عاجل

محمد علي السيد يكتب: سر الرمال السوداء على شاطئ رشيد

جانب من افتتاح مصنع الرمال السوداء
جانب من افتتاح مصنع الرمال السوداء

صيف 1984
عمق مصب النيل عن يسارنا .. والأرض الزراعية المنخفضة عن يميننا.. والمطبات الدائرية العميقة من خلفنا.. وأمامنا .. وأسفل سيارتنا .. وليس لنا  للأسف إلا الاستمرار في اجتياز الطريق، وأصله  جسر ترابي بين مدينة مطوبس، و منطقة أم خشبة أقصى شمال شرق مدينة رشيد.

رصف هذا الجسر 1960 وترك بعدها بلا صيانة أو حتى التذكر لأكثر من 30 عاما.. فأصبح ( بين بين) .. لا جسرا ترابيا كان .. ولا طريقا مرصوفا أصبح .. وعلينا أن نعايش ذلك الرعب لمدة ساعة ونصف.. رغم أن طوله 30 كمً  فقط .. عشرة دقائق بالسيارة..
تتقاذفنا الكراسي الضيقة للسيارة النيفا.. متزاحمين منكمشين بفعل انخفاض سقفها .. نمضغ الضجر والصمت والصبر .. حتى نصل إلى أم خشيبة .. لنصل للرمال السوداء ..ومن الفجر شددنا لها الترحال..

والرمال السوداء، هي الرمال الداكنة المنتشرة على شواطئ رشيد ودمياط والعريش- في صورة قد تظنها لأول محتوية على مخلفات بحربة أو طرح البحر.. لكنها في الحقيقة احدى معطيات نهر النيل العظيم وفيضانه السنوي ..  يأتي بالرمال السوداء وهي فتأت الصخور النارية  لهضبتي البحيرات الاستوائية والأثيوبية .. حيث منابع النيل .. و تتفتت الصخور بالأمطار الغزيرة .. تجرى مع   الفيضان 6500 كم للبحر البحر المتوسط عند فرعي دمياط ورشيد .. ذلك قبل بناء السد العالي..

وتتركز الحبيبات ، وتغربل بحركة المياه والانحدارات .. والانحناءات  مجرى النهر، فتبقى الحبيبات الصغيرة على الجانبين وتستمر الحبيبات الكبيرة حتى تصدها مياه البحر المتوسط، فتتراكم مكونة هذا الشط بلونه الداكن المميز.

ولهذا تتواجد عند مصبى النهر  رشيد ودمياط

 في العصر الحديث .. وتتواجد عند العريش.لمصب قديم للنهر.. أيام الفراعنة .و حتى الفتح الإسلامي 

وتوقف مجئ  الرمال بفعل بناء السد العالي، وحجز مياه الفيضان خلفه، و مستمرة في بحيرة ناصر.. حيث تتكوين دلتا جديدة جنوب حلفا .. على الحدود المصرية السودانية، وهي رمال لم يتم دراسة أوضاعها.
 
وللرمال السوداء ، أهمية اقتصادية واستراتيجية للحصول على الخامات المشعة لاحتواء ها على معادن اقتصادية هامة منها 
المونازيت .. يستخلص منه خام اليورانيوم.. 
< الألمنيت .. لصناعة السبائك..
< الماجنتيت .. لصناعة الصلب..
< الجارنت .. لصناعة أسياخ اللحام والبويات والزجاج..
< الزركون .. لصناعة السيراميك..
< المونازيت .. ويستخرج منه اليورانيوم والثوريوم والعناصر الأرضية النادرة...

ورغم توافر هذه المعادن الاستراتيجية في السوق العالمي، وانخفاض أسعارها عن تكاليف استخراج بعضها.. إلا أن تواجدها محليا .. يحميها من تقلبات السوق، وسياسات الدول.

