«جريمة حلوان».. الابن يكشف كيف أنهى والده حياة أمه في غرفة النوم

السكان ترصد محاولات اخفاء الجريمة
السكان ترصد محاولات اخفاء الجريمة

كتب: آمال فؤاد

الطلاق يكون دائمًا هو الحل الأمثل عندما تتأزم الأمور بين الزوجين، فهذا في مصلحة الجميع لقوله تعالي «إمساك  بمعروف أو تسريح بإحسان».

لكن الكارثة والفاجعة أن يستمر الطرفان في شجار ومشكلات  وتعدي بالأيدي والأسلحة وتتطور الأمور بين الزوجين الى حد أن يقتل الزوج زوجته والإمعان في الجريمة حتى التمثيل بجثة زوجته، والطامة الكبرى أن تدور كل هذه السيناريوهات والمشاهد البشعة أمام عيون أطفال أبرياء تتسبب في تدميرهم نفسيًا وبدنيًا على المدى البعيد، ويحفر في ذاكرتهم العنف والجرم ونزيف الدم والنار الذي أحدثه الزوج؛ في النهاية هناك طفلان دفعا الثمن غاليًا؛ مجرم خلف القضبان يواجه مصيرًا مظلمًا ربما يقوده إلى حبل المشنقة، وأم الطفلين لقيت مصرعها، كان الله في عون هذين الطفلين.

المؤكد أنه لا تخلو أسرة من الخلافات الزوجية طالما يعيشان تحت سقف واحد، لكن بنسب متفاوتة ولأسباب مختلفة؛ لكن أن تنتهي الخلافات بجريمة قتل فلابد وأن يكون هناك شيء خطأ منذ البداية وطالما وقعت الجريمة فلا يهمنا البحث وراءها؛ ففي الواقعة التي أمامنا والتي دارت أحداثها بمنطقة عرب غنيم بحلوان، فالمتهم وقبل الزواج أوهم «شيماء» المجني عليها بالحب والغرام وأنه الزوج المثالي الذي لن تجود الأيام به لكن تبخر هذا الكلام المعسول بعد أيام من الزواج، سرعان ما دبت  الخلافات المستمرة بين الزوجين لسوء طباع الزوج وعدم تحمله المسئولية طمعا في ذهب زوجته والإنفاق عليها من أموالها؛ خطط ودبر وتملك منه شيطانه وأعانه على قتل زوجته وإشعال النار فيها، ولم يكتف بذلك بل حاول أن  يخفي جريمته الشنعاء بأن يبعد الشبهة عنه؛ ادعى أنها أشعلت النار في نفسها، عقب مشاجرة دارت بينهما ولكن العناية الإلهية أرسلت ابنها الطفل البريء الذي لا يتعدى عمره 12 عاما عقب عودته من المدرسة إلى البيت، في الوقت المناسب ليكشف كواليس جرم زوج أمه، وكيف غدر بأمه وكسر قلبه وشقيقه،

                                                                                                                                               المجنى‭ ‬عليها

وتسبب هذا الرجل في إزهاق روحها، مرت على الطفل المسكين اصعب بضع دقائق شاهد فيها مشاهد إشعال النار في  جسد أمه، مشهد يلي الآخر يصعب على الكبار تحمله،  تفاصيل مثيرة وبشعة يرويها ابن المجني عليها، ويكشف الستار عن التعذيب الذي تعرضت له المجني عليها، وجاءت كاميرات المراقبة تسجل لحظات دخول وخروج المتهم من مسرح الجريمة التي هي شقة المجني عليها.

الجريمة وقعت أحداثها منذ عدة أيام قليلة مضت في حينها لكن لم يغب عن بالنا أبدا السؤال الأهم وهو؛ ما الذي رآه الأبناء في مسرح الجريمة، ما الذي حفظته عيونهم؟!، إلى مكان الحادث انطلقنا صادفنا في البداية الجيران، سألناهم عن طبيعة العلاقة بين الزوجين للوقوف على ملابسات الحادث ومعرفة الدوافع التي تجعل هذا الزوج يرتكب مثل هذا الجرم في حق زوجته؛ أن يشعل النار فيها بهذه البشاعة، التقينا بأسرة المجني عليها شقيقتها ووالدتها المسكينة المسنة التي كانت في حالة يرثى لها، والجيران أيضا الذين يشاركونا الحديث، كان الحزن يخيم على المنزل، العيون تمتلئ بها الدموع، يصرخ  قلب والدتها وأبنائها وجعًا وحزنًا على ما حدث لنجلتها الشابة التي لا يتخطى عمرها 30 عاما.

