..مأساة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى، شباب في عز عنفوانهم، أصدقاء وجيران، في طريقهم لجامعاتهم وأعمالهم، تعلو الابتسامة وجوههم، فهذه رحلة روتينية فعلوها عشرات إن لم تكن مئات المرات، لكن فجأة انتهى كل شيء، مات الشباب وتيتمت الفتيات وتحولت الاحلام الجميلة لتلك العائلات لكوابيس وذكريات مؤلمة لن تمحى من ذاكرة من تم إنقاذه، وهو يتذكر من كانوا معه.
فسقوط تلك الحافلة في ترعة الرياح التوفيقية بميت غمر والتي تابعنا تفاصيلها الصعبة خلال الأيام الماضية يجب أن نتوقف أمامها كثيرا، لأنها حادثة تكررت بصورة كربونية آلاف المرات فسائق الحافلة هو القاتل الحقيقي وهو المسؤول عن كل روح زهقت وكل مصاب أصيب بجروح سواء جسدية أو نفسية بعد ذلك.
ذلك الشخص الذي أكدت النيابة العامة في بيانها على تعاطيه المخدرات هو قاتل، فبتعاطيه لتلك السموم بإرادته المنفردة سلم نفسه وسلم من معه في الحافلة وهو مسؤول عنهم للمجهول.
ذلك المتهم المحبوس حاليا على ذمة التحقيقات كان يسير بسرعة جنونية على الطريق غير عابئ بأحد، فالمخدرات جعلته لا يشعر بشيء، عاجز ذهنيًا، يعيش في الأوهام، حولته إلى قاتل جبان، فعندما وجد أن الحافلة ستسقط في المياه لا محالة فتح الباب وقفز وترك ضحاياه يغرقون في الترعة وهو بدم بارد وقف يتفرج يشاهد ما فعله، يشاهد زهرة الشباب التي زبلت وماتت نتيجة لاستهتاره وإهماله الذي اعماه، فكانت المخدرات التي جعلت عائلات ستعيش حياتها والحزن داخلهم.
ذلك الشخص ليس حالة شاذة في مجتمعنا فكم من سائقين يقودون سياراتهم في طرقنا وهم يتعاطون المخدرات، كم من حادث عشناه ليخرج بيان النيابة بأن السائق الذي تسبب في الحادثة يتعاطى مخدرات فيهمل وتكون النتيجة سقوط الضحايا، لذلك يجب أن نجد حلا يمنع استمرار مثل هذا الأمر، يجب أن تزداد حملات المرور لكشف المخدرات على الطرق وليس ذلك فقط بل أن تكون هناك حملات للكشف المفاجئ والعشوائي وفي مواقف السيارات لكي نضمن عدم تكرار مثل هذه الأحداث.
للأسف الإهمال اصبح يقتلنا، يجب أن نحاربه بتغليظ العقوبات بسن تشريع صارم لمواجهته، فليس ذلك السائق فقط وليس بتلك الطريقة فقط يقتلونا بإهمالهم، في كل مكان هناك المهملون الغائبون عن الحياة، هؤلاء هم أعداؤنا الذين يجب أن نكشفهم ونواجههم بكل حسم وهذا هو دورنا كصحفيين وإعلاميين فكل مهمل في مكانه هو قنبلة موقوتة تهدد حياتنا ومستقبل ابنائنا.