(مصنع كوبرى الناموس)

لفتت الأهمية الاقتصادية لهذه الرمال السوداء ـ الأنظار منذ فترة طويلة ..وقامت مشروعات صغيرة لاستخراجها وفصل مكوناتها،  منذ 1914..

وفى 1928 مضت مصلحة المناجم والمحاجر المصرية تراخيصا لاستخراج هذه الرمال من ثلاثة مواقع بالقرب من دمياط .. وثلاث مناطق عقود استغلال لمدة 40 عاما .. لاستخراج الالمنيت ..    

وفى 1932 أنشئت فى منطقة رشيد وحدة صغيرة لتركيز الألمنيت ... وأمكن الحصول على 487 طنا منه لصالح شركات انجليزية استمرت. ختى  1954.. بعد قيام الثورة .. وكانت الشركات  تستغل الرمال بشكل تجارى،  تبيع معدنى الزر كون والروتيل فى السوق العالمى،  بعد فصله فى مصنعها الذى أنشأته فى منطقة كوبرى الناموس بالاسكندرية،  وتنقل الرمال للمصنع بمراكب  شراعية فى النيل. واتجهت الدراسات لأول مرة لدراسة معدن المونازيت المشع وأثبتت  .. أن المونازيت يتركز مع المعادن المغناطيسية وهى الألمنيت والماجنتيت ..

وفى 1958،  تكونت الشركة المصرية لمنتجات الرمال السوداء لاستغلال مكونات منطقة شرق رشيد ..
وفى  1965 قامت الشركة بتكليف شركة إنجليزية باجراء دراسات معملية وتكنولوجية،  ودراسات جدوى فنية واقتصادية واعداد مستندات تنفيذ المشروع  وطرحها بهدف بدء عمليات الإنتاج لمكونات الرمال السوداء .. وخاصة الألمنيت.

وتم تنفيذ الدراسة وعمل آبار استكشافية .. وأوضحت  الرسالة أن نسبة المعادن الاقتصادية فى الرمال السوداء،  تمثل حوالى 5.36 فى المائة. قدرت احتياطيات الرمال الحاوية على المعادن الاقتصادية فى مساحة 8 كم مربع    175 مليون طن،  تحتوى على 7.5 مليون طن من المعادن الاقتصادية.

وفى 1970،  قامت هيئة المساحة الجيولوجية بعمل دراسة للمنطقةً .. تم تقدير احتياطى الرمال العادية الحاوية على معادن اقتصادية فيها بحوالى 13 مليون متر مكعب،  بها نصف مليون طن من المعادن الاقتصادية ..
وفى  1977،  وبعد تصفية الشركة المصرية لمنتجات الرمال السوداء بعد افلاسها،  لنقص خبراتها وعدم تطورها،  تولت هيئة المواد النووية العمل فى المنطقة ودراستها وتقييمها ..

وكما يقول د. سمير ناشد أستاذ ورئيس قسم شمال الدلتا للمواد  النووية،  فقد تم دراسة العناصر المشعة،  خاصة الزركون والروتيل، وتم تقديم أكثر من 15 رسالة دكتوراة وماجستير،  تغطى النواحى العلمية والإقتصادية لهذه الرمال .. انتهت بأن بدات هيئة المواد النووية فى اتخاذ خطوات علمية لاستغلال هذه الرمال بطريقة علمية ...وأعلنت عن مناقصة عالمية لدعوة الشركات المتخصصة لدراسة المشروع الذى تم تقسيمه الى مرحلتين :
الأولى ـ دراسة الجدوى الاقتصادية،  أى التقييم المالى،  وحسابات البنية التحتية الأساسية،  وتقدير العائد من هذا المشروع،  مع دراسة السوق العالمى ومدى تقبله للمزيد من هذه المنتجات ..
موقع  التعدين .. والمعدات اللازمة  .. وتصميمات المصنع الجاف،  لفصل مكونات الرمال ..وتنفيذ تركيب  الوحدات اللازمة،  وتشغيلها .. والبدء فى الانتاج.. 

