كل أسبوع

شرطة متخصصة للأسرة

هبة عبد الرحمن
هبة عبد الرحمن

‭..‬المرأة‭ ‬دائما‭ ‬‮«‬رمانة‮»‬‭ ‬ميزان‭ ‬أى‭ ‬مجتمع؛‭ ‬فهي‭ ‬التى‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬ثقافته‭ ‬ونهوضه،‭ ‬هى‭ ‬رمز‭ ‬الأمان‭ ‬واستقرار‭ ‬الاسرة،‭ ‬وبالتالى‭ ‬استقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬رمز‭ ‬الأمومة‭ ‬والعطاء‭ ‬فى‭ ‬تربية‭ ‬ابنائها‭ ‬وبناء‭ ‬أسرتها،‭ ‬وتستطيع‭ ‬أن‭ ‬تمنح‭ ‬الطاقة‭ ‬والقوة‭ ‬والراحة‭ ‬لمن‭ ‬حولها‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬فقدت‭ ‬هى‭ ‬ذلك‭ ‬الشعور‭ ‬بالامان،‭ ‬لكنه‭ ‬بالطبع‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬ويضعف‭ ‬من‭ ‬إرادتها؛‭ ‬لذا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬كافة‭ ‬سبل‭ ‬الأمان‭ ‬والهدوء‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذى‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬لصالح‭ ‬مجتمعها،‭ ‬لانها‭ ‬بطبيعتها‭ ‬الذى‭ ‬خلقها‭ ‬عليها‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬كائن‭ ‬معطاء‭ ‬حساس‭ ‬غير‭ ‬فوضوى‭ ‬لا‭ ‬يعيش‭ ‬دون‭ ‬نظام‭ ‬تضعه‭ ‬لنفسها‭ ‬ولبيتها‭ ‬حتى‭ ‬تمر‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الامان‭.‬

ورغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬حقوق‭.. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مطالب‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬موجودة‭ ‬وتزداد‭ ‬يومًا‭ ‬وراء‭ ‬يوم،‭ ‬تحتاجها‭ ‬وتناشد‭ ‬بها‭ ‬السيدات‭ ‬المتضررات‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬الجديد،‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬المطالب‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بضرورة‭ ‬إنشاء‭ ‬شرطة‭ ‬متخصصة‭ ‬للأسرة؛‭ ‬فالأحكام‭ ‬القضائية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالاسرة‭ ‬تختلف‭ ‬اختلافا‭ ‬تامًا‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬الجنائية‭ ‬كالقتل‭ ‬والمخدرات‭ ‬وغيرها،‭ ‬فقد‭ ‬يتعلق‭ ‬مصير‭ ‬الاسرة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬حكم‭ ‬نفقة‭ ‬أو‭ ‬تمكين‭ ‬من‭ ‬منزل‭ ‬الزوجية‭ ‬أو‭ ‬مصروفات‭ ‬مدرسية‭ ‬أو‭ ‬رؤية‭ ‬ابن‭ ‬او‭ ‬ضم‭ ‬حضانته،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬احكام‭ ‬الاسرة‭.‬

وعلى‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬فى‭ ‬القانون‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬تنفيذه،‭ ‬فرغم‭ ‬سرعة‭ ‬التقاضى‭ ‬وإصدار‭ ‬الأحكام‭ ‬القضائية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأسرة،‭ ‬تبقى‭ ‬المشكلة‭ ‬فى‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬الحكم،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬مضت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الموضوعات‭ ‬التى‭ ‬تناولتها‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬الجريدة،‭ ‬وكانت‭ ‬الجملة‭ ‬الاشهر‭ ‬التى‭ ‬تقولها‭ ‬الامهات‭ ‬والزوجات‭ ‬المتضررات‭ ‬وهى‭ ‬‮«‬ساعدونى‭ ‬أوصل‭ ‬صوتى‭ ‬للمسئولين‭ ‬لحل‭ ‬مشكلتى،‭ ‬معى‭ ‬أحكام‭ ‬لكنها‭ ‬حبرا‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬طبعا‭ ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬هروب‭ ‬الأزواج‭ ‬وحيل‭ ‬المحامين‭ ‬تُزيد‭ ‬من‭ ‬الأمر‭ ‬صعوبة،‭ ‬لذا‭ ‬ترى‭ ‬الأمهات‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬شرطة‭ ‬تتفرغ‭ ‬تمامًا‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الأحكام‭ ‬القضائية‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬محاكم‭ ‬الأسرة‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬وحتى‭ ‬أكون‭ ‬منصفة،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬دور‭ ‬الأب‭ ‬وان‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية،‭ ‬وتعلو‭ ‬دائما‭ ‬اصواتهم‭ ‬استنكارًا‭ ‬لقانون‭ ‬الرؤية‭ ‬وعدم‭ ‬قدرة‭ ‬بعضهم‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬أبنائه‭ ‬بعد‭ ‬انفصاله‭ ‬عن‭ ‬زوجته‭.‬

