‏عبيط يستعبط استعباطاً 

نرمين جودة
نرمين جودة

‏اسعدنى اعتراف المجمع اللغوى بمفردة استعباط كمفردة عربية فسحة ، فنحن بحاجة ماسة لها بعد انتشار حالة من الاستعباط فى حياتنا ، فكم المستعبطين المتسللين ليومياتنا لم يعد بقليل ، لذلك دعونى احدثكم عن امثلة لنماذج للاستعباط فى حياتنا اليومية. 

‏النموذج الاول: عدد كبير من الموهومين والذين يخترقون المجالات الابداعية المختلفة وهم لا يملكون الموهبة، لكنهم شرذمة من مرضى الاستعراضية وحب الظهور، ذلك الاضطراب النفسى الذى يدفع صاحبه ليسلك كافة المسالك التى توصله للشهرة والامثلة أمامنا كثيرة لا داعى لذكر اسماء تسببت فى تدنى مستوى الغناء للحصول على الشهرة والثراء ، وآخرين حولوا الكوميديا من فن رصين الى اسفاف رخيص وسخرية من الشخصيات العامة ، والنتيجة بدلاً من ان يسمو الفن بالانسان سقط به فى قبو ظالم من التدنى الاخلاقى. 

‏النموذج الثانى: مجموعة من الجهلة ادعياء الثقافة من طيور الظلام ، سيطروا على عدد من المواقع الثقافية واصبحوا شلل متمركزة فى الساحات الثقافية ، هدفهم دعم بعضهم البعض فى الصعود الى القمة لنشر فكرهم  الظلامى المضلل بين ثنايا كتبهم ومؤلفاتهم ، لم يخجلوا من سرقة افكار من مواقع التواصل الاجتماعى احياناً وادعاء انها افكارهم الابداعية الخارقة ، ناهيك عن التلصص على حياة غيرهم ليحولوها لاقصوصة تفتقر للحس الابداعى فقد مات خيال المبدع قبل ان يحيا ، وبكل بجاحة ينشرون صور انجازاتهم الوهمية من تلك اللقاءات والندوات التى يجتمعون فيها كشلة اصحاب يجاملون بعضهم البعض. 

‏النموذج الثالث: هى تلك الوجوه التى تطل علينا بين لحظة واخرى عبر وسائل الاعلام لتدلى بدلوها فى امور ليست لها علاقة بمجال تخصصها ، بالإضافة الى ادعاءهم بالحصول على الدكتوراة وتذييل اسماءهم بكلمة دكتور فلان او دكتورة فلانة ، وهم لا يملكون المعرفة الحقيقية لكن لديهم قدرة عظيمة فى تلميع انفسهم وماهرة فائقة فى اقامة علاقات اجتماعية تساعدهم فى الحصول على مكانة ومناصب ليسوا اهلاً لها ، فلدينا ذخيرة كافية من اساتذة اكثر علماً وفكراً يستحقون ان يتبوأوا تلك المكانة الاعلامية ، لكن للاسف هؤلاء الاساتذة والعلماء لا يملكون القدرة على الشو الاعلامى ولا لديهم وقت للتملق الاجتماعى والانضمام للشلل اياها . 

‏النموذج الرابع: مسجلون الخطر والذين اصبحوا مشاهير التيك توك واليوتيوب ، وصعدوا لقمم القدوة والنمذجة فى حياة المتابعين من جمهورهم المغيب ، ناهيك عن انبهار الشباب بهم انبهار يفوق انبهارهم بنجوم الفن العالمى . 

‏النموذج الخامس : الخونة وتجار الوطنية وتجار الدين ودعاة الفوضى ، وهم نموذج منفرد بذاته فقد وصلت بهم البجاحة لتهديد الوطن واستقراره لتحقيق مصالحهم الخاصة واللعب بالدولارات لعب ، ارتدوا توب الفضيلة على جسد نجس تترعرع فيه حشرات الخيانة والخسة والندالة ، كل شئ عندهم مباح المهم ان يكون الطريق الاسرع لتحقيق رغبات المؤسسات التى يعملون لحسابها وتمدهم بالدولارات ، لا الوطن عندهم غالى ولا استقرار البلد فارق ولا امن المواطن يهمهم ، التخريب شعارهم والفوضى دينهم والوطن فداء الدولار فضيلة بمعتقداتهم . 

‏ما ذكرته من نماذج مجرد امثلة بسيطة لنماذج المستعبطين فى حياتنا ، والمشكلة الحقيقية ان انتشار مثل تلك النماذج وازدهارها يسبب احباط ، ومن ثم انزواء اصحاب المعرفة والموهبة وقتل متعمد للقدوة الحسنة والفضيلة ، ووجودهم تشويه لمفهوم الوطنية واساءة للاديان وخطر على الاوطان.