أمراء الظلام

علاء عبد الكريم
علاء عبد الكريم

‭..‬كم‭ ‬كنا‭ ‬من‭ ‬البلاهة‭ ‬ما‭ ‬جعلنا‭ ‬نصدق‭ ‬يومًا‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬عقود‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬الجلباب‭ ‬الأبيض‭ ‬الباهت‭ ‬القصير‭ ‬والذقون‭ ‬الطويلة‭ ‬غير‭ ‬المهذبة‭ ‬التي‭ ‬تطول‭ ‬صدوروهم؛‭ ‬ناس‭ ‬‮«‬بتوع‭ ‬ربنا‮»‬،‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬وصفهم‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬أمراء‭ ‬الظلام‮»‬،‭ ‬يريدون‭ ‬سرقة‭ ‬حياتنا،‭ ‬نترنح‭ ‬بين‭ ‬فتاويهم‭ ‬التي‭ ‬يزعمون‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬الشرع‭ ‬كأننا‭ ‬مختطفين،‭ ‬نمد‭ ‬أيدينا‭ ‬لنختطف‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬حتى‭ ‬طفح‭ ‬الكيل‭ ‬وفاضت‭ ‬الكأس‭ ‬بأفكارهم‭ ‬الظلامية،‭ ‬اتذكر‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬الزوايا‭ ‬والمساجد‭ ‬‮«‬تكية‮»‬‭ ‬السلفيين‭ ‬فبل‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬الدكتور‭ ‬مختار‭ ‬جمعة‭ ‬وزير‭ ‬الأوقاف‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الخطاب‭ ‬المتطرف‭ ‬الكاره‭ ‬للحياة‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يبثه‭ ‬لا‭ ‬أعضاء‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬أيضًا‭ ‬هؤلاء‭ ‬السلفيين‭ ‬عبر‭ ‬منابرها؛‭ ‬سئل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أقطاب‭ ‬السلفية،‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬فيما‭ ‬سمعناه‭ ‬عن‭ ‬زرع‭ ‬القلوب‭ ‬في‭ ‬أبدان‭ ‬غير‭ ‬أبدانها؟‭!‬،‭ ‬فتغير‭ ‬وجهه‭ ‬الكائن‭ ‬السلفي‭ ‬ومع‭ ‬لحية‭ ‬ضخمة‭ ‬تتدلى‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬عابس‭ ‬رد‭ ‬قائلًا‭ ‬بعدما‭ ‬استعاذ‭ ‬بالله‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬ما‭ ‬يسمع‭: ‬‮«‬إنها‭ ‬محاولات‭ ‬مجنونة‭ ‬يا‭ ‬أخي‭ ‬وحرام‭ ‬شرعًا‭ ‬ولن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬شيء‮»‬‭!‬،‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬عمليات‭ ‬زراعة‭ ‬القلب‭ ‬وأنقذت‭ ‬مرضى‭ ‬من‭ ‬الموت،‭ ‬ماذا‭ ‬يقول‭ ‬أصحاب‭ ‬الانسداد‭ ‬التاريخي‭ ‬بعدما‭ ‬نجح‭ ‬جراحون‭ ‬أمريكيون‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬زرع‭ ‬قلب‭ ‬خنزير‭ ‬معدل‭ ‬وراثيًا‭ ‬لإنسان‭ ‬بالغ‭ ‬‮«‬57‭ ‬عامًا‮»‬‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرفضه‭ ‬الجسم؟‭!‬

هم‭ ‬يخشون‭ ‬العقل‭ ‬لأنه‭ ‬نافذ‭ ‬إلى‭ ‬الأعماق،‭ ‬يريدون‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬الأمور‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬البركة‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬نظل‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬استعلائهم‭ ‬بالدين،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الكون‭ ‬سائرًا‭ ‬حسب‭ ‬قانونهم‭ ‬في‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام،‭ ‬أن‭ ‬نتحسس‭ ‬الشيء‭ ‬ولا‭ ‬نراه‭ ‬أو‭ ‬نسميه‭ ‬باسمه‭ ‬الحقيقي‭ ‬بل‭ ‬ننتظر‭ ‬حتى‭ ‬يقولون‭ ‬لنا‭ ‬مثلًا‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬فيل‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬يكون»جمل‮»‬،‭ ‬ولأنهم‭ ‬بارعون‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬جلودهم‭ ‬يستخدمون‭ ‬الآن‭ ‬محرك‭ ‬البحث‭ ‬‮«‬جوجل‮»‬‭ ‬للترويج‭ ‬لأفكارهم‭ ‬باستخدام‭ ‬كلمات‭ ‬معينة،‭ ‬حتى‭ ‬تظهر‭ ‬كنتيجة‭ ‬أولى‭ ‬أو‭ ‬ثانية‭ ‬أمام‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬معلومة‭ ‬دينية‭ ‬ما؛‭ ‬مثل‭ ‬الفتوى‭ ‬الغريبة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬مصدرها‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قائلها‭ ‬فقط‭ ‬يزعم‭ ‬من‭ ‬يروجها‭ ‬أن‭ ‬صاحبها‭ ‬شيخ‭ ‬سلفي‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬الإيمان‮»‬‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬دون‭ ‬سابق‭ ‬إنذار؛‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬للرجل‭ ‬أن‭ ‬يمسك‭ ‬بيد‭ ‬زوجته‭ ‬بالسوق‭ ‬لأن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تشبه‭ ‬بالكفار،‭ ‬ولكن‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬يربطها‭ ‬بحبل‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتوه‭ ‬وتضيع‭ ‬فهي‭ ‬ناقصة‭ ‬عقل‮»‬،‭ ‬وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬أثارته‭ ‬هذه‭ ‬الفتوى‭ ‬أو‭ ‬التدوينة‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬حيث‭ ‬صبت‭ ‬التعليقات‭ ‬جام‭ ‬غضبها‭ ‬على‭ ‬صاحبها،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬السفه‭ ‬في‭ ‬القول‭ ‬كما‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬أيضًا‭ ‬لصفحات‭ ‬يُنشئها‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬الفيس‭ ‬بوك‭ ‬مثل‭ ‬أحدهم‭ ‬انشأ‭ ‬صفحة‭ ‬وأطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬السلفي‭ ‬الروش‮»‬‭ ‬وآخر‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬حبيبة‭ ‬الشيخ‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المسميات‭ ‬التي‭ ‬تداعب‭ ‬عقول‭ ‬الفتيات‭ ‬اللائي‭ ‬يسرن‭ ‬مخدرين‭ ‬وراءهم‭ ‬كالعميان‭ ‬ولا‭ ‬يفقن‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتجرعن‭ ‬كسرة‭ ‬النفس‭ ‬والروح‭ ‬والجسد‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬لـ‭ ‬جيهان‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬ببلاغ‭ ‬رسمي‭ ‬ضد‭ ‬سلفي‭ ‬هتك‭ ‬عرضها،‭ ‬ياللعجب‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬عرف‭ ‬السلفيين‭ ‬هي‭ ‬الشيطان‭ ‬المتستر‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬أنثى،‭ ‬وهي‭ ‬مصدر‭ ‬الغواية‭ ‬والفتنة‭ ‬أينما‭ ‬حلت‭ ‬وموطن‭ ‬الداء‭ ‬لكل‭ ‬معصية،‭ ‬إلا‭ ‬هم‭ ‬فجماعهم‭ ‬لها‭ ‬يطهرها‭ ‬من‭ ‬همزات‭ ‬الشياطين،‭ ‬اغتيالها‭ ‬حية‭ ‬على‭ ‬الفراش‭ ‬باغتصابها‭ ‬يمنحها‭ ‬رضاهم؛‭ ‬اتذكر‭ ‬قصة‭ ‬قديمة‭ ‬لفتاة‭ ‬تزوجت‭ ‬من‭ ‬سلفي‭ ‬بدا‭ ‬أمامها‭ ‬شيخًا‭ ‬عصريًا‭ ‬رقيق‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬ظفر‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬زواجه‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬فوجئت‭ ‬به‭ ‬كوحش‭ ‬كاسر‭ ‬مستئذب‭ ‬يفتك‭ ‬بضحيته،‭ ‬وهنا‭ ‬تقول؛‭ ‬لم‭ ‬يعبأ‭ ‬بدموعي‭ ‬التي‭ ‬سالت‭ ‬من‭ ‬عيني‭ ‬وأنا‭ ‬استصرخه‭ ‬أن‭ ‬يتركني،‭ ‬كرهته‭ ‬وكرهت‭ ‬نفسي‭ ‬حين‭ ‬تزوجته‭ ‬وظني‭ ‬به‭ ‬أنه‭ ‬رجل‭ ‬يحترم‭ ‬المرأة‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬أراه‭ ‬أمامي‭ ‬كالحيوان‭ ‬يتلظى‭ ‬في‭ ‬نيران‭ ‬شهوته،‭ ‬وعندما‭ ‬سألته‭ ‬لماذا‭ ‬فعلت‭ ‬هذا‭ ‬بعدما‭ ‬أتم‭ ‬اغتصابي‭ ‬وتركني‭ ‬ممزقة‭ ‬النفس‭ ‬وفستان‭ ‬الفرح؟،‭ ‬أجابني‭ ‬قائلًا؛‭ ‬‮«‬المرأة‭ ‬عندنا‭ ‬هي‭ ‬كائن‭ ‬جنسي‭ ‬خلقت‭ ‬لكي‭ ‬يستمتع‭ ‬بها‭ ‬الرجل‮»‬،‭ ‬وليت‭ ‬الأمر‭ ‬توقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬أمرني‭ ‬أن‭ ‬أجلس‭ ‬أمامه‭ ‬ليسمعني‭ ‬أوامره‭ ‬التي‭ ‬تلاها‭ ‬عليّ‭ ‬يحذرني‭ ‬لو‭ ‬خالفتها‭: ‬أولًا‭ ‬أن‭ ‬استقيل‭ ‬من‭ ‬عملي‭ ‬أو‭ ‬انقطع‭ ‬عنه‭ ‬15‭ ‬يومًا‭ ‬بعدها‭ ‬يأتيني‭ ‬خطاب‭ ‬الفصل،‭ ‬ثانيًا‭: ‬مستحضرات‭ ‬التجميل‭ ‬الصناعية‭ ‬لن‭ ‬تدخل‭ ‬هذا‭ ‬البيت،‭ ‬ويكفيكي‭ ‬أنني‭ ‬قبلت‭ ‬الزواج‭ ‬منك‭ ‬على‭ ‬هيئتك‭ ‬هذه،‭ ‬ثالثًا‭: ‬عشتي‭ ‬طوال‭ ‬حياتك‭ ‬وانتي‭ ‬سافرة‭ ‬الوجه،‭ ‬فحجابك‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬شرعي،‭ ‬مطلوب‭ ‬منك‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬تقومي‭ ‬بتمزيق‭ ‬كل‭ ‬ملابسك،‭ ‬وحرق‭ ‬كل‭ ‬أثوابك،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬الغد‭ ‬ستأتيك‭ ‬أخت‭ ‬خياطة‭ ‬تحيك‭ ‬لك‭ ‬الثوب‭ ‬الوحيدالذي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬المسلمة‭ ‬ارتداؤه‭ ‬خارج‭ ‬بيتها‭ ‬إذا‭ ‬خرجتي،‭ ‬إنه‭ ‬الثوب‭ ‬الذي‭ ‬يغطي‭ ‬جسد‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬اخمص‭ ‬قدميها‭ ‬حتى‭ ‬أعلى‭ ‬شعرة‭ ‬فوق‭ ‬رأسها،‭ ‬ولن‭ ‬أسمح‭ ‬بأيدي‭ ‬عارية‭ ‬دون‭ ‬‮«‬جوانتي‮»‬‭ ‬من‭ ‬الصوف‭ ‬الأسود‭ ‬أو‭ ‬الأبيض‭ ‬يخفي‭ ‬اليدين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الشراب‭ ‬السميك‭ ‬الأسود‭ ‬الذي‭ ‬يخفي‭ ‬القدمين‭ ‬قبل‭ ‬إدخالهما‭ ‬في‭ ‬حذائك،‭ ‬ولأنني‭ ‬كرهت‭ ‬صوته‭ ‬رفضت‭ ‬هذه‭ ‬الفرمانات‭ ‬وعدت‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬أسرتي،‭ ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يحموني‭ ‬منه‭ ‬يعيدونني‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المعتقل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أرتدي‭ ‬‮«‬الشوال‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الخيمة‭ ‬التي‭ ‬تخفيني،‭ ‬عشت‭ ‬معه‭ ‬25‭ ‬عامًا‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬تمنيت‭ ‬الموت‭ ‬فهو‭ ‬عندي‭ ‬ارحم‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬أعيشها‮»‬‭.‬

فارحمونا‭ ‬أيها‭ ‬السلفيون‭ ‬من‭ ‬جاهليتكم،‭ ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬وعنكم‭.‬