رئيس لجنة المصالحات بقنا: النساء وتعنت أهل المجني عليه.. أبرز المعوقات

محرر أخبار الحوادث مع الشيخ أبو المعطى أبو زيد
محرر أخبار الحوادث مع الشيخ أبو المعطى أبو زيد

أبو المعارف الحفناوي

  تمثل  قضية الثأر في الصعيد عائقًا كبيرًا أمام تحقيق التنمية المستدامة، لكونها موروث ثقافي سيئ لابد من محاربته، وتعمل وزارة الداخلية في إطار استراتيجيتها الهادفة من أجل مكافحة الجريمة وإنهاء الخصومات الثأرية، وفق خطة متكاملة بالتعاون مع أجهزة المحافظة وأعضاء لجنة المصالحات والقيادات الشعبية لإنهاء كافة الخلافات للوصول نحو خلو المحافظات من الخصومات الثأرية.

وتعمل أجهزة الدولة، بالتنسيق مع لجنة المصالحات، في إنهاء كافة الخصومات الثأرية،  وتبذل اللجنة جهودًا مكثفة لإقناع الطرفين بالصلح، لوقف نزيف الدم، وعدم اتساع دائرة الدم أيضًا، في حالة إذا سقط قتيل من خارج العائلتين تصادف مروره وقت الاشتباكات حتى لا تدخل عائلة أخرى الخصومة.

وعلى مدار سنوات مضت، نجحت لجنة المصالحات في إنهاء 140 خصومة ثأرية، في مختلف قرى المحافظة، كانت لها دور كبير في منع «خراب البيوت»، فلقد ترملت نساء وتيتم أطفال، وكانت عائقًا في مجال التنمية والتعليم أيضًا.

وتواجه لجنة المصالحات معوقات كثيرة حتى تستطيع إنهاء الخصومة، منها تعنت أهل المجني عليه لقبول الصلح، وتدخل المرأة في عدم قبول الصلح، فضلا عن الطرف الثالث المستفيد من الخصومة بمد أطراف الخصومة بالسلاح حتى يحصل على المال.

أجرت أخبار الحوادث، حوارًا مع الشيخ عبد المعطي أبوزيد، إمام وخطيب مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي سابقا، ورئيس لجان المصالحات في محافظة قنا، والذي أخبرنا فيه عن دور اللجان وطبيعتها، وكيفية اقناع الطرفين للصلح، وإلى نص الحوار.

* في البداية حدثنا عن دور لجنة المصالحات في إنهاء الخصومات الثأرية؟

دور لجنة المصالحات كبير جدا وشاق، فهم ينحتون في الصخر ويتعرضون لمواقف صعبة للغاية، يتحملون كل الصعاب التي تواجههم من أجل أن تصل اللجنة إلى إنهاء الخصومة الثأرية.

أعمل منسقًا للجان الصلح في محافظة قنا، فكل منطقة بها لجنة للصلح حتى تكون الأقرب لأهل المجني عليه والقاتل، لإقناع الطرفين للصلح، وفي بعض الأوقات يكون هناك أطراف داخل اللجنة من خارج المنطقة، وفي كلتا الحالتين نعمل جاهدين لإنهاء الخصومات الثأرية.

ويكمن دور اللجنة في بذل كافة الجهود لإنهاء الخصومة الثأرية، ليس لنا أي هدف دنيوي بل هدفنا الوحيد أن نرى الناس متحابين، فبمجرد أن نسمع بأي مشكلة، ندرس طبيعتها، ونبدأ في اتخاذ خطوات جادة لإنهائها، تنفيذًا لقول الله تعالى «إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم»، وعنوان اللجنة «فمن عفا وأصلح فأجره على الله».

* كيف تنجح اللجنة في إقناع طرفي الخصومة بتقبل الصلح؟

اللجنة تذهب إلى طرفي الخصومة، وتكون دارسة لكل ما يحدث، في البداية تذهب إلى عائلة المجني عليه، وهم «أصحاب الدم»، ونحاول إقناعهم بتقبل الصلح إما بالقودة أو الدية، محاولات الإقناع تكون لمرات عديدة ربما تصل لشهور أو سنوات، فلم نيأس أبدًا لأن الهدف واحد، بنية صافية لوجه الله، وبعد اقناعهم نذهب لعائلة القاتل، ونتفق على طريقة لإنهاء الخصومة، وتكون هذه الطريقة برضا الطرفين سواء بقبول القودة أو الدية، للحد من نزيف الدم.

* وما هي أهم المعوقات التي تواجه لجنة المصالحات؟

هناك معوقات عديدة، لكن لم ولن نستسلم لها، ومن أبرز هذه المعوقات، تعنت أهل المجني عليه في قبول الصلح، لأنهم أصحاب حق ودم، والمرأة التي قتل زوجها أو أبيها أو شقيقها أو ابنها، تكون سببا في عدم موافقة الرجال على الصلح، والطرف الثالث المستفيد من الخصومات، في بيع الأسلحة، أو ربما شخص بلطجي أو مغمور من داخل العائلتين، يُستخدم في إطلاق النيران وخلافه حتى يشعر بأن له قيمة!

