سينما نصر أكتوبر بين حماس الماضي وتقنيات الحاضر

سينما نصر أكتوبر
سينما نصر أكتوبر

أمل صبحي

لا تمر احتفالات نصر أكتوبر العظيم كل عام إلا ويكون السؤال الملح على ذهن كل من عاصر ذلك الحدث المهم: أين السينما من توثيق النصر؟، ولماذا لا نصنع سينما خاصة بالحرب لتكون أرشيفاً جيداً للأجيال التي لم تعاصر تلك الأحداث ليعرفوا التضحيات والبطولات التي صنعها آباؤهم وإخوانهم لتكون مدعاة لهم للفخر على كل العالم.

رغم أن الأفلام التي قدمت عن النصر العظيم وقتها مثلت عدداً لا بأس به، وسط حماس كبير وقتها لتسجيل الحدث بشكل سريع، إلا أنها لم ترتق لقوة الحدث ولا قيمته الكبيرة التي أحدثت زلزالاً قوياً في استراتيجيات التفكير العسكر وقتها، وغيرت من مفهوم الحروب النظامية في كل العالم.

حرب أكتوبر 1973،  شهدت نصراً عظيماً حققه الجيش المصري على جيش روج لنفسه بأنه الجيش الذي لا يقهر، ولذلك فهو حدث يصلح أن يقدم عنه آلاف الأفلام لما شهدته الحرب من آلاف الحكايات على لسان الجنود الذين عاصروا النصر وعايشوه، لكن في كل عام يقتصر احتفالنا بإحيائه على إذاعة أفلام قديمة لم يكن النصر بتفاصيله هو الحدث الرئيسى فى الخط الدرامى لها، وهو الأمر الذي لم يرو عطش الجمهور أو يكفي شغفهم لمعرفة ما حدث من تفاصيل تحقيق النصر العظيم.

 "أخبار النجوم" حاولت أن تفتح الملف لرصد آراء عدد من قامات صناعة الفن حول مدى إمكانية تقديم عمل فنى معاصر يرصد تفاصيل هذا النصر العظيم مثلما تقدم السينما الأوروبية أو الأمريكية كل عام عملاً ضخماً تحيي به ذكرى الحربين العالميتين الأولى والثانية كما تناقش فكرة الترويج للأعمال الوطنية بشكل تجاري لتجذب المنتجين إلى الإقبال لتبنى مثل هذه النوعية من الأعمال مستغلين التقنيات السينمائية الحديثة لتقديم أفلام ترقى لمستوى النصر الكبير، وهو ما سوف نناقشه فى السطور التالية...

دعم لوجيستى

فى البداية يقول المنتج هشام عبد الخالق: "تقديم أفلام حربية مسألة صعبة، فلابد أن توافق على إجازتها  الجهات المختصة فى المقام الأول وهذا ما حدث معى فى فيلم "الممر" الذى كان اعتمادنا فيه على أسلحة قديمة نادرة الوجود تعود لسنة 67، إلى جانب أننا أيضا قمنا بالاعتماد على تصميم الكثير من الجرافيك مثلما قدمنا فى مشاهد المعسكر المصري والإسرائيلى وقامت الشئون المعنوية بتقديم الدعم "اللوجيستى" وقتها من سيارات موديلات قديمة وملابس ومواقع التصوير العسكرية، ومن هنا أعتبر فيلم “الممر” كانت له ظروف خاصة بعدما تقدمت للشئون المعنوية بالرغبة فى تقديم فيلم وطنى وفى نفس الوقت كان لديهم الحماس فى وجود عمل قوى ومنتج جاد والحمد لله حصولنا على التصديق بخروج الأسلحة القديمة والملابس والسيارات العسكرية.

يضيف عبد الخالق: أما فيما يتعلق بالتسويق للفيلم الحمد لله الشعب المصري كان لديه الوعى وحرصوا على أن يشاهدوا الفيلم الذى حقق نجاحاً كبيراً فى مصر لأن الشعب فعلا يحب جيشه المصري وربنا أكرمنا فى اختيار الأبطال بشكل دقيق والمخرج المحترف وطبعا قبل كل هذا الدعم المعنوى واللوجيستى  الذى قدم من الشئون العنوية وساهم فى تذليل أي صعوبات لنا.

واستكمل عبد الخالق: لابد من تضافر كل جهود الجميع لتقديم عمل وطنى ضخم لائق وقوى بجيشنا العظيم خاصة بعدما فتحت مؤخرًا تجربة فيلم “الممر” الباب أمام الكثير من المنتجين القلقين من شأن الخوض في إنتاج  مثل هذه الأعمال خشية الخسارة التسويقية عليهم أن يستكملوا المشوار ويقدموا على إنتاج هذه النوعية من الأفلام القوية.

مليون حكاية

وتقول الناقدة ماجده خير الله: تعتبر حرب أكتوبر حدثًا عظيماً ومليئاً بالبطولات التي يمكن أن نخرج منها بمليون حكايه وحكاية، وهناك كتاب سيناريو ومخرجون يمكن أن يقدموا أفلامًا قوية ورائعة، لكن تبقى المشكله في التمويل، وأعتقد أنه لا بد أن تمول جهات حكومية هذه الأفلام بوصفها مشروعات قومية مهمة للأجيال الجديدة الحالية والأجيال القادمة، مثلا فيلم “كيرة والجن” لاقي إقبال رغم أنه يعود لأحداث مقاومة الاستعمار البريطاني 1919، وبالتأكيد لو قدمت أفلام قوية وممتعة عن بطولات حرب أكتوبر 73 سوف تحقق إيرادات كبيرة جداً.

ميزانية ضخمة

فى نفس السياق يقول سيد فتحى مدير غرفة صناعة السينما: طبعا حدث أكتوبر يعد نصراً عظيماً ومدرسة أخرى تدرس عسكريًا لكن من أجل أن نقدم فيلم عن قيمة هذا الحدث يحتاج ميزانية ضخمة ومكلفة ومن الصعب للغاية المنتج الفرد وأغلبهم كلهم شركات قطاع خاص صعب جداً يقدم هذا الفيلم بالمستوى الضخم الذى يليق بهذه المناسبة العظيمة ومن هنا على الدولة أن تقوم بتكلفة أحد المنتجين من ذوي السمعة الجيدة يتولى العملية الإنتاجية وهى تقوم بتمويله بحيث توفر له معدات حربية وملابس عسكرية وغير ذلك وإلى ذلك لابد من وجود كاتب كبير ليخرج بشكل قوى وجيد.

يضيف فتحى: “عندنا جيل جديد حالى لا يعرف تاريخ الحرب لأنهم لم يعاصروها، ويهمنا أن يعرفوا تاريخ بلدهم وانتصاراته ورغم أن هناك أفلاماً قدمت عن أكتوبر لكنها فى نفس الوقت لا ترقى لتجسيد مستوى وقيمة الحدث نفسه وكانت بمجهودات فردية مثل فيلم “العمر لحظة”، “الرصاصة لا تزال فى جيبى”، “بدور” وحتى فى التجربة المعاصرة مؤخرا لفيلم “الممر”.

أقرأ أيضأ l المدارس الإنجيلية تحتفل بذكرى حرب أكتوبر الـ49