«شفت كل حاجة»

في بداية الحديث توجهنا إلى «سيف، أ»نجل المجني عليها وسألناه عن طبيعة علاقة زوج امه بوالدته؟، وكيف كان يتعامل معه ومع شقيقه وهو يقيم معهما في شقة والدته المجني عليها فكشف الطفل عن كواليس مفزعة وصادمة.

يقول «سيف. أ» 12 سنه نجل المجني عليها والدموع تنهمر من عينيه؛ أن المتهم زوج أمه رجل قاسي القلب دائمًا في حالة شجار مستمر بينه والدته المجني عليها طوال فترة زواجهما التي لم يمر عليها أكثر من 8 أشهر، كانت الأم تحاول أن ترضيه لأنها تزوجته دون موافقة جدته وأخواله ما اضطرها أن تتحمل نتيجة اختيارها، كان يستولي على أموالها ويطلب منها ان تنفق  على البيت وهو لا يفعل شيئا غير تدخين السجائر، وشغل البلطجة على الناس، كما انه اعتاد على ضربه هو وشقيقه ومعاملته لهم معاملة سيئة، واذا رآهم امامه يطردهم طالبًا منهم أن يذهبوا لغرفة نومهم، وأكثر من مرة يطلب من الأم أن تتركهم يذهبون إلى والدهم.

وعن يوم الواقعة يقول سيف والدموع تترقرق في عينيه؛ خرج من المدرسة مع والدته  المجني عليها وتوجه الى الدرس الخاص ولكن  المدرسة ألغت الحصة، فعاد مسرعًا وذهب الى منزل جدته الذي اعتاد أن يتردد عليها باستمرار بسبب قرب المسافة بين شقة والدته ومنزل جدته، وغير ملابس المدرسة وارتدى ملابسه العادية، وفي الساعة الثالثة والنصف عصر مساء يوم الحادث غادر شقة جدته الى شقة والدته، طرق الباب وفتح له زوج أمه وهو في حالة غضب شديد، كانت مشاجرة كبيرة بين الزوجين خلف حجرة نومها، سيف اعتاد على هذا، أخذ هاتفه الخاص وجلس في صالة الشقة يشاهد التليفزيون وأثناء ذلك سمع صوت ارتطام شديد وصراخ ففتح باب غرفة النوم وهاله ما رأى؛ شاهد زوج أمه يفتح «كتر» على والدته وفي نفس الوقت شاهد أمه وهي تنزف يدها دمًا إثر تعديه عليها أثناء المشاجرة «بالكتر» طلبت منه الأم أن يخرج يشاهد التليفزيون وأثناء ذلك كان الصراخ يعلو داخل غرفة نوم والشجار مستمر بين والدته وزوج أمه، فعاد الابن أدراجه وفتح غرفة النوم مرة أخرى من شدة «الخبط»رآه يضرب أمه فطلبت منه أن يخرج مرة أخرى وعبر عن إحساسه في هذه اللحظات أنه ارتجف وكان خائفا على والدته، وأن الخبط تكرر مرات، وفي المرة الأخيرة فتح الباب وشاهد أمه تحاول تستغيث بالجيران ورأسها تنزف دمًا، بعدها يخرج زوج أمه من غرفة النوم وأعطى لسيف بعض النقود وطلب منه أن ينزل يشتري له كارت شحن، وأثناء ذلك شاهد والدته تبكي بشدة وتمسك يدها من آثار الجروح والدماء على جبهتها، وأكد أنه لم يغب أكثر من 10 دقائق وعاد ووجد باب الشقة مفتوحا وغرفة نوم والدته مفتوحة ووالدته تشتعل فيها النار إلى أن أصبحت متفحمة تماما، وأثناء ذلك عقله توقف عن التفكير وسقط منهارًا على الأرض لا يعلم ماذا يفعل؟!

لم أتوقع أن طفلا في هذا العمر الصغير يحمل بداخله كل هذه الاوجاع والاحزان،عبر عن هذا الصغير بقوله؛»لن انسى ما شهدته من ضرب وإهانة وتطاول بالأيدي لأمي ولي ولأخي الى أن وصل الامر أن الراجل ده قتل ماما وحرقها امام عيني».

