إنجى الطوخى تكتب: لماذا خُلق الألم؟

صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه

هل تعرفون حكاية الألم؟ تخبرنى صديقتى بأنها تحسدنى ..  فأنا أبتسم دائما... لكل شىء وأى شىء.. أبتسم وأنا أسمع كلماتها.. أبتسم وأنا فى طريقى للمنزل أبتسم وأنا أمام المرآة.. ثم أقرر خلع قناع الابتسام..أشده بقوة ...استخدمت كل المواد اللاصقة فى المنزل وصندوقاً كبيراً من الغراء لإلصاقه.. حتى لا يعرف أحد الحقيقة..حتى أنا لا أرغب فى معرفة الحقيقة.. أن وجهى بعد خلع قناع الابتسام  يبدو مرعبا.. يختفى الجلد نهائيا..  وتبدو كرات الدم الحمراء.

 

وهى تتحرك بسرعة منتظمة..  وعضلات الوجه .. وتجاويف العين والأنف والفم.. وكلها قد امتلأت بتلك المادة.. الألم....حاولت التخلص منه مرارا.. ولكن بلا جدوى  فالألم يكون مؤلما حتى فى التخلص منه.. فى البدء.. متى ظهر الألم؟ أبحث فى النتيجة .

لا يوجد تاريخ للألم.. لقد صنع الألم التاريخ.. أم التاريخ هو من صنع الألم؟ لا تبدو الإجابة مهمة بالنسبة لى  أنا أعرف متى ظهر الألم..  عندما كنت بضفيرة واحدة ورأيت وجه الموت.

ثم عدت مرة أخرى إلى صخب الحياة  هل يمكن تصور أن ترى صغيرة وجه الموت  لم يكن مخيفا..  كان لونا أبيض يعمى البصر أخبرونى وقتها أنه لا يمكننى البكاء 
أو الصراخ.. فقط من حقى الابتسام. وقتها ظهر الألم. 

هل للألم طعم؟ مثل وحوش ليلية أو حبيبات بيضاء تقتل دماء الحياة أبتلعها يوميا  لا بل كل دقيقة فى صمت  حتى نشف قلبى وتحول إلى تجاويف صخرية..  مليئة بالنتوءات  مؤلمة لمن يلمسها حتى أنا كنت أخشى وضع يدى على قلبى فقد تخدشها خشونة نتوءات الألم ثم امتلأ القلب.

وراحت الحبيبات إلى الأمعاء وامتلأت الأمعاء فذهبت الحبيبات إلى العمود الفقرى واستمرت الرحلة حتى صار جسدى كله مليئا بحبيبات الألم  وصار الألم جزءاً مني ثم أصبحت أنا الألم ذاته ولم يعد ممكنا التخلص منه  فالألم يكون مؤلما حتى فى التخلص منه.

لم رفضت يا أبى ألمى؟! لا أعرف لم فعلوا ذلك  لم رفضوا ألمى؟  فقط كنت سأبكى  ما هو الألم؟  هو أن تحمل جمرًا مشتعلًا بيدك وأنت تسير أن تسقط من علو شاهق ولا تموت أن يكون هناك سكين فى جسدك وأنت لا تراه هو لحن جميل يتراقص الجميع على أنغامه لكنك لا تسمعه. ما هو الألم؟

أن تفقد حواسك جميعها فى نفس اللحظة وهو شاحنة تدك عظامك دكا ثم تكمل الحديث مع جارك أن تراقب ساعات العالم أجمع وهى معطلة  أن تدرك أسراب النمل تسير أسرع منك وما هو الألم؟ أن ترى الدماء حولك أنهارا  ولا تعرف مصدرها.. لا تستطيع إيقافها... أن تصرخ لكن لا تسمع صوت صرختك  أن تنظر إلى قبرك أحيانا وأنت حى.