«هنري جيمس».. روائي بريطاني ترجمت أعماله لـ«العربية»

هنرى جيمس
هنرى جيمس

روائى وناقد بريطانى من أصل أمريكي، ولد عام 1843 فى نيويورك وتوفى عام 1916 فى لندن، كان أبوه «هنرى جيمس سينيور» عالم لاهوت وكتب قليلا عن الماورائيات فى النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأخوه ويليام جيمس فيلسوف وطبيب نفسى شهير، يعتبر هنرى جيمس أحد رواد الواقعية فى الأدب، ومستكشف القيم والسلوكيات الأمريكية والإنجليزية، أثناء فترة تحول القرن التاسع عشر إلى العشرين.


كتب أكثر من 24 رواية طويلة وعددا كبيرا من القصص القصيرة والمسرحيات وعدة آلاف من الرسائل والمحاضرات الأدبية. من أشهر أعماله: الأمريكى 1877، وديزى ميللر 1879، وبورتريه سيدة 1881، وماذا عرفت ميزى 1897، ودورة اللولب 1898، وجناحا اليمامة 1902، والسفراء 1903، والإناء الذهبى 1904،منحته جامعتا هارفارد وأوكسفورد درجات فخرية عام 1910، وقبل وفاته بعام تخلى عن جنسيته الأمريكية احتجاجا على تردد الولايات المتحدة فى الانضمام لانجلترا وفرنسا والدول الحليفة فى الحرب العالمية الأولى. وتوفى عام 1916 فى لندن. 


تُرجمت معظم أعماله الروائية وعدد من قصصه القصيرة إلى العربية، كذلك تحول عدد من أعماله إلى أفلام ومسلسلات ومسرحيات.

الفصل الأول


بعد وفاة الكاتب الكبير آشتون دوين بثلاثة أشهر فقط تلقَّى چورچ ويزرمور رسالة من ناشِرى دوين، بخصوص «سيرة حياة» الكاتب الراحل، لم يندهش حين عرف من لقائه معهم -الذى تحدَّد سريعًا- أن أرملة الكاتب الراحل تضغط عليهم لإصدارها خلال وقت قصير.


كانت علاقة دوين بزوجته -على حدِّ علم ويزرمور- فصًلا مميَّزًا للغاية، على أى كاتب أن يتعامل معها بحرص فى جميع الأحوال، ويبدو أن المرأة المسكينة قد دفعها شعورُها بالفقد -والنقص حتى- منذ الأيام الأولى لتَرمُّلها للبحث عن شخص مؤهَّلٍ ليساعدها فى ردِّ اعتبارٍ ما ومبالَغ فيه حتى- لصالح اسم زوجها البارز. كان چورچ ويزرمور يعدُّ نفسه مؤهَّلًا، لكنه لم يتوقَّع أن تذكره مسز دوين بالاسم لتضع فى يده مادة الكتاب على الفور.


كانت المادة: مذكِّرات، وخطابات، وملاحظات ووثائق شتَّى- ملكها، وتحت تصرُّفها بشكل كامل، دون أية شروط، كانت حرَّةً فى التصرُّف فيها كما تشاء- وحرة أيضًا ألَّا تتصرَّف فيها على الإطلاق. لم يكن دوين نفسه ليرتِّب منها -لو كان قد سمح له الوقت بترتيب شيء- سوى افتراضات وتخمينات. أخذه الموتُ سريعًا، وفجأةً.

وممَّا يثير الشفقة أنه لم يكن فى حساباته. قوطِع فجأةً: قضاء الرب وقدره، والنهاية منزوعة وتحتاج إلى تقليم. يعرف ويزرمور جيدًا كيف كان دوين يقدِّره، لكنه يعى جيِّدًا أيضًا لصعوبة المقارنة بينهما. كان ويزرمور صحفيًّا شابًّا، وناقدًا، ورقيق الحال، بقليل، حتى الآن؛ ممَّا يمكنه استعراضه، كما يُقال بابتذال.

كتاباته قليلة وصغيرة، وعلاقاته معدودة وغامضة. بينما دوين، على الجانب الآخر، كان قد عاش طويلًا بما يكفي، والأهم من هذا أن كان لديه موهبته التى تكفى ليصبح عظيمًا. وكان من بين أصدقائه العظماء أيضًا العديد ممَّن يعرفون زوجته جيِّدًا، وكان بإمكانها التوجُّه إليهم بهذا الطلب.


كان ذِكرُها اسمه -بطريقة غير مباشرة، وعلى نحو يترك له قدرًا من الحرية- ما جعله يشعر أن عليه مقابلتها، وأن بينهما الكثير ليتحدَّثا عنه. راسلها على الفور، فأجابته سريعًا أيضًا بتحديد موعد، والتقَيَا. لكنه خرج من هذا اللقاء برأيه الخاص مؤكَّدًا إلى حدٍّ كبير. كانت امرأة غريبة.

