وجع قلب

الكادر المفقود

هبة عمر
هبة عمر

حاول أن تلتقط صورة لبعض الشوارع فى مصر لتكتشف على الفور أن «الكادر» مزعج ومخالف لكل المواصفات التى وضعها المتخصصون، وأن المشهد البصرى مفقود بالكامل، بعد أن سرت حمى الإعلانات الضخمة بعرض الشارع، والتى توضع بلا تمييز فى مناطق حيوية مزدحمة سواء فى المدن القديمة أو الجديدة، رغم أنها لا تجوز إلا فى الطرق الخلوية السريعة، ولأن الغاية تبرر الوسيلة والغاية غالبا هى استثمار أى مكان لتحصيل أموال، فلا يهتم أحد بمراجعة قانون ولا مواصفات، ولا استشارة مهندس معمارى متخصص، ولا دراسة تأثير وضع هذه الإعلانات المضيئة الضخمة على شكل الشارع وهويته ولا خطورتها على سائقى السيارات، والأهم خطورة تعرضها للسقوط،فى هذه المناطق المزدحمة، بفعل الرياح مثلا.

ويخضع تخطيط الشارع نفسه فى أماكن كثيرة لتغيير وتبديل مستمر، فيتم غلق أماكن عبور المشاه وأماكن دوران السيارات للخلف عشوائيا والاستعانة بحواجز متحركة، وهدم أرصفة وتغيير ارتفاعات أرصفة أخرى يعجز الناس عن تسلقها عند العبور بين جانبى الشارع، بخلاف الصعوبة الشديدة فى عبور الشوارع الجديدة التى تم تطويرها، وزرع أكشاك فى كل مكان بلا تخطيط، والإنسان يتأثر بما حوله دون أن يشعر، فإذا اتسمت البيئة التى يعيش فيها بالنظام والنظافة والجمال انعكست على صحته وسلوكه، والعكس صحيح أيضا، فلماذا نتجاهل علم العمارة فى معالجة كل هذه الفوضى، خاصة أن جوهر هذا العلم هو دراسة المقاييس والنسب وتأثيرها على سلوك الإنسان وإسلوب تعامله مع البيئة المحيطة وتنظيم هذا السلوك؟ ولماذا يتم تنحية كل ما وضعناه من أسس ومفاهيم وقوانين ونظم لتحديد شكل الشوارع ووظيفتها وهويتها من أجل فرض هذه الفوضى ولو كانت تحقق أرباحا؟

الشارع حق للناس جميعا ومايتعرض له من سوء تنظيم وتخطيط يسلبهم هذا الحق.