د. يحيى هاشم يكتب: قوتنا في أخلاقنا

د. يحيى هاشم
د. يحيى هاشم

نشهد كل يوم متغيرات سريعة و كثيرة تؤثر على سلوكياتنا اليومية بشكل كبير و يختلف مدى هذا التأثير من فرد إلى آخر وفقا لمدى تمسكه بالعادات و التقاليد و الأخلاق الأصيلة التي تميز مجتمعنا المصري ولا شك في أن ما نشهده من خلل في بعض السلوكيات بالمجتمع المصري يجعلنا نتوقف أمامه كثيرا لنرصد ما يحدث ونصل إلى المسببات التي إستطاعت أن تمحو هويتنا و تدمر أخلاقنا و جعلتنا نساهم بأيدينا في تفعيل أخطر آليات هدم و تفكيك المجتمعات الحديثة ألا و هي تدمير الاخلاق و طمس الهوية المصرية حتى يظهر على السطح صورة ذهنية مغلوطة عن مجتمعنا المصري يصدرها أعداء الوطن إلى العالم كما لو كانت حقيقية ليحصل على مكسب مزدوج و هو تفكيك المجتمع داخليا و تصدير صورة سلبية سيئة عن المجتمع المصري .

و لا شك في أن إطلاق مبادرات مجتمعية متعددة الاهداف من أجل إعادة إحياء الأخلاق في نفوسنا و غرس العادات و التقاليد الاصيلة داخل المجتمع المصري تعتبر سلاحا فعالا من أجل مواجهة هذه التحديات الجديدة التي طرأت على حياتنا و فرضت علينا .

و لكن يظل السؤال المهم و الصعب في ذات الوقت ألا و هو كيف نبني إستراتيجية وطنية حقيقية من أجل بناء الاخلاق و ترسيخها في وجدان المجتمع و تكون قوية قادرة على مواجهة كل هذه المتغيرات و هذا يجعلنا نعمل بشكل متوازي بين إعادة بناء الاخلاق في الاجيال الجديدة الصاعدة و في نفس الوقت نعمل على زيادة وعي الاجيال الاكبر سنا بالقيمة المضافة لحياتهم من خلال تمسكهم بهذه الاخلاق و التأكيد عليها .

و لكي نحقق نجاح حقيقي في قضية بناء الاخلاق المصرية الاصيلة علينا أن نبدأ من المنزل فهو البيئة الاجتماعية الاولى المؤثرة في حياة الاطفال منذ بداية حياتهم و يكون هناك دور كبير للاب و الام في هذه المرحلة العمرية الخطيرة ثم يليها مرحلة المدرسة التي يتسلم فيها المعلم زمام التربية و التعليم معا و دوره لا يقل أهمية عن دور المنزل لأن المعلم في هذه المرحلة يكون القدوة للطالب و المثل الاعلى بالنسبة له و يتقبل منه كل التوجيه و النصح و لا مانع من أن تشمل المناهج الدراسية كل ما يحث على هذه الاخلاق و يوضح أهميتها و كيف توارثناها عن الاجداد حتى أصبحت هذه الاخلاق بصمه حضارية ثقافية تاريخية مميزة للمصريين .

و ننتقل بعد ذلك الى مرحلة الشباب و التي تحتاج الى آلية مختلفة لكي نتمكن من أن يكون هؤلاء الشباب هم الضمان الفعلي للحفاظ على أخلاقنا و عاداتنا و تقاليدنا و ذلك بالتوجة الى الشباب مباشرة في أماكن تواجدهم سواء كانت الجامعات أو الاندية أو قصور الثقافة و كافة الاماكن التي بها أنشطة تجذب الشباب إليها حتى نتمكن من مخاطبتهم باللغة التي يفهموها و يكونوا حراسا أوفياء لهذه الاخلاق التي نود أن نغرسها بداخلهم حفاظا على بناء المجتمع .

و لا شك في أن باقي الفئات العمرية كبيرة السن لها دور بالغ الاهمية في دعم كل ماسبق من آليات لإعادة بناء الاخلاق في المجتمع و هم ايضا يحتاجون في ذات الوقت إلى زيادة وعيهم بأهمية الحفاظ على الاخلاق حفاظا على المجتمع من التفكك و الهدم من خلال توجية البرامج التليفزيونية و وسائل التواصل الاجتماعي التي تزيد من وعيهم بأهمية قضية الحفاظ على أخلاق المجتمع الاصيلة .

كما أن الدور الاستراتيجي للمسجد و الكنيسة في إعادة بناء الاخلاق في المجتمع و الحفاظ عليها لا يمكن أن نغفله نظرا للتأثير الكبير من رجال الدين على المجتمع و علاقة الحب و الاحترام المتبادل بينهم و بين باقي أفراد المجتمع تساعد على ترسيخ القيم و المبادئ و الاخلاق في نفوس المواطنين لتكون هي المحرك الاساسي لسلوكياتهم في المجتمع .

و علينا أيضا أن ندفع بالاحزاب المصرية للمساهمة المجتمعية الفاعلة في هذا المشروع القومي الكبير لأعادة بناء الاخلاق المجتمعية من خلال الندوات و اللقاءات الجماهيرية الكبيرة لتشمل شرائح مجتمعية متنوعة و تتغلغل إلى قاع المجتمع لنصل بالفكرة إلى عقول كل المصريين و تصبح أخلاقنا هي نهج حياتنا .

إن بناء الاخلاق و القيم و العادات و التقاليد في المجتمع يعتبر مسؤلية وطنية تقع على عاتقنا جميعا تأكيدا على حبنا و إنتمائنا لهذا الوطن العظيم مصر أم الدنيا كلها منتصرين على أعداء الوطن محافظين على هويتنا و بصمتنا التاريخية التي نتميز بها بين شعوب العالم و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين.