عاجل

«آخرساعة» رصدت الظاهرة فى الحفلات الصباحية عام 1963

«تزويغ» الطلاب من المدرسة للسينما.. والتلميذ يشاهد الفيلم بـ9 مليمات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب: أحمد الجمَّال

قبل نحو 60 عامًا انتشرت ظاهرة فى الأوساط الطلابية بالقاهرة، وهى «التزويغ» من المدارس من أجل ارتياد حفلات السينما الصباحية، ورصدت «آخرساعة» صورًا لأعداد كبيرة من الطلاب يتوافدون على دور العرض السينمائية لحضور الأفلام الجديدة، ونشرت الصور، موجهة رسالة إلى وزير التربية والتعليم وقتذاك، السيد يوسف، تطالبه بضبط هؤلاء الطلاب.. التفاصيل فى تقرير نعيد نشره بتصرف محدود فى السطور التالية: 

سجلت عدسة «آخرساعة» هذا الحادث الخطير بدون أن يشعر هؤلاء الطلبة، وليس المقصود من هذا التسجيل مجرد عرض عابر لظاهرة مدرسية، وإنما تدق أجراس الخطر لمنع وقوعها من الأساس والبحث عن الجذور العميقة لها.

إن «التزويغ» أصبح موضة بين بعض طلبة المدارس الإعدادية والثانوية، لدرجة أنه خلال الأسبوع الأول من بدء الدراسة اكتشفت إحدى المدارس فى الجيزة أن نسبة أربعة فى المائة من تلاميذها فى حالة غياب.

وهناك مدرسة بنات فى منطقة «السبتية» بالقاهرة، اكتشفت فيها ناظرة المدرسة أن أحد معلمى التربية الرياضية، يقوم بتشجيع البنات على الهروب، وينتحل لهن أسبابًا للغياب، وعندما اكتشفت ناظرة المدرسة الخاصة هذا الأمر، أبلغت المعلم بأنهم أصبحوا فى حالة استغناء عن خدماته.

تذاكر مخفضة
وأغرب ما فى الأمر أن بعض دور السينما القريبة من المدارس أصبحت تتنافس فى تخفيض أجورها، لجذب أكبر عدد من التلاميذ الصغار إلى حفلاتها فى الصباح، وبين هذه الدور سينما «سهير» فى العباسية، وسينما «هوليوود» وسينما «مصر» وسينما «دوللي».. وفى كل هذه السينمات يستطيع الطالب أن يدخل فيلمًا فى الصباح بتذكرة تبدأ من 9 مليمات وتصل إلى ثلاثة قروش فى أفخم الدرجات.

ولأن ثمن التذكرة فى الحفلات الصباحية فى بعض دور السينما لا يزيد على تسعة مليمات، فهذا معناه أن يبقى للتلميذ من القرش – المصروف الذى يحصل عليه من أسرته - مليم يشترى به قرطاس لب، ومعناه أيضًا أن يهرب صاحب السينما من الضريبة التى تُفرض على التذكرة ابتداءً من قرش صاغ.

خطابات غياب
وعندما تكلمنا مع بعض الأمهات حول هذه المشكلة قلن لنا إن سببها هو طريقة علاج المدارس لهذه المشكلة، فكل ما تفعله هو أن ترسل خطابات غياب إلى أولياء الأمور، وبالطبع هذه الخطابات لا تصل، لأن التلميذة أو التلميذ يكون على معرفة بموعدها، فينتظر البوسطجى ويستلم منه الخطاب بعد التوقيع، ويتولى هو بنفسه الرد على خطاب المدرسة!

وقالت لنا إحدى هؤلاء الأمهات إن هناك طريقة غريبة مستخدمة فى علاج التزويغ فى مدارس البنات، فالذى يحدث هو أن تقوم الناظرة بإعلان هذه الفضيحة فى طابور الصباح فى الميكروفون ثم تفصل البنت يومين فقط.

اقرأ أيضًا

«الإحصاء»: 22 تلميذ لكل معلم في مصر للعام الدراسي 2020/ 2021

خبراء علم النفس فى كل أنحاء العالم يؤكدون أن هروب التلاميذ من المدارس يقع اللوم فيه على هؤلاء الذين لم يفهموا مطالب التلاميذ فى هذه السن الحرجة، والمسئولون أولًا وأخيرًا عن هذه الظاهرة هم الناظر والمعلمون فى المدارس، والأم والأب والإخوة الكبار فى البيت.

إن الشاب أو الفتاة فى هذا العمر الحرج يحتاج إلى معاملة خاصة، وإلى فهم عميق لتصرفاته، فالشاب يريد أن يؤكد ذاته بأنه رجل، والمسئولون عن تربيته يؤكدون له عكس ذلك، إذ يعلنون له فى كل لحظة أنه ما زال طفلًا، وكذلك الفتاة تريد أن يكون لها كيان خاص لا يذوب فى كيان غيرها.. تريد أن تتخلص من التبعية، ومن هنا نجد أن هؤلاء لا يجدون أمامهم طريقًا يؤكدون فيه ذاتهم إلا فى خارج سور المدرسة وخارج البيت فى الطريق العام.

فجوة كبيرة
إذن ما هو الحل، وما هو العلاج؟ إن علماء النفس يؤكدون إنه لن يكون هناك علاج لهذه الظاهرة إلا إذا اختفت الفجوة العميقة بين المدرسة والطلاب، فهذه الفجوة الكبيرة تجعل الطالب فى المدرسة يرى ولا يسمع، وإذا سمع فإنه لا يناقش، وبهذا فقط نستطيع أن نقلل من هذه المشكلة.. مشكلة تزويغ التلاميذ من المدارس.

إن معظم الطلبة الذين يزوغون من المدرسة إلى السينما لا تجذبهم الأفلام العاطفية، وإنما هم مدمنون على أفلام المغامرات بوجه خاص.. هكذا يلاحظ خبراء التربية الذين يتابعون المعركة بين السينما والمدرسة. وبوجه عام فإن السينما تنتزع زبائنها من المدرسة، ولكى تضمن الانتصار فى هذه المنافسة، فإن جميع دور العرض تخفِّض أسعار الدخول فى أوقات المدرسة..
 («آخرساعة» 6 نوفمبر 1963)