ولم يرها جذَّابة، لكنَّ شيئًا ما لمسه فى نفاد صبرها وتخبُّطها الواضحين. أرادت أن يردَّ الكتاب اعتبارًا ما، وكان على الشخص الذى ترى أن بإمكانها استغلاله إلى أقصى حد، من معارف زوجها، أن يحقِّق لها هذا تحت أى ظرف. لم تأخذ دوين بجدِّيَّةٍ كافية فى حياته.

لكنها أرادت أن تكون سيرة حياته ردًّا متماسِكًا على كل ما نُسِب إليها. كانت بالكاد تعرف شيئًا عن إصدار الكتب، لكنها بحَثَت وتعلَّمَت أشياء. قلق فى البداية حين لاحظ أنها تُفضِّل الكَمَّ. كانت تتحدث عن مجلَّدات، لكنه احتفظ برأيه.


وقفت أمامه بحِدادها التام: عينان سوداوان كبيرتان، غطاء رأس أسود كبير، ومروحة سوداء كبيرة، وقفازان أسودان، وحضور عام هزيل وقبيح ومأساوي، رغم كونه -من منظور معيَّن- رقيقًا، وقالت:
 لقد فكَّرتُ فيكَ أنت على الفور، كما كان سيفكر هو نفسه. كان يحبُّكَ أنت أكثر من أى شخص، أقصد كثيرًا.


كان قولها هذا كافيًا ليدير رأس ويزرمور. تساءل فيما بعد إن كانت تعرف دوين جيِّدًا لتكون متأكِّدةً من قولها هذا. لكنه أخبر نفسه أن شهادتها مع أنها لا يُعتَدُّ بها تقريبًا- إلَّا أنه لا دخان بلا نار، وأنها بالتأكيد تعرف ماذا تقول على الأقل، وليست فى حاجة لتملُّقِه.


قادَته إلى غرفة مكتب زوجها الراحل، التى كانت فى خلفيَّة البيت وتطلُّ على حديقة خضراء واسعة: منظر جميل ومُلهِم بالنسبة لويزرمور المسكين، وشائع بين الأثرياء.


قالت:
 يمكنك العمل هنا بالطبع، سيكون المكتب لك وحدك. وهو فى الليل بشكل خاص، كما ترى، هادئٌ ومنعزِلٌ، سيكون ممتازًا.
نظر الشاب حوله ورأى أنه ممتاز بالفعل. كان قد أوضح لها أن عمله فى صحيفة مسائية وانشغاله قبل هذا لوقتٍ طويل بشكل منتظم؛ سيجعله يأتى ليلًا دائمًا. كانت الغرفة مُعبَّأة بالكاتب الراحل. كل شيء فيها يخصُّه، كل ما يلمسانه جزءٌ من حياته. شعر ويزرمور بثقل المهمة للحظة -شرف كبير ومسؤولية أكبر-. عاوَدَته الذكريات، خفق قلبه ودمعت عيناه، وشعر بولائه للكاتب أكبر ممَّا يحتمل. دمَعَت عينا مسز دوين أيضًا حين رأت عينيه الدامعتين، ووقفا للحظة ينظر أحدهما للآخر. توقَّع ويزرمور أن تصيح فيه المرأة فجأة: «أرجوك ساعدنى على الشعور الذى تعرف جيدًا أننى أريد أن الشعور به». 


بعد قليل قال أحدهما، ووافقه الآخر فورًا (ولا يهم أيُّهما):
 نحن هنا معه.
لكنَّ الشابَّ كان هو مَن أكَّد -قبل أن يغادِرَا المكتب- أن دوين هو الذى معهما هناك.
بدأ يأتى كلَّما سمح له وقته، ثم بدأ، فى الهدوء الساحر بين المصباح والمدفأة، والستائر المسدلة، يشعر بوعيٍ ما يتكثَّف ويتسلَّل إليه. كان يَصِل إلى البيت الكبير الصامت من ليل لندن الحالك فى نوڤمبر، ويصعد على السُّلَّم المَكسوِّ بالسجاد الأحمر حيث لا يجد فى طريقه سوى خادمة مدرَّبة على الصمت، أو مسز دوين خارج باب المكتب بأعشابها الملكية ووجهها الحزين والمستحسِن. ثم، وبلمسة واحدة للباب المتقن الصنع، تَصدُر تَكَّة حادَّة ومُحبَّبة للغاية، فيغلق على نفسه بالداخل لثلاث أو أربع ساعات مع روح أستاذه- كما أكَّد دائمًا، وبوضوح.


فكَّر فى الليلة الأولى أن تأثُّره الشديد بالأمر كله: الوعد، والامتياز، والرفاهية- هو السبب فى شعوره هذا. لم يكن قد فكَّر فى الكتاب جيِّدًا، كما يتذكر الآن. رغم وجود الكثير للغاية ممَّا كان ينبغى التفكير فيه: لكنه ترك عاطفته وإعجابه -ناهيك عن كبريائه المَرضيَّة- تستمتع ببساطةٍ، ولأقصى حدٍّ مُمكِن، بالإغراءات التى قدَّمَتها مسز دوين.


