حبه للنساء قتله .. أغرته بجمالها وقتلته بأغرب سلاح

أدوية اكتئاب
أدوية اكتئاب

كتبت: أسماء سالم

 فطن الثلاثة إلى أن المسن معروف بميله الشديد نحو النساء، وعليه ألقوا في طريقه فتاة بحجة العمل لديه خادمة، تحاول هي أن تغريه ليقع في شباكها، ليتسنى لها سرقته دون أن يشك فيها أحد، وبالفعل نجحوا في ذلك، بل وكان هدفهم أن الخادمة تواظب على إعطائه أدوية اكتئاب بكثرة، حتى يموت دون أن يثير الانتباه.. كانت خطتهم ناجحة، وخطواتهم مدروسة، ونفذ الثلاثة ما بدأوه حتى النهاية، لكن ريبة الأهل فيهم دفعهم إلى تحرير محضر يطالبون فيه بتشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة، ومن هنا اتضحت الحقيقة. تفاصيل تلك الواقعة التي شهدتها منطقة روض الفرج بالقاهرة ترويها السطور التالية.

قبل عام، دخل رجل عجوز محني القامة، أحد الشوارع الهادئة بمنطقة روض الفرج كي يستأجر شقة، فلفت نظره عقار قديم واسع، حينها ذهب الرجل المسن إلى صاحب العقار، وأستأجر شقة لمدة عام في الدور الأرضي.

الرجل المسن هو عم «سيد»، عجوز تخطى عمره الـ ٧٥ عامًا، من الوهلة الأولى تظن أنه فقير الحال، معدم، لبحثه وهو في هذا السن عن شقة يسكنها، لكن هذا كان على خلاف الحقيقة، فهو ثري يمتلك إحدى أكبر الشركات، وله من العقارات والأملاك الكثير، لكنه لم يتزوج، لسبب لا يعلمه إلا هو، ويفضل السُكنة بعيدًا عن أهله، وبعيدًا عن ضجيج الأهل وضوضاء الشوارع، ولذلك فضل أن يسكن بمفرده في هذا الشارع.

بعد أن انتقل للعيش في شقته الجديدة، جاءه اتصال هاتفي من أحد العاملين عنده، والمقربين منه، بضرورة وجود خادمة في بيته تعينه على قضاء حوائجه، في البداية رفض عم «سيد» هذا الاقتراح، لكن بعد إلحاحٍ من العامل وافق.

في الصباح، وأثناء ما كان يحضر طعام إفطاره، دق جرس الباب، وعندما فتحه، وجد أمامه فتاة جميلة تصغره ما يقرب من خمسين عامًا، الفتاة بملامح لطيفة، وحمرة خفيفة تكسو وجنتيها، وعيناها مليئة بالخجل.

ظل عم «سيد» صامتا أمامها لثواني، حتى تحدثت هي بصوت عذب، وقالت: «أنا آية يابيه، اللي بعتني الاستاذ اللي شغال عند حضرتك عشان أخدمك».

بمجرد ما أن عرفته بنفسها، سمح لها بالدخول، وأرشدها الى مكان المطبخ، وما الذي يجب أن تفعله في أعمال التنظيف، وتركها متجهًا نحو الشرفة، وفيها ظل يراقبها متخفيًا خلف الباب، ليس لأنه خائفا أن تسرقه أو ما شابه، بل لأن الفتاة جذبته بجمالها.

خطة

كانت الخطة أن يقع عم سيد في شباكها، وبالفعل حدث، فالرجل جذبه الشغف نحوها، وهي الأخرى كانت تفعل من أفعال الإغراء ما جعل الرجل يغدق عليها في كل يوم بفلوس كثيرة، حتى يضمن بقاءها، وحتى يغريها بماله، حتى أنه من فرط تعلقه بها كان يظل في البيت لا يبرحه طالما أن «آية» في البيت وتقوم بتنظيفه، وفي إحدى المرات، والذي بلغ الشغف منه كل مبلغ، راودها عن نفسها بإقامة علاقة مقابل أي مبلغ تريده، فوافقت الفتاة دون تردد، ولما لا والخطوة الثانية من الخطة قد تمت بنجاح.

كان الرجل لكبر سنه يريد أن ينجب طفلا، وبالفعل بعد أن طالت بينه وخادمته العلاقة طلب منها ذلك، لكنها أبت أن توافق على ما طلبه إلا بعد أن يتزوجا ولو حتى زواجًا عرفيًا، وافق الرجل وتزوجا، وشهدا على عقد زواجهما الرجل الذي يعمل عنده والذي جاء بالخادمة إليه، وآخر متجهم الوجه، وعابس.

كان عم «سيد» صحته في تدهور كل يوم عن الثاني، والأدوية التي كانت تعطيها له «آية» لم تكن تأتي بنتيجة، اللهم أنها تزيد حالته سوءًا، حتى مات فجأة وانتقل إلى الرفيق الأعلى. بعد ثلاثة أيام فقط من زواجه.

