أما قبل

المناخ الكروى وإعلام «الشعبنة»!

إبراهيم المنيسى
إبراهيم المنيسى

 هذا إن جاز لنا اعتبار هذا اللون من الأداء العفوى دون مسئولية والارتجالى دون ضوابط والقائل فى أى وقت بأى كلام. وبأى طريقة؛ هو منسوب لمؤسسه وصاحبه الفنان الشعبى الراحل شعبان عبد الرحيم.. فتكون حالة الشعبنة منهجا ووسيلة وطريقة للفت الانتباه وتحقيق الانتشار.. ايييييييييييه!!

الناظر للمشهد الرياضى فى جانبه الإعلامى من الخارج يندهش كثيرا أن تكون حالة التلوث السمعى التى تكسو المناخ الكروى وتهدد استقراره بما تفرزه من انبعاث متردٍ ومؤثر على قيم المجتمع وتقاليده وروابطه.. وأخلاق النشء فيه.. وتلك الأخيرة هى مصدر القلق الحقيقى.. أو هكذا يجب أن تكون..

الباحث المغربى الإعلامى النابه والصديق العزيز د.منصف اليازجى - شأن الكثيرين من الزملاء العرب - أبدى لنا، غير مرة، اندهاشه الكبير مما يشاهده عبر برامج رياضية مصرية من ممارسات وأقوال لا يتصور أحد أنها يمكن أن تقال فى وسيلة إعلامية.. وعندما تنبعث مثل هذه الروائح من فضاء الإعلام المصرى الرائد فى محيطه العربى تكون الأزمة أكبر وأفدح والرائحة أوسع وأفضح..

شعبان عبد الرحيم، الله يرحمه، كان فنه العفوى لا يخلو من رسالة، حتى وإن رأى الكثيرون أنه «سايق الهبل ع الشيطنة» وأنه يعبر بكلامه وطريقته وحتى ملابسه عن لون جديد وعجيب، لكنه كانت له حدوده فى لفت الأنظار والانتشار، لكن للأسف وجدنا فى من يتعاطون حالة الشعبنة بالإعلام الرياضى عندنا هذه الأيام، حرصا على الاندفاع غير المحدود نحو الانفلات اللفظى حتى وصل الأمر فعليا لحالات شخر وإيحاءات جنسية وشتائم بأفظع الألفاظ ناهيك عن التنمر والتنابذ والتى باتت أقل حدة من هذه الجرائم العنيفة وتلك الانبعاثات الخطيرة المهددة بل الهاتكة لغلاف المناخ الرياضى.. للأسف الشديد..

قبل بضع سنوات كانت لجنة الإعلامى الكبير والمعلم الحقيقى الرصين الخال فهمى عمر والتى كانت تضطلع بضبط الأداء الإعلامى الرياضى وتعقب رسالته ومساءلة  من يتجاوز، ضمن حرص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام آنذاك على مستوى الرسالة الإعلامية ومراعاة لتأثيرها الشديد على الشباب والنشء خاصة فى المجال الرياضى الذى كما قال وقتها الكاتب الصحفى الكبير مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام وقتها وفى أكثر من مناسبة حضرنا فيها معهم أنه - أى الإعلام الرياضى - بالغ التأثير على الجماهير المرتبطة بمشاعرها مع أنديتها ونجومها وبرامجها. من هنا كانت خطورة هذه الانبعاثات الخطيرة..

ولعل ما يزيد من حدة هذه الظاهرة الانفلاتية هذا التزاوج بين الوسائط الإعلامية الحديثة والتقليدية.. فما يصدر من أقوال وأفعال وتصريحات وآراء هؤلاء «الشعابنة» تنتقل فورا من سطح الشاشة للحفظ والتداول والانتشار الأوسع عبر اليوتيوب ومختلف الوسائط الإعلامية ومنصاتها.. واللى ما يشترى يتفرج!
 غير معقول بالمرة السكوت أطول من هذا على هذه الظاهرة القاتلة التى باتت تجذب وتشجع مرتاديها على المزيد من الشعبنة بل وتخطى حدود المعقول..
سمعنا كثيرا عن مواثيق وأكواد إعلامية لكنها على أرض الواقع صارت حبرا على ورق أو نقرا على كيبورد ليس أكثر.. ولا ندرى لماذا.. وإلى متى؟

مصر الرائدة.. وأستغرب من قول البعض إنها سوف تستعيد ريادتها.. وهذا قول مغلوط.. فالريادة هى السبق التاريخى فى ارتياد الشيء.. وقد سبقت مصر شقيقاتها العرب فى ارتياد المجال الإعلامى والتأسيس له من عدم، ومن ثم فهى الرائدة حتى وإن ظن البعض فى اهتزاز عصا القيادة الإعلامية باليد أو اتجهت بوصلة التأثير لهذا الاتجاه أو ذاك.. لكن تبقى الريادة مصرية غير قابلة للتغيير وقادرة دوما على انتزاع بوصلة التأثير..

مصر الرائدة إعلاميا تحتاج للنظر للمشهد الرياضى الإعلامى بعين الاعتبار والاهتمام.. بل والقلق الحقيقى على مكونات هذا المناخ الكروى وحالة الشعبنة العجيبة ومجابهة كل تجاوز بما لدينا من قوانين وتشريعات جادة وحاسمة تزيد فى قوتها وفعاليتها عن ما يعرف بمواثيق الشرف وأكواد الممارسة.. وما يصحش كده!!

دوما.. لا شيء  غير القانون.. ولا أحد يجب أن يكون فى هذا المجال الرياضى فوق القانون..