حوار| يونس مخيون رئيس حزب النور السابق: دعوة الرئيس للحوار الوطنى فرصة «للتحريك السياسى»

د. يونس مخيون الرئيس السابق لحزب النور
د. يونس مخيون الرئيس السابق لحزب النور

لسنا الوجه الآخر للإخوان.. ومعارضتنا «إصلاحية»

نطالب بتغيير النظام الانتخابى.. والقائمة المُغلقة تهدر الأصوات 

علينا أن ننسى الخلافات ونتعاون حتى تمر الأزمة الاقتصادية العالمية

فارق كبير بين الحوار المنتج الخلاق وبين الجدال السوفسطائى العقيم؛ فالأول يفتح الباب واسعًا أمام التجديد والابتكار، والثانى مكلمة فارغة تبدأ باللسان وتنتهى باللسان؛ ولهذا فقد جاءت دعوة الرئيس السيسى إلى الحوار الوطنى بمثابة طوق النجاة للأحزاب الغارقة لتعبر عن نفسها بصورة لائقة وتشتبك مع قضايا الوطن وتشارك فى البحث عن حلول واقعية لها وسط فوران عالمى فى السياسة والاقتصاد على السواء..

وفى هذا الحوار مع د. يونس مخيون الرئيس السابق لحزب النور نناقش موقف الحزب من الحوار الوطنى وكيف استعد له وما مآخذه عليه، وكيف يسعى للتكامل الوطنى الشامل والاندماج فى ثوابت وطنية لا تقبل الجدال أو الممالأة..

ولأننى أعرف د. يونس مخيون منذ تأسيس حزب النور فإننى أثق أن إجاباته عن أسئلتى ستكون صريحة جدا لا تعرف المداراة، فالرجل يتحدث من قلبه حتى فى انتقاداته لبعض إجراءات الحوار الوطني.

قبل أى شيء دعنى أسألك عن شاغل كبير عندي.. برأيك كيف يكون السيناريو إذا لم تحدث تلك الثورة الشعبية فى 30 يونيو.. وهل كان من المتوقع حدوث تصادمات عنيفة بين حزب النور والإخوان؟

قبل 30 يونيو حدثت بالفعل بعض الصدامات، وبدأ حرق مقراتنا مثل حرق مقرنا بالمحلة، وبدأت تحدث صراعات فى الشارع وكان الوضع يُنذر بالخطر الشديد، وكنا خائفين بالفعل على مستقبل الوطن؛ وكنا فى غنى عن هذا لو استجاب الإخوان لهذه النداءات والمبادرات، وحتى فى آخر لحظة كان د. مرسى يملك الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، ولكن كل شيء بتقدير الله عز وجل؛ وأقول إن سلوك الإخوان خلال هذه الفترة أضر بالتيار الإسلامى كله وأرسل رسالة سلبية للناس نتيجة لاختيارهم الصدام والعنف؛ ورغم أن موقفنا واضح جدا فإن كثيرا من الناس لا يُفرقون بيننا، وهذا أضرّ بنا كثيرًا، ولهذا فإن من أسباب وجودنا فى الساحة السياسية تحسين صورة التيار الإٍسلامى التى شوهها الإخوان.

مشروعات عملاقة

ما تقييم حزب النور للمشروعات التنموية التى أنجزها الرئيس السيسى طوال السنوات الماضية؟

لا شك أنها مشروعات عملاقة، وأن الرئيس «عمل شغل» لم يحدث منذ عقود، وكل ذلك يصبّ فى خانة البنية الأساسية مثل الطرق والكبارى والموانئ والمدن الجديدة، وهى مشروعات عظيمة؛ ولكن هناك مشروعات كان لابد من حوار وطنى حولها للبحث فى الأولويات؛ ومن وجهة نظرى لابد أن يكون هناك المزيد من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لتستوعب الأيدى العاملة من الشباب وخلق فرص عمل جديدة، وكذلك تشغيل المصانع المتوقفة وغيرها بحسب إمكانات الوطن؛ ومن المحتم الآن النظر إلى الأولويات مع تأزم الاقتصاد العالمي؛ ومع هذا فإن علينا الانتهاء السريع من المشروعات التى بدأت بالفعل مثل محور المحمودية، أما المشروعات التى لم تبدأ فيتم النظر فيها بحسب الظروف الجديدة.

