خلعت الروب الأحمر وقدمت القربان والنبيذ المقدس للمناولة وركعت أمام المذبح

سلموها «سيف الدولة».. «آخرساعة» شاهدة على مراسم تتويج الملكة إليزابيث

الملكة إليزابيث على كرسى العرش عقب التتويج
الملكة إليزابيث على كرسى العرش عقب التتويج

كتب: أحمد الجمَّال

قضت الملكة إليزابيث الثانية 69 عامًا على عرش بريطانيا، قبل أن تودع الدنيا أخيرًا، يوم الخميس الماضى، عن عمر ناهز السادسة والتسعين، داخل قصر «بالمورال» بأسكتلندا.. لتصبح أطول ملوك بريطانيا عمرًا، بل وأطول ملوك بريطانيا جلوسًا على العرش بعد تخطيها فترة الستة عقود التى حكمت فيها جدة جدها الملكة فيكتُوريا البلاد.
وكان مراسل «آخرساعة» فى لندن واحدًا من الذين شهدوا مراسم تتويج إليزابيث عام 1953، وبعد يوم واحد من حفل التتويج استعرضت المجلة على صفحاتها أبرز ما حدث وقتها من خلال تقرير نُشر بعد يوم واحد من تولى إليزابيث حكم بلادها، نعيد نشره فى السطور التالية:

كان الشيء الوحيد الذى شغل بال سكان العاصمة البريطانية طوال الأسابيع الماضية هو الاستعداد ليوم أمس (2 يونيو 1953)، حينما وقفت الملكة إليزابيث تقسم اليمين وهى تقبِّل الكتاب المقدس وتقول: «أقسم أن أحكم طبقًا لقوانين ودساتير بلادى، وأن أحافظ على قوانين الله.. أقسم بكل ما جاء فى هذا الكتاب أن أحافظ عليها كلها.. ليساعدنى الله».
وكانت الاستعدادات التى تجرى فى كل مكان فى انتظار يوم التتويج تتميز بطابع تقليدى واحد لم تتحوَّل عنه لندن منذ تتويج الملكة فيكتوريا (جدة جدها)، وكانت المراسم التى تمت هى نفس المراسم التى كانت تتم فى القرن الماضى!

 

لقد بدأ يوم التتويج فى الساعة العاشرة والنصف حينما صعدت الملكة إليزابيث الثانية إلى العربة الملكيّة التى كانت تنتظرها أمام قصر باكنجهام، وكانت ترتدى الروب الملكى التقليدى المرصع بالأحجار الكريمة.
 

اقرأ أيضًا

من أجل حكمة إليزابيث وشعبيتها.. 75 % من الشعب الإنجليزي يفضل الملكية

ثم سارت العربة يتبعها طابور الموكب الملكى الذى بلغ طوله أكثر من ميلين حتى وصلت إلى كنيسة «آبى»، حيث اصطف حوالى سبعة آلاف شخص يمثلون الأسرة المالكة وكبار رجال الدولة.. وحينما وطئت أقدام الملكة عتبة الكنيسة ارتفعت ـ فى نفس الوقت ـ أصوات طلبة مدرسة «وستمنستر» تهتف للملكة: «تعيش.. تعيش»!
اقرأ أيضًا

أشهر مجوهرات الملكة إليزابيث وأغلاها ثمناً

وبدأت بعد ذلك حفلة التتويج التقليدية ووقف رئيس الكنيسة يعلن أمام الشعب الإنجليزي كله تتويج الملكة الجديدة، وارتفع صوته وهو يقول: أيها السادة.. إننى أقدِّم إليكم الملكة إليزابيث ملكة المملكة دون منازع.. الملكة التى جئتم إليها هذا اليوم لتؤدوا واجبكم، فهل أنتم مستعدون لأن تفعلوا نفس الشيء.. ورددت ملايين الحناجر فى جميع أنحاء إنجلترا بصوت عالٍ وفى نفس الوقت: «ليحفظ الله الملكة إليزابيث».
 

ودوّت أصوات الأبواق الملكية تعلن بدء القسم.. وأقسمت الملكة الجديدة، ثم رشوا عليها الزيت المقدس، وتوالت بعد ذلك المراسم المعروفة، فخلعت الملكة روبها الملكى الأحمر الثانى، ثم جلست على كرسى التتويج، وخيّم الصمت على المكان، حينما تقدَّم أربعة من فرسان الحرس وهم يحملون قطعة القماش المذهّبة المرفوعة على أعمدة من الفضة، وقام رئيس الأساقفة برسم علامة الصليب على الملكة تحت هذه الستارة المقدسة.. وتسلمت الملكة بعد ذلك «سيف الدولة»، ثم أعطته بدورها إلى رئيس الأساقفة الذى وضع فى نفس الوقت خاتمًا من الذهب فى يد الملكة اليمنى!
وجاءت اللحظة الحاسمة.. اللحظة الذى يأخذ فيها التاج الإنجليزى مكانه فوق رأس الملكة الجديدة، وتقدَّم رئيس أساقفة «كنتربرى» فحمل التاج من فوق المذبح ثم وضعه باحترام على رأس الملكة، وفى نفس الوقت وضع اللوردات وزوجاتهم التيجان على رؤوسهم، وارتفعت الأناشيد وأصوات الأبواق من جديد تشق السكون الذى كان قد خيّم على المكان.

 

أما فى الخارج فقد ارتفعت أصوات الملايين تهتف للملكة الجديدة حينما سمعوا دقات الأجراس وقصف المدافع.. وغادرت الملكة بعد ذلك مقعد القديس إدوارد إلى كرسى العرش حيث أخذت تتلقى ولاء الأمراء واللوردات ورجال الكنيسة وهم يقسمون يمين الطاعة!
 

وقدَّمت الملكة الجديدة القربان والنبيذ المقدّس للمناولة بعد أن خلعت تاجها وركعت أمام المذبح، ثم كرَّرت ذلك ثلاث مرات.. وفى النهاية لبست الملكة التاج وخلعت العباءة الملكية والتاج الملكي، واستبدلت بهما «ثوبًا» من المخمل الأبيض وتاج الدولة البريطانى، واتجهت إلى الخارج، فقد انتهت مراسم التتويج!
(«آخرساعة» 3 يونيو 1953)