محمد قناوي يكتب: على إسماعيل.. ظاهرة فريدة

محمد قناوي
محمد قناوي

لم يكن الموسيقار الراحل «على إسماعيل»، الذى يتم الاحتفال بمئوية مولده هذا العام، موسيقيا بارعا فقط قدم العديد من الألحان الناجحة، بل كان ظاهرة فنية موسيقية نادرا ما تتكرر فى عالم الموسيقى ليس فى مصر فقط بل العالم كله، فربما يكون الموسيقى الوحيد الذى مارس كل أنواع الموسيقى بداية من العزف على آلة الكلارينيت والساكسفون فى فرقة بديعة مصابنى، ومرورا بالتأليف والتلحين والتوزيع الموسيقى ووضع الموسيقى التصويرية لأهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية والتى بلغت حوالى 350 فيلما وهو رقم لم يصل إليه موسيقار مصرى من قبله أو من بعده على الإطلاق، واثناء الإعداد لملف الاحتفال بمئوية هذا المبدع وخلال البحث والتنقيب فى مشواره الفنى لفت انتباهى، أنه شخصية متفردة على كافة المستويات الفنية، فأغلب أعماله الموسيقية محفورة فى وجدان الجمهور رغم مرور سنوات طويلة عليها، خاصة الأغانى الوطنية، فلا يمكن ان ننسى أغنيته الشهيرة «دع سمائى» التى غنتها فايدة كامل أثناء العدوان الثلاثى عام 1956 والتى ألهبت المشاعر والأحاسيس، وتقوية العزائم فى تلك الفترة، وقبيل حرب أكتوبر 73 تم تكليفه بإعداد عمل عن تحرير سيناء، وألفت الشاعرة وزوجته «نبيلة قنديل» أشهر أغنية عن حرب أكتوبر ولحنها وهى: «رايحين رايحين.. شايلين فى إيدنا سلاح.. راجعين راجعين.. رافعين رايات النصر.. سالمين سالمين.. حالفين بعهد الله.. نادرين نادرين.. واهبين حياتنا لمصر»، وفى اليوم التالى للحرب، أذيعت الأغنية على المصريين، فأصبحت النشيد الرسمى الشعبى للحظة العبور فى ذلك الوقت وبعد استشهاد ابن الفنانة شريفة فاضل كتبت زوجته أغنية «أم البطل» ولحنها.

برع «على اسماعيل» فى كل أنواع الموسيقى الوطنية والعاطفية والشعبية فقد جدد فى شكل ومضمون الأغنية الشعبية المصرية وأعاد توزيع معظمها بشكل أوركسترالى مستخدماً آلات النفخ والآلات النحاسية، منها أغانى فرقة الثلاثى المرح، «العتبة جزاز، يا أسمر يا سكر، مانتاش خيالى يا وله».

كما برع فى التصنيف الموسيقى الملائم للحدث، ففى الألحان العاطفية حرص على إضافة التوزيعات التى تداعب القلب وتثير الشجون، ويكفى أن نذكر منها فيلم «يوم من عمرى»، إذ وضع على إسماعيل الموسيقى التصويرية للفيلم ووزع الأغانى الأربع التى لحنها كمال الطويل وبليغ حمدى ومنير مراد، ولتقف مذهولاً أمام إبداعه استمع فقط إلى مقدمة وتوزيع أغنية «بعد إيه» التى غناها حليم، وعلى النقيض وضع الموسيقى التصويرية لفيلم «الأرض» وظهرت براعته فى تلحين المقطع الشهير الذى ألفته زوجته نبيلة قنديل «الأرض لو عطشانة» ليصبح أيقونة فى السينما العربية، فهو بحق عبقرى الألحان الخالدة.