والسؤال‭ ‬هنا‭: ‬ما‭ ‬الحل؟‭ ‬وكيف‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نساعد‭ ‬تلك‭ ‬الأسر‭ ‬المتضررة؟،‭ ‬والتى‭ ‬وصل‭ ‬أعدادها‭ ‬إلى‭ ‬آلاف‭ ‬الاسر،‭ ‬ففى‭ ‬أحدث‭ ‬إحصائية‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬الجهاز‭ ‬المركزى‭ ‬للتعبئة‭ ‬العامة‭ ‬والاحصاء‭ ‬والتى‭ ‬صدرت‭ ‬فى‭ ‬النشرة‭ ‬السنوية‭ ‬لإحصاءات‭ ‬الزواج‭ ‬والطلاق‭ ‬لعام‭ ‬2021،‭ ‬فقد‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬حالات‭ ‬الطلاق‭ ‬إلى‭ ‬254777‭ ‬حالة‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬مقابل‭ ‬222036‭ ‬حالة‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بنسبة‭ ‬زيادة‭ ‬قدرها‭ ‬14‭,‬7‭%.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬المؤشرات‭ ‬التى‭ ‬تناولتها‭ ‬الإحصائية‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬أحكام‭ ‬الطلاق‭ ‬النهائية‭ ‬التى‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬محاكم‭ ‬الاسرة،‭ ‬بلغ‭ ‬11194‭ ‬حكما‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬مقابل‭ ‬8086‭ ‬حكما‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بنسبة‭ ‬زيادة‭ ‬قدرها‭ ‬38‭.‬4‭% ‬من‭ ‬جملة‭ ‬الاحكام‭ ‬القضائية،‭ ‬وبالطبع‭ ‬ما‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬نفقات‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها‭ ‬ومنقولات‭ ‬زوجية‭ ‬وضم‭ ‬صغار‭ ‬ورؤية‭ ‬صغير‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭.‬

كل‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬اسماء‭ ‬بطلاتها‭ ‬وتفاصيل‭ ‬قصصهن‭ ‬عن‭ ‬حياتهن‭ ‬الزوجية‭ ‬والتى‭ ‬انتهت‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬محاكم‭ ‬الاسرة،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬هناك‭ ‬خيط‭ ‬رفيع‭ ‬يجمع‭ ‬بينهن‭ ‬وهو‭ ‬تنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬الاحكام،‭ ‬فكل‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الامهات‭ ‬والزوجات‭ ‬تستغيث‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المشكلة،‭ ‬فهى‭ ‬تحمل‭ ‬بين‭ ‬يديها‭ ‬ملفًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬يحمل‭ ‬بين‭ ‬طياته‭ ‬أوراقًا‭ ‬عدة‭ ‬لأحكام‭ ‬قضائية‭ ‬حصلن‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬يبقى‭ ‬صوت‭ ‬بكائهن‭ ‬على‭ ‬حالهن‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتهن‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬حقوق‭ ‬من‭ ‬حقوقهن،‭ ‬والسبب‭ ‬عجزهن‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاحكام‭.‬

فها‭ ‬هى‭ ‬أم‭ ‬لا‭ ‬انسى‭ ‬صوت‭ ‬بكائها‭ ‬المتصل‭ ‬وهى‭ ‬تقول؛‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬احكام‭ ‬نفقة‭ ‬صغار‭ ‬ومصروفات‭ ‬مدرسية‭ ‬وفرش‭ ‬وغطاء‭ ‬ومتجمد‭ ‬نفقة،‭ ‬لكنى‭ ‬أقضى‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭ ‬تنام‭ ‬العيون‭ ‬وأبقى‭ ‬قلقة‭ ‬لا‭ ‬يغفل‭ ‬لى‭ ‬جفن‭ ‬أفكر‭ ‬كيف‭ ‬سأتمكن‭ ‬من‭ ‬جمع‭ ‬نفقة‭ ‬مدرسة‭ ‬اولادى‭ ‬خوفا‭ ‬أن‭ ‬يحرموا‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬المدرسة‭ ‬ويكفى‭ ‬حالتهم‭ ‬النفسية‭ ‬السيئة‭ ‬بسبب‭ ‬رفض‭ ‬والدهم‭ ‬رؤيتهم‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬لى‭ ‬‮«‬طلقتهم‭ ‬معاكي‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يدرك‭ ‬تماما‭ ‬انى‭ ‬لن‭ ‬اقدر‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬اى‭ ‬حكم‭ ‬مما‭ ‬حصلت‭ ‬عليه،‭ ‬وأنا‭ ‬ابحث‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬‮«‬خادمة‮»‬‭ ‬فى‭ ‬البيوت‭ ‬لكن‭ ‬يكفينى‭ ‬أن‭ ‬أسد‭ ‬طلبات‭ ‬واحتياجات‭ ‬ابنائى‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬شعور‭ ‬الحرمان‭ ‬والاحتياج‭.‬

