محمد فاضل: لن أرد على «مرضى نفسيين»! | حوار

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يعرض حاليًا على شبكة قنوات cbc مسلسل “الضاحك الباكي” عن قصة حياة الفنان الكبير الراحل نجيب الريحاني بداية منذ ميلاده عام 1892 وحتى رحيله عام 1949، وهي حقبة زمنية هامة تعكس الفن الحقيقي الذي صنعه الراحل، حيث استطاع تحويل الكوميديا من اسكتشات إلى كوميديا إنسانية، وإلى جانب رصده لحياة نجيب الريحاني يلقي المسلسل الضوء على الأشخاص التي كانت تعمل معه مثل سيد درويش، بديع خيري، بديعة مصابني، منيرة المهدية، علي الكسار وروز اليوسف.. ويرصد الحال الاجتماعي والسياسي في النصف الأول من القرن العشرين.. المسلسل بطولة الفنان عمرو عبد الجليل وفردوس عبد الحميد ورزان مغربي وتأليف محمد الغيطي وإخراج محمد فاضل.. “أخبار النجوم” ألتقت بالمخرج محمد فاضل صاحب العلامات المميزة في الدراما للحديث عن العمل وكواليس تصويره، وتناقشنا معه في كل الانتقادات التي وجهت له بعد عرض الحلقات الأولى من مسلسل “الضاحك الباكي”.. 

• في البداية.. بماذا تصف تجربة “الضاحك الباكي” في كلمات بسيطة؟
تجربة صعبة ومليئة بالتحديات، ونحن أمام عمل يتحدث عن فترة معينة في تاريخ مصر، هي النصف الأول من القرن العشرين، ولا نملك أماكن تشبه مباني تلك الفترة، من دار الأوبرا القديمة التي حرقت، إلى المسارح، حيث كنا بحاجة لـ10 مسارح قديمة مختلفة، وللآسف كلها الآن في حيازة وزارة الثقافة التي تطلب 150 ألف جنيه لكل 8 ساعات تصوير، أي مليوني ليوم التصوير الواحد، وميزانية المسلسل لا تسمح لأنه من الأعمال التي تعرض خارج الموسم الرمضاني .

• كيف تغلبت على هذه الصعوبات؟
بالخبرة التي اكتسبتها بعد مشوار فني طويل أمتد لسنوات، وبفضل زملائي بالعمل، فكل واحد منهم أبدع في المجال الخاص به، فالملابس تصميم د. سامية عبد العزيز التي استطاعت الاقتراب من ملابس هذا العصر، أيضا الديكور أسامة الشناوي، والتصوير محمود فوزي نفذ بكل احترافية.

• نتحدث عن 10 سنوات من الغياب.. ما الذي جذبك في العمل للعودة به إلى الساحة الفنية؟
بدأت عملي في مجال الدراما قبل أسامة أنور عكاشة بفترة ليست بالطويلة، وتلاقينا فكريا فيما يخص الدراما والعمل الفني، وأن يكون لهم دورا في المجتمع ويحتوي على رسالة حقيقية للمشاهدين، وما أكثر الرسائل في مسلسل “الضاحك الباكي” .

اقرأ أيضًا

محمد الغيطي يكشف سبب تقديم شخصية «الريحاني» درامياً

• ما أهم هذه الرسائل التي يحملها المسلسل؟
بعد متابعة الحلقات الأولى سيتضح أن للعمل أهداف أخرى بجانب تقديم سيرة ذاتية تقليدية، فنحن نقدم معاناة الريحاني فيما وصل له، مع وصف شكل المسرح في مصر، والأحداث السياسية مهمة جدا أهمها التغيير من خديوي لسلطان لملك، والحرب العالمية الأولى وثورة 19 ثم الحرب العالمية الثانية، وكل هذا كان له تأثير مباشر على الفن، والكاتب تطرق إلى العلاقة ما بين الفن وهذه المراحل، وكيف استطاع الفن والفنان المصري أن يكون له دور في الحياة السياسية والاجتماعية في تلك الفترة، بالإضافة أن المسرحيات التي جرى إطلاقها في تلك الفترة جميعها لها أهداف ورسائل تقدمها.

• هل ستظهر للمشاهد لقطات حقيقية من الواقع؟
مسلسل “الضاحك الباكي” يتناول فيه الحرب العالمية الأولى والثانية وثورة 19 كل هذه الفترات الهامة مر بها الريحاني، ولم أعرض أي لقطات من الواقع، بل كله نفذ بشكل جديد ملائم للوقت الذي نتحدث عنه .