وبدأت هيئة المواد النووية فى التعاقد على المرحلة الأولى فقط .. للتحقق بدقة من جدوى المشروع،  وضمامات نجاحه .. خاصةمع ظروف سوق عالمى،  تستوجب وجود شريك أجنبى،  يساهم فى توفير تكنولوجيا متقدمة للعمل مع أستمرارا تطويرها وتوفير قطع الغيار الازمة وتسهيل تواجد هذه المعادن المصرية فى السوق العالمى .. وسط منافسة هذه الدول الأخرى الأكثر تقدما..

وتلقت الهيئة عدة عروض عالمية،  أفضلها عرض شركة روبرتسون الانجليزية وهى بيت خبرة متخصص فى الدراسات المعدنية للمشروعات .. وله نشاط فى كثير من الدول .. بالتعاون مع شركة الرواسب المعدنية المحدودة باستراليا وهى شركة ذات خبرة تزيد عن 40 عاما ..  فضلا عن دورها فى اختراع وتصميم وانتاج الكثير من المعدات المستخدمة فى هذا المجال .. وادخال أحدث نظم التكنولوجيا فى هذه الصناعة..

ويوضح د. عبدالله عبد الحليم،  رئيس قطاع البحوث والمشرف على أقسام التنمية بهيئة المواد النووية .. يتم  حاليا تنفيذ المرحلة الثانية للعمل،  وهى تحقق الاحتياطى للموقع .. والذى لا يقل عن 80 مليون متر مكعب لاستغلال المنطقة لمدة عشرة سنوات،  وهو الزمن الاقتصادى للمشروع ..

(دراسة عن الزركون)

ونتلهى عن صعوبات الطريق باستطلاع دراسة جديدة زودنا بها د . عاطف دردير رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السابق،  خاصة بتواجد واقتصاديات استخراج خام الزركون من منطقة أم خشيبة ومناطق أخرى .. تضيف الينا الكثير منه:
الأسس اللازمة لاعداد الدراسة الكاملة عن الجدوى الاقتصادية لهذه الرمال .. وأهمها اجراء المسح التفصيلى لمناطق الشواطئ الحاوية على المعادن الاقتصادية من رشيد وحتى رفح .. واقامة محطة تجريبية لمعالجة الرمال على الشاطئ،  وحساب العائد الاقتصادى لكل منطقة .. مع دراسة تفصيلية لمكونات كل معدن ومعرفة حجم الشوائب به .. ثم تطوير العمل بالدخول فى مجال التجارب الصناعية اللازمة للاستغلال .. لدراسة امكانية استخراج المعدن فى ظروف الشاطئ،  وتحديد نوع المعدات اللازمة .. ودراسة تأثير عمليات تآكل الشواطئ  على كميات هذه الرمال .. ثم دراسة كلية وعالمية على تسويق هذه المعادن بالاستعانة بشركات أجنبية متخصصة فى هذا المجال ..

ولا يوقف د. عاطف دردير دراسته على الرمال شواطئ البحر المتوسط فقط،  بل يمتد بذلك الى كل الأماكن الممكنة لتواجد خام الزركون،  والذى أوضحنا أنه ناتج من تفتت الصخور النارية بفعل المطار .. فهناك احتمالات لتواجد هذا الخام فى مصبات وديان الصحراء الشرقية،  والتى تصب فى البحر الأحمر مما يجعل تركيزها تماثل ظروف تركيز رمال شاطئ البحر المتوسط،  بما يستلزم دراسة تواجد الخام فى شاطئ هذه المناطق الجديدة .. والتى يمكن استغلالها من خلال شركات صغيرة أو أفراد نظرا لصغر مساحات تواجدها،  مع تنفيذ التنسيق بين هؤلاء المنتجين لتسويق منتجاتهم،  وعمل دراسة جيدة لها ..