وللأسف‭ ‬قضايا‭ ‬النفقات‭ ‬من‭ ‬اكثر‭ ‬نسب‭ ‬القضايا‭ ‬المرفوعة‭ ‬امام‭ ‬المحاكم‭ ‬والتى‭ ‬تمثل‭ ‬نسبة‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬المستشار‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الباجا‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬النفقات‭ ‬التى‭ ‬تقف‭ ‬الام‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬تنفيذها‭ ‬بسبب‭ ‬ألاعيب‭ ‬بعض‭ ‬الأزواج‭ ‬لهروبهم‭ ‬من‭ ‬دفع‭ ‬النفقات‭ ‬المستحقه‭ ‬لأبنائهم،‭ ‬ولا‭ ‬أعلم‭ ‬كيف‭ ‬لأب‭ ‬ان‭ ‬يغمض‭ ‬له‭ ‬جفن‭ ‬ويشعر‭ ‬بالراحة‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬ابناءه‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬المال‭ ‬ويحرمهم‭ ‬من‭ ‬ابسط‭ ‬حقوقهم‭ ‬بالإنفاق‭ ‬عليهم؟‭!‬

وأخرى‭ ‬توقفت‭ ‬حياتها‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬زوجها‭ ‬خطف‭ ‬ابنها‭ ‬وحرمها‭ ‬من‭ ‬رؤيته،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬بقيت‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬مكانه‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬خطفه‭ ‬وهو‭ ‬لازال‭ ‬رضيعًا‭ ‬وحرمه‭ ‬من‭ ‬حضن‭ ‬امه،‭ ‬ورغم‭ ‬امتلاكهن‭ ‬الاحكام‭ ‬القضائية‭ ‬بتسليم‭ ‬صغير‭ ‬بل‭ ‬وأحكام‭ ‬وصلت‭ ‬بحكم‭ ‬حبس‭ ‬للزوج‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تنفيذ‭ ‬حكم‭ ‬قضائى،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬حياة‭ ‬لمن‭ ‬تنادى‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬له‭ ‬طريقًا‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬أي‭ ‬منهم‭.‬

وهناك‭ ‬من‭ ‬تبكى‭ ‬وتتألم‭ ‬لأن‭ ‬زوجها‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يفضحها‭ ‬فى‭ ‬شرفها‭ ‬ويهددها‭ ‬بتشويه‭ ‬سمعتها‭ ‬واتهامها‭ ‬بالزنا‭ ‬فقط‭ ‬ليوقف‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬التى‭ ‬تقدمت‭ ‬بها‭ ‬ضده‭ ‬ويعطل‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬حقوقها‭ ‬فتره‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬ووصل‭ ‬به‭ ‬العناد‭ ‬لتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬أم‭ ‬ابنائه‭ ‬غير‭ ‬ناظر‭ ‬لمصيرهم‭.‬

وغيرهم‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الكثيرة‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تقضى‭ ‬الأم‭ ‬شهورًا‭ ‬أو‭ ‬سنوات‭ ‬لتحصل‭ ‬عليها،‭ ‬ورغم‭ ‬شعورها‭ ‬بالسعادة‭ ‬والامل‭ ‬الذى‭ ‬يولد‭ ‬بقلبها‭ ‬عندما‭ ‬ينطق‭ ‬القاضى‭ ‬حكمه‭ ‬المنصف‭ ‬لها،‭ ‬لكن‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬امام‭ ‬عائق‭ ‬كبير‭ ‬يسمى‭ ‬آلية‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاحكام،‭ ‬حتى‭ ‬الآباء‭ ‬فرغم‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬احكام‭ ‬رؤية‭ ‬صغار‭ ‬لكن‭ ‬بسبب‭ ‬تعنت‭ ‬بعض‭ ‬الامهات،‭ ‬يقف‭ ‬الاب‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬حكم‭ ‬الرؤية‭ ‬نكاية‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الزوجة‭ ‬التى‭ ‬تستغل‭ ‬الابن‭ ‬كسلاح‭ ‬ضده‭ ‬لحرمانه‭ ‬حقه‭ ‬فى‭ ‬ابنه‭.‬

آلاف‭ ‬الاحكام‭ ‬القضائية‭ ‬التى‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬محاكم‭ ‬الاسرة‭ ‬يوميًا،‭ ‬يقف‭ ‬فيها‭ ‬الطرف‭ ‬المظلوم‭ ‬صاحب‭ ‬الحق‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬تنفيذها‭ ‬بسبب‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭ ‬يكون‭ ‬الاكثر‭ ‬قوة‭ ‬وعنف‭ ‬وقسوة‭ ‬واستغلال‭ ‬لثغرات‭ ‬القانون‭ ‬لحرمانه‭ ‬من‭ ‬حقوقه،‭ ‬متناسيًا‭ ‬ما‭ ‬وصى‭ ‬به‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬ولا‭ ‬تنسوا‭ ‬الفضل‭ ‬بينكم‮»‬،‭ ‬نعم‭ ‬تناسوا‭ ‬انهم‭ ‬كانوا‭ ‬بالامس‭ ‬القريب‭ ‬شركاء‭ ‬لهم‭ ‬فى‭ ‬حياتهم‭ ‬وبيتهم‭ ‬وبناء‭ ‬مستقبلهم‭.‬

دموع‭ ‬وآهات‭ ‬آلاف‭ ‬الامهات‭ ‬المتضررات‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬بسبب‭ ‬قسوة‭ ‬الأزواج‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬انها‭ ‬سوف‭ ‬تخلق‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن‭ ‬جيلا‭ ‬ضعيفًا‭ ‬مشوشًا‭ ‬مضطرب‭ ‬النفسية‭ ‬لرؤيته‭ ‬تلك‭ ‬المعركة‭ ‬الشرسة‭ ‬بين‭ ‬والديه،‭ ‬تزرع‭ ‬فى‭ ‬مخيلته‭ ‬وعقيدته‭ ‬صورة‭ ‬خاطئة‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬منافية‭ ‬مع‭ ‬تعاليم‭ ‬ديننا،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬وقفة‭  ‬مع‭ ‬أنفسنا‭ ‬لتصحيح‭ ‬مسار‭ ‬حياتنا،‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود‭ ‬وكان‭ ‬الحل‭ ‬هو‭ ‬الطلاق‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬يغلفه‭ ‬اطار‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭.‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬وصل‭ ‬الامر‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬قوانين‭ ‬حاكمة‭ ‬وآلية‭ ‬رادعة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬الاحكام،‭ ‬ولا‭ ‬يغفل‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬جهاز‭ ‬الشرطة‭ ‬يقوم‭ ‬بمجهودات‭ ‬عظيمه‭ ‬تجاه‭ ‬كافة‭ ‬الملفات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمن‭ ‬والامان‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المحروسة،‭ ‬أما‭ ‬قضايا‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬فهى‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬شرطة‭ ‬خاصة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الاحكام‭ ‬القضائية‭ ‬التى‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬محاكم‭ ‬الاسرة‭ ‬يكون‭ ‬مسئوليتها‭ ‬تولى‭ ‬متابعة‭ ‬تلك‭ ‬القضايا‭ ‬وتنفيذها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬وفى‭ ‬اسرع‭ ‬وقت‭.‬

ويمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬النسائية،‭ ‬خاصة‭ ‬انها‭ ‬أثبتت‭ ‬جدارتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬المواقف‭ ‬والازمات‭ ‬وتولى‭ ‬مسئولية‭ ‬الامن،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬أخصائيين‭ ‬علم‭ ‬نفس‭ ‬واجتماع‭ ‬لمساعدة‭ ‬الابناء‭ ‬والامهات‭ ‬أو‭ ‬الآباء‭ ‬المتضررين،‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬أى‭ ‬عنف‭ ‬او‭ ‬يمرون‭ ‬بتجربة‭ ‬قاسية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للشرطة‭ ‬الاسرية‭ ‬كافة‭ ‬الاختصاصات‭ ‬وحل‭ ‬المشكلة‭ ‬بشكل‭ ‬نهائى‭. ‬

الشرطة‭ ‬الاسرية‭ ‬أصبحت‭ ‬مطلبًا‭ ‬مهمًا‭ ‬تناشد‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬أم‭ ‬متضررة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬حقوقها‭ ‬وحقوق‭ ‬ابنائها،‭ ‬وتطمح‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬قانون‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬الجديد‭ ‬الى‭ ‬النور‭ ‬متضمنًا‭ ‬فى‭ ‬بنوده‭ ‬تشكيل‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬المهم،‭ ‬والذى‭ ‬يمس‭ ‬قطاعًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬وحساسًا‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬وهو‭ ‬الاسرة‭ ‬وما‭ ‬يقابلها‭ ‬من‭ ‬مشكلات،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬فروع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافظات‭.‬

فرغم‭ ‬اختلاف‭ ‬الآراء‭ ‬حول‭ ‬قوانين‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مؤيد‭ ‬ومعارض،‭ ‬لكن‭ ‬اتفق‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬جهة‭ ‬مختصة‭ ‬لمتابعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاحكام‭ ‬القضائية‭ ‬الأسرية‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭.‬