قد يبدأ بسؤال نفسه كيف عرف -دون تفكير- كيف سيكون الكتاب -فى مُجمَله- مرغوبًا فيه؟ ماذا كان الضمان الذى تلقَّاه من آشتون دوين نفسه لمقارَبةٍ مباشرة ومألوفة إلى هذه الدرجة؟ كتابة السيرة فنٌّ عظيم، لكن الحيوات كثيرة والموضوعات كثيرة. تذكَّر بشكل مُتقطِّع عباراتٍ قديمةً قالها دوين عن سِيَر مُعاصِرة، تلميحات عن اختلافه هو نفسه عن أبطاله وعوالمه. تذكَّر حتى كيف كان صديقه يؤكِّد دائمًا أنه -فيما عدا «چونسون وسكوت» بقلَمَيْ: بوزويل ولوكهارت- من الأفضل ترك سيرة حياة «الأدباء» لشأنها، دون أن يُعاد تقديمها.


الكاتب هو أعماله، وليس شيئًا آخر. مع ذلك، فكيف لا ينتهز الشيطان المسكين چورچ ويزرمور فرصةَ قضاء شتاء فى هذه الخلوة الغنية؟ كان الأمر مُذهِلًا ببساطة- هذه هى الحقيقة. لم يتِمَّ بناء على اتفاق مع ناشرين، مع أنهم لم يعترضوا، بل كان دوين نفسه، صحبته وتواصُله وحضوره- هذا ما تبيَّن له: إمكانية التقارب بينهما بشكل أفضل ممَّا كانا عليه فى حياته. كأن الموت أقلُّ سِرِّيَّةً وغموضًا من الحياة! وبدا من الليلة الأولى التى قضاها الكاتب الشاب فى المكتب أنه وأستاذه معًا حقًّا لأول مرة.


الفصل الثانى
ترَكَته مسز دوين لشأنه أغلب الوقت، لكنها ذهَبَت إليه مرتين أو ثلاثًا لتطمئنَّ أن لديه كل ما يريده، فانتهز الفرصة ليشكرها على جهدها ودعمها له. كانت قد بحثت فى المادة بنفسها إلى حدٍّ ما، وجمَعَت عدَّة مجموعات من الخطابات بالفعل، كذلك أعطته منذ البداية كل مفاتيح الأدراج والخزائن، بمعلومات مفيدة عن مكان كل شيء. موجَزُ القول أنها منحته كل شيء.

وسواء كان زوجها يثِقُ فيها أم لا، بدا أنها هى تثق فى صديقه. مع ذلك شعر ويزرمور أنها -رغم كل الترتيبات- ليست مرتاحةً تمامًا، وأن ثقتها يشوبها قلقٌ ما لا يمكنها تجاهله. ومع أنها كانت مُراعية إلى أقصى حدٍّ، لكنها فى الوقت نفسه كانت هناك دائمًا بشكلٍ محسوس: شعر بها، بحاسَّةٍ سادسة رقيقة للغاية نشأت من تواصُلهما العام، تحوم، خلال الساعات الهادئة، على السُّلَّم وعلى الجانب الآخر من الباب، ففهم من حفيف ثوبها المكتوم مدى تَرقُّبها وانتظارها. 


ذات مساء، كان منهمِكًا فى قراءة خطاب، وهو جالس إلى مكتب صديقه، حين توقَّف عن القراءة والتفت خلفه لشعوره بوجود أحدٍ ما. كانت مسز دوين قد دخلت الغرفة دون أن ينتبه.
ابتسَمَت بتكلُّفٍ حين نهض لها. وقالت:
أرجو ألَّا أكون قد أفزعتك.


فأجابها:
قليلًا فقط، كنتُ مُنهَمِكًا بشدَّة. كأنه... للحظة...
تردَّد قليلًا ثم أضاف:
كأنه كان هو.
زادت غرابَةُ وجهها باستغرابها وهى تسأل:
مَن؟ آشتون؟
فقال ويزرمور:
يبدو أنه قريبٌ جدًّا...
فسألته:
لكَ أيضًا؟
أدهشه رَدُّها بالطبع. فسألها:


حدث هذا معكِ إذن؟
تردَّدَت قليلًا، لم تتحرَّك من مكانها، بل نظرت حولها فى الغرفة كأنها تتفقَّد أركانها المعتمة. كان لها طريقة فى رفع مروحتها السوداء الكبيرة -التى بات واضحًا أنها لا تتركها أبدًا- إلى مستوى أنفها، لتغطِّى الجزء الأسفل من وجهها، فتبدو عيناها -الجامدتان قليلًا- أكثرَ التباسًا. ثم أجابته:
أحيانًا.
فقال ويزرمور:
يبدو كأنه سيدخل فى أية لحظة؛ لهذا جفلتُ الآن. مرَّ وقتٌ قصير للغاية منذ أن كان... كان ذلك بالأمس فقط. أجلس الآن إلى مكتبه، أفتح كتبه، أستخدم قلمه، أُزْكى ناره، كأنه سيعود فى أى وقت من تمشية قصيرة وأنا فى انتظاره. شعور جميل، لكنه غريب.


