الحب أنواع .. نعم .. لكن عندما يقابلك الحب استسلم له.. لا تكابر أو تجزع.. فالأيام تمر سريعاً ونحن غافلون.
الأحد :
وافق يوم 2 أكتوبر هذا العام يوم أمس الأحد.. ويوم 2 أكتوبر له ذكرى حلوة لا يمكن أنساها مهما مر من سنوات ...أنه اليوم الأول الذى جلست فيه مع زميلى ياسر رزق فى ذلك الوقت قبل 28 عاماً مضت وقال لى فيه أنا عاوز أقابل والدك علشان أخطبك .. وقلت له لا ..
ورغم أن الأمور سارت فى اتجاه ما أراد إلا أننا ظللنا طوال السبعة وعشرين سنة الماضية نحتفل بيوم 2 أكتوبر كذكرى يوم قررنا فيه الزواج وقد كان زواجنا بعد هذا اليوم بثلاثة شهور فقط، مرة سألنى ابنى يعنى يوم 2 أكتوبر ده اللى بتجيبوا له تورتة عيد خطوبتكم ولا أول مرة تشوفوا بعض ولا أيه بالضبط ؟ فرد ياسر قبل أن أرد وقد كان رحمه الله حاضر الذهن والنكتة كمان، ماما ياحبيبى بتحتفل باليوم اللى قالت لى فيه لا وأنا صممت على التقدم لخطبتها.. مجنون، ومع ذلك كنت كثيراً ما أقول لا ياسر حينسى السنة دى.. مش مهم بقى، التورتة بتبوظ ومفيش حد بياكل منها، ولكن كل سنة بعد منتصف ليل 1 أكتوبر كانت تأتى التورتة ويكون الاحتفال.. هذا العام كنت أزور زوجى كالمعتاد يوم الجمعة.. وبكيت كثيراً وتكلمت معه أن هذا أول عيد 2 أكتوبر ولن نكون معاً.. وأن هذا العام مش حتخانق معاه لأنه جاب تورتة كبيرة ومفيش حد فى البيت بياكل تورتة أوى.. وبكيت، وندمت على خناقاتى الصغيرة على ضياع الفلوس فى الورد والتورتة والاحتفال، وتمنيت أن يعود الزمن بى للوراء ولو كام سنة لأملأ البيت والشارع والقاهرة ورد وتورتات وكل حاجة حلوة وأحتفل بذكرى يوم حبيبى أتجنن فيه وصمم على جوازنا كما كان يدعى، طبطب عمر ابنى على كتفى وهو يرى الدموع فى عينى، دون أن يدرى فيما أفكر، وقالى ابكِ ياماما متكتميش دموعك بابا يتزعل عليه.
يوم السبت 1 أكتوبر كانت هناك زيارة مؤجلة لأختى وصديقتى سحر وذهبت لها بسبب عملى متأخرة جداً.. وبعد ما قعدنا شوية لقيت ابنتها العزيزة جداً بتقولى طنط أنت حتحضرى معانا عيد ميلاد محمد قلت لها بس محمد مولود فى منتصف الشهر تقريباً، فقالت بس هو متسجل فى شهادة الميلاد 1 أكتوبر وكل سنة يحلفنا بلاش نحتفل 1 أكتوبر ولكن احنا بنصر نحتفل والسنة دى هو مسافر فنحتفل بيه ونبعت له الصور.. كانت رغبة العزيزة جداً ابنة صديقتى أن تهزر مع أخوها الوحيد حفظهما الله بحفظه، وكان إحساسى أن ربنا سبحانه وتعالى بعت لى من أحتفل معهم بعيدهم، حتى يطبطب على قلبى.. فى يوم كان من أسعد أيام حياتى وسيظل كذلك ما حييت.
حكايات المحبة كثيرة وهى حولنا فى تفاصيل صغيرة من يهملها تبدأ المحبة تنطفئ فى داخله شيئاً فشيئاً ومن يذكيها تملأ قلبه وداً وتصالحاً ورغبة فى الحياة بشكل أفضل ...
الإثنين :
فى احتفال الأخبار بعيد ثورة يوليو الخمسين وكان عنوان الملحق الذى أشرف عليه ياسر رزق خمسين سنة ثورة، قررت أعمل حديثاً غير تقليدى وكان حديثى مع السيدة منى جمال عبد الناصر.. وكانت أول مرة فى حياتها تتحدث للإعلام كان هذا عام 2002، أى حديث صحفى أو إذاعى أقوم به أدرس الشخصية التى سأحاورها جيداً..، لذلك عندما أخذت ميعاداً من السيدة منى عبد الناصر لم أعتمد على ما كتب عنها ولكن لأن من أخذت لى الميعاد صديقة عزيزة جداً جداً كانت وقتها حماة ابن منى عبد الناصر وهى السيدة ليلى بدوى حرم السيد عمرو موسى وزير الخارجية فى هذا الوقت، فقد كان حديثى معها وما ركزت عليه هو الحب فى منزل جمال عبد الناصر، واستقبلتنى منى عبد الناصر فى بيتها بمصر الجديدة بمنتهى الود.. كان كل ما يهمنى أن أعرفه أن أسمع منى تتحدث بحب وعفوية عن زعيم عاش فى قلب المصريين وسيعيش للأبد، وبالفعل لا أنكر أن السيدة منى كانت فى منتهى الود وأعطتنى معلومات عن حياة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لم تكن قيلت قبل ذلك، كما أنها بعد إجراء الحوار اتصلت بى لتؤكد على بعض النقاط حتى لا أنشرها لأنها حتخلى حد من أشقائها زعلان.. رغم أن ما قالته كان عن المذاكرة وحبها وليس سراً ضخماً، كما قالت لى أن الطفل جمال عبد الناصر كان يعشق المربى وكانت زوجة أبيه لا تعطية كل ما يريده منها، لذلك عندما فكر فى التصنيع أنشأ إلى جانب مصانع الحديد والصلب وغيرها من الصناعات الثقيلة مصانع أدفينا وقها.. حتى يأكل الشعب مربى ولا يحرم منها أحد.
حكاية الحب هنا ليست حكاية حب جمال عبد الناصر الأب والزعيم لأسرته، ولكن محبة هذا الرجل المناضل لشعب آمن بحريته كما آمن بحقه أن يعيش حياة جيدة ويأكل كل ما يتمنى.
الثلاثاء :
يوم افتتاح قناة السويس الجديدة شرفت بلقاء السيدة جيهان السادات وشرفت بعمل حديث سريع معها عن افتتاح القناة لإذاعة البرنامج العام وكانت فى صحبة السيدة انتصار السيسى قرينة الرئيس عبد الفتاح السيسى.. كانت أول مرة أقابل السيدة جيهان وجهاً لوجه ولكنى من عشاق حكايتها من زمان.. فشخصية البنت المصرية اللى والدتها إنجليزية التى تحب ضابطاً مصرياً مفصولاً من عمله بسبب مواقفة السياسية، وتتزوجه وهو فى أحلك لحظات حياته وتقف بجانبه، شخصية غنية درامياً كما يقول كتاب الدراما، ولكنها غير مصدقة ولو جاءت فى القصص الشعبى والروايات ما كان أحد صدقها، ولكن السيدة جيهان السادات أثبتت للعالم أن الحب معجزة كبيرة تذوب تحت قدميها كل الصعاب.
