موضات الغناء.. من «كركشنجي» عدوية إلى «رضعة» ويجز

عدوية
عدوية

محمد كمال

الموضة في الغناء منذ مرحلة السبعينيات ارتبطت بأمرين الأول وهو الأكثر شيوع الذي يتعلق بهيئة المطرب أو ملابسه أو "تسريحة" الشعر ففي فترة السبعينيات انتشرت الملابس الضيقة والبنطولات الواسعة من عند القدم "للشارلستون" مع تطويل الشعر والسوالف وصولا إلى قصة "كابوريا" لأحمد زكي في الفيلم الذي حمل نفس الاسم لخيري بشارة ثم عمرو دياب الذي تحول إلى أيقونة ليس كمطرب فقط بل من خلال هيئته أيضا فمن ينسى "بلوفر" و "سكسوكة" تملين دياب أو "فازلين" نور العين، أما الأمر الثاني أن تكون هذه الموضة مرتبطة بلون موسيقي معين أو بمطرب له شكل وأسلوب في الغناء يسير على دربه عددا ليس بقليل من بعده، وهذه الموضة ليست بالضرورة أن تسقط سريعا أو تفشل بالعكس فهناك موضات كثر استمروا وحققوا نجاحات كبيرة حتى الآن، فالمسيرة لم ولن تتوقف لأن في الموسيقى وفي عالم الأغنيات كل يوم يوجد الجديد والإبداع لا يتوقف وهذا أكبر دليل على جورج موضات أخرى تأتي عكس الاتجاه أو السير وبعضهم أيضا سيحقق النجاحات ويستمر والآخرين سيتوقفون ويأتون في طي النسيان، فالمشوار طويل منذ كركشنجي عدوية إلى رضعة ويجز.

قديما ومنذ ظهور عبد الحليم حافظ ظهر خط غنائي آخر مواز أطلق عليه الغناء الشعبي على غرار أغنيات عبد المطلب من قبل وأصحاب هذا الاتجاه كانوا محمد رشدي والعزبي وكارم وعبد العزيز محمود ومحمد قنديل وحورية حسن وشريفة فاضل وغيرهم... حتى اختفى هذا اللون أو تراجع قليلا مع ظهور جيل جديد وهم هاني شاكر وعلي الحجار ومحمد ثروت حيث كان المختلف عن السائد وقتها هو محمد منير الذي اختار أن يكون اللون النوبي الأكثر تأثرا عليه وتحديدا أغنيات أحمد منيب لكن لا يمكن اعتبار منير وقتها موضة لكنه كان أشبه بتوجه  مختلفا من خلال مدرسة ليست بها تلاميذ حتى الان ولون لم يستطع أحد أن يقدمه بعده.

لكن ما يمكن أن نعتبره أنه موضة في تلك الفترة الخاصة بمنتصف السبعينيات كان أحمد عدوية الذي جاء ظهوره بشكل مفاجئ وقتها والأكثر مفاجأة النجاح الكبير الذي حققه سريعا من خلال أغنيات نالت شهرة واسعة مثل  “ السح  الدح أمبو” و “كركشنجي” و “بنت السلطان” و “زحمة” و “بنت السلطان” و “راحو الحبابيب “ ليتحول عدوية إلى رائد الأغنية الشعبية في الموجة الجديدة والأب الروحي لجيل كبير من المطربين جاءوا من بعده حاولوا السير على دربه واعتبروه الأستاذ وفي مقدمتهم حكيم الذي جاءت ظروف ظهوره وتألقه مشابهة كثيرا لأستاذه حيث إن حكيما بدأ مسيرته في وقت سيطر  ما أطلق عليه  وقتها الأغنية الشبابية وجيل الموسيقار حميد الشاعري الذين اشتهروا بتقديم النوع الموسيقي المعروف باسم “بوب ميوزيك” على غرار عمرو دياب وفؤاد وهشام عباس ومصطفى قمر وإيهاب توفيق، وبرغم أن أول من قدم حكيم كان حميد الشاعري نفسه لكن جاء ظهور عام 1991 بشكل ولون مختلف من خلال ألبوم “نظرة” وجاءت النقلة الكبيرة من خلال ألبوم “نار” الذي حقق مبيعات خيالية وقتها وحمل أغنية “الحق عليه” التي كانت أغنية العام بالنسبة للكثيرين، وما زال حكيم مستمرا في تألقه حتى يومنا هذا ويعد من أعلى المطربين سعرا في الحفلات والأفراح.

في 11 يوليو 1987 طرح الألبوم الأول للمطرب علي حميدة الذي حمل اسم “لولاكي” تلك الأغنية التي تعد من أكثر الأغنيات التي حققت شهرة في تاريخ الغناء المصري فقد تم بيع أكثر من 6,000,000 نسخة من الألبوم إلى جميع أنحاء العالم في نجاح لم يحققه ألبوم من قبل لدرجة أن المعظم لا يعرفون بقية أغنيات الألبوم لكن ظلت لولاكي الأكثر تحقيقا للنجاح وظل علي حميدة نفسه يعيش على هذه الأغنية وليس الألبوم حتى وفاته العام الماضي رغم أنه طرح خمسة ألبومات من بعد لولاكي لكن ظلت تلك الأغنية محفورة في الذاكرة.

وفي نفس توقيت مسيرة نجوم الأغنية الشبابية يظهر صوت قوي جديد بلون مختلف يطرح نفسه بقوة على الساحة وهو بهاء سلطان وتحديدا عام 2000 بألبوم حقق نجاحات كبيرة واسعة تحت اسم “ياللي ماشي” وخاصة أغنية “يا ترى” أكثر الأغنيات نجاحا على المستوى الجماهيري ومن بعدها تأتي أغنية “قاللي” ليبدأ مع هذا الألبوم مسيرة بهاء السلطان المستمرة حتى اليوم حتى مع وجود بعض التعثرات لكن مازال متواجدا بقوة.

ومع منتصف التسعينيات ظهر اتجاه من خلال المطربين اللبنانيين الرجال من خلال تواجد أكثر من مطرب قريب الشبه صوتيا من المطرب الكبير جورج وسوف وكان أكثر هؤلاء المطربين تحقيق للنجاح والاستمرارية وائل جسار الذي مازال يعتبر من نجوم الصف الأول في الغناء وحققت ألبوماته نجاحات كبيرة ومن بعده يأتي المطرب الذي توفي منذ أيام في حادث سير جورج الراسي الذي كانت بدايته في نفس الفترة لكنه لم يحقق النجاح والاستمرارية التي حققها جسار، وجاء بعدهما بعامين وتحديدا عام 1998 المطرب السوري وديع مراد رغم أنه لم يحقق نفس نجاحات زميلايه إلا أنه من الناحية الصوتية يعد الأقرب لجورج وسوف.

وفي نهاية التسعينيات زادت شهرة كاظم الساهر في مصر الذي أعاد للمستمع المصري غناء القصائد من جديد من بعد ندرتها منذ فترة السبعينيات خاصة وإصرار كاظم وقتها وحتى الآن على الشعر الذي كتبه الراحل الكبير نزار قباني والشاعر كريم العراقي، كانت بداية تلك الموضة الجديدة عام 1997 بأغنية “زيدني عشقا” وتبعها بأغنيات أخرى حققت نجاحات كبيرة على غرار “مدرسة الحب” و “حبيبتى والمطر” و “قولي أحبك”، وكان لكاظم الفضل في مسألة تقبل المصريين للأغنية الخليجية التي بدأت تنتشر وتتحول هي الأخرى لموضة جديدة في الساحة الغنائية وكانت البداية عام 1998 مع المطرب السعودي الكبيرعبد المجيد عبد الله  والنجاح الهائل الذي حققته أغنية “يا طيب القلب” عند طرحها والتي فتحت الباب أمام أغنيات أكثر من الخليج العربي على غرار “ما أروعك” للكويتي نبيل شعيل و “راضيناك” للسعودي طلال سلامة و “الطلة” للإماراتي محمد المازم وصولا إلى عام 2002 وظهور المطرب الإماراتي حسين الجسمي.

وفي نهاية التسعينيات وتحديدا عام 1998 ظهرت فرقة “ وأما “ التي تكونت من أربعة مطربين هم محمد نور وأحمد فهمي وأحمد الشامي ونادر حمدي وحققوا نجاحا كبير وقتها بأغنية “يا ليل” لتعود معهم فكرة وجود الفرق الموسيقية التي اختفت منذ أعوام طويلة ومع نجاح ألبومهم الأول تحول الأمر إلى موضة وفتح المجال أمام ظهور فرق موسيقية جديدة على غرار “إم تي إم” وأغنيتهم “أمي مسافرة” التي حققت شهرة جماهيرية كبيرة وقتها، وفي عام 2002 طرحت أغنية “بابا فين” التي قامت بغنائها فريق الأطفال الشهير “فري بيبي” وحققت تلك الأغنية نجاحات كبيرة ورغم المحاولات التي جاءت بعدها لتقديم أغنيات على نفس المنوال لكن كل التجارب لم تكتب لها النجاح وقتها ولم تظهر تجارب مماثلة لتنتهي تلك الموضة سريعا.

