعاون في المجال العسكري حيث تستورد الرياض منظومات صاروخية من الصين وكذلك الإمارات مما يشير إلى رغبة خليجية في التعامل مع الصين كقوة وزانة في علاقاتها مع دول الإقليم خاصة إيران وتركيا ومع المستوي الدولي خاصة الغرب والولايات المتحدة ونشير بهذا الخصوص الي حقيقة مهمة هو التغيير الحاصل في سياسات الصين على الصعيد السياسي بعيدا عن الفكرة السائدة من في قصر العلاقات علي البعد الاقتصادي والاستثمار المشتركة وضرورة الانخراط في الازمات التي تواجهه المنطقة العربية تحديدا وقد اقترحت عدداً من المبادرات التي تتعلّق بتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وحل القضية السورية، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. في المقابل، تقف الدول العربية إلى جانب الصين في القضايا المتعلقة بمصالحها الجوهرية، بما فيها مناطق هونغ كونغ وشينجاينج وتايوان.

وقد تكون الصين وسيطا مهما ومقبولا من قبل الدول العربية وإيران خاصة في ظل وجود اتفاق استراتيجي بين طهران وبكين لمدة ٢٥ عاما بالإضافة الي علاقاتها المتصاعدة مع الدول العربية وخاصة الخليجية 

ومن جهة آخرى الرغبة المشتركة بين الصين من جهة والدول العربية وفي القلب منها دول الخليج في تعزيز مجالات التعاون المشترك على صعيد التبادل التجاري والاستثمار المشترك والتعاون الاقتصادي، حيث تحتل المملكة المركز الأول كوجهة للاستثمارات الصينية الخارجية في النصف الأول من عام 2022، وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول لها كما ان حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية بلغ حوالي 330 مليار دولار العام الماضي مع انخراط الجانب العربي في مبادرة “الحزام والطريق” من أجل تطوير علاقات التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والمالية والصناعة والنقل والمواصلات والطاقة والموارد الطبيعية والبيئة والزراعة، بما يحقق تبادل المنفعة ويصب في مصلحة الجانبين.

ونحن في انتظار نتائج القمم الثلاثة الاستثنائية.