الأربعاء :
يوم 23 سبتمبر ذكرى ميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل والذى تحرص أسرته على الاحتفال به سنوياً هذا العام حضرت الاحتفالية دون ياسر لأول مرة.. دعتنى مدام هدايت تيمور زوجة وحبيبة أستاذنا الراحل وهى تؤكد علي أوعى متجيش أنت وحشانى.. والحقيقة أن قعداتى كلها مع مدام هدايت كانت عن قصة حبها هى وأستاذ هيكل ولولا وعد منى للأستاذ بألا أنشر ما قالته وحكته لى منذ بداية تعارفهما حتى الآن، لكان بين يدى القراء حكاية حب عظيمة لأسرة مصرية عريقة، أما سبب الوعد فقد كنا فى ضيافة الأستاذ هيكل ومدام هدايت أنا وياسر فى مزرعة برقاش فى شتاء سنة 2012 ، كان يومها الجو بارداً إلا من شمس صباحية هادئة، وكانت حفيدة الأستاذ مسافرة وسايبة الثلاثة كلاب بتوعها وموصية جدها عليهم، وأتذكر أن كان منهم كلب اسمه فلفل.. وعندما وصلنا دخلنا إلى الحديقة حيث يجلس الأستاذ فرأيت ثلاثة كلاب أشرسهم فلفل، وأنا لا أحب الكلاب وأخاف منهم جداً مهما كانوا مدربين، واعتقد أستاذ هيكل أن خوفى من الكلاب نابع عن وازع دينى يرفض وجود الكلاب فى المنزل، وبدأ يناقشنى فى ذلك وأنا فاضل شوية وأطلع رجلى فوق الكنبة خوفاً من نظرات فلفل لى، وياسر بيضحك على منظرى ويؤكد وهو يربت على فلفل ده طيب جداً وبيعض بس، وتنقذنى مدام هدايت تعالى بينا ندخل جنب الدفاية.. 5 ساعات حتى تم تحضير الغداء فيهم وأتذكر كم كانت صينية البروكلى بالباشامل رائعة، على الغداء سألنى أستاذ هيكل.. أتكلمتوا عننا كتير مش كده يقصد هو وياسر، فقلت له أنا استمعت لتفاصيل أروع قصة حب.. يابختك بمدام هدايت.
فقال لى أوع تنشرى حاجة لغاية ما أقولك، ومن ساعتها بقيت بسمع وأستمتع بكل ما أسمعه، حتى أننى فى الاحتفال هذا العام جلست مع مدام هدايت نتذكر ما كنا نحكيه.. وندعو بالرحمة لأستاذ هيكل وابنه ياسر فقد كان دائماً يقول عن ياسر هكذا ياسر ابنى الرابع، معتبراً ياسر مثل الدكتور على وحسن وأحمد هيكل حفظهم الله.
الخميس :
السيدة سماح الشلقامى زوجة المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع فى حرب أكتوبر العظيمة، توفت هذا العام.. الله يرحمها وغرفة مكتب قائد حرب أكتوبر كما هى بمدخلها الخاص وعصاية المشير وخرائط مصر على الحيطان.. السيدة سماح هى والدة صديقتى العزيزة جداً الدكتورة نيرمين إسماعيل، وكنت قد أجريت معها حوارات عن المشير ووقت الحرب ونشر بالفعل منهم حواران أو أكثر لا أتذكر.. لكنى أتمنى تحويل كل محتويات مكتب المشير أحمد إسماعيل إلى متحف خاص به فهو قائد أعظم حرب فى التاريخ الحديث ..
تحية لأرواح كل شهدائنا الأبرار فى ذكرى نصر أكتوبر العظيم، أتذكر فى إحدى السنوات أن ياسر وجد فيما يدرسه ابننا بالجامعة كتاباً لأحد المدرسين يتكلم بشكل خاطئ عن حرب أكتوبر.. ولم يسكت.. بل ذهب لرئيس الجامعة الأمريكى وناقشه فى ضرورة إعادة النظر فى هذا المنهج وكانت حجة الجامعة أن هذا الدكتور مصرى ولا دخل باختيار تفاصيل المنهج الدراسى.. ولم يسكت ياسر حتى تم عمل مناظرة بين طرفى وجهات النظر وانتصر الحق وزهق الباطل.
- يقول نزار قبانى :
الحب فى الأرض بعض من تخيلنا.. لو لم نجده عليها لاخترعناه.
