جريمة المنوفية.. القاتل مدمن فشل في الارتباط بها فقتلها بطلقة خرطوش

الضحيه
الضحيه

إيمان البلطي

 قبل أن يفرغ الناس من الحديث عن واقعتي "نيرة" طالبة المنصورة و"سلمى" طالبة الشرقية، حدثت واقعة "أماني"، طالبة المنوفية، وكأننا أصبحنا بين ليلة وضحاها نتابع مسلسلا دمويًا، وقبل أن تنتهي حلقة تعقبها حلقات.

واقعة "أماني" في حقيقتها هي امتداد لواقعتي "نيرة وسلمى"، الاختلاف