د. حسن عماد مكاوي يكتب: إعلام الدولة.. الرسالة والمهنية «٣-٩»

د. حسن عماد مكاوي
د. حسن عماد مكاوي

يعكس الإعلام الوطنى صورة الدولة الذهنية فى الداخل والخارج، وبالتالى فهو أحد أبرز مظاهر القوة الناعمة للدولة فى محيطها الإقليمى والدولي، وفى مراحل تحولاتها التاريخية بين النهوض والانكسار، كما يعكس توازنات القوى السياسية والاقتصادية على المستوى الدولي. طوال القرن التاسع عشر، تركزت القوة السياسية والإعلامية فى ثلاث دول هى: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وكانت وكالات أنباء هذه الدول تهيمن على جمع الأخبار وتوزيعها إلى كل دول العالم من منظور غربي. تمثلت هذه الهيمنة فى وكالات رويترز البريطانية، وهافاس الفرنسية، وولف الألمانية، وترسيخا لهذه الهيمنة تم توقيع اتفاقية تعاون بين الدول الثلاث عام ١٨٦٩ لتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ إعلامية تعبر عن الهيمنة السياسية والاقتصادية لتلك الدول. نصت الاتفاقية على أن تحتكر وكالة رويترز جمع وتوزيع الأخبار فى الدول الخاضعة للنفوذ البريطانى فى إفريقيا وآسيا والأمريكتين، واحتكرت وكالة هافاس الأخبار فى المستعمرات الفرنسية وإيطاليا وإسبانيا، واحتكرت وكالة وولف الألمانية توزيع الأخبار فى النمسا وروسيا والدول الإسكندنافية.

وحتى ذلك الوقت لم يكن هناك أى نفوذ للولايات المتحدة خارج الحدود الأمريكية، وكانت تخضع إعلاميا لوكالة رويترز البريطانية، وقد اشتكت أمريكا مرارا من  سيطرة وكالات الأنباء الأوربية الثلاث على تداول الأخبار فى كل أرجاء العالم، كما عبرت عن عدم ارتياحها من المنظور الأوروبى فقط من خلال المراسلين الذين يركزون فقط على الصراعات والمعارك الأهلية التى كانت مشتعلة فى الولايات المتحدة فى تلك الفترة.
وللحديث بقية