عاجل

2021 العام الأكثر دموية.. و400 مليون قطعة سلاح في يد الأمريكيين

«شيكاغو» مدينة الدماء.. مقتل مصري علي يد مسلح من أجل سرقة ساعته

المجني عليه
المجني عليه

كتبت: سلمى الأمين

“..مدينة الموت والدماء»هكذا اشتهرت مدينة شيكاغو إحدى أشهر المدن الأمريكية التي تأتي في صدارة المدن غير الآمنة على مستوى العالم.. ومابين حوادث السطو المسلح والقتل وإطلاق النار يقع الآلاف ضحايا لعصابات الجريمة المنظمة.. وكان عام 2021 هو العام الأكثر دموية في مدينة شيكاغو الأمريكية منذ 25 عامًا، حيث وقع ما يقرب من 800 جريمة قتل وأكثر من 3500 حادث إطلاق نار، ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية، سجلت شيكاغو 797 جريمة قتل في عام 2021، وهو أكبر عدد في المدينة منذ عام 1996، وكان عدد القتلى في عام 2021 أعلى بـ 25 ضحية من عام 2020 و 299 ضحية أعلى من عام 2019. وشهدت عمليات إطلاق النار أيضا ارتفاعًا كبيرًا في عام 2021، حيث سجلت شيكاغو 3561 حادثة، أكثر من 300 حالة عن العام السابق، وتم إطلاق النار على 75 من ضباط شرطة شيكاغو أو إطلاق النار عليهم أثناء تأدية واجبهم. وشهدت المدينة جرائم قتل في عام 2021 أكثر من أي مدينة أخرى في الولايات المتحدة، بما في ذلك نيويورك ولوس أنجلوس وقتل غالبية الضحايا بالرصاص وسط حرب العصابات.

تمثل الولايات المتحدة 4 %من سكان العالم، لكنها تمتلك أكثر من 400 مليون قطعة سلاح، أي نحو 46 % من إجمالي عدد الأسلحة النارية الخاصة في العالم، ويعتبر عنف السلاح مرضًا مزمنًُا في المجتمع الأمريكي، وهو نتيجة لتدهور الأمن العام، واشتداد الصراعات العرقية، والعنف في تطبيق القانون فأرقام الضحايا صادمة، ولذلك تنتشر مقولة، إنه من السهل شراء سلاح  أكثر من شراء الغذاء في الولايات المتحدة.

ساعة يد
قبل أيام  لقي مواطن مصري مصرعه نتيجة إصابته بطلق ناري في ولاية شيكاغو بأمريكا وهو ما فتح ملف قضايا اطلاق النار هنا، حيث تعرض «سعيد» المواطن المصري المقيم بولاية شيكاغو لإطلاق النار خلال محاولة لسرقة ساعته «الرولكس» التي يقدر ثمنها بحوالي 50 ألف دولار، مما أدى لوفاته وإصابة عامل في المحل الذي يملكه وجاء ذلك قبل أسبوع واحد من عودته من أمريكا إلى مصر، بعد 25 عامًا قضاها في ولاية شيكاغو الأمريكية، حيث يبلغ من العمر 47 سنة، وهو أب لطفلين ومتزوج من أمريكية، وهو مواليد دمنهور بمحافظة البحيرة.

أشقاء المجني عليه، الذي توفي في ولاية شيكاغو الأمريكية، أكدوا أن شقيقهم اتصل بهم وطلب ألا يخبروا أحدًا أنه سيعود الأسبوع المقبل، لرغبته في أن يجعلها مفاجأة لوالديه، وسألهم عما يريدون من أمريكا فقالوا أنهم له لا يريدون سوى رؤيته.. وهي الأمنية التي لم تتحقق.

زوجة «سعيد» كانت قد طلبت منه عدم الخروج بالساعة، لأن المنطقة التي يعمل بها خطرة، وقد أصيب قبل ذلك برصاصة في قدمه خلال محاولة سرقته بالمنطقة، وعلموا بعد الحادث من صديق المجني عليه أن مسلحًا مرّ عليه الساعة الواحدة ظهرًا في محل الكاوتش الخاص به وسأل عليه، وكان مترصدًا له، ومر عليه مرة أخرى العصر، وطلب منه تسليمه لساعة يده، إلا أن سعيد رفض فهدده بالقتل ولم يعبأ به، وبالفعل قتله وأصاب العامل الذي معه في المحل برصاصة في قدمه.