سمعته باهتمام ومروحتها ما زالت على أنفها. ثم سألته:
أيقلقك هذا؟
لا... بل يروقني.
تردَّدَت ثم سألته مُجدَّدًا:
هل سبق وشعرتَ أنه فى الغرفة... بشخصه.
قال ضاحكًا:
 حسنًا، حدث هذا للتَّوِّ، يبدو أننى شعرتُ بهذا حين سَمِعتُكِ خلفي. ماذا نريد رغم كل شيء، سوى أن يكون معنا هنا؟
فقالت:
نعم، كما قلتَ أنتَ حين جئتَ أوَّلَ مرة. 
ثم حدَّقَت فيه وأضافت بيقين:
إنه هنا معنا.
اختلج وجهها قليلًا، فحَسِبها ويزرمور ابتسامة، فقال:
علينا إبقاءه معنا إذن. علينا أن نفعل ما يريده فقط.
فأجابته:


نعم، ما يريده فقط، بالطبع... لكن إن كان معنا هنا؟...
سكتت، وبدا أن عينيها الكئيبتين تقذفان بما تريد قوله، من أعلى مروحتها، بيأسٍ مُبهَم.
فقال ويزرمور:
فهذا يعنى أنه راضٍ عمَّا نفعله ويريد أن يساعد؟ نعم، بالطبع، لا بُدَّ أنه كذلك.
تنهَّدَت تنهيدةً خفيفة ونظرت حولها مُجدَّدًا ثم قالت وهى تنصرف:
حسنًا، تذكَرْ أننى أيضًا أريد أن أساعد.


شعر من قولها هذا -بعد أن ذهبت- أنها جاءت لتَطمئِنَّ أنه بخيرٍ حقًّا.
كان بخير بالفعل، وبشكل متزايِدٍ أيضًا، اندهش فيما بعد -حين بدأ عمله- أن اقترب من فكرة حضور دوين بشخصه. رحَّب بالفكرة ما إن عبرت بذهنه، اقتنع بها، شجَّعها، احتفى بها، تطلَّع طوال اليوم إلى الشعور بها تتجدَّد كلَّ مساء، وصار ينتظر المساء كعاشقٍ ينتظر موعده الغرامي. كان أصغر حدث يؤكِّدها ويُعزِّزها، وبنهاية ثلاثة أو أربعة أسابيع صارت مِحورَ مشروعه.

ألم تكن الإجابة على التساؤل عن رأى دوين فيما يفعلانه تأكيدًا على أنهما يفعلان ما ينبغى فِعلُه، وأن بإمكانهما المواصلة، خطوة تلو الأخرى، بلا عوائق أو شك. استمتع ويزرمور بلحظات شعوره بهذا اليقين: كان أحيانًا ما يغوص فى أسرار دوين بعمق، فيشعر بسعادة خاصة حين يفكِّر أن دوين نفسه يريد إطلاعَه عليها.

عرف أشياء لم يساوره شكٌّ فيها، أزاح ستائر كثيرة، وفتح أبوابًا كثيرة، وفهم ألغازًا كثيرة، وذهب، بصفة عامة، وكما يقولون، إلى ما وراء كل شيء تقريبًا. كان فى منعطف حادٍّ فى إحدى جولاته الماورائية تلك عندما وجد نفسه حقًّا -وفجأة، وبشكل مؤكَّدٍ ومحسوس- وجهًا لوجه مع صديقه، لوهلة لم يمكنه التحديد إن كان هذا قد حدث فى الممر الضيق للماضى وتحت قبضته المُحكَمة، أم فى الوقت والمكان الحاضرَيْن بالفعل. أكان عام 1867، أم على الجانب الآخر من المكتب.


فى جميع الأحوال، كانت الحقيقة السعيدة الكبرى، ورغم الضوء المُبتَذَل الذى قد تُلقيه الدعاية على هذا، أن دوين كان «يتكشَّف». وكان يتكشَّف بطريقة جميلة، أفضلَ ممَّا توقَّعه ويزرمور من أديب مثله. مع ذلك، كيف كان لأديب مثله أن يقدِّم الحالة المميزة لوعيه الخاص لأى شخص آخر؟ لم تكن شيئًا يمكن التحدُّث عنه، بل للشعور به فحسب.


