زبيجنيو هربرت يكتب: «ما يفعله موتانا»

زبيجنيو هربرت
زبيجنيو هربرت

زبيجنيو هربرت: شاعر ومسرحى بولندى، ويعد من أعظم شعراء بولندا المحدثين، ويعالج فى شعره مشكلات التاريخ والحضارة الحديثة. حصل هربرت على العديد من الجوائز أهمها: جائزة القدس، جائزة الدولة النمساوية للأدب الأوروبى. وفى عام 2013 أسست الدولة البولندية جائزة باسم الشاعر وإرثه الأدبى.

جاءنى جون صباحًا وقال:
«حلمت بأبي! يركب تابوتًا من خشب البلوط،
سرت بجانب نعشه فالتفت إليّ وقال:
يا بني، هندمت ملبسى فى جنازتى المهيبة، 
وكل تلك الورود التى أغرقتنى بها كلفت ثروة 
فى هذا الوقت من العام. 


«أبي، لا تهتم بالتكاليف.
دع الناس يرون كم نحبك، وأننا لم
ندخر نفيسًا فى وداعك الأخير. 


«بجوارنا يمشى ستة رجال هادئين 
متأنقين ببذلات سواء»
فكر أبى لحظة ثم قال:
مفتاح المكتب فى العُلبة الفضية.
وفى الدرج الثانى يساراَ، أحتفظت 
ببعض النقود.


قلت له:
بهذه النقود سنشترى لك
شاهد قبر أكبر، من الرخام الأسود.
فقال لي:
لا داعي،  الأفضل وهب النقود للفقراء.
«ولا يزال المتأنقون الستة يسيرون 


بجانبنا بروية، يحملون مصابيح موقدة».
ومرة أخرى، فكّر أبى وقال:
اعتن بالورود فى الحديقة.


غطها فى الشتاء، لا أريد أن أفقدها.
فأنت الابن الأكبر.
ثم قال:
فى الحقيبة الصغيرة وراء اللوحة،
بضع لؤلؤات حقيقية، خذها، ستجلب لك الحظ.
أهدتها لى أمى قديما، بعد التخرج من المدرسة
الثانوية.


ثم صمت أبى ولم يتفوه بكلمة أخرى،
لابد وأنه غط فى السبات العميق.


هكذا يعتنى بنا موتانا فى الأحلام.
فيحذروننا، يعيدون لنا أموالًا فقدناها.
يحرّضوننا على إيجاد وظائف.


يهمسون لنا بأرقام اليانصيب الفائزة.
وعندما يعجزون عن اقتحام الأحلام
يدقون النوافذ بأصابعهم.


وبدافع من حبنا وامتنانا لهم.
نتخيل خلودهم دافئا كجحر الفأر.
 

اقرأ أيضا | حقوق الطفل في الإسلام