الفورمات الأجنبية.. تغازل صناع الفن

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب: محمد إسماعيل

منذ سنوات طويلة لم تكن ظاهرة الأعمال الدرامية والسينمائية المقتبسة من فورمات أجنبية منتشرة بشكل كبير إلا أنها في السنوات القليلة الماضية بدأت تفرض نفسها على الساحة خاصة ما حدث في رمضان الماضي وعلى مدار العام والكم الكبير من الأعمال الدرامية المقتبسة من فورمات أجنبية مثل "سوتس بالعربي" لآسر ياسين وفيلم "مش أنا" لتامر حسني وغيرهما.

وفي الشهور المقبلة هناك أعمال ستظهر إلى النور ومنها مسلسل “في مهب الريح” لهند صبري والمقتبس من فيلم the good wife من تأليف شريف بدر الدين وإخراج أحمد خالد موسي ولن تكون هند صبري آخرها... “أخبار النجوم” قامت بطرح تساؤلات عن تقييم التجربة بعد مرور سنوات على بدئها وهل حققت نجاحًا كبيرًا وأضافت للفن المصري؟ أم أن مساؤئها كانت أكثر من مميزاتها؟

يقول الناقد رامي متولي إن الأعمال المقتبسة عن فورمات أجنبية بدأت تنتشر بدرجة كبيرة في السنوات الماضية وذلك بسبب النجاح الذي حققته بعد أن كانت تقدم تلك الأعمال على استحياء بين عشرات الأعمال الأخرى ولذلك أصبحت ظاهرة وانتشرت تلك المسلسلات وأصبحت تقريبا على مدار العام بل إن بعض منها بدلاً من أن تكون 15 حلقة بدأت تصل إلى مسلسلات أطول تصل إلى 30 حلقة... وعلى الرغم من النقد الجماهيري الذي كانت تلقاه في البداية إلا أن تلك النوعية من المسلسلات بدأت تلقى رواجًا بين الجماهير والدليل على ذلك مسلسلات عديدة مثل مسلسل “جراند أوتيل” المأخوذ على مسلسل إسباني ومسلسل “ليالي أوجيني” المقتبس من نسخة إسبانية أيضًا مسلسل “حلاوة الدنيا” المأخوذ من مسلسل مكسيكي وأخيرًا المسلسل الكوميدي “سكر زيادة” المأخوذ عن عمل أمريكي. 

ويضيف رامي المتولي إن أبرز دليل على نجاح تلك النوعية من الأعمال هي لجوء المنصات الإلكترونية الرقمية في الفترة الحالية إلى إنتاجها بل والرهان عليها في كثير من الأحيان إلا أنها بدأت تأخذ شكلاً جديدًا عن غير المعتاد فالعمل أصبح يأخذ أجزاء عديدة بل تصل حلقاته الـ30 أو أكثر لأن أصبحت على هيئة أجزاء 15 حلقة مثل مسلسل “الآنسة فرح” والمقتبس عن مسلسل أمريكي فنزويلي وأنتج منه مواسم عديدة. 

اقرأ أيضًا

تكريم خاص لأسرة مسلسل "جراند أوتيل" في حفل كايرو وينتر فاشون شو

ويشير رامي المتولي إلى أن مسألة الاقتباس من أعمال الأجنبية وتعريبها ليست بجديدة على الدراما العربية إلا أنها وصلت إلى مصر مؤخراً وذلك بسبب الخوف من تمصير تلك الأعمال وفشلها إلا أن التجربة أثبتت عكس ذلك تمامًا خاصة أن الطريق ممهد أمام تلك الأعمال للنجاح المسبق لأن اللجوء لتلك الأعمال بسبب نجاحها في الدراما والسينما الغربية وبالتالي فإنها لاقت رواجًا كبيرًا في الدول العربية ولذلك فإنها الحصان الرابح للعديد من المنتجين الذين يسعون إلى النجاح والربح على طبق من فضة، لأنه لولا نجاحها ما كان تم اقتباسها في الدول العربية إلا أن الاختلاف والطريق إلى الفشل يبدأ من الخطأ في التمصير إلا أن هذا لم يحدث مؤخراً وآخرها في رمضان الماضي مسلسل “سوتس بالعربي” لآسر ياسين والذي لقى نجاحًا كبيرًا.

