مصطفى الفقي يلقي ندوة بمعرض الرياض الدولي للكتاب 

مصطفي الفقي
مصطفي الفقي

ألقى الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية السابق ندوة بمعرض الرياض الدولي للكتاب، حيث بدأ الدكتور مصطفى الفقي حديثه بالشكر للمملكة العربية السعودية، وجاء نص الكلمة للدكتور مصطفى الفقي، تحية للمملكة العربية السعودية التي يعتز بها المصريون ويعتبرونها وطنًا ثانيًا وتربطهم بها روابط وثيقة للغاية، تاريخية وجغرافية وروحية فضلًا عن المصالح المشتركة والتنسيق الدائم.

كما وجه التحية لمعرض الرياض والقائمين عليه وشكرًا خاصًا للدكتور محمد حسن علوان مع التعبير عن السعادة بأن يكون محاوري الليلة هو الكاتب عضوان الأحمري.

يمر العالم بمرحلة غير مسبوقة من الصراع السياسي والتنافس الاقتصادي مع مجموعة من المخاوف المتصلة بتغير المناخ ونقص الطاقة وندرة المياه فضلًا عن الشعور العميق باحتمالات التفسير التآمري للتاريخ الذي يجعل هناك من يبحث عن تحجيم عدد سكان الكوكب وتخفيضه إلى ما دون النصف مروجين في ذلك لبعض الأطروحات الوافدة على العقل البشري من طراز المثلية وغيرها من العوارض التي يجري التبشير بها بشدة فكريًا وثقافيًا وإعلاميًا.

وأضاف الدكتور مصطفى الفقي: "ميلاد الوعي العربي الجديد وانطلاق روح التجديد فكريًا وثقافيًا وأخلاقيًا ومحاولة التواكب مع روح العصر وتبني المناهج الحديثة في التفكير والثورة المحتملة في التعليم ودخول التكنولوجيا الحديثة وروافدها وفي مقدمتها علوم الذكاء الاصطناعي في تشكيل عقل الأجيال الجديدة وما يتمتعون به من رؤية مختلفة وبصيرة واعية تقدم المصلحة المباشرة على غيرها من أدبيات الأجيال القديمة".

وأضاف: "أحيي شخصيًا التجربة السعودية في السنوات الأخيرة والتي انعكست إيجابيًا لا على المملكة وحدها ولكن على أقطار العالمين العربي والإسلامي أيضًا بشكل ملحوظ ومحاولة الخروج من شرنقة القرون الماضية إلى الانفتاح على علوم العصر ومنابع المعرفة التي تتجدد كل يوم، ولقد أدهشني كثيرًا ما لمسته من روح الشباب السعودي خلال الساعات التي قضيتها في اليومين الماضيين على نحو يؤكد تجاوب الشعب مع التوجهات العصرية لقيادته الرشيدة".

وقال الدكتور مصطفى الفقي: "إنني قادم من مصر بلدكم الثاني ملهم الحضارات وبوتقة الثقافات وإيقونة التاريخ الذي ترتبط مع بلدكم منذ فجر التاريخ، فالأثريون يتحدثون الآن عن قطع أثرية من حضارات المملكة وحضارات مصر يجري اكتشافها لدى كل طرف من بين رموز الطرف الآخر، وهو ما يعني أن العلاقات الوثيقة بين الجزيرة العربية ومصر هي أمر أسهب فيه الكتاب وتداوله المفكرون وعكف عليه المؤرخون ولكن الأمر الذي لا جدال فيه هو أن الارتباط بيننا على ضفتي البحر الأحمر هو حقيقة تاريخية عززها الإسلام ورعتها العروبة وحافظت عليها المصالح المشتركة، ويكفي أن نعلم أن ما يزيد عن سبعين بالمائة من جوازات السفر المصرية تصدر بمناسبة الحج والعمرة لشعب الكنانة المتدين بطبيعته المؤمن بفطرته".

كما أكد الدكتور مصطفى الفقي: "إن التوجهات الجديدة في المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية لإعلاء المصالح الوطنية على الاعتبارات البديلة وإعمال مبادئ الندية في التعامل مع الآخر والخروج من شرنقة إرضاء الغير على حساب مصالحنا الوطنية أو نتيجة حسابات مرتعشة في إطار العلاقات الدولية.. كل هذه الأمور قد مضت لتبقى في ذمة التاريخ وأصبح علينا أن نفكر بأسلوب عصري يجعل للمصالح الاقتصادية اليد العليا ويحدث توازنًا بين الأمن والحرية، بين الاستقرار والديمقراطية، بين الفرد والجماعة مؤمنين بحقوق الإنسان كما نعرفها مؤكدين بأنها جزء من الثقافة المرتبطة بكل قومية ومن العبث الحديث عن أفكار معلبة حول هذا الموضوع الذي لا يخلو من حساسية واضعين في الاعتبار نسبية قضايا حقوق الإنسان وارتباطها بالقيم السائدة والتقاليد الموروثة والأفكار المتجذرة.. مرحبًا بحقوق الإنسان ورعايتها واحترامها شريطة سقوط المعايير البالية التي تعتمد على سياسة ازدواج المعايير والكيل بمكيالين التي عانينا منها طويلًا والتي دفع العرب عمومًا والفلسطينيون خصوصًا ثمنًا غاليًا لها، وحين يتعامل العالم مع ما يطلقون عليه الإسلاموفوبيا بنفس الدرجة التي يتعاملون بها مع تهمة العداء للسامية نشعر وقتها أن العدل والمساواة يعودان إلى عالم غابت عنه لعقود طويلة".

"دعونا نفكر ونتحاور في أمسية (الرياض) عاصمة الملك الموحد "عبد العزيز الكبير" الذي كان صاحب رؤية مذهلة ويكفي أن نتذكر فيها استشرافه لمستقبل القضية الفلسطينية وتشابك الصراعات في المنطقة أثناء لقاءاته برئيس الولايات المتحدة الأمريكية أو رئيس الوزراء البريطاني والتي بدا فيها سابقًا لعصره، صاحب رؤية حكيمة برزت على السطح منذ ثلاثينيات القرن الماضي".

"دعونا نتحاور بصراحة وشفافية وموضوعية لأنه لا يصح إلا الصحيح وأنا أقف أمامكم الآن على أرضية مشتركة بين ما هو نخبوي وما هو شعبوي وهو في كل الأحوال قومي بالدرجة الأولى يعطي الأمة مكانتها، ووطني يعطي لكل دولة حريتها ويحترم سيادتها".