حب مزيف

بدأت والدة المجني عليها كلامها قائلة: «حسبنا الله ونعم الوكيل ربنا ينتقم منه يتم أطفال صغار  وحرق قلبي على ضنايا بنتي أعيش واشوف قصاص المحكمة فيه زي ما عمل في بنتي»، وأكدت أن كلام الجيران المحيطين بها عن المتهم؛ أنه اعتاد ضربها وسبها وإهانتها بسبب الأولاد وأحيانا أخرى بسبب استيلائه على أموال المجني عليها، وأنها في الفترة الأخيرة كانت تأتي لتطمئن على والدتها وحالتها كانت غير طبيعية من سوء معاملته لها وعدم قدرتها على الشكوى، لارتباطها به رغمًا عن أهلها وأن قلب والدتها يشعر بأنها في عذاب معه وكانت تسألها عن حالها لكنها تتهرب من الإجابة وتؤكد أنها بخير.

وقالت شقيقة المجني عليها «أميرة»: أن شقيقتها سبق لها الزواج من شخص قبل المتهم وانجبت منه طفلين وانفصل الاثنان في هدوء واحترام لعدم التوافق، وأن العلاقة بينها وبين زوجها الأول طيبة ولا زالت مستمرة لدرجة أن شقيقتها المجني عليها قبل وفاتها طلبت رؤيته.

 بدأت الحكاية بمنطقة عرب غنيم بشارع الترعة منذ أكثر من ثلاث سنوات عندما وقعت عين  حسين ،ع 35 سنة على شيماء تلك المرأة التي تصغره بخمسة أعوام وتقيم بنفس الشارع الذي يقيم به، أعجب بها وغرق في حبها أو كما يقولون  «الحب من أول نظرة»وهام عشقا في حبها يحلم بها ليلا ونهار،رغم أنه على علم بكل ظروفها أنها مطلقة وعندها «طفلين»  بحكم الجيرة بينهما، وأخذ القرار بأن يبوح لها عما يدور بداخله تجاهها، اعترف لها بعدم قدرته على مقاومة حبه لها، وبدأ يطاردها أثناء خروجها في أي وقت من المنزل ويذهب وراءها الى أي مكان  تذهب اليه، ويبدي اعجابه بها في رسائل  كلامية مليئة بالكلام المعسول في شكل معاكسات بدت ظريفة حتى وصل الامر به الى إيقافها في الشارع واباح لها عن مشاعره وحبه وإعجابه بها، واقنعها أنه لن يتركها مهما حصل، كانت شيماء تعلم أنه متزوج ولديه أربعة أبناء وعلى ذمته زوجة أخرى، وعرض عليها الامر أن يتقدم لخطبتها وأن تخبر أهلها انه يريد أن يتزوجها بالفعل، وتقدم المتهم بصحبة أهله الى أسرة شيماء طالبا خطبتها وعبر عن رغبته  في الزواج منها، ولكن الاهل رفضوه بشدة بسبب سوء سمعته وما يقال عنه بين الناس في المنطقة المقيمين بها انه يتعاطى المواد المخدرة، وابلغته شيماء برفض أهلها وقررت هي أن تترك المنطقة وتذهب الى خالتها لكنها تعلقت به أكثر، وعقب رجوعها لم يكف في الالحاح عليها ونصب شباكه مرة أخرى عليها وتواصل معها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وسيطر على كل مشاعرها وقررت أن ترتبط به تحت  بحجة أنها مطلقة وزواجها يحميها من نظرات الناس خاصة وأنها حسنة المظهر وجميلة المطلع، اضف الى هذا انه تظاهربدور «المتيم الدنجوان» والعاشق الولهان وشجعها أكثر عندما أقنعها انه سوف يطلق زوجته الأولى التي ليس بينه وبينها أي توافق وتظل هي فقط على ذمته طيلة حياته»،لم تعلم أنها كانت على موعد مع الموت قتلا على بديه.

 كما ذكرت شقيقة المجني عليها لنا؛ أن شقيقتها وهي على فراش الموت طلبت منها أنها تسامحها لعدم سماع كلامها بعدم الزواج من المتهم، وتعبر لها دون القدرة على النطق بأن زوجها من أشعل النار فيها، وعقب ذلك تملك الشك قلبها، وتوجهت الي قسم شرطة حلوان وتقدمت ببلاغ تتهم فيه زوج شقيقتها بإشعال النار في شقيقتها حيث حمل البلاغ رقم 21413 لسنة 2022، وأكدت أن شقيقتها تعرضت الى جروح من الدرجة الثالثة بنسبة 85% في كل انحاء الجسد.

وأكدت شاهدة عيان من جيران المجني عليها «رانيا.ن» قائلة؛ رغم أن فترة الزواج كانت قليلة الا أن أحداثها تمتلئ مرارة وسوادا، فقد كانت شيماء من كرم اخلاقها واصلها الطيب ترعى أيضا أولاد زوجها المتهم إلى جانب أولادها لكنه لم يحفظ لها هذا الجميل وغدر بها وقتلها.