* وما هي أبرز الخصومات الثأرية في قنا؟

من أبرز الخصومات الثأرية التي تم حلها في قنا خلال الآونة الأخيرة، خصومة «السحالوة والمخالفة» في فرشوط، والتي راح ضحيتها 12 قتيلا، و خصومة «الطوايل والغنايم» في أبوتشت، والتي راح ضحيتها 17 قتيلا، فضلا عن إنهاء خصومات ثأرية عدة في قرى كانت ملتهبة بالثأر في الحجيرات وحمرة الدوم وابو حزام.

* كم عدد الخصومات الثأرية التي استطاعت لجان المصالحات حلها؟

نجحنا منذ 2006 حتى الآن في إنهاء 140 خصومة ثأرية بمختلف مراكز ومدن وقرى قنا، وبعد إنهاء الخصومات الثأرية، تعود القرية إلى طبيعتها، بعد صراع كبير وكر وفر وخوف، يتحول ذلك إلى عناق بين الأطراف المتخاصمة ويعم الرخاء الجميع.

* وما هي أصعب الخصومات الثأرية التي واجهت اللجنة؟

كل الخصومات الثأرية صعبة، ولكن هناك خصومات ثأرية عالقة في الأذهان مثل خصومة عائلتي «السحالوة والمخالفة» بفرشوط، والتي بذلت فيها لجان الصلح دورًا كبيرًا وشاقًا، لإنهاء الخصومة في مكان محايد خارج فرشوط، وتم تحديد استاد قنا لإنهاء الخصومة، خشية تدخل أطراف الفتنة، وبالفعل أنهت اللجنة أشهر صلح في قنا.

* وما هي أغرب حالات الصلح التي واجهتها اللجنة؟

أتذكر أن أحد الشباب أصيب بطلق ناري في خصومة ثأرية، وكان الشقيق الذكر الوحيد لأربعة إناث، وذهبنا لزيارته، وطلب من اللجنة أنه إذا توفي متأثرا بإصابته، أن لا تأخذ عائلته بثأره، وطلب منا الدعاء بالشفاء ووأد الفتنة، وأخبرنا أسرته بما حدث،وأصيبوا بالذهول، وأثناء محاولاتنا اقناعهم بالصلح، خرج شباب من نفس العائلة، وأطلقوا النيران بكثافة على العائلة الأخرى، وكان لنا رد فعل قوي تجاههم، وعندما أحسوا بغضبنا، قبلوا رأسنا، وقالوا «اللي تحكموا به علينا مهما كان احنا موافقين عليه»، وقررنا وقتها أن يقبلوا الصلح في خصومة كبيرة، ووافقوا على ذلك.

ومن بعض المواقف أيضا، أنه بعد اتفاق اللجنة مع طرفي الخصومة الثأرية بإنهاء الثأر بينهما، بتقديم أهل القاتل القودة لأهل المجني عليه، وجدنا أن المجني عليه ترك طفل وطفلة، ليس لهما أي دخل، فغيرنا القودة وبدلناها بالدية بأن يدفع أهل القاتل 100 ألف جنيه تودع باسم الطفلين، فضلا عن كتابة 13 قيراطا باسمهما، ونجحنا في اقناع الطرفين.

* وما هي شروط الصلح؟

شروط الصلح أولا عدم تدخل اللجنة في أحكام القضاء، وهناك بعض الحالات يتنازل أهل المجني عليه عن القضايا بأنفسهم، كما إن شرط الصلح تقديم أهل القاتل القودة وهي قطعة قماش بيضاء، إلى أهل المجني عليه، وبهذا يكون حكم على نفسه بالموت، أو الدية، وهي أن يدفع أهل القاتل، مبلغ مالي لأهل المجني عليه، وأحيانا تصل إلى مليوني جنيه.

* حدثنا عن مراسم الصلح؟

مراسم الصلح، تبدأ بتدخل اللجنة لإقناع الطرفين، ثم كتابة عقود صلح بين الطرفين، متمثلة في موافقتهما على جميع أعضاء اللجنة، وبما تصدره من قرارات، وكتابة شرط جزائي إذا أخل أحدهما ببنود العقد، ثم الاتفاق مع الأمن، على تحديد موعد ومكان الصلح، وتحضر القيادات التنفيذية والأمنية والشعبية إلى مكان الصلح، ويدخل مقدم القودة السرادق، ويسلمه لأهل المجني عليه، ثم يرددون قسم الصلح، لإعلان إنهاء الخصومة الثأرية بينهم، وتقبل العزاء.

* كلمة أخيرة توجهها إلى العائلات المتخاصمة؟

عليكم بتقوى الله واتباع سنة الحبيب المصطفى، والابتعاد عن المشاكل، فإنما المؤمنون أخوة، فكلنا أبناء وطن واحد تربطنا صلة قرابة ونسب، والثأر مشكلة كبيرة، حلها سيحقق الرخاء والأمن والأمان. 

أقرأ أيضأ : مقتل سائق وإصابة عامل بسبب الثأر في سوهاج