منذ قديم الأزل وفي العصور الغابرة، كانت الأساطير والخرافات هي العامل الملهم والجاذب دومًا لكافة أطياف البشر، فكانت الطرافة والأعاجيب في الحكي والتقديم هي من أهم الركائز التي دفعت لإنشاء عالم الميثولوجيا، والتي بدات في مصر القديمة وتناقلتها الحضارات الآشورية والبابلية والفينيقية والإغريقية وكذلك الفايكنج والأنكا، لتصبح كافة الظواهر غير المفهومة في المجتمع لها سبب خرافي!!
لكن لا يمكننا أن ننكر أن الإستثمار في الخرافات الإغريقية قد ولد حكايات أكثر تشويقًا من ناحية النصوص الشعرية والمسرحية التي خرجت لنا مثل الأوديسيا والإلياذة، والتي تحولتا لتراثٍ إنساني عظيم استلهمها كُتاب المسرح مثل سوفوكليس وأسخيلوس وهوميروس، والذين خرجت أعمالهم لتغزوا الفكر الإنساني، وبطبيعة الحال تم أخذ تلك الأعمال الكلاسيكية لمرحلة التطوير في الفن السابع على وجه الخصوص!!
فانتشرت فكرة تقديم المسرحيات الإغريقية على الشاشة الفضية، فظهرت لنا روائع كلاسيكية لا تنسى مثل فيلم Ulysses المنتج في 1954 من بطولة كيرك دوجلاس، وHelen of Troy المنتج في 1956، وكذلك حينما قام بطل كمال الأجسام ستيف ريفيز ببطولة فيلم Hercules المُنتج في 1958، وأيضًا فيلم jason and the argonauts المنتج في 1963، لينبهر الجمهور بتلك النوعية من الأعمال البطولية والملحمية العملاقة والتي ترضي الوجدان التراثي للمشاهد في أوروبا وأمريكا.
لكن .. ورغم تطور أفلام الأكشن والدراما إلا أن السينما قد دأبت على تقديم الجانب الخاص بتلك الفئة من الأفلام، التي سرعان ما عادتلتتواجد بقوة في فيلم clash of the titans المنتج في العام 1981، والذي أعيد انتاجه في العام 2012 بتقنية 3D!!
والفكرة في حب الناس لتلك النوعية من الدراما تتلخص في المقومات الجميلة التي تعتمد على صراع الإنسان مع الآلهة، وكذلك تحديه للطبيعة في سبيل الوصول للمآرب، مثل قلب المحبوبة أو تحقيق الطموح أو الحلم أو رفع لعنة من خلال رحلة أسطورية نحو المجهول، والمهالك تحيط به من كل جانب لكن عون الآلهة مع ضربات من الشجاعة مصحوبةبالسحر والخرافة قد تحول الرحلة من رحلة عبثية لرحلة ذات مرجعية ذات قيم إنسانية عظيمة، بل وعودة البطل منها غانمًا دومًا يُعد هو المكافأة التي ينتظرها المشاهدين، ليحتضن حبيبته الحسناء ذات الغلالات الشفافة ليعيشا سويًا في سلام!!
وربما هذه المحكيات قد تكون هي بارقة تفاؤل للمشاهد الغربي الذي طحنته الحياة الجافة القاسية للغرب بحالٍ يجعل الجماهير تتهافت على شبابيك التذاكر فقط لتنال بعضًا من الرفاهية التي تهرب بهم من واقعهم الجاف، في رحلة سياحية خيالية، ربما تجعلهم قادرين على تقبل مصاعب العمل ومتطلبات المعيشة المادية القاسية، لتبقى الحكاية والتراجيديا هي الملهم الدائم للجماهير التي تدفع المال من أجل لحظات من الميثولوجيا!!