..كم كنا من البلاهة ما جعلنا نصدق يومًا منذ عدة عقود أن أصحاب الجلباب الأبيض الباهت القصير والذقون الطويلة غير المهذبة التي تطول صدوروهم؛ ناس «بتوع ربنا»، وهم في واقع الأمر إن صح وصفهم بـ «أمراء الظلام»، يريدون سرقة حياتنا، نترنح بين فتاويهم التي يزعمون أنها من الشرع كأننا مختطفين، نمد أيدينا لنختطف مرة أخرى، حتى طفح الكيل وفاضت الكأس بأفكارهم الظلامية، اتذكر في الماضي عندما كانت الزوايا والمساجد «تكية» السلفيين فبل أن ينجح الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف في السيطرة عليها والقضاء على الخطاب المتطرف الكاره للحياة الذي كان يبثه لا أعضاء الجماعة الإرهابية فقط وإنما أيضًا هؤلاء السلفيين عبر منابرها؛ سئل واحد من أقطاب السلفية، ما رأيك فيما سمعناه عن زرع القلوب في أبدان غير أبدانها؟!، فتغير وجهه الكائن السلفي ومع لحية ضخمة تتدلى من وجه عابس رد قائلًا بعدما استعاذ بالله من شر ما يسمع: «إنها محاولات مجنونة يا أخي وحرام شرعًا ولن تؤدي إلى شيء»!، الآن بعد أن نجحت عمليات زراعة القلب وأنقذت مرضى من الموت، ماذا يقول أصحاب الانسداد التاريخي بعدما نجح جراحون أمريكيون للمرة الأولى في زرع قلب خنزير معدل وراثيًا لإنسان بالغ «57 عامًا» دون أن يرفضه الجسم؟!
هم يخشون العقل لأنه نافذ إلى الأعماق، يريدون منا أن نأخذ الأمور بـ «البركة» وأن نظل تحت سيطرة استعلائهم بالدين، أن يكون الكون سائرًا حسب قانونهم في الحلال والحرام، أن نتحسس الشيء ولا نراه أو نسميه باسمه الحقيقي بل ننتظر حتى يقولون لنا مثلًا «هذا فيل» وهو في الواقع يكون»جمل»، ولأنهم بارعون في تغيير جلودهم يستخدمون الآن محرك البحث «جوجل» للترويج لأفكارهم باستخدام كلمات معينة، حتى تظهر كنتيجة أولى أو ثانية أمام الباحث عن معلومة دينية ما؛ مثل الفتوى الغريبة التي لا نعلم مصدرها أو من قائلها فقط يزعم من يروجها أن صاحبها شيخ سلفي اسمه «أبو الإيمان» يقول فيها دون سابق إنذار؛ «لا يجوز للرجل أن يمسك بيد زوجته بالسوق لأن في ذلك تشبه بالكفار، ولكن يجوز أن يربطها بحبل حتى لا تتوه وتضيع فهي ناقصة عقل»، وبصرف النظر عما أثارته هذه الفتوى أو التدوينة ضجة كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث صبت التعليقات جام غضبها على صاحبها، علينا أن ننتبه لمثل هذا السفه في القول كما علينا أن ننتبه أيضًا لصفحات يُنشئها هؤلاء على الفيس بوك مثل أحدهم انشأ صفحة وأطلق عليها «السلفي الروش» وآخر أطلق عليها «حبيبة الشيخ»، وغيرها من المسميات التي تداعب عقول الفتيات اللائي يسرن مخدرين وراءهم كالعميان ولا يفقن إلا بعد أن يتجرعن كسرة النفس والروح والجسد مثلما حدث لـ جيهان العراقية التي تقدمت ببلاغ رسمي ضد سلفي هتك عرضها، ياللعجب المرأة في عرف السلفيين هي الشيطان المتستر في جسد أنثى، وهي مصدر الغواية والفتنة أينما حلت وموطن الداء لكل معصية، إلا هم فجماعهم لها يطهرها من همزات الشياطين، اغتيالها حية على الفراش باغتصابها يمنحها رضاهم؛ اتذكر قصة قديمة لفتاة تزوجت من سلفي بدا أمامها شيخًا عصريًا رقيق المشاعر والأحاسيس، وما أن ظفر بها بعد زواجه منها حتى فوجئت به كوحش كاسر مستئذب يفتك بضحيته، وهنا تقول؛ لم يعبأ بدموعي التي سالت من عيني وأنا استصرخه أن يتركني، كرهته وكرهت نفسي حين تزوجته وظني به أنه رجل يحترم المرأة فإذا به أراه أمامي كالحيوان يتلظى في نيران شهوته، وعندما سألته لماذا فعلت هذا بعدما أتم اغتصابي وتركني ممزقة النفس وفستان الفرح؟، أجابني قائلًا؛ «المرأة عندنا هي كائن جنسي خلقت لكي يستمتع بها الرجل»، وليت الأمر توقف عند هذا ولكن في الصباح أمرني أن أجلس أمامه ليسمعني أوامره التي تلاها عليّ يحذرني لو خالفتها: أولًا أن استقيل من عملي أو انقطع عنه 15 يومًا بعدها يأتيني خطاب الفصل، ثانيًا: مستحضرات التجميل الصناعية لن تدخل هذا البيت، ويكفيكي أنني قبلت الزواج منك على هيئتك هذه، ثالثًا: عشتي طوال حياتك وانتي سافرة الوجه، فحجابك هذا غير شرعي، مطلوب منك الآن أن تقومي بتمزيق كل ملابسك، وحرق كل أثوابك، لأنه من الغد ستأتيك أخت خياطة تحيك لك الثوب الوحيدالذي يجب على المرأة المسلمة ارتداؤه خارج بيتها إذا خرجتي، إنه الثوب الذي يغطي جسد المرأة من اخمص قدميها حتى أعلى شعرة فوق رأسها، ولن أسمح بأيدي عارية دون «جوانتي» من الصوف الأسود أو الأبيض يخفي اليدين، إلى جانب الشراب السميك الأسود الذي يخفي القدمين قبل إدخالهما في حذائك، ولأنني كرهت صوته رفضت هذه الفرمانات وعدت إلى بيت أسرتي، فإذا بهم بدلًا من أن يحموني منه يعيدونني إلى هذا المعتقل مرة أخرى أرتدي «الشوال» أو الخيمة التي تخفيني، عشت معه 25 عامًا في ظلام تمنيت الموت فهو عندي ارحم من الحياة التي أعيشها».
فارحمونا أيها السلفيون من جاهليتكم، فنحن في غنى عنها وعنكم.