أما الناقد محمود قاسم فيقول إن تجربة اقتباس الأعمال المصرية من فورمات أجنبية أصبحت تثير حالة من الجدل لأن من وجهة نظري تلك النوعية من الأعمال تهدم الدراما العربية والمصرية لأنها تقيد الإبداع الفكري للمؤلف وتجعله يتقيد بالأعمال الأصلية التي قام بالاقتباس منها حتى لا يخرج عنها وبالتالي يكون معرضاً للفشل وعلى الرغم من أن انتشارها أصبح أمراً واقعاً إلا أنه مؤشر سلبي خصوصًا في ظل انتشار ورش العمل بدرجة كبيرة ولكن لست ضد الاقتباس من الفورمات الأجنبية بشكل مطلق، ولكني ضد النسخ والاقتباس الكامل منها وكأنها سرقة، وللأسف أصبحت ظاهرة وإن كانت ليست بجديدة، وعلى الرغم من الانتشار في العالم أجمع وفي الدول العربية مؤخراً إلا أنها بدأت تنتشر في السنوات الماضية.

ويضيف محمود قاسم أن مصر بها العديد من المؤلفين الكبار الذين يمكن أن يضعوا أفكاراً جديدة خارج الصندوق ليطلق العنان لمخيلته دون الاستعانة بالمسلسلات المقتبسة... ومن وجهة نظري فإن إحياء التراث القديم من المسلسلات والأعمال والأفلام القديمة في مصر بالإضافة إلى اقتباس الأعمال الأجنبية وتقديمها بشكل مصري يقتل الإبداع خاصة أن في مصر العديد من القضايا التي يمكن التركيز عليها وهناك مسلسلات عديدة فشلت بسبب أنهم وقعوا في فخ التركيز على قضايا غربية ليست موجودة في مجتمعنا الشرقي.

في حين يقول المؤلف أحمد أبو زيد في البداية لابد من التفرقة ما بين الاقتباس والنسخ من ناحية وبين التمصير وإعادة هيكلة الفكرة الرئيسية بما يتناسب مع مجتمعنا فأنا أرفض فكرة الاقتباس تمامًا لأنها تقتل الإبداع الفكري فالإبداع أنني أقدم شيئًا جديدًا مختلفًا وهو يتعارض مع النسخ والاقتباس، واللجوء إلى النسخ بدون أن يضع المؤلف بصمته بما يتناسب مع الخيوط الدرامية التي تتشابه مع مجتمعنا يسمى إفلاساً فكرياً وإبداعياً.  

ويضيف أحمد أبو زيد إن هناك كماً كبيراً من الأعمال المأخوذة من فورمات أجنبية قد تم تقديمها في الآونة الأخيرة وهناك من نجح منها والآخر فشل، ولم يحقق النجاح الذي حققته تلك الأعمال في نسختها الأصلية وذلك بسبب الخوف من المغامرة والتمصير بالشكل الذي يليق بمجتمعنا في عاداتنا وتقاليدنا، بالإضافة إلى أن هناك بعض الأعمال تم اختيارها للاقتباس لم يسمع عنها أحد ولم تحقق نجاحًا كبيرًا يمكن من خلاله اللجوء إلى تمصيرها والاقتباس منها ولابد من التفرقة ما بين السرقة والاقتباس، فهناك بعض المنتجين والمؤلفين الذي يقومون باللجوء إلى الاقتباس من أعمال أجنبية لم يسمع عنها أحد دون الإشارة إلى أنها مأخوذة من فورمات أجنبية والادعاء بأن تلك الفكرة هي باكورة أعمالهم ونتاج أفكارهم.