ويستخدم الزركون فى صناعة العوازل الكهربائية لخطوط الضغط العالى والعوازل الحرارية فى الأفران .. وذلك بالأضافة إلى أهميته القصوى فى صناعة الوقود النووى،  حيث تحضر سبيكة مع الألومنيوم تسمى (زركالوى) تصنع منها الأنابيب الخاصة بتغليف أعمدة اليورانيوم ( الوقود النووى ) ..

(مطوبس ـ أم خشبية)
على الطريق المزعج أدركنا سبب اصرار  د.سمير ناشد على الاستراحة قليلا على أحد مقاهى مطوبس .. حول كوب الشاى المقدس فى كل المقاهى المصرية وخاصة فى المدن الصغيرة..

وهو ماأتاح لنا فى نفس الوقت التعرف ـ ولو خطفنا ـ على مدينة مطوبس التى تجمع بين سمات مجتمع الصيادين فى مظهر المنازل ومقاهى الشوارع وبين جو القرية المصرية .. خاصة فى ملابس الذاهبين والعائدين فى الشوارع .. وهو ما انعكس أيضا على سلعتها المشهورة التى أغرونا بشرائها .. وأهمها الفسيخ بأنواعه الذى شاهدناه نهارا فى المتاجر المفتوحة .. والحلويات التى تعرضها العربات الصغيرة المضاءة بالكلوبات ليلا وسط ظلام الشوارع بمتاجرها المغلقة ..

وفي نهاية الطريق كنا فى منطقة أم خشبة لنصل الى مقر البعثة والذى هو أقرب لمنازل الريف لكنه مميز بسلم خشبى مرتفع وصل بنا الى عدد من الحجرات الضيقة التى أكلت الرطوبة جدرانها .. عرفنا أنه أحد مبانى الشركة المصرية لمنتجات الرمال السوداء وقد اتخذه الجيولوجين مقرا للاقامة ..

ومن الجيولوجين أحمد فؤاد الحضرى رئيس البعثة .. تعرفنا على عمل البعثة فى المنطقة .. والذى بداته منذ 1978 فور إعلان إفلاس وغلق الشركة المصرية لمنتجات الرمال السوداء ..

وقامت فيه بعمل دراسات للموقع وتقييم الخام الموجود به وتحديد أماكن المواد المشعة وعمل الخرائط لها مع حفر عدد من الآبار الاستكشافية لتقييم الخام تحت السطح وتقدير احتياطياته ..

ولشهرة المنطقة بالبرد الشديد .. والرطوبة العالية فى الشتاء ناهيك عن أمواج البحر على الشاطئ فان عمل البعثة الحقلى يكون فى الفترة من يونبو الى سبتمبر فى دفء الصيف ليعتكفوا فى الشتاء فى مقرهمو يرصدون نتائج عملهم ويقيمونها..

وبعد اجتياز بوابة أمنية خاصة بسلاح الحدود كنا فى موقع  العمل على الشاطئ نتابع الجيولوجين وهم يجهزون معداتهم للعمل حتى يمكن تصويرهم صوراحية فى العمل ..

وأصابت (مناع محمد)  الحيرة .. فكيف يتصرف مع هذه الرمال الصامتة الممتدة بلا أية علامات تميزها وتوضح فكرتها للقارئ .. حتى بزغت فى راسه فكرة وأمر الجيولوجين لتنفيذها متحمسا دون كاميراته فى حفر الرمال وجعلها أكواما تظهر عند التصوير ..
واسأل د.سمير ناشد .. عن إمكانية ضياع هذه الرمال التى توقف ايرادها السنوى ومواجهتها لأمواج الشاطئ المستمرة واستخدام الأهالى لها عن جهل فى البناء ومدى خطورتها عليهم من ذلك ومن الجلوس واللعب بها عند التصييف  ..