• ما المعايير التي تم على أسسها اختيار فريق العمل؟
اخترت عمرو عبد الجليل لأنه يمتلك حس كوميدي ولكن بطريقة ساخرة، وهذه طبيعته ويفعلها بهدوء تام، وهو ما يشبه لدرجة كبيرة نجيب الريحاني في حقيقته، وبالفعل نجح في تقمص الشخصية، وفاجأ الجميع بأول مشهد خلال التصوير، حتى إنه أصبح يشبهه في الشكل من شدة تأثره به، وكل فنان تم اختياره لأنه كان الأنسب والأقرب، فنحن بلغة المهنة نقول الدور ينادي صاحبه، وبكل صدق كل الفنانين المشاركين في العمل قدموا أداءً رائعا، وكل واحد منهم تفاعل مع الشخصية التي يؤديها وتأثر بها .

• لو تحدثنا عن الفنانة فردوس عبد الحميد بشكل خاص.. كيف جاء مشاركتها في العمل؟
رشحت للعمل مثل أي فنان تم ترشيحه، لأننا وجدناها الأنسب، ونحن كنا بحاجة لها، وهل ملامح والدة نجيب الريحاني معروفة للناس.

• الانتقاد كانت بسبب ظهورها بشخصية والدة نجيب الريحاني، في مرحلة مبكرة من عمره، وأم لـ4 أطفال أحدهم رضيع.. بماذا ترد على ذلك؟ 
كنا نبحث عن فنانة لشخصية والدة نجيب الريحاني تكون نجمة وتاريخ فني طويل للظهور ضيفة شرف بالحلقة الأولى فقط، فمن الفنانة الكبيرة التي كانت ستوافق على الظهور في حلقة واحدة؟، لذا رشحنا الفنانة فردوس عبد الحميد، وهي مشكورة وافقت لما أدركت أهمية العمل ككل، والرسائل التي يحملها، وكل هذا الكلام بسبب حلقة واحدة ظهرت فيها، وهذا ما يؤكد أن ما يقال ليس له علاقة بالنقد .

• هل بالفعل تحرص على وجودها في كل أعمالك كما يتردد؟ 
نحن أكبر من الرد على هذه التفاهات من أشخاص لا يقال عنهم إلا أنهم مرضى نفسيون ليس لديهم أي عمل سوى تبادل الانتقادات وإثارة الشائعات والتجريح والنقد السلبي ونشر كلام ليس له أي أساس من الصحة، والدليل أن مسلسل “هدى شعراوي” الذي كان من إنتاج مدينة الإنتاج الإعلامي استعنت بنور قدري في حلقة واحدة لكى تجسد شخصية هدى الشعراوي في طفولتها وبعد ذلك استعنت بالفنانة داليا مصطفى لتقدم مرحلة شبابها وقدمتها في 10 حلقات ثم الظهور كان للفنانة فردوس عبد الحميد في مرحلة الكبر، وأنا لو انحازت بالفعل لزوجتي، كما يفعل بعض المخرجين، كنت طلبت من المؤلف ظهور شخصية هدى الشعراوي وهي كبيرة ثم الرجوع إلى المراحل العمرية الأخرى، لكنني ألتزمت بالنص المكتوب لأنني ببساطة لم انحاز إلا لمصلحة العمل الفني فقط، وأستغرب أنني بعد مشوار يتخطى 40 سنة أرد على تلك الانتقادات. 

• هل غضبت الفنانة فردوس عبد الحميد من هذه الانتقادات؟
نحن نعمل في هذه المهنة من سنوات طويلة، وندرك توابع أي عمل ناجح و”العين عليه”، وبالمناسبة فردوس تصور عملين دفعة واحدة، الأول في بيروت مع المنتج صادق الصباح، والمخرج محمد أسامة، والثاني مع “العدل جروب” وإخراج ماندو العمل.. فأين اسمي في هذه الأعمال؟، وهل تعمل معي فقط، أو تنتظر أعمالي لكي تظهر، كما أنني توقفت 10 سنوات عن إخراج أي عمل درامي، فهل كانت زوجتي لا تعمل أيضا؟، بالعكس شاركت في الكثير من الأعمال، منهم عملين إخراج محمد سامي.

• كيف رأيت انتقاد ظهور الطفل زياد الشرقاوي الذي يجسد الفنان نجيب الريحاني في طفولته؟
لا أهتم بذلك، ولا اتابع السوشيال ميديا لأنها سمحت للبعض بأن يتحدثوا  بشكل غير مهني، وبعيدا عن حدود الأدب والاحترام.

• لكن البعض ذكر أن الطفل ظهر بعيون ملونة في بعض المشاهد وفي أخرى يظهر بعيون.. ما تعليقك؟
لم يحدث هذا الأمر، والطفل زياد الشرقاوي عيونه خضراء، والكل يعرف ذلك، لأنه ظهر من قبل في عدد من الأعمال، لذلك أضطررنا لوضع عدسات لاصقة رمادية غامقة لتكون بنفس لون عيون الريحاني، لذلك أعتبر الأمر إهانة لي، وأنا لست مخرج مبتدئ، وليس مطلوب مني تقديم كشف حساب عن كل مشهد .

• لو سألتك عن ما تردد عن الاستعراض الذي ظهر في الحلقة الأولى بأنه جاء بموسيقى عصرية وحركات راقصة معاصرة لا تتلاءم مع فترة أحداث المسلسل.. بماذا سترد؟
أتمنى من هؤلاء المحللين الناقدين خلف شاشات التليفزيون أن يتناقشوا في أهمية الفكرة والقصة وأداء الفنانين والرسائل التي يحملها العمل، وليس في الرقص والموسيقى والعين، والاستعراض هو “تتر” وهو أمر ملك للمخرج، وليس ضمن الأحداث، لكن أردت من خلاله تقديم أغنية “يا مصر يحميك لأهلك”، غناء وتلحين سيد درويش وكلمات بديع خيري من مسرحية لفرقة الريحاني قدمت عام 1919 ، فأين العصرية في أغنية لسيد درويش؟، كما حرصت أيضا أثناء الاستعراض على كتابة كل تفاصيل الأغنية، وأنها من ألحان “فلان” ومن عرض “كذا”، لكي يتعرف عليها المشاهد، ويتأكد أنها ملائمة للأحداث التي سيراها، ونحن ما زالنا في الحلقات الأولى.. “تابعوا العمل يا جماعة وبعد ذلك تحدثوا” .

• آخر الانتقادات كانت عن لفظ “كاورك” في مشهد رفض والد الريحاني بيع أحد خيوله تردد أنها لم تكن موجودة أيام الريحاني.. بما تفسر هذا الكلام؟
أسالوا المؤلف محمد الغيطي يقول لكم تفاصيل هذه الكلمة الأجنبية التي أصلها «Cow»و«Work»، وتعني العامل بالزراعة أو الفلاح وهي كانت موجودة عندما كان الأتراك يحتلون مصر، وأنا ما زالت لا أفهم على من أرد؟، نحن بحاجة لنقد فني نرد عليه، لكن كل ما يتردد هي محاولة للترصد وإختراع تفاهات لمهاجمة العمل من بعض الأشخاص، لأن ردود الأفعال الإيجابية أكثر بكثير من “الكلام الفارغ” الآخر .

• ما أكثر ما جذبك في حياة الريحاني؟
حياته كلها مليئة بالكفاح والجهد والصبر، والريحاني كان مثقف لأبعد الحدود وله تأثير كبير في بعض الثورات، ويشبه دور سيد درويش، والبعض لا يعرف أن الريحاني أنتج “العشرة الطيبة” لسيد درويش رغم إنه لم يكن له دورًا، لكنه شعر أنه يريد أن يقدم شيئًا، كما أنه أحد من ساهموا في شعار “يحيا الهلال مع الصليب”.

• هل انتهيت من تصوير العمل؟
لدينا 22 حلقة جاهزة للعرض، ولم يتبقى سوى 4 أيام تصوير وننتهي من العمل كاملا .

• هل العمل عودة دائمة لك أم تعتقد أنها استثناء بعد غياب؟
لم أغيب عن الساحة الفنية، بل كنت اتعلم وأدرس وأطلع على التكنولوجيا الحديثة، وأتابع كل التطورات التي حدثت وكأنني في المهنة، وسبب الغياب كان لعدم توافر عمل فني ضخم يليق باسمي ومشواري الفني، وكل هذه السنوات كنت أعمل على مشاريع كثيرة، لكن لم تخرج للنور، ورغم التطورات التي طرأت على الساحة، إلا أنني مازالت أتمسك ببعض القواعد المهنية والتي قمت بتنفيذها في المسلسل، فلم يدخل فنان موقع التصوير إلا وفي يده 30 حلقة مطبوعين، وقبل بدء التصوير عقدت “بروفات ترابيزة” استمرت لشهور .

• أخيرا.. ما سبب حبك الشديد للدراما؟
الدراما فن مقدس يجب التعامل معه بهذا الشكل، نظرا لأن مثل هذا النوع من الفن يصل للإنسان وأعماقه ويؤثر فيه ومحبب لكل الناس بدليل أن الله استخدم هذا الأسلوب القصصي في الكتب السماوية، خاصة القرآن الكريم، وسورة “يوسف” سيناريو متكامل الأركان، وربنا سبحانه وتعالى يعرف أن هذا الجانب محبب للنفس البشرية، ولم يستخدم أسلوب الوعظ المباشر.