خبراء الإعلام: برامج الطفل .. أفضل استثمار

برنامج عرائس يحيى وكنوز
برنامج عرائس يحيى وكنوز

رضوى خليل

بدأت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تنفيذ خريطة برامجية جديدة في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر، وهي تخصيص فترات مفتوحة للأطفال في القنوات التابعة لها، وتتضمن كارتون وبرامج أطفال منها برنامج رحلة سعيدة تقديم زهرة رامي والكاتبة سماح أبو بكر عزت والطفلة كندة، بالإضافة إلى عرائس يحيى وكنوز على قناة “CBC” والتليفزيون المصري، وبرنامج أطفال الحياة الذي تقدمه سلمى صباحي على شاشة الحياة.

كما أطلقت أكبر شركة إنتاج متخصصة في محتوى الطفل بكافة مستوياته، تحت اسم نبتة، والتي ستبدأ بـ7 أعمال كبرى، سواء برامجية أو كارتونية أو عرائس أو مسابقات.. كما قررت تخصيص فقرات في البرامج الدينية للأطفال، وذلك لتعاليم الدين الصحيح وقيم التسامح والمحبة وتعليم الأطفال، وتخصيص فقرات في برامج التوك شو يومي الجمعة والسبت للأطفال.. في السطور التالية نستعرض مع خبراء الإعلام أثر تلك الخطة على الطفل المصري.. 

“الفكرة مطلوبة إذا أخذنا في الاعتبار أن الطفل المصري يمثل عنصراً غائباً على خريطة المحتوى الإعلامي المصري”، هكذا بدأ د. محمود خليل، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، حديثه عن أهمية خطة “المتحدة” الموجهة للطفل المصري، مضيفاً: “لا يوجد محتوى حقيقي يوجه للطفل في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى البرامج أو سلاسل الكارتون أو دراما الأطفال أو الأغنيات، بالإضافة إلى المحتوى التثقيفي اللازم للمساهمة في البناء المعرفي للطفل، وهو الأمر الذي جعل الطفل المصري يلجأ إلى مصادر إعلامية أجنبية أحياناً ما تقدم محتوى يتناقض مع عناصر الهوية المحلية وقيم المجتمع المصري، ومن المهم جداً أن تفرق الخريطة البرامجية المنتظرة بين الأطفال في المراحل العمرية المختلفة، فما يناسب الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة لا يناسبه في مراحل أخرى حتى بداية المراهقة”.  

ويستكمل د. خليل حديثه قائلا: “من الضروري أيضاً الاهتمام بتقديم محتوى إعلامي قادر على المنافسة، وذلك في ظل تعدد المنصات الإعلامية التي تزود أطفال اليوم بالمواد الإعلامية، وإعتمداها على أكثر أدوات الإنتاج تقدماً، كما يجب أن تخرج الخريطة البرامجية من عباءة وسائل الإعلام التقليدي، فلا تكتفي بإعداد وتقديم المحتوى على القنوات التليفزيونية التقليدية، بل لابد أن تتواجد على المنصات، خصوصاً منصة (Watch It)، والأهم أن تتواجد على منصات التواصل الاجتماعي، وأن تأخذ في الاعتبار أن (الميتافيرس) ستشكل أداة أساسية من أدوات إعلام المستقبل، خصوصاً إعلام الطفل، ولابد من الإعداد للتواجد في عالم (الميتافيرس) من الآن، وأتعشم أن يوازن المحتوى بين الوظائف التي يجب أن يؤديها الإعلام في حياة الطفل، فلا يكتفي بالقيام بوظيفة التسلية والترفيه بل يتجاوزها إلى وظائف أخرى يقدم عبرها الخدمة الإخبارية والتربية القيمية والتعليمية ورفع المستوى الثقافي، وربط الطفل بمعايير وعناصر الثقافة المحلية، وأن يشكل حلقة وصل بين أطفال مصر، وعدم الاكتفاء بالتركيز على أطفال العاصمة، بل لابد أن يكون جسراً وأداة لتعريف طفل العاصمة بالطفل النوبي والسيناوي والصعيدي والعكس”. 

أخطر مبادرة

من جانبه أختصر د. سامي عبدالعزيز، الخبير الإعلامي وعميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقًا، رأيه في كلمات بسيطة، حيث قال: “من أخطر وأهم المبادرات التي ستجني حصادها وعيًا وفهمًا ووطنية، وتجنب فخ الاغتراب أمام القيم الأجنبية الوافدة، وهذا أفضل استثمار، وأتمنى أن يتم الإنفاق عليه بسخاء”.