وبهدوءه التقليدى يشرح د. سمير .. تفاصيل رده على ذلك والذى عرفت منه :
أن اتجاه حركة أمواج البحر المتوسط عند شواطئ مصر يأتى من الشمال الى الجنوب .. أى فى اتجاه الشواطئ نفسها وهو مايدفع الرمال الى البقاء على الشاطئ وليس العكس ..

أما استخدام هذه الرمال فى صناعة الطوب المستخدم فى البناء .. والذى اشيع انه قد يعرض الناس للاشعاع المستمر فى المبانى المغلقة مما يمثل خطرا كبيرا عليهم فى المستقبل وهو ما تم إبلاغ السلطات المحلية به .. فقد اوضحت الدراسات الدقيقة أن مصانع الطوب فى رشيد تستخدم رمالا ضعيفة للغاية من ناحية الاشعاع ولاتمثل خطورة على السكان ..

أما استخدام هذه الرمال فى اللعب والجلوس عليها عند التصنيف خلال أشهر الصيف فهو أمر ليس بالخطورة بحكم المكان المفتوح للهواء والبحر مما يقلل من أثر هذا الاشعاع ..

وعموما فانه بتنفيذ مشروع استغلال معادن هذه الرمال سيتم تخليص المنطقة من الكثير من مخاطرها ..

ويوضح لى د. ناشد على الطبيعة كيفية تنفيذ مشروع استغلال الرمال السوداء والذى يتم بواسطة حفارات خاصة توضع على عوامة فى بحيرة صناعية تنفيذ على الشاطئ .. ويقوم الحفار بسحب الرمال المخلوطة بمياه البحر لتمر على مرشحات خاصة تفصل الرمال بأحجامها المطلوبة  وتترك الركام غير الاقتصادى .. والذى يردم به فى نفس وقت التشغيل المناطق التى تم حفرها للعمل  وينقل الخام بعد غربلته الى المصنع الذى سيقام  فى مدينة رشيد وذلك بواسطة الصنادل النيلية والسيارات ..

ويضيف دكتور د. سمير ناشد .. أن هذه الرمال ستعطى عددا من المعادن الهامة التى تدر عائدا اقتصاديا من العملات الحرة , إذا ماتم استغلال الخام بصورة مثلى طاقتها السنوية 7 ملايين متر مكعب .. لتسمح بسحب كمية الخام على مدى 30 عاما قادمة لاستخلاص هذه المعادن ويتم تقدير سعرها بالنسبة للطن الواحد وهى:
< 15 ألف طن زير كون بسعر 115 دولار..
< 5 آلف طن روتيل بسعر 430 دولار..
< 30 ألف طن ماجنيت بسعر 20 دولار..
< 50 ألف طن المنيت بسعر 13 دولار ..
< 3 آلف طن سونازيت بسعر 525 دولار ..
< 5 آلف طن جارنت بسعر 125 دولار..

وتقدر تكاليف الانتاج فى المشروع  7.5 فى المائة من رأس المال بطاقة تشغيل قدرها ألف متر مكعب فى الساعة.. وهو الحد الادنى الاقتصادى للمشروع.. والذى يعطى عائدا قدره (0.65) من الدولار من راس المال .. وسوف يتم تغطية رأس مال المشروع فى  خمس سنوات ويعطى تسويق جميع المنتجات عائدا سنويا قدره (23.5) فى المائة من رأس المال ..

ويتم العمل  بنظام وحدات العمل المتواصلة التى تعمل على مدى 24 ساعة يوميا .. ومع بدايات (غشبة) نهايان العصارى كنا نسرع عائدين من الشاطئ الى مقر البعثة نتحلق حول صينية البطاطس الشهيرة نتلقف أكواب الشاى المقدسة الاجبارية .. نهرع الى الطريق .. نبدا العودة الشاقة .. نسعى الى بيوتنا .. وحتى ساعات الفجر الجديد
1984