نهاية الطبيب الشرعي المفصول.. تفاصيل

الطبيب
الطبيب

كتبت: حبيبة جمال

لعله الآن يصدق وهو خلف القضبان؛ أن الجثث لا تتكلم..؛

هل تتذكرون قضية الطبيب الشرعي الذي ادعى أن الجثث تتحدث إليه؟، ذلك الطبيب الذي نشرنا عنه في شهر يوليو الماضي وتحديدا العدد رقم ١٥٨١، موضوعًا بعنوان «بعد ادعائه الجثث تتحدث إليه.. مفاجآت في قضية الطبيب الشرعي المفصول المتهم بالنصب»، ونشرنا حكايتنا معه منذ أن أجرينا معه حوارًا، بعد نجاح كتابه «للجثث رأي آخر»، وذلك في العدد رقم ١٥٠٦ من عام ٢٠٢١، حتى فوجئنا بأنه تم القبض عليه متهمًا بقضية نصب واحتيال. وسط صدمة وذهول من متابعيه وشكوك بأنه بريء، فأخيرًا وبعد ثلاثة شهور أسدلت محكمة جنح القاهرة الجديدة، الستار على قضية مستريح الطب الشرعي، حيث قضت المحكمة بحبسه ثلاث سنوات وغرامة مالية ١٠٠ ألف جنيه، بتهمة النصب والاحتيال، ليصبح بذلك الحكم هو عنوان الحقيقة وناهيًا لكافة الشكوك.. وفي السطور التالية سنسرد القصة كاملة

البداية كانت في شهر يوليو الماضي، ببلاغ تقدمت به سيدة تدعى سامية ناصر للنائب العام، والذي قيد برقم ٥٢٣٨ لسنة ٢٠٢٢ إداري التجمع الخامس، اتهمت فيه طبيب شرعي مفصول يدعى محمد الشيخ، بالنصب والاحتيال عليها والاستيلاء منها على مبلغ ٩٢ ألف دولار بزعم المشاركة في دعم علاج عدد من الحالات الإنسانية والعمليات الجراحية للمحتاجين. 

وقالت نهاد أبو القمصان محامية تلك السيدة في بلاغها: االمبلغ ضده يعمل طبيبًا شرعيًا وله مؤلفات في الطب الشرعي يقدمها ويناقشها في العديد من وسائل الإعلام والبرامج التليفزيونية وقد تواصل مع الشاكية عبر الإنترنت طالبًا منها التبرع بمبالغ صغيرة لدعم حالات طبية وحينما وجدها شخصية خيرة لا تتردد في التبرع ادعى إقامة مشروع خيري كبير لدعم المرضى يقوم هو بالعمل عليه، وأنه بحاجة إلى أموال لدعم المشروع واستولى بطرق الاحتيال من الشاكية على مبالغ مالية مملوكة لها على دفعات وصلت جملتها 92 ألف دولار قامت بتحويلها له من دولة الإمارات العربية المتحدة، عن طريق إحدى شركات تحويل الأموال، لدعم وجود المشروع الخيري والذي سوف يقوم على إدارتهب.

وأضافت: امما أدخل الطمأنينة والثقة في نفسها أنه يروج لهذا المشروع بطرق متعددة منها البرامج التليفزيونية التي اعتقدت خطأ أنها تراجع ما يقدم من محتوى، وأيضا عن طريق الإنترنت من مجموعة له على افيسبوكب يسمى جروب أهل الخير ينشر عليه حالات مرضية تحتاج للعلاج، ولإجراء جراحات يقوم المبلغ ضده باستغلالها ليبعث في نفوس ضحاياه ومنهم الشاكية من المتبرعين المصداقية لأكاذيبه ويجمع من خلاله تبرعات مالية لمساعدة هذه الحالاتب.

وأشارت إلى أن الطبيب المذكور يظهر على إحدى القنوات الفضائية ليروي أمورًا خارقة للطبيعة تحدث له أثناء تواجده بعمله في مشرحة زينهم، إلا أنها مع المتابعة طلبت لأكثر من مرة ما يدل على إقامة المشروع الوهمي، فكان يقدم العديد من الحجج بأنه مريض أو أنه احتاج للأموال لنفسه وسوف يردها لها.