لم يشك أحد في موته، فالرجل طاعن في السن، وأكل المرض على ظهره وشرب، وجاء أهله من كل مكان ودفنوه، لكن لم تكن «آية» موجودة، وعليه لم يكن أحد من أهله على علم بأمر زواج «سيد» قبل وفاته بثلاثة أيام.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              المتهمة

سرقة

صباح يوم دفنه، ذهبت «آية» إلى أحد العقارات، المملوكة لـ «سيد» وقالت لساكنيه أنها اشترت العقار منه قبل وفاته، شك السكان في أمرها واتصلوا بأهله يستفسرون عن الأمر، فجاءوا إليها ليعرفوا الأمر، حينها فاجأتهم وأخرجت من حقيبتها عقد بيع العقار من «سيد» لها، وبإمضائه، بل وأعطت لهم صورة من عقد الزواج العرفي الذي كان بينها وبين «سيد»!

ارتاب الأهل في سلوك السيدة، بل وتيقنوا أن الرجل الذي كان لا يبيع أي شيء من أملاكه قد وقع في شباك عملية نصب محكمة قادتها «آية» ومعها الشهود على هذه الزيجة. ولفت نظرهم أمر الثلاثة أيام فقط التي عاشها «سيد» بعد زواجه، وبعدها مات، وقالوا إن موته هذا مفاجئ، وأن هناك أيادي خفية وراء موته، عليه حرروا محضرًا بالواقعة، وطالبوا بتشريح الجثة للوقوف على ملابسات الحادث، ومن هنا بدأت الحقيقة تتضح.

جريمة قتل

التقرير المبدئي للواقعة أفاد بأن «سيد» قبل موته كان يأخذ أدوية اكتئاب، وعند سؤال «آية» عن ذلك قالت؛ بأنه في الفترة الأخيرة كان يعاني من اكتئاب حاد وتوتر، ووصف له الطبيب هذه الأدوية، لكن كان كلام «آية» فيه بعض التوتر، وعدم الوضوح، وهو ما جعل وكيل النيابة المكلف بالتحقيق معها يشك في أمرها، وبالفعل كان شكه في محله، فقط تحصلت النيابة العامة على تسجيل صوتي من هاتف «آية» تتحدث فيه مع أحد شركائها عن ضرورة المواظبة على إعطاء «سيد» أدوية اكتئاب طوال الوقت.

عندما واجهها بهذا التسجيل انهارت واعترفت قائلة: «أنا كان مسلطني عليه الراجل اللي كان شغال معاه، قالي روحيله واخدميه وحاولي تغريه لحد ما يقع في شباكك ويطلب يتجوزك، وطول الفترة دي إديله أدوية اكتئاب لأن كثرتها بيموت، وهيموت بطريقة محدش هيشك فيها، وخلال الفترة دي هيصيبه التعب والتوتر، ودا الوقت المناسب عشان أمضيه على أى ورق وأسرق منه اللي وراءه واللي قدامه»!

وبالفعل تم القبض على شريكيها، وقال العامل المتهم، أنه رسم الخطة مع شريكه، لعلمه أن المسن يضعف أمام النساء، وأن هذه كانت الوسيلة الوحيدة لسرقة ماله. وجاء تقرير الطب الشرعي مؤكدًا لكلامهم، فقط ثبت أن العقار «سيتالوبرام» (أحد العقاقير المضادة للاكتتاب)، قد تؤدي الجرعة الكبيرة منه الى عواقب وخيمة، وتصل إلى الوفاة، لاسيما في كبار السن، ولا يفضل تناول أكثر من قرص واحد يوميا، والنتيجة التي انتهى إليها تقرير الصفة التشريحية، أن «سيد» تناول عقار الـ «سيتالوبرام» بكمية كبيرة، وهو ما أدى لحدوث هبوط حاد في الدورة الدموية، ومات على إثرها.

وأكد المحامى شريف سعيد وكيل المتهمة بأن موكلته استخدمته كاداة فى خطة المجرمين.

أدوية الاكتئاب

يعلق الدكتور هاني سامح المحامي والخبير الدوائي أن قانون العقوبات عاقب على استخدام الأدوية في جرائم القتل بالإعدام حيث جائت المادة 233 من قانون العقوبات؛ بأن من قتل أحدًا عمدًا بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلا أو آجلا يعد قاتلا بالسم أيا كانت كيفية استعمال تلك الجواهر، ويعاقب بالإعدام، وذكر هاني أن أدوية الإكتئاب تنقسم الى عدة مجموعات منها مجموعة البنزوديازيبينات وهي نادرا ماتتسبب في القتل او الموت لأن أعراضها الجانبية تتمثل في النعاس، والتداخل في الكلام، والتلعثم وانخفاض ضغط الدم، والترنح والغيبوبة، والاكتئاب التنفسي، بينما تتمثل الخطورة الشديدة في مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات وهي مميتة عند زيادة جرعاتها عن الحد المسموح وتسبب الوفاة بالتسمم القلبي الوعائي والعصبي وهي قاتلة لسرعة امتصاصها وخطورة اعراضها الجانبية، ويمكن نجدة الضحية بتطهير المعدة عن طريق إعطاء الفحم المنشط لحين ارساله سريعا لى مركز علاج السموم والمستشفيات المتطورة.

ومازالت القضية منظورة أمام محكمة جنايات شمال القاهرة، برئاسة المستشار عادل أحمد، والتي أجلت الجلسة فيها الي ٢٤ ديسمبر للاطلاع.

أقرأ أيضأ : نهاية الحلم في الغربةl وفاة شاب بغيبوبة سكر تاركا طفلين وأم قعيدة