شعر ويزرمور فى لحظات -وهو مُنكَبٌّ على أوراقه- بأنفاس صديقه الراحل الخفيفة تتردَّد فى الغرفة بشكل مؤكَّد، كمرفقيه على المكتب أمامه. أمكنه فى لحظات أن يرفع بصره ليرى صديقه على الجانب الآخر من المكتب بوضوحٍ كما يرى الصفحات أمامه على ضوء المصباح.

وكان شأن دوين الخاص ألَّا يرفع بصره حينها؛ إذ كان الموقف تحكمه -بطبيعة الحال- أخلاقياتٌ عميقة وحدودٌ رقيقةٌ، وكذلك الخشية من أيِّ تحَرُّكٍ فجائيٍّ أو وقح. ما شعر به ويزرمور بشكل مؤكَّد أنه لو كان دوين موجودًا بالفعل فهذا تقريبًا ليس لرغبته هو بقدر ما هو من أجل القِسِّ الشاب فى مذبحه. كان يحوم ويتلكَّأ، يأتى ويذهب، ربما قبع بين الكتب والأوراق حتى: أمينَ مكتبةٍ صامتًا وحكيمًا، يقوم بواجبه، ويحرص على الهدوء، الذى يُفضِّله الأدباء.


كان ويزرمور هو الآخر -فى هذه الأثناء- يأتى ويذهب، يغيِّر مكانه، يفكر فى أمور واضحة أو مُبهَمة، ولأكثر من مرة، وهو يأخذ كتابًا من على الرَّفِّ ويجد فيه علاماتٍ بقلم دوين، فيشرد فى القراءة، يسمع الأوراق من خلفه على المكتب تتقلَّب وتتحرَّك، فيجد -حين يعود إليها- خطابًا كان يبحث عنه، أو تتَّضِح له مسألة مُحيِّرة ما بفتح جريدة قديمة بالتاريخ المحدَّد الذى يريده. كيف كان سيصل -فى مرَّاتٍ عديدة- إلى الدُّرج أو الصندوق المُعيَّن الذى يبحث عنه، من بين خمسين دُرجًا وصندوقًا، لولا تحرُّك مُساعِدِه الغامض، ببصيرته النافذة.

ليرفع غطاء الصندوق أو يفتح الدُّرج المُعيَّن قليلًا، بطريقةٍ تَلفِتُ نظره فحسب؟ وبرغم الفواصل والهفوات التى كان لأحدهما أن يرفع فيها بصره، رغم كل شيء، كان سيرى شخصًا ما يقف أمام النار منفصلًا وشاردًا. يصنع نارًا أكبر قليلًا من الموجودة فى الحياة.


الفصل الثالث
تأكَّد الشاب أكثر من هذه العلاقة الميمونة، واستمرارها لأسبوعين أو ثلاثة حين شعر ذات ليلة بغيابها، لسبب ما لا يعرفه. أدرك فجأة -حين أضاع صفحة رائعةً لم تُنشَر من قبل، ولم يمكنه العثور عليها رغم بحثه عنها فى كل مكان- أن رعايته -رغم كل شيء- مُعرَّضة للارتباك، والمنع حتى. فإن كان هو ودوين، قد ظلَّا معًا منذ البداية، يستمتعان بهذا العمل، فقد تغيَّر الموقف، خلال أيام قليلة من شَكِّه فى الأمر، تغييرًا غريبًا، ولم يعودا كذلك. قال لنفسه إن هذا حدث منذ أن بدأ يعتبر المادة مجرَّد كَمٍّ وكتلة بدلًا من افتراضاته السعيدة لمسارٍ واضح ووتيرة حيوية.

ظلَّ يناضل لخمس ليالي، يسير فى الغرفة، يعجز عن الجلوس إلى المكتب، يمسك بأحد الكتب ليتركه مجدَّدًا، ينظر من النافذة، يقلِّب النار، يفكِّر فى أمور غريبة، يترصَّد إشارات أو أصوات، لا يشكُّ فيها أو يتخيَّلها، بل يتوق إليها ويستحثُّها، حتى قرَّر أنه -فى الوقت الحالى على الأقل- وحده.


ذُهِل حين وجد أن غياب دوين لا يجعله حزينًا فحسب، بل وقَلِقًا إلى حدٍّ كبير. كان غيابه أغرب من حضوره بطريقة ما، لحَدٍّ أثَّر على أعصاب ويزرمور بشدَّة، وبشكل غير منطقي. كان قد تعامل بهدوء كافٍ مع وضعٍ يستحيل شرحه، بينما ظلَّت أعصابه مشدودة، بشكل مُتناقِضٍ، حين عاد إلى الوضع الطبيعي، وتغلَّب على الوهم. حتى خرج الأمر عن السيطرة بشكل ملحوظ ذات ليلة، فاندفع خارج المكتب أخيرًا، بعد مقاوَمَة ساعة أو اثنين. وشعر حينها فقط -ولأول مرة- أنه لا يُمكِنه البقاء هناك.


سار فى الرواق بتثاقُلٍ، لاهِثٍ قليلًا ومرعوبًا بشكل واضح. وصل إلى أعلى السُّلَّم. رأى من حيث يقف مسز دوين تتطلَّع إليه من أسفل، كأنها كانت تنتظره. كان أغرب ما حدث أن، رغم عدم تفكيره فى اللجوء إليها؛ إذ لم يرغب سوى فى الهروب لإراحة عقله، جعلته رؤيته لها يدرك سريعًا أنهما -الاثنان معًا- تحت قبضة وحشيَّةٍ ما تنغلق عليهما. 


كان من الرائع رؤية كيف صعدت الفكرةُ سُلَّم البيت الإنجليزى الحديث، وعلى السجاد الفخم وفى الضوء الكهربائي، من المرأة الطويلة المتَّشِحة بالسَّواد، إليه، ثم عادت تهبط إليها مُجدَّدًا، فعرف لماذا بدت كأنها تعرف. نزل على الفور، واستدارت هى إلى غرفتها الصغيرة فى الطابق السُّفليِّ، لحق بها ثم وقفا فى الغرفة معًا، بالباب مُغلَقًا، صامِتَيْن، وبوجهين غريبين، يواجهان اعترافاتٍ اتَّضَحَت فجأة من هذه الإشارات القليلة. شهق ويزرمور حين فهم لماذا فقد صديقه. سألها:


كان معكِ؟
بقوله هذا اتَّضَح كل شيء. دون أن يضطرَّ أيُّهما لقول شيء، عبر سؤال «ماذا كنتَ تظنُّ؟» سريعٍ بينهما، وبدا أن لكل منهما سببًا فى طرحه.


نظر ويزرمور حوله فى الغرفة الصغيرة المضاءة، التى قضى فيها دوين حياته ليلة بعد أخرى، كما كان يفعل فى المكتب بالأعلى. كانت الغرفة جميلة، وهادئة، ووردية، لا بُدَّ أن مسز دوين بدورها قد شعَرَت فيها بما كان ويزرمور يشعر به فى المكتب، وسمعت ما كان يسمعه. كان وجودها فيها -بسوادها التام، الداكن والطاغي، على الخلفية الوردية الهادئة- يشبه مطبوعة ملوَّنة تلطَّخَت، مُلصَقًا ما من المدرسة الحديثة.