وذكرت أنه اختلق قصصا وهمية بأسلوب خاص أوحى بصحة ما يدعيه من أكاذيب، وإيهام الشاكية وحثها على تسليمه المبالغ المالية المذكورة سلفًا وكلما طلبت تقديم ما يفيد استخدام الأموال في أعمال الخير ادعى حججا متعددة منها أنه مريض وطريح الفراش ومحجوز بالمستشفى لإجراء جراحة عاجلة له ويلزمه مبلغ من المال ليسدد فواتير المستشفى، الأمر الذي جعل الشك يتسلل إليها وأصرت على معرفة اتجاه أموالها فقدم لها وعودًا بسداد كل المبالغ جملة فور بيعه لعقار يملكه يقدر ثمنه بملايين الجنيهات دون جدوىب.

طبيب مفصول

وأوضحت: اعندما طالبته برد هذه المبالغ ماطل في ردها بحجج واهية ثم امتنع عن الرد عليها نهائيً الأمر، مشيرةً إلى أنها علمت بفصل المذكور من وظيفته كطبيب شرعي بمشرحة زينهم التابعة لمصلحة الطب الشرعي وذلك على أثر قيامه بوقائع نصب واحتيال أخرىب.

 تم فحص البلاغ ورصدت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة تداول ادعاء أحد الأشخاص بقدرته على مخاطبة الموتى، وتوصلت تحرياتها إلى قيامه من خلال ذلك بالنصب والاحتيال على المواطنين، وألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه وتم حبسه وتحولت القضية للمحكمة.

ولكن من هو مستريح الطب الشرعي؟!

محمد الشيخ من مواليد محافظة الغربية، تخرج في كلية الطب عام ٢٠٠٧ بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعمل كمفتش صحة بمدينة قطور بالغربية لمدة ٦ أشهر، ثم التحق بالطب الشرعي عام ٢٠٠٩،عمل مدير مكتب رئيس مشرحة زينهم لمدة عامين ثم مدير لمكتب رئيس مصلحة الطب الشرعي ومدير العلاقات العامة والإعلام، وجاءته فرصة للعمل بالخارج، فلم يتردد ونظرًا لأنه لا توجد إجازات للأطباء الشرعيين، تم فصله عام ٢٠١٧ نتيجة انقطاعه عن العمل لأكثر من ١٥ يومًا، وعام ٢٠١٨ عاد للقاهرة مرة أخرى نتيجة مرض والده، ثم توفى الوالد وتأثر نفسيا وفي بداية عام ٢٠١٩ نظرا لحبه الشديد للكتابة أنشأ جروب على الفيس بوك تحت اسم االموتى يتحدثون أيضاب، وبدأ في كتابة قصص قصيرة وانتشر الجروب بصورة كبيرة بين رواد الفيس بوك، إلى أن تواصل معه دور نشر وطلبوا منه تجميع تلك القصص في كتاب، وبالفعل نشر أول كتاب له أواخر ٢٠١٩ تحت مسمى اللجثث رأي آخرب، وحقق مبيعات عالية، ثم بدأ في نشر كتابه الثاني عام ٢٠٢٠ تحت مسمى اأسرار الموت العظمىب. 

أما بالنسبة لفكرة جمع التبرعات فجاءته الفكرة كما قال في التحقيقات؛ أن هناك فتاة كانت متابعة جيدة له على الجروب الذي أنشأه، وأخبرته أنها تعمل في جمعية خيرية، وسألته إذا أحب أحد من أعضاء الجروب التبرع يتواصل معها، ومن هنا جاءته الفكرة، أما بالنسبة للشاكية فهو تعرف عليها وهي تعمل طبيبة بالإمارات، وكانت هناك صداقة قوية بينهما، وعندما حانت فرصة نزولها لمصر أبلغته أنها سوف تحول له مبلغا من المال حتى لا يكون هناك مشكلة معها في المطار، وبالفعل حولت له المبلغ وعندما قابلها صرف المبلغ وقدمه لها، وكانت تسهم معه في أعمال الخير، وأثناء وجودها في مصر كانت تحتاج إلى أموال أخرى، فكانت وهي معه تقوم بتحويل من خلال برنامج بنك إلكتروني عن طريق الفيزا الخاصة بها، وتجري التحويل باسمه بسبب عدم إمكانية أن تكون هي المرسل والمستقبل وكان يسحب الأموال معها في نفس اللحظة ويعطيها لها، وفعل ذلك بحسن نية، حتى سافرت وبعدها انقطعت عن التواصل معه لأكثر من ثلاثة أشهر، حتى فوجئ بالبلاغ الذي تقدمت به.. وتولت النيابة التحقيقات والتي أثبتت تهمة النصب والاحتيال عليه وأصدرت المحكمة حكمها بحبسه ثلاث سنوات. 

اقرأ أيضأ

 الجثث تتكلم| مفاجآت في قضية الطبيب الشرعي المفصول المتهم بالنصب