وأضاف أشقاؤه؛ أن سعيد اتصل بهم، وأخبرهم بعودته، وأن ينتظره أخوه في المطار، وبعد منتصف الليل في نفس الليلة اتصل بهم أحد اصدقائه وأبلغهم أن سعيد توفي نتيجة إطلاق نار عليه من مسلح وأصاب العامل في المحل، لأجل سرقة ساعة تصل قيمتها إلى 50 ألف دولار، وأنه تبعًا لأقوال العامل المصاب فإن سعيد رفض تسليمه الساعة رغم تهديده بالقتل، وكان سعيد يحلم طوال عمره بالسفر لأمريكا، وأخذ كل ما كان يمتلكه أبيه ليحقق حلم طفولته وسافر إلى أمريكا، وعاش بشيكاغو لمدة 25 سنة لم يزر مصر خلالها إلا مرتين.

اقرأ أيضًا

عاصفة قوية وفيضانات واسعة تجتاح ولاية «ألاسكا» الأمريكية

بيع السلاح
حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة تعتبر أحد السمات البارزة للمجتمع الأمريكي باعتبار أن حق حيازة السلاح حرية فردية وميزة للديمقراطية الأمريكية اعتادها الشعب الأمريكي. وقد تسبّب العنف المسلح بألم شديد لأسر الضحايا، إلا أنه لم يزعج السياسيين الأمريكيين  بنفس الدرجة، ويعتبر عنف السلاح مرضًا مزمنًا في المجتمع الأمريكي، وهو نتيجة لتدهور الأمن العام، واشتداد الصراعات العرقية، والعنف في تطبيق القانون فأرقام الضحايا بالولايات المتحدة صادمة. فقد حوّلت عمليات إطلاق النار الجماعية ثقافة السلاح في أمريكا إلى ثقافة قتل، ونشرتـ CNN مؤخرًا عن تقرير رسمي لمكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي، مؤكدة أن معدل جرائم القتل في عام 2020 وصل إلى ما نسبته 6.5 لكل ألف شخص في أمريكا، وبلغة الأرقام كان لدى الولايات المتحدة 390 مليون بندقية متداولة في عام 2018 وفقًا لمسح الأسلحة الصغيرة، فيما يمتلك ثلاثة من كل عشرة بالغين أمريكيين بندقية. وفي محاولة لتسخيف وتسطيح قضية أحداث القتل المتزايدة في أمريكا، وصف منتقدو قوانين السيطرة على انتشار الأسلحة النارية، حوادث إطلاق النار الجماعي بأنها أحد الأعراض وليس المرض، مشيرين إلى أمراض الصحة العقلية باعتبارها السبب الجذري الذي يجب علاجه.

لكن الحقيقة الثابتة هي التي أوضحتها «ناشونال ريفيو» أن معظم علماء علم الاجتماع في أمريكا وجدوا أن قانون منع بيع الأسلحة الفردية، والذي كان جزءًا من قانون التشريع القضائي الذي دعمه الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما كان سيناتور، لم يكن بذي فائدة تذكر على معدل الجريمة في الولايات المتحدة، خلال زمن تطبيقه ما بين العامين 1994- 2004». وهذا معناه أن المشكلة هي في العقلية الإجرامية الأمريكية التي تمسك بالسلاح واعتادت على تداوله.

قواعد حمل السلاح
كما انه خلال شهر يوليو الماضي أقرت نيويورك قانونًا طارئًا يفرض حظرًا على الأسلحة في العديد من الأماكن العامة، وذلك في أعقاب حكم تاريخي للمحكمة العليا والذي ألغى القيود المعمول بها في الولاية على حيازة السلاح

وتتطلب القواعد الجديدة أيضا من مشتري الأسلحة إثبات قدرتهم على استخدام السلاح، وتقديم حسابات بوسائل التواصل الاجتماعي لمراجعتها، ويقول المحللون بتلك القضايا إن القيود الجديدة قد تؤدي إلى طعون جديدة أمام القضاء، ويعد حكم المحكمة العليا، الذي يوسع فعليًا حقوق استخدام السلاح، الأكثر أهمية بخصوص الأسلحة منذ أكثر من عقد.

