الميثولوجيا !

هيثم مصطفي
هيثم مصطفي

منذ‭ ‬قديم‭ ‬الأزل‭ ‬وفي‭ ‬العصور‭ ‬الغابرة،‭ ‬كانت‭ ‬الأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬هي‭ ‬العامل‭ ‬الملهم‭ ‬والجاذب‭ ‬دومًا‭ ‬لكافة‭ ‬أطياف‭ ‬البشر،‭ ‬فكانت‭ ‬الطرافة‭ ‬والأعاجيب‭ ‬في‭ ‬الحكي‭ ‬والتقديم‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الركائز‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬لإنشاء‭ ‬عالم‭ ‬الميثولوجيا،‭ ‬والتي‭ ‬بدات‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬القديمة‭ ‬وتناقلتها‭ ‬الحضارات‭ ‬الآشورية‭ ‬والبابلية‭ ‬والفينيقية‭ ‬والإغريقية‭ ‬وكذلك‭ ‬الفايكنج‭ ‬والأنكا،‭ ‬لتصبح‭ ‬كافة‭ ‬الظواهر‭ ‬غير‭ ‬المفهومة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬لها‭ ‬سبب‭ ‬خرافي‭!!‬

لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أن‭ ‬الإستثمار‭ ‬في‭ ‬الخرافات‭ ‬الإغريقية‭ ‬قد‭ ‬ولد‭ ‬حكايات‭ ‬أكثر‭ ‬تشويقًا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬النصوص‭ ‬الشعرية‭ ‬والمسرحية‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬لنا‭ ‬مثل‭ ‬الأوديسيا‭ ‬والإلياذة،‭ ‬والتي‭ ‬تحولتا‭ ‬لتراثٍ‭ ‬إنساني‭ ‬عظيم‭ ‬استلهمها‭ ‬كُتاب‭ ‬المسرح‭ ‬مثل‭ ‬سوفوكليس‭ ‬وأسخيلوس‭ ‬وهوميروس،‭ ‬والذين‭ ‬خرجت‭ ‬أعمالهم‭ ‬لتغزوا‭ ‬الفكر‭ ‬الإنساني،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬تم‭ ‬أخذ‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬لمرحلة‭ ‬التطوير‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬السابع‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭!!‬

فانتشرت‭ ‬فكرة‭ ‬تقديم‭ ‬المسرحيات‭ ‬الإغريقية‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬الفضية،‭ ‬فظهرت‭ ‬لنا‭ ‬روائع‭ ‬كلاسيكية‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬مثل‭ ‬فيلم‭ ‬Ulysses‭ ‬المنتج‭ ‬في‭ ‬1954‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬كيرك‭ ‬دوجلاس،‭ ‬وHelen of Troy‭ ‬المنتج‭ ‬في‭ ‬1956،‭ ‬وكذلك‭ ‬حينما‭ ‬قام‭ ‬بطل‭ ‬كمال‭ ‬الأجسام‭ ‬ستيف‭ ‬ريفيز‭ ‬ببطولة‭ ‬فيلم‭ ‬Hercules‭ ‬المُنتج‭ ‬في‭ ‬1958،‭ ‬وأيضًا‭ ‬فيلم‭ ‬jason and the argonauts‭ ‬المنتج‭ ‬في‭ ‬1963،‭ ‬لينبهر‭ ‬الجمهور‭ ‬بتلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬البطولية‭ ‬والملحمية‭ ‬العملاقة‭ ‬والتي‭ ‬ترضي‭ ‬الوجدان‭ ‬التراثي‭ ‬للمشاهد‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭.‬

لكن‭ .. ‬ورغم‭ ‬تطور‭ ‬أفلام‭ ‬الأكشن‭ ‬والدراما‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬قد‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الجانب‭ ‬الخاص‭ ‬بتلك‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬الأفلام،‭ ‬التي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬عادتلتتواجد‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬clash of the titans‭ ‬المنتج‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1981،‭ ‬والذي‭ ‬أعيد‭ ‬انتاجه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2012‭ ‬بتقنية‭ ‬3D‭!!‬

والفكرة‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الناس‭ ‬لتلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الدراما‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬المقومات‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬صراع‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬الآلهة،‭ ‬وكذلك‭ ‬تحديه‭ ‬للطبيعة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوصول‭ ‬للمآرب،‭ ‬مثل‭ ‬قلب‭ ‬المحبوبة‭ ‬أو‭ ‬تحقيق‭ ‬الطموح‭ ‬أو‭ ‬الحلم‭ ‬أو‭ ‬رفع‭ ‬لعنة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رحلة‭ ‬أسطورية‭ ‬نحو‭ ‬المجهول،‭ ‬والمهالك‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب‭ ‬لكن‭ ‬عون‭ ‬الآلهة‭ ‬مع‭ ‬ضربات‭ ‬من‭ ‬الشجاعة‭ ‬مصحوبةبالسحر‭ ‬والخرافة‭ ‬قد‭ ‬تحول‭ ‬الرحلة‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬عبثية‭ ‬لرحلة‭ ‬ذات‭ ‬مرجعية‭ ‬ذات‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬عظيمة،‭ ‬بل‭ ‬وعودة‭ ‬البطل‭ ‬منها‭ ‬غانمًا‭ ‬دومًا‭ ‬يُعد‭ ‬هو‭ ‬المكافأة‭ ‬التي‭ ‬ينتظرها‭ ‬المشاهدين،‭ ‬ليحتضن‭ ‬حبيبته‭ ‬الحسناء‭ ‬ذات‭ ‬الغلالات‭ ‬الشفافة‭ ‬ليعيشا‭ ‬سويًا‭ ‬في‭ ‬سلام‭!!‬

وربما‭ ‬هذه‭ ‬المحكيات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬بارقة‭ ‬تفاؤل‭ ‬للمشاهد‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬طحنته‭ ‬الحياة‭ ‬الجافة‭ ‬القاسية‭ ‬للغرب‭ ‬بحالٍ‭ ‬يجعل‭ ‬الجماهير‭ ‬تتهافت‭ ‬على‭ ‬شبابيك‭ ‬التذاكر‭ ‬فقط‭ ‬لتنال‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬الرفاهية‭ ‬التي‭ ‬تهرب‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬واقعهم‭ ‬الجاف،‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬سياحية‭ ‬خيالية،‭ ‬ربما‭ ‬تجعلهم‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تقبل‭ ‬مصاعب‭ ‬العمل‭ ‬ومتطلبات‭ ‬المعيشة‭ ‬المادية‭ ‬القاسية،‭ ‬لتبقى‭ ‬الحكاية‭ ‬والتراجيديا‭ ‬هي‭ ‬الملهم‭ ‬الدائم‭ ‬للجماهير‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬الميثولوجيا‭!!‬