تحريك سياسي

هل ترى أن دعوة الرئيس السيسى للحوار الوطنى فرصة للحزب للانتشار بين الناس؟

لا علاقة على الإطلاق بين الدعوة إلى الحوار وبين انتشار الأحزاب على الأرض أو بين الناس، ولكن ما نتمناه أن يكون هذا الحوار بداية لإعطاء الأحزاب الفرصة الكافية للمشاركة فى الحياة السياسية، لأن الأحزاب نفسها فى حالة موت إكلينيكى نتيجة النظام الانتخابي؛ ولهذا نرجو أن هذا الحوار فرصة لسماع الآخر، مع تفعيل دور الأحزاب وتحريك الحياة السياسية والحزبية ليكون لها دور فاعل ومشاركة حقيقية فى قرارات الدولة؛ ونحن نرحب كقوى سياسية أن نتشارك مربعات واحدة ننطلق من خلالها، والجميع متفقون على الحفاظ على الوطن وقوة مؤسساته وتقدمه إلى الأفضل إقليميا وعالميا مع تحسين معيشة الناس، وأعتقد أنه لا خلاف على ذلك.

مشاركة إيجابية

وماذا عن موقف حزب النور نفسه من هذه الدعوة؟ وكيف استقبلها؟

بالطبع رحبنا بالحوار الذى دعا إليه الرئيس السيسى وسنشارك فيه، والحمد لله لم نتخلف عن أى حوار وطنى دُعينا إليه، ونحن حريصون لنكون شركاء لأى حوار يدفع إلى الأمام، وتكون مشاركتنا إيجابية لصالح الشعب والوطن؛ كما أن الحوار فرصة حقيقية أمام القوى السياسية لتقدم رؤيتها للإصلاح وتشارك، لأن مصر دولة كبيرة والتحديات أمامها عظيمة جدا وتحتاج إلى تضافر الجهود والتعاون وتوسع دائرة المشاركة وتحمل المسئولية، وهذا الحوار سيفعل هذا، مع إظهار كفاءات جديدة تُخرج ما عندها من أفكار تستفيد منها الدولة فى المستقبل؛ والحوار أيضا فرصة لنتعلم من خلاله الأسلوب الحضارى فى الحوار ونجلس على مائدة واحدة ليطرح كل فريق ما عنده دون حساسية، خاصة أنه ظهرت بعد ثورة يناير سلبيات مثل غياب روح الحوار بين القوى السياسية، فكان الاختلاف تخوينا وسبّا وقد يصل إلى الإيذاء الجسدي، وهذه مسألة خطيرة جدا؛ ولهذا لا بد أن نتعلم لغة الحوار الهادئ البعيد عن العنف إعلاءً للمصلحة العليا للبلاد.

إذن.. هل لديكم خطة واضحة للمشاركة بها فى هذا الحوار؟

بالطبع، لدينا رؤية واضحة جدا بكل المجالات، وسوف نتقدم بخطة فى محور الإصلاح السياسي، والاقتصادي، والتشريعي، والقيمى والأخلاقي، والأمن القومي؛ وهذه المحاور كلها مجتمعة مع بعضها.

النظام الانتخابي

وماذا عن النقاط التى ستشملها رؤيتكم للإصلاح السياسى بداية؟

تعتمد رؤيتنا على تغيير النظام الانتخابي، بحيث يعتمد على القائمة النسبية التى تتيح المشاركة الأكبر للناس، وهى طريقة عادلة، وكل قائمة يؤخذ منها بحسب ما تحققه من أصوات، بعكس القائمة المغلقة المطلقة التى لم يعد أحد يأخذ بها فى العالم كله لأنها تُهدر أصوات الناخبين؛ أما القائمة النسبية فتتيح الفرصة لمشاركة الكفاءات والشباب ولكل من لا يملك القدرة على خوض الانتخابات؛ فيكون هناك جزء للقائمة النسبية وجزء للنظام الفردي؛ وبحيث تكون الدولة على مسافة واحدة من كل الأحزاب والقوى السياسية، لا تنحاز لأى حزب أو فصيل دون آخر؛ وتكون كل أجهزة الدولة بما فيها الإعلام على قدم المساواة من جميع الأحزاب.