وهناك نقاش كبير في الولايات المتحدة بشأن حمل السلاح، على وجه الخصوص بين الجمهوريين الذين يفضلون امتلاك السلاح والديمقراطيين الذين يريدون قيودا أكثر صرامة.
وتعمقت الانقسامات السياسية بسبب حادثي إطلاق نار في مدرسة ابتدائية بتكساس، ومتجر في بوفالو، في ولاية نيويورك، وأدى العنف إلى تعاون نادر بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أسفر عن صدور أهم قانون فيدرالي لفرض قيود على حمل السلاح في الولايات المتحدة منذ ما يقرب من 30 عامًا؛ يفرض القانون الجديد قيودًا أكثر صرامة على المشترين الشباب ويشجع الولايات على مصادرة الأسلحة من الأشخاص الذين يشكلون تهديدًا.

وينص قانون نيويورك، الذي بدأ تنفيذه في بداية الشهر الحالي؛ على حظر حمل الأسلحة النارية في «الأماكن الهامة ذات الحساسية»، بما في ذلك ساحة «تايمز سكوير» بمدينة نيويورك، وكذلك المدارس والجامعات والمباني الحكومية وأماكن الاحتجاج العامة ومرافق الرعاية الصحية ودور العبادة والمكتبات والملاعب والمتنزهات والحانات والمسارح والمتاحف ومراكز الاقتراع وصالات القمار.

بالإضافة إلى أنه لن يُسمح  باصطحاب أسلحة إلى أي شركة أو مكان عمل ما لم يضع أصحابها لافتات تشير إلى أن الأسلحة مرحب بها، ويتعين على المتقدمين للحصول على ترخيص بحمل السلاح تقديم شهادات من أربعة أشخاص عن شخصيتهم، وتلقي تدريب على الاستخدام الآمن للأسلحة النارية وممارسة التصويب، والخضوع لتحريات دورية، وتقديم بيانات لكيفية الاتصال بشركاء حياتهم أو شركائهم في السكن أو أي بالغين آخرين يعيشون في منازلهم.

سيتعين على المتقدمين تسليم قائمة بحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم بالسنوات الثلاث الماضية، ويركز الاقتصاد الأمريكي بعد كل عملية إطلاق نارعلي توفير سلسلة منالتكاليف المباشرة التي قد تؤثر على الفرد، وعائلته ودائرتهم المباشرة، فهناك رعاية طبية ليس فقط للإصابة عند حدوثها لأول مرة، ولكن الرعاية الطبية مدى الحياة في حالة الإصابات مدىالحياة،وهناك رعاية صحية عقلية للضحية وعائلتها أن التكاليف المباشرة تضمنت أيضًا الحاجة إلى خدمات الطوارئ مثل الشرطة ثم تدخل نظام العدالة الجنائية، من تكاليف المحكمة.

تكلفة العنف
وقامت الإدارات والوكالات الحكومية الفيدرالية الأمريكية مؤخرًا بتسوية مبلغ التعويض بقيمة15 مليون دولار أمريكي، ونتيجة لذلك فإن التكلفة الاقتصادية للعنف المسلح أعلى بكثير، عندما يتعلق الأمر بالتكاليف المباشرة، خاصة فيما يتعلق بالرعاية الصحية، فإن الحكومة مع دافعي الضرائب تتحمل جزءًا كبيرًا من الفاتورة واصابات الأسلحة النارية مغطاة من قبل برامج تأمينية خاصة ببعض برامج تحويل المبالغ المالية لاصحاب الدخل المنخفض وذوي الاعاقة، وأظهرأن حالات الانتحار لها تكاليف اقتصادية إجمالية أقل مرتبطة بها، حيث يتم إنفاق أقل على التكاليف المباشرة مثل نظام العدالة الجنائية والسجن.