سألها:
هل عرفتِ أنه تركني؟
تردَّدَت قليلًا ثم أجابته:
هذا المساء... نعم. فَهِمتُ الأمر.
فسألها:
أكنتِ تعرفين أنه كان معي؟
تردَّدَت مُجدَّدًا ثم أجابته:
كنت أشعر أنه ليس معي. بل على السُّلَّم...
ثم سكَتَت، فقال يشجِّعها:
نعم...
فقالت:
حسنًا، رأيتُه، أكثرَ من مرَّة. فى البيت. وعند بابِكَ...
سكَتَت مجدَّدًا، فعاد يشجِّعها قائلًا:
حسنًا؟
فقالت:
إن توقَّفتُ قليلًا يمكننى أن أُحدِّد. ومن وجهك الليلة، حالتك واضحة بالطبع.
فسألها:
ولهذا خرجتِ الليلة؟
فأجابته:
فكَّرتُ أنَّكَ ستأتى إليَّ.
مدَّ يده لها، ووقَفَا لدقيقة متشابكى الأيدى فى صمت. لم يشعر أحدهما بأى حضور غريب الآن، لا شيء أكثر غرابة من حضور أحدهما للآخر. بدا المكان مهجورًا فجأة، فغلب ويزرمور قلقُه مجدَّدًا وسألها:
ما الأمر إذن؟
أجابته بعد لحظة:
أنا لا أريد سوى ما ينبغى فِعلُه.
فسألها:
وألسنا نفعله؟
فأجابته:
هذا سؤالي: ألا تفعله أنت؟
فكَّر قليلًا ثم أجاب:
هذا ما ظَنَنتُه... لكننا يجب أن نعيد التفكير.
فردَّدَت بعده:
- نعم، يجب أن نعيد التفكير.
وقد فكَّرَا بالفعل بتركيز شديدٍ معًا لبقية تلك الأمسية، وكلٌّ على حِدَة فيما بعد. عن نفسه، أوقف وزيرمور -خلال أيام كثيرة تلت- زياراتِه وعمَلَه مؤقَّتًا، وراح يعصر ذهنه محاوِلًا إيجاد الخطأ الذى ارتكبه والذى تسبَّب فى هذه العقبة. هل اتَّخذ، عند نقطة مُهِمَّة مُعيَّنة، أو بدا أنه سيتَّخذ مَنحًى ما خاطئًا، أو وجهة نظر غير سليمة؟ هل ضلَّل فى شيء ما أو أصرَّ على شيء ما بشكل غير دقيق. عاد أخيرًا بأسئلة مُعيَّنة ظنَّ أنه عليه التعمُّق فيها، فقضى فترة قلق أخرى بالأعلى، تلاها لقاء آخر مع مسز دوين، بالأسفل، وكانت ما زالت قَلِقَة.
سألته:
- أهو هناك؟
فأجابها:
- إنه هناك.
فأجابته بنبرة انتصارٍ كئيبة وغريبة:
- كنت أعرف!
ثم أردَفَت توضِّح:
- لم يَعُد معى مؤخَّرًا...
فقال:
-_ ولا معى ليساعدني.
فكرَّرَت متسائلة:
يساعدك؟
فأجابها:
أنا لا أفهم شيئًا... أنا تائه. لو فعلت ما أريده، سأشعر أننى مخطئ.
سألته بصوت حزين للغاية:
كيف تشعر بهذا؟
فأجابها:
ممَّا يحدث بالطبع. أشياء غريبة. لا يمكننى وصفها... ولن تصدقِّيها.
فغمغَمَت قائلة:
أوه، بلى، سأصدِّقها.
فواصل يوضح:
حسنًا، إنه يتدخل. أينما توجَّهتُ أَجِده.
كرَّرَت متسائلة:
تجده؟
فأوضح:
أشعر به. يبدو أنه يقف هناك أمامي.
سكتت تحدِّق فيه لوقت ثم سألته:
أتقصد أنك تراه؟
فأجابها:
أشعر أننى سأراه فى أية لحظة. أنا حائر. مُقيَّد.
سكت قليلًا ثم أضاف:
أنا خائف.
فسألته:
منه؟
فكَّر قليلًا ثم قال:
بل ممَّا أفعله.
فسألته:
ما الذى تفعله؟
فأجابها:
ما طَلَبتِه مني: كتابة سيرته.
لاح قلقٌ جديد فى حزنها الآن، فسألته:
ألا تحبِّذ هذا؟
فسألها:
السؤال هو: هل يحبِّذه هو؟ نحن نُعرِّيه. نُقدِّمه... كيف أقول هذا؟ نحن نسلِّمه للعالَم.
اتَّسَعَت عينا المسكينة، كأنها تتوقَّع عقابًا أليمًا، ولمعتا بحزنٍ عميق للحظة وهى تسأل:
- ولماذا لا ينبغى ذلك؟
فأجابها:
- لأننا لا نعرف... ثمة أحداث، وأمور، الأفضل أن تُترَك لشأنها. قد لا يوافق على هذا. نحن لم نسأله قَطُّ.
فسألته:
- وكيف نسأله؟
سكت ويزرمور قليلًا ثم قال:
- حسنًا، نحن نسأله الآن. هذا ما وصلنا إليه منذ أن بدأنا رغم كل شيء. نحن نضع الأمر بين يديه. 
فقالت:
- لذلك، فإن كان معنا حتى الآن، فقد أجابنا.
قال ويزرمور بثقة الآن:
- لم يَكُن «معنا»، بل كان «ضدَّنا».
فسألته:
- لماذا إذن ظَنَنتَ أنه...
فقاطعها:
- حين ظَنَنتُ فى البداية أنه يريد مساعدتنا؟ كنتُ مُخطِئًا ببساطة. كنت -لا أعرف كيف أصيغ هذا- متحمِّسًا ومفتونًا، لحَدِّ أننى لم أفهم. لكننى فهمتُ أخيرًا. إنه يريد التواصل معنا فحسب. إنه يخرج من ظلامه، ويمدُّ إلينا يده من خصوصية أسراره، ليوضح لنا بإشارات مبهمة رُعبَه.
سألَت مسز دوين مشدوهةً ومروحتها تغطى فمها:
- رُعبه؟
فأوضح ويزرمور:
- ممَّا نفعله.
استجمع حينها القِطعَ كلَّها معًا. فقال:
- فهمتُ الآن أننى فى البداية...
حين سكت، سألته تحثُّه على المواصلة:
- ماذا؟
فواصل قائلًا:
- ظننتُ بسذاجةٍ أنه معنا لأنه يهتمُّ. وقد أضلَّنى جَمالُ هذه الفكرة. لكنه كان هناك لأنه يحتجُّ.
سألت مسز دوين ناحبة:
- على ماذا؟
فأجابها ويزرمور:
- على كتابة سيرته. إنه هنا لإنقاذ سيرته. لنتركه لشأنه.
سألته بفزع تقريبًا:
- هل ستترك الأمر إذن؟
فأجابها بتأكيد:
- إنه هنا كإنذار.
تبادَلَا نظرة عميقة حين صرَّح بهذا. ثم قالت أخيرًا:
- أنت خائف حقًّا!
تأثَّر بقولها، لكنه أصرَّ قائلًا:
- سيلعننا!
على هذا افترقا، لكن ليومين أو ثلاثة فقط. ظلَّت كلماتها تتردَّد فى أذنيه، لحَدِّ أنه بين رغبته الحقيقية فى إرضائها، والرغبة الجديدة التى اتَّضَحَت الآن- شعرَ أنه قد يؤجِّل حَسْمَ الأمر قليلًا. عاد أخيرًا فى موعده المعتاد، ووجدها فى مكانها المعتاد.
قال بثقةٍ كأنه فكَّر مَلِيًّا ويعرف جيِّدًا ما يعنيه:
- نعم، أنا خائف. لكننى لاحظتُ أنَّكِ لستِ خائفةً.
تردَّدَت ثم سألته بتحفُّظ:
- ممَّ تخاف تحديدًا؟
فأجابها:
- حسنًا، أخاف أن أراه إن واصَلتُ العمل.
فسألَته:
- وماذا قد يحدث حينها؟
فأجاب:
- أوه، حينها، سيكون عليَّ تَرْكُ الأمر!
فكَّرَت فى كلامه بجدِّيَّة ونُبل، ثم قالت:
- ظنى أن علينا انتظار إشارة واضحة.
فسألها:
- أتريدين منى المحاولة مجدَّدًا؟
تردَّدَت ثم سألته:
- أنتَ تعرف ماذا يعنى لى أن تترك الأمر؟
فقال:
- لكنَّكِ لستِ مُضطرَّةً لذلك.
بَدَت حائرة، لكنها واصَلَت بعد لحظة:
- سيعنى أنه لا يقبل مني...
ثم سكَتَت بيأس.
فسألها يشجِّعها:
- لا يقبل منكِ ماذا؟
فأجابت مسز دوين المسكينة:
- أى شيء.
حدَّق فيها للحظة ثم قال:
- لقد فكَّرتُ جيِّدًا بشأن الإشارة الواضحة. سأحاول مُجدَّدًا.
تذكَّرَت شيئًا وهو يتركها فقالت:
- أخشى أننا الليلة لسنا مستعدِّين تمامًا، لا مصباح ولا نار.
فأجابها قبل أن يصعد السُّلَّم:
- لا داعى لكل هذا، سأجد كل شيء بنفسي.
دخَلَت غرفتها وجلست فى انتظاره. لم تنتظر طويلًا، مع ذلك لم يَمُرَّ عليها الوقت وهى جالسة تحدِّق بقلق فى الباب المفتوح، بهدوء كما بدا لزائرها. سمعته، بعد قليل، يهبط السُّلَّم، ورأته يقف أمام غرفتها، لم يَبدُ مندَفِعًا ومُتقدِّمًا، كما لم يَبدُ مُتراجِعًا وخائفًا، بل بدا غاضِبًا وشاحِبًا. قال:
- سأترك الأمر.
فسألته:
- رأيتَه؟
فأجابها:
- على عتبة الباب... يحرسها.
فسألته وهى ترفع مروحتها:
- يحرسها؟ بوضوحٍ؟
فأجاب المسكين ويزرمور:
- بوضوحٍ شديد. لكنه قاتِمٌ ومُرعِب.
فسألته مدهوشة:
- ألم تدخل؟
أشاح الشاب بوجهه وقال:
- لقد مَنَعنى من الدخول!
فسألته بعد لحظة:
- أنتَ قُلتَ إننى لستُ مضطرَّةً. أليس كذلك؟
فسألها چورچ ويزرمور:
- لرؤيته؟ 
سكتت لحظة ثم أجابت:
- بل لتَرْك الأمر.
فقال:
إنه قرارُكِ.
بالنسبة له استطاع أخيرًا أن يُلقى بنفسه على أريكة ويغطِّى وجهه بيديه. لم يَدْرِ كم مضى عليه فى جلسته هذه، لكنه حين وعى أنه فى غرفتها، وحده، نهض وتوجَّه للباب المفتوح، فوجد نفسه مُجدَّدًا، أمام حضورها الأسود الطاغى فى ضوء ودفء الغرفة الوردية. ففهم على الفور، وهى تحدِّق فيه بعينين أكثر اتساعًا وجمودًا، من أعلى مروحتها، أنها صعَدَت، وأن هذه ستكون آخر مرَّة يواجهان فيها معًا سؤالهما الغريب الذى طرحه ويزرمور:
- أرأيتِه؟
خمَّن من طريقتها غير العادية فى إغماض عينيها بقوَّةٍ ولوقت طويل -كأنها تحاول استعادة نفسها، فى صمت- أن ما رآه مُقارَنةً بما رأته هى يُعَدُّ بسيطًا. عرف قبل أن تتحدَّث أن كل شيء قد انتهى. قالت له:
سأترك الأمر.

اقرأ ايضا | رضوى الأسود تكتب : أنت تشرق أنت تضىء: سلاسة التنقل بين الماضى والحاضر