ألا ترى أن مكانة حزب النور فى الشارع وبين الناس لا تزال ضعيفة؟

مكانة الحزب لم تكن ضعيفة أبدا بين الناس، وفى أول انتخابات يخوضها بعد تأسيسه بعدة أشهر حصل على ربع مجلس النواب، وفى الانتخابات التى بعدها حصل على النسبة نفسها تقريبا لولا القائمة المغلقة المطلقة التى تهدر أصوات الناخبين؛ والحزب لا يزال متواجدا فى الشارع لولا النظام الانتخابى المعمول به حاليا.

تجاهل «النور»

هل لديكم مآخذ على إجراءات الدعوة إلى الحوار الوطني؟ ولماذا أشعر بنبرة حزن فى حديثك؟

أؤكد أننا نتمنى النجاح لهذا الحوار ليكون نقلة للحياة السياسية فى مصر؛ ولكننا فوجئنا بغير ذلك من القائمين عليه الذين يجب أن يكونوا على مسافة واحدة من كل القوى السياسية؛ وبالطبع لا أقصد بذلك القوى التى نهجت العنف أو اتخذت لها منصات خارجية تهدد الوطن من خلالها فهؤلاء مستبعدون وليسوا فى الحسبان، ولكننى أقصد القوى السياسية الوطنية الموجودة؛ حيث فوجئت منذ بداية الالتقاء بالأحزاب بمقر الأكاديمية الوطنية للتشاور واستطلاع رأى الأطراف حول محاور الحوار الوطنى أنه لم تتم دعوة حزب النور، وكذلك فى استطلاع الرأى حول المنسق العام، أو فى تشكيل الأمناء والمحاور الثلاثة، أو فى اختيار المقرر والمقرر المساعد حيث تم إقصاء الحزب فى كل ذلك.

ولماذا لم تناقشوا مسئولى إدارة الحوار حول هذه المآخذ؟

إدارة الحوار مؤتمنة ويجب أن يكون لديها شيء من العدل والإنصاف وعدم تجاهل حزب موجود على أرض الواقع وله أعضاء بمجلس النواب، خاصة أن لنا وجودنا الفاعل فى الشارع منذ ثورة 30 يونيو، وأقول إننا كنا وما زلنا حريصين على نجاح هذا الحوار، ولهذا نرجو تدارك ما حدث من خطأ لتكون مشاركتنا قوية لإعلاء مصلحة الوطن وليس لتحقيق أى مصلحة ذاتية.

تصور دستوري

هناك سعى حثيث لإخراج قانون جديد للأحوال الشخصية.. ما نوع المشاركة التى قد يسهم بها حزب النور عند عرض القانون للحوار المجتمعي؟

لدينا تصور لهذا القانون مثل باقى الجهات، وتصورنا لا يخرج عن الدستور الذى يؤكد أن الدين الرسمى للدولة هو الإسلام وأن مبادئه هى المصدر الرئيسى للتشريع؛ ومن هذا المنطلق فإن قانون الأحوال الشخصية يجب أن يكون أساسه الشريعة الإسلامية التى أعطت لكل إنسان حقه، والله سبحانه وتعالى يقول: «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير»، فالله أعلم بخلقه الذين خلقهم وهو الذى أعطى لكل طرف حقه دون تجاوز على الطرف الآخر أو التعدى عليه، وكان هذا هو الأساس الذى انطلقنا منه، ونرى أن الشريعة الإسلامية هى التى تحقق العدل والاستقرار بين أطراف الأسرة؛ وأعتقد أن القانون القديم سيظل كما هو وأن الكلام سيكون حول بعض التعديلات بالمواد وسنركز عليها إن شاء الله.