وفي عام 2003 ظهرت موضة جديدة في عالم الغناء من خلال المطربة الاستعراضية وهو اللون الذي تحول إلى موضة بفضل ثنائي من المطربات الأولى هي روبي من خلال تقديم أغنية “أنت عارف ليه” للمخرج شريف صبري والثانية كانت اللبنانية نانسي عجرم بأغنية “أخاصمك آه” للمخرجة نادين لبكي فقد حققت الأغنيتان والفيديو كليب نجاحات كبيرة وقت طرحهما وكانت بداية مهمة لروبي وحقيقة لنانسي رغم أن أخاصمك آه كان ألبومها الثالث.

وفي عام 2004 ظهرت موضة جديدة من خلال اثنين من المطربين الشباب حيث استخدام الكلمات السطحية بعض الشيء وكان بطلا هذا الشكل محمود العسيلي بأغنية “مجنونة” وكريم أبوزيد بأغنية “لون شعرك” لكن الثاني توقفت مسيرته مع الغناء واتجه للتمثيل بينما مازالت مسيرة العسيلي مستمرة فقد استعاد توازنه سريعا وأثبت أنه مطرب يمتلك إمكانيات كبيرة من خلال ألبومه الذي حقق نجاحات كبيرة عام 2006 والذي حمل اسم “طول ما أنت جانبي” وخصوصا أغنيته الشهيرة “مش زي الأفلام”.

وفي نهاية العقد الثاني من الألفية الجديدة كانت بداية الموضة الجديدة في الغناء التي مازلنا نعيش أصداء تطورها والحقيقة غير مفهوم هل هو تطور أم تراجع؟؟... بطلا تلك الحكاية هما الثنائي الشهير أوكا وأورتيجا الذين فتحوا المجال أما جيل جديد ونوع مختلف للأغنية يطلق عليه لقب “المهرجان” مع ظهور أسماء بعدهم  و أصبحت مقاييس النجاح مختلفة بل وأيضا شكل الصناعة حيث لم يعد هناك مجال لفكرة “الألبوم” وأن النجاح يقاس من خلال مشاهدات اليوتيوب وعلي مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كانت بداية الثنائي من خلال فريق “8 %” وكانت بداية نجاحهما بمهرجان “الوسادة الخالية”.

من بعد أوكا وأورتيجا ظهرت أسماء جديدة تطرح نفسها كل يوم من خلال طرح الأغنيات على مواقع التواصل الاجتماعي وقنواتهم الخاصة على اليوتيوب وتحقق تلك الأغنيات مشاهدات عالية وتحول الأمر إلى موضة كل فترة يظهر أحد المطربين الذين يقدمون مهرجانا يحقق نجاحا ثم يختفي ويظهر آخر وهكذا على غرار فيفتي والسادات ثم ولاد سليم وإسلام الأبيض ويظل أكثر المطربين نجاحا في هذه النوعية من الأغنيات التي تسمى مهرجانات الثلاثي حسن شاكوش وأغنية “بنت الجيران” وحمو بيكا بأغنية “وداع يا دنيا وداعا” وأحمد موزة السلطان بأغنية “ أنجال “.

ومع الظهور الكبير لعصر السوشيال الميديا وجيل المهرجانات بدأت عودة موسيقى ومطربي الراب مرة أخرى بعد أعوام من ظهور أحمد الفيشاوي في عدد من الأغنيات على غرار "ورقة شفرة" في 2006 ثم أحمد مكي الذي قدم ألبوما كاملا يحتوي على أغنيات راب لكن الآن نجوم تلك النوعية من الموسيقى مختلفين تماما ويأتي في مقدمتهم ويجز الذي يعد الأشهر والأكثر نجاحا في تقديم موسيقى الراب وتحقق أغنياته أعلى نسب من المشاهدات مثلا "دورك جاي" و "باضت" والأغنية التي حققت رواجا كبيرا "كيفي كده" التي شارك فيها مع فريق ديسكو مصر التي يقول في مقدمتها (باجي وفي إيدي الرضعة... عشان أغري التونة )، وعلي غرار ويجز تتواجد أسماء عديدة من مطربي موسيقى الراب وهم مروان بابلو ومروان موسى.