عاجل

يوميات الأخبار

المؤتمر الاقتصادى.. طوق النجاة

محمد الشماع
محمد الشماع

ليس غريباً إذن أن يرتفع سعر الدولار وأن تقل الكميات المعروضة منه لأننا نستورد كل شىء من الجبنة البيضاء حتى السيارات!!.

خالص الدعوات للسادة الوزراء وكبار المسئولين بالتوفيق والسداد مع رجاء التركيز فى المعانى عند إطلاق التصريحات، فلم تعد التصريحات الوردية تطعم فماً. ولا تلبى حاجة لمحتاج، خاصة وأن القيادة السياسية نموذج وقدوة فى العمل فنحن لا نسمع تصريحات من الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولكن نرى أعمالاً على أرض الواقع فى كل خطواته..

فيجب أن تكون تصريحات المسئولين متوافقة ومتطابقة مع ما يمكن إنجازه، حتى لا يفقد المواطن الثقة فى المسئولين.
منذ عدة وزارات سابقة ونحن نسمع عن الانتهاء من مشروع «مسار العائلة المقدسة» لتشجيع السياحة، لكن الطريق لم يكتمل حتى الآن ولا نعرف نسبة ما تم إنجازه من هذا المشروع الذى توالى على تنفيذه العديد من الوزراء!

كذلك فإن حلم إنتاج سيارة مصرية قد ردده أكثر من وزير للصناعة وقطاع الأعمال، لكن التصريحات لم تأخذ طريقها إلى التحقق حتى الآن، وأتذكر أن أحد المسئولين ظل رئيساً لشركة النصر لصناعة السيارات لمدة ٢٥ عاماً وبعد أن خرج للمعاش كتب مقالاً عن كيف تصنع سيارة مصرية!! ثم أصبح وزيراً للصناعة، ولم تصنع السيارة!!

لقد بدأت المغرب فى تصنيع السيارات منذ عشر سنوات وأصبحت الآن رائدة فى هذا المجال وتصدر إنتاجها، بينما نحن من نملك الخبرة والإمكانيات من ستينيات القرن الماضى لازلنا نتعثر ليس فقط فى إنتاج سيارة بل على الأقل فى إنتاج قطع الغيار التجارية للسيارات التى تجرى فى مصر والتى نستورد لها معظم قطع الغيار بالغلاء والكواء.

الصين مثلاً تنتج معظم الكماليات لمعظم السيارات، سواء التى تنتجها فى الصين أو التى تنتجها غيرها من الدول، لقد كان لنا فى يوم من الأيام مصنع ينتج إطارات السيارات وكان اسمه التجارى نسر وذو جودة ممتازة، ولو أننا اعتنينا بهذه الصناعة لوفرت علينا ملايين الدولارات التى نشترى بها تلك الإطارات من الخارج.

سر ارتفاع الدولار

ليس غريباً إذن أن يرتفع سعر الدولار وأن تقل الكميات المعروضة منه لأننا نستورد كل شىء من الجبنة البيضاء حتى السيارات!.. كنا فى يوم من الأيام ننتج جميع أنواع الأجبان وهى ليست صناعة تحتاج إلى رأس مال كبير نستطيع أن ننتجها بأسعار أقل من المستورد فنحمى عملتنا الوطنية ونوفر ملايين الدولارات التى ننفقها فى استيراد مصنوعات خفيفة نستطيع أن نقيمها فى مصر فى غضون شهور.

نريد إذن من وزير الصناعة أن يتبنى هذه الرؤية، ونريد من بنوك مصر التى تشكو تخمة مالية أن تدعم هذه الصناعات كما كان طلعت حرب يفعل حينما بدأت مصر نهضتها فى السابق!

نريد أيضاً من الحكومة ضبط الأسواق لأن ما يحدث من تلاعب فى الأسعار هو مناخ يثير سخط المستهلك الذى يصب غضبه على الحكومة.

وعلى سبيل المثال فإن صناعة السجاير فى مصر يصل حجمها إلى عدة مليارات من الجنيهات، وحتى شهور قريبة كانت أسعار السجاير محددة عند كل محلات البقالة والأكشاك، لكن فجأة اضطربت أسعار السجاير وأصبح كل بقال يبيعها بالسعر الذى يريده، ربما يستخف بعض المسئولين بهذه السلعة باعتبارها ليست طعاماً أو دواء ولا كهرباء، لكن ربما لا يعلم المسئولون حجم النكد والغضب من الأداء الحكومى الذى سلطه الجمهور المستهلك من هذا التسيب فى السوق وفى المنتجات هو خصم من رصيد الحكومة، فعلى الحكومة أن تتدارك كل هذه التراكمات التى أصبحت حديث المواطن المصرى!

البرد يزيد السياحة!

بعض من فوائد الأزمة العالمية التى نتجت عن الصراع الروسى الأوكرانى أنها دفعت ملايين المواطنين فى أوروبا لمغادرة بلادهم قبل الشتاء القادم بحثاً عن مناخ دافئ، لأن روسيا سوف تقطع الغاز عن أوروبا تأديباً لها، والبرد فى أوروبا من النوع القارص الذى لا يجدى معه فحم ولا قوالح، لذلك فإن ملايين من الناس قد فضلت التوجه إلى تركيا لقضاء الشتاء، بينما مصر لم تحصل إلا على القليل من هؤلاء السياح وذلك ببركة الآثار الفرعونية التى تركها الأجداد ولولا تلك المعابد والأهرامات لما رأينا سائحاً أوروبياً يأتى إلى مصر، لأننا لا نملك حس سياحى، صحيح أن لدينا وزارة للسياحة مليئة بالخبراء الذين يسافرون إلى الخارج ويتقاضون البدلات لكنها جعجعة بلا طحين!

لدينا ثلث آثار العالم ولدينا أعظم عجائب الدنيا السبع، ولكن ليس لدينا زوار نتباهى بهم فالسياحة صناعة لها أصولها وابتزاز السائح فى منطقة الأهرامات يتم أمامنا جميعاً دون تدخل محسوس من الأجهزة المختصة!

ثم أن أسعار الفنادق فى مصر تساوى ثلاثة أضعاف الفنادق فى تركيا، إلا أن بعض أصحاب الفنادق يفضلون رفع الأسعار وتخفيض نسب الإشغال دون إدراك لأهمية تحديد أسعار الفنادق لتشجيع السياحة الداخلية والخارجية، إذن وزارة السياحة عندنا هى وخبراؤها لا يهتمون بالأسواق الدنيوية ولا يشغلون أنفسهم بعرض الحياة الدنيا، وما نشهده الآن هو توسع فى بناء الفنادق والقرى السياحية، وانخفاض محسوس فى عدد السياح، وذلك فشل ذريع يقتضى منا أن نتوقف وأن نراجع أنفسنا وأن نستطلع آراء السياح من الأسباب التى تجعلهم يعرضون عن مصر ويفضلون تركيا وإسبانيا، لو أن أحد هؤلاء الخبراء الذين يملأون وزارة السياحة قد كلف نفسه بالحصول على أسعار الفنادق فى تركيا وإسبانيا - عدد السياح ٤٧ مليون سائح! فى تركيا وإسبانيا ٤٠ مليون سائح ومصر ١٢ مليوناً فقط! - وهى متاحة على النت لأدرك أن هناك فروقاً جسيمة بين أسعار الإقامة فى مصر وأسعار الإقامة فى تركيا وأدرك أن السائح الذى يأتى إلى مصر لا يجذبه فى مصر إلا الآثار الفرعونية، لكن الخدمة السياحية لدينا ليست كما ينبغى علينا أن نعترف بذلك هى خدمة..!

تغير أسواق السياحة

القائمون على أمور السياحة وأسعار الفنادق لا يملكون القدرة ولا الحساسية فى التعامل مع سوق السياحة فى العالم.

إن التسويق للمنشآت السياحية والفنادق المصرية، هو مسئولية وزارة السياحة، ويجب أن يكون لها رأى ملزم فى أسعار الفنادق وأسعار الإقامة فى القرى السياحية وأن تتحرك تلك الرؤى حسب أوضاع سوق السياحة فى العالم الذى تغير قبل وأثناء الحرب الروسية - الأوكرانية وكان من بين طرفى هذه الحرب نسبة ضخمة من السياح الذين كانوا يأتون إلى مصر، إضافة إلى التغير الذى كان متوقعاً فى الحركة السياحية وتحركت لها الشركات التركية فى أوروبا والغرب لجذب السياح بالملايين ولفترات وعدد ليالٍ سياحية أكثر هرباً من البرد الشديد وكلفة الطاقة والغاز فى بلادهم.

متعة التغنى بالمشاكل!

إذا دعتك الظروف أن تلتقى أحداً من رجال الأعمال فى مناسبة اجتماعية أو احتفالية أو جلسة خاصة فى النادى، ومع بداية الحديث تبدأ الشكوى من أن السوق «مش ماشى» زى زمان، رغم أنهم حصلوا على تسهيلات غير مسبوقة وإعفاءات ضريبية لسنوات طويلة، وتملكوا الأراضى بأبخس الأتمان، كما حصلوا على الدعم المخصص للتصدير ويقدر بمئات الملايين من الجنيهات، ومنهم من حقق أرباحاً بالمليارات من الجنيهات فى كل مجالات العمل والإنتاج.
بعض رجال الأعمال يعلمون تماماً أن بلدهم فى حاجة إلى مشاركتهم، لكنهم يتقاعسون عن مد يد العون للدولة، بينما كان الكثيرون منهم على استعداد لفداء أنفسهم وأبنائهم بكل ما يملكون من أموال ومصانع فى زمن الإخوان الأسود! رغم أنهم خضعوا لجماعة الإخوان فوراً بعدما أظهروا لهم العين الحمراء! كما أن بعض رجال الأعمال تخلوا عن القيام بدورهم المجتمعى!

ورغم كل ذلك فإن تأكيدات الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن مشاركة رجال الأعمال واجب وطنى لأن الدولة، قدمت لهم التسهيلات والإمكانيات وأنها تنتهج سياسة جديدة تؤكد رعاية الدولة لرجال الأعمال وأصحاب المشروعات الإنتاجية ونسعى لتوفير مناخ استثمارى مناسب بعيدا عن التعقيدات والعقبات، جاء قرار الرئيس السيسى بعقد مؤتمر اقتصادى بعد أسبوعين - يكون «طوقاً للنجاة» من هذه المشاكل التى تواجه رجال الأعمال والمستثمرين وأصحاب المشروعات وإصدار قرارات فورية لحل هذه المشاكل لتحقيق انطلاقة اقتصادية شاملة وسريعة، مطلوب من رجال الأعمال عرض مشاكلهم أمام الحكومة بدلا من الاكتفاء بالتغنى بها فى وسائل الإعلام والسهرات وجلسات الأندية!

محافظة غائبة!

الشعوب والدول تكرم رموزها فى كل المجالات بتخليد أسمائها وأعمالها وإنجازاتها على مشروعات ضخمة وتاريخية وعلى الجامعات والأكاديميات العلمية والثقافية والعسكرية والطبية الكبرى وتخصص جوائز قيمة تحمل أسماءهم، وهذا تقليد ليس جديداً يعرفه الملايين من البشر فى كل أنحاء العالم.

لكن محافظة الغربية وجميع المسئولين من السياسيين والتنفيذيين وعلى رأسهم الدكتور طارق رحمى محافظ الغربية والسيد وزير التنمية المحلية هشام آمنة غاب عنهم هذا المفهوم تماماً، وبدلا من أن يكرموا بطل الحرب والسلام قائد نصر أكتوبر العظيمة التى نحتفل بذكراها «غداً» استراحوا واطمأنوا إلى إطلاق اسم السادات على مدفن القمامة والمخلفات فى الغربية وناقش الوزير والمحافظ تفاصيل تشغيل مصنع تدوير القمامة بدفرة مركز طنطا وكيفية نقل المخلفات والمرفوضات وأية كميات متبقية بالمصنع إلى مدفن السادات! ولم يسترع انتباه السيد الوزير أو الأستاذ الدكتور المحافظ، كما لم يتحرك أى مسئول سياسى أو تنفيذى لتدارك هذه السقطة الخطيرة تجاه قائد أعظم انتصار عسكرى مصرى فى التاريخ الحديث!

عدوى رفع الأسعار

يبدو أن الكثير من رجال البيزنس فى مصر لا يعترفون بالتخصص فى نشاط محدود، إنما يلجأون دائماً إلى السلع الرائجة والتى يزداد الطلب والإقبال عليها خاصة فى المواسم والأزمات، فأصحاب محلات الحلوى الغربية ذات الأسماء الرنانة لا تفوتهم فرصة المشاركة فى بيزنس حلاوة المولد النبوى الشريف ومعظم هذه المحلات لا تصنع حلوى المولد فى مصانعها لكنهم يتلقونها من صغار الصناع ثم يعرضونها فى محلاتهم بعد تغليفها بطريقة شيك وختمها باسم الشهرة.. والمثيل لهذه النوعية يوجد فى الشوادر والسوبر ماركت العادية وسعر الكيلو لا يزيد عن مائة جنيه، لكن الأسعار فى المحلات العالية لنفس الوزن تبدأ من ٤٠٠ إلى ٦٠٠ جنيه!

السر أن المحلات العالية تعتمد على حياء زبائنهم القادرين الذين يدخلون محلاتهم ولا يستطيعون مغادرتها بدون شراء.

لابد أن تكون هناك رقابة على الإسعار وإذا كانت الخامة واحدة فلابد أن يكون التباين معقولاً وفى الحدود، لكن أنها عدوى رفع الأسعار على «طريقة عليّ وأنا أعلى» وحتلاقى الزبون! 

كل سنة وأنتم طيبون.