دائما ما يُتهم السلفيون وحزب النور بأنهم أعداء المرأة.. هل ستوافقون على المطالبات المتزايدة لدعم المرأة فى القانون؟

المسألة ليست صراعا بين الرجال والنساء، وإنما علاقة مودة ورحمة كما وصفها الله تعالى؛ وهذا الصراع كله أفكار مستوردة من الغرب، أما عندنا فإن المرأة إما أن تكون أمًّا أو أختا أو ابنة أو زوجة، وكل واحدة منها معروف حقوقها، ولا يوجد تشريع فى العالم أعطى للمرأة مكانتها مثلما فعلت الشريعة الإسلامية؛ فلا توجد امرأة إلا وأوجب الإسلام على الرجل الإنفاق عليها وصيانتها، كما أن لها ذمتها المالية الخاصة بها: «للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن»، ولها حقها فى الميراث وحقوقها الزوجية؛ فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تبادل للحقوق والواجبات.. أما عن مطالبات المرأة فإنه حتى لو وضعنا ترسانة قوانين جديدة فإنها لن تحقق الاستقرار وحدها، فنسبة الطلاق الآن مرعبة، ويجب أن يكون اهتمامنا فى الأسباب التى تؤدى إلى الطلاق والتفكك الأسرى الذى هو ظاهرة جديدة على مجتمعنا؛ وشرع الله تعالى كفل للمرأة كامل حقها، والذى يظلم المرأة فعلا هو الابتعاد عن الشرع.

كيف ترى تناول الحكومة الحالية للمشكلات الاقتصادية التى فرضتها الأزمات العالمية؟

هناك أزمات اقتصادية عالمية الآن، وقد طالتنا هذه الأزمات الكثيرة، وأعتقد أن الحوار الوطنى سيسهم بعرض آرائنا ورؤيتنا للمساعدة فى محاولات الخروج من الأزمة؛ كما أن أداء الحكومة الحالية لم يتضح بصورة كاملة حتى الآن لأن الأزمات لا تزال تتوالى، ويبدو أن الأيام المقبلة ستكون أصعب، ولا نريد أن نستبق الأحداث؛ والحوار الوطنى فرصة لنسمع من الحكومة ماذا فعلت وماذا ستفعل لمواجهة هذه الأزمات؛ وهذه مسئوليتنا جميعا من منطلق خوفنا على الوطن؛ وفى الأزمات علينا أن ننسى أى خلافات حزبية لتتضافر جهودنا حتى يمر الوطن من هذه الأزمات.

معارضة إصلاحية!

هناك اتهامات كثيرة للحزب بأنه أصبح مواليا للحكومة.. ما تعليقك؟

هذا الكلام غير حقيقي؛ فنحن حزب له اتجاه مميز لأننا لسنا معارضة لمجرد المعارضة، وإنما معارضة إصلاحية؛ بمعنى أننا ندعم القرار الصحيح والصائب أيًّا كان قائله أو مصدره، ونرفض القرار الخاطئ ونعلن ذلك مع تقديم البديل دون الاعتماد على الشو الإعلامى ومهاجمة الخصم فهذا ليس أسلوبنا، وإنما بالتواصل المباشر أو من خلال الأدوات البرلمانية المتاحة، فنقدم البديل وننصح ونتحاور؛ والأمثلة على ذلك كثيرة، ومواقفنا المعارضة للحكومة فى البرلمان كثيرة؛ وعلى الطرف الآخر يتهمنا الإخوان بأننا حزب تابع، أو أننا خونة، وغيرها من الاتهامات الفارغة التى نسمعها منهم دائما؛ وكذلك الليبراليون والعلمانيون يقولون إننا الوجه الآخر للإخوان؛ وكل ذلك يدل على أننا بالطريق السليم، وأى تصنيف من الآخرين لا يهمنا.

ظهرت كوادر شبابية للحزب فى البرلمان وفى مؤتمرات الشباب تتحدث بعمق.. هل لديكم برامج تأهيلية لشباب السياسيين؟

بالطبع لدينا، ونحن أكثر حزب شبابي، وفى برلمان 2012 كان لدينا أكبر عدد من الشباب، ومعظم الهيئة العليا للحزب من الشباب؛ كما أن لدينا برامج تأهيلية مستمرة لكوادر حزب النور، بالإضافة إلى أكاديميات سياسية نُدرس بها العلوم السياسية للشباب، وهناك امتحانات فى مقرات الحزب، حتى نرتقى بشبابنا ليكونوا على قدر المسئولية وعنصرا فاعلا للوطن يملك رؤية إصلاحية متكاملة، ونحن حريصون على ذلك.

إقرأ أيضاً|ثورة 30 يونيو| يونس مخيون: أفسدنا خطط الإخوان فى 3 يوليو | حوار