تفجيرات «السيل الشمالى» توسع الصراع.. والمنفذ «شبح» فى بحر البلطيق

خط أنابيب السيل الشمالى فى مياه بحر البلطيق
خط أنابيب السيل الشمالى فى مياه بحر البلطيق

مرحلة فارقة فى الصراع الجارى فى أوكرانيا تؤكد خروجه عن حدوده الجغرافية ليشمل أطرافا أخرى حول العالم.

عملية معقدة نُسبت إلى قوى عظمى استخدمت خلالها أسلحة شديدة الدقة على عمق 70 مترًا تحت سطح الماء، وتحديدًا فى المياه الدولية قبالة جزيرة بورنهولم الدنماركية فى بحر البلطيق، لإحداث تخريبات فى خطى أنابيب الغاز السيل الشمالى «نورد ستريم 1» و»نورد ستريم 2» الرابطان بين روسيا وألمانيا.

وعلى الفور، بدأ البحث عن هوية منفذ المهمة ومن يمتلك القدرات العسكرية والتقنيات لإحداث عدة تسريبات متزامنة فى خطى الغاز فى منطقة وصفها محللون بأنها واحدة من أكثر المناطق الخاضعة للمراقبة الشديدة فى العالم.

وأظهر تقرير دنماركى سويدى أن التسريبات نتجت عن انفجارات تحت الماء تعادل فى نطاقها استخدام مئات الكيلوجرامات من المتفجرات.  

ولم تنضم أوروبا إلى الأطراف الموجهة اتهامها لروسيا وأكدت أنها تنتظر نتيجة التحقيقات، وذلك فى وقت تبادلت فيه موسكو وواشنطن الاتهامات بالمسئولية.. فقبل أسابيع قليلة من بدء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، تعهد الرئيس الأمريكى جو بايدن، بأنه «إذا غزت روسيا أوكرانيا..أعدكم بأننا سنضع حدًا» لخط أنابيب نورد ستريم ،  والتقطت موسكو تصريح بايدن حينها واحتفظت به لتستخدمه فى التلميح إلى تورط واشنطن فى الحادث وتطالب بايدن بالكشف عما إذا كان «وعد فأوفى»،  وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن بايدن ملزم بالإجابة عما إذا كانت الولايات المتحدة نفذت تهديدها». 

وكان الكرملين قد اعتبر أن أكبر المستفيدين من تعطل خطى الأنابيب «السيل الشمالى 1 و 2» هى الولايات المتحدة التى تبيع غازا مسالا بسعر باهظ فى أوروبا،  وفى وقت سابق، اتهم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين «الأنجلوساكسون» بالوقوف وراء التفجيرات وقال: «العقوبات (التى فرضوها على روسيا) ليست كافية للأنجلوساكسون، لذا تحولوا إلى التخريب، فى الواقع، بدأوا فى تدمير البنية التحتية لعموم أوروبا»..

كما أثار رادوسلاف سيكورسكي، وزير خارجية بولندا، الجدل حول تورط واشنطن فى الحادث، وذلك بعدما نشر تغريدة قال فيها «شكرا أمريكا»..

وأعرب الإعلامى الأمريكى تاكر كارلسون، فى برنامجه على «فوكس نيوز» عن عدم اعتقاده فى مسئولية روسيا عن التسريبات،  وأشار إلى أن بوتين ليس «معتوهـًا» ليفجر خط أنابيب الطاقة الروسية باعتبارها المصدر الرئيسى لقوته ونفوذه.

وتمتد خطوط أنابيب «السيل الشمالي» من روسيا إلى ألمانيا عبر قاع بحر البلطيق، وتمر بالمياه الاقتصادية للدنمارك وفنلندا والسويد،  ووقعت الأعطال بالقرب من جزيرة بورنهولم الدنماركية.

وفى إطار التلميح لدور أمريكي، لفتت تقارير روسية إلى إجراء البحرية الأمريكية فى يونيو الماضى مناورات عسكرية فى الدنمارك ركزت على التعامل مع الألغام، بما فى ذلك بمساعدة المركبات غير المأهولة تحت الماء، وذلك حيث تمر الأنابيب.

وفى المقابل، فإن فرضية تورط روسيا فى تخريب خطوط الغاز التى تعد شريان الحياة لأوروبا واقتصادها، قد استبعدها تحليل بصحيفة «تليجراف» البريطانية،  وأوضح التحليل أن دخول غواصة نووية خفية إلى بحر البلطيق على عمق 70 مترًا يعد مهمة صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة.

 وأشار إلى أن مزيج المياه العذبة والمالحة سيجعل من الصعب على الغواصة الحفاظ على الطفو المناسب لمثل هذه المهمة.

 كما أن منطقة البلطيق ليست المكان المناسب لنشر غواصات لوشاريك فى المياه العميقة، والتى يمكن أن ينشرها الروس لقطع كابلات الاتصالات التى تمتد فى أعماق المحيط الأطلنطي، حيث يبلغ متوسط عمق المياه أكثر من 3500 متر..

وقد سارع المسئولون الغربيون إلى التأكيد على أن الانفجارات يبدو أنها أثرت على الأصول المملوكة لروسيا،  وخط أنابيب السيل الشمالى 1 بين روسيا وألمانيا مملوك بنسبة 51٪ لشركة جازبروم، عملاق الطاقة الروسى ومقره سانت بطرسبرج، فى حين أن الخط الثانى مملوك لشركة سويسرية تابعة لنفس الشركة.

ورغم هذه الفرضيات التى يحاول فيها كل طرف إلقاء اللوم على الطرف الآخر، إلا أنه لم يتم اتهام أى دولة بشكل مباشر عن تورطها فى الحادث،  وفى حال لم تتوصل أى تحقيقات بشأن الحادث، إلى عدم ضلوع روسيا فى الهجوم، فإن ذلك يعزز احتمالية تورط أمريكا ،  وقد يؤدى ذلك إلى توتر العلاقات بين واشنطن وأوروبا التى ينتظرها شتاء صعباً بسبب نقص إمدادات الطاقة.

إقرأ أيضاً|بيونج يانج تدافع عن تجاربها الصاروخية