يوم الواقعة

في تمام الساعة الثانية والنصف بعد الظهر التقت شقيقتها بها أثناء ذهابها للمدرسة لأخذ أبنائها عقب انتهاء اليوم الدراسي بحلوان، وأثناء ذلك كان ينتظرها من بعيد المتهم وبعد انتهاء الحديث معها توجهت المجني عليها وأولادها الى المنزل ويبدو على ملامحه الغضب،  وفي الساعة الرابعة والنصف عصرا من مساء يوم الحادثة حمل المتهم المجني عليها وبها حروق في انحاء جسدها الى مستشفي قصر العيني تصرخ من شدة الآلام، مصابة بحروق من الدرجة الثالثة بنسبة 85%ماعدا الرأس والقدمين،رفضت مستشفى قصر العيني استقبالها، لأن حالتها حرجة وتحتاج الى عناية مركزة، وأرسل أشقاء المجني عليها تقارير الحالة الى بعض المستشفيات منها الدمرداش والحسين الجامعي والناس لكن للأسف لا يوجد مكان خالي وفي النهاية توجه الاشقاء الى مستشفى خاص بالمعادي، في الواحدة والنصف صباحا اجرى الأطباء الإسعافات الأولية  للمجني عليها، وثاني يوم الواقعة تم نقلها الى غرفة العمليات بمستشفى خاص في العاشر من رمضان، وقبل أن تلفظ المسكينة أنفاسها الأخيرة قالت لأمها: «أنا شلت فوق طاقتي».

في هذه اللحظات الحرجة تركها الزوج وهي تموت بحجة تغيير ملابسه وعاد إلى الشقة مرة أخرى بصحبة ابن أخيه ورصدت الكاميرات وقت رجوع وخروج الزوج المتهم من مسرح الجريمة حاملا كيس أسود في يده وفي نفس التوقيت أرسلت شقيقة المجني عليها زوجها وشقيقها لشقة شقيقتها المجني عليها لمعرفة أسباب حرقها بعد أن انتابتهم حالة شك فلم يجدوا آثار لحريق بالشقة فقط بطانية محروقة جن جنون أسرة شيماء وتأكدوا أن وراء الحادث جريمة قتل خاصة أن المتهم قبل الحادث بيومين أحضر بنزينًا لتنظيف ملابسه من الشحم وقامت المجني عليها بتنظيفها وتبقى جزء تركته تحت الحوض.                           

تلقت الأجهزة الأمنية بقسم شرطة حلوان بلاغا من شقيقة المجني عليها على ثر نشوب حريق بمنزل شقيقتها وتفحمها وتتهم فيه زوجها بإشعال النار فيها على الفور توجه رجال البحث الجنائي إلى مسرح الجريمة، وتأكدوا من صحة البلاغ والواقعة وتم معاينة الشقة وسؤال الزوج الذي زعم أن انبوبة البوتاجاز انفجرت في وجه زوجته أثناء إعدادها الطعام وتحفظ  رجال المباحث على الكاميرات والقاء القبض عليه، وأسفرت التحريات عن أن أقوال الزوج تحمل الخداع، وأن مشاجرة زوجية أسفرت عن اشعال النار في الزوجة، احيل المتهم إلى النيابة التي استمعت الى أقوال المتهم ووجهت له تهمة القتل العمد واشعال النار في زوجته لكنه أنكر كل شيء وادعى أنها كانت تعد الطعام وفجأة انفجرت انبوبة البوتاجاز فيها فاحترقت رغم أن معاينة النيابة والبحث الجنائي اثبت عكس ادعائه وانه لا يوجد أي انفجار والانبوبة كما هي، وعقب مواجهته بالأدلة وتضييق الخناق عليه اعترف بأنه بسبب وجود خلافات بينهما ورغبته في إعادة طليقته الى عصمته، وبسبب هذا دارت بينهما مشادة على أثرها ضربها بسلاح ابيض في رأسها ثم ألقى عليها طفاية حريق مما ادى إلى شق رأسها وحاول ان يخفي معالم الجريمة، فأشعل النار في جسدها لكي تبدو وكأنه حريق نشب بالمنزل، كما واجهت النيابة المتهم بابن المجني عليها الذي اكد أن زوج امه هو من حرق والدته وفي النهاية أمرت النيابة بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق. 

أقرأ أيضأ : المؤبد لقاتل زوجته ببنها l المتهم كسر سكينتين داخل جسد الضحية من شدة الغل