 

حق الطفل  

وتقول د. منى الحديدي، الأستاذ بقسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”: “للآسف يفتقر الإعلام المصري منذ سنوات لأعمال توجه للطفل، والتي كان لها دور كبير في السبعينيات والثمانينيات، فمن ينسى (مسرح الطفل) ودوره وتأثيره، لذلك كان لابد من وجود تحرك سريع وخطوة جادة للحفاظ على حقوق الطفل كشريحة مهمة في المجتمع، خاصة بعدما وصل بنا الحال إلى تغيير اسم قناة (الأسرة والطفل) إلى قناة (العائلة)، لذلك كل التحية لـ(الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية) على هذه الخطوة، التي تعد نداء ومطلب للكثير من الإعلاميين والمثقفين والمفكرين والقائمين على تنشئة الطفل، فهناك ما يسمى بحقوق الاتصال، وهذا أقل حق للطفل” .

وتضيف الحديدي: “ما أعلنت عنه (الشركة المتحدة) من خريطة برامجية متكاملة للأطفال، يتفق مع سياسية الدولة حاليا بعد الاهتمام بالطفولة والشباب.. فلماذا نهتم بالشباب ونترك الأطفال وهم المستقبل؟، فالاهتمام بالمواطن المصري من ميلاده تفكير إيجابي، وهذا ما تحرص عليه الدولة، وأتمنى تنفيذ هذه الخريطة ليكون لدينا منتج موجه للطفل يلبي احتياجاته ورغباته من ترفيه وتعبير عن الرأي، لكن أتمنى أيضا أن يكون لدينا إعلام موجه للأباء والأمهات الشباب، لأن من المهم التفرقة بين الإعلام الموجه للأطفال والإعلام الذي يتحدث عن الطفل”.

تصحر معرفي

وأخيرا يقول د. فتحي شمس الدين، أستاذ الإذاعة والتليفزيون وخبير الإعلام الرقمي: “مصر كانت تعاني في فترة من الفترات من وجود أزمة ثقافية كبيرة نتيجة (التصحر المعرفي) الذي كان موجود بسبب تعمد أنظمة سابقة عدم الإهتمام بالملف الثقافي لكي يظل الوضع السياسي القائم وقتها كما هو، لكن مع عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي حدثث نهضة كبيرة على مستوى المشروعات القومية والتنموية، وبدء يعيد تشكيل هوية الإنسان المصري مرة أخرى، من خلال الاهتمام بعدد من الملفات والقضايا مثل الاهتمام بعام الشاب، وإطلاقه للبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، وعام المرأة، وأعوام أخرى كانت تهتم بقضايا اجتماعية كبيرة ترافقت مع النهضة العمرانية، لكن في الممارسات الدولية يجب أن تبدأ النهضة من الأطفال، ونحن لاحظنا مع زيادة شبكات التواصل الاجتماعي والبيئة الرقمية بشكل عام دخلت مجموعة من القيم والعادات الغير سليمة ولا اللائقة بالمجتمع المصري، وتطلب هذا وجود خطة لإعداد أجيال قادرة على التعامل مع المستقبل، وأن يتم غرز العادات والقيم والتقاليد المجتمعية السليمة للدولة المصرية فيهم، وهذا لا يتحقق إلا من بتأسيس الأطفال بشكل جيد، خاصة أننا نعاني من وجود أجيال لديها مشاكل ثقافية، والحقيقة أن (الشركة المتحدة) تقوم بأدوار كبيرة في المجتمع تدل أنها تملك استراتيجية إعلامية متميزة لإعادة مصر إلى ريادتها الإعلامية، أي إعادة القوى الناعمة لمصر، وبالتالي فأن إطلاق خريطة كاملة من برامج ونشرات وأغنيات ومسابقات للأطفال سيؤثر إيجابا على التماسك المجتمعي، وسيؤدي لإنتاج جيل قادر على التعامل مع منجزات وتحديات العصر الجديد، ويرافق الثورة العمرانية التي تحدث، ليكون استثمار بشري يوازي الاستثمار في البنية التحتية”. 

أقرأ أيضأ : تحت شعار عاصمة الخبر «القاهرة الإخبارية» تستعد للانطلاق