كرم جبر يكتب: الفاتورة الباهظة

كرم جبر
كرم جبر

لا يريد مصرى محب لبلده أن تعود الفوضى، ولا الجرائم البشعة نتيجة غياب الأمن، ولا اغتصاب الفتيات والنساء وتجريدهن من ملابسهن، لخلق حال من الخوف والرعب، لإرهاب المرأة العظيمة التى ألهبت المشاعر الوطنية.

لن تتكرر مأساة حرق المجمع العلمى، ونهب المتحف المصرى واقتحام أقسام الشرطة، ونصب الخيام فى الميدان وتعطيل حياة الناس، ولن يُغلق كوبرى قصر النيل وشارع قصر العينى وطريق الكورنيش، ولن يتعطل المترو وجراج التحرير.

الناس ذاقوا المر بأنفسهم، وعاشوا المأساة بتفاصيلها، ودفعوا ثمناً فادحاً لغياب الأمن، وانتشرت الجرائم الشاذة بشكل كبير، وأبرزها الاغتصاب والسرقات المسلحة، والسطو على السيارات، وعاش الآباء لحظات من الخوف الحقيقى إذا تأخر أولادهم وبناتهم، فى العودة لمنازلهم بعد العشاء .

هل نسينا المظاهرات المسلحة فوق الكبارى، وإطلاق الرصاص والمولوتوف والخرطوش، وأعضاء الجماعة الإرهابية وهم يفرضون سيطرتهم وعضلاتهم على الخلق، ويحتلون المساجد ويحاصرون مرافق البلاد الحيوية، ويمنعون القضاة من دخول المحكمة الدستورية، ويعتدون على الإعلاميين والضيوف فى مدينة الإنتاج الإعلامى؟.

هل نسينا حازم صلاح أبو إسماعيل والبلتاجى وصفوت حجازى، وباقى طابور الإرهابيين الذين أخرجهم مرسى من السجون، وملأ بهم قصر الحكم والمناسبات الوطنية والتشريفات والسفريات؟
شيدت الجماعة الإرهابية وجودها بين الناس بالمتاجرة بمشاكلهم وأزماتهم، وعندما حكمت لم تجد شيئا تقدمه غير العنف والترويع والبحث عن لهو خفى تخيف به المصريين، ولو كان لدى أحد قادتهم ذرة ذكاء لنصحهم بالكمون والاختباء.

الديمقراطية عندهم طريق ذات اتجاه واحد يسيرون فيه ويدهسون من يختلف معهم، ولم يدركوا أن «جماعة» لا يمكن أبداً أن تنتصر على «شعب»، وأن عصاباتهم المسلحة لم تهز شعرة جيش عريق له خبرات قتالية كبيرة، وأن أرواح شهداء الجيش والشرطة تفجر فى النفوس إرادة الثأر والإنتقام، ولم يفهموا فى يوم من الأيام أن سر قوة مصر هو صبرها، وأن شعبها الذى قضى عليهم، لن يسمح أبداً بعودتهم تحت أية شعارات.

لو سألوا أنفسهم: «أين صلاح أبو إسماعيل الذى كان يصول ويجول ويقتحم أقسام الشرطة وبنى مستعمرة أمام مدينة الإنتاج الإعلامى».. أين المرشد وصفوت حجازى والشاطر والكتاتنى والبلتاجى وغيرهم الذين تصوروا أنهم الدولة والسيف والجلاد والقانون، وهل كان يخطر بخيال أحد التخلص منهم بهذه السهولة البالغة، بعد أن كانوا خطوطا حمراء لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها، وهل تعجز الدولة التى رفعت سيف القانون على رقاب قادة الجماعة الإرهابية، أن تواجه غرف الشائعات التى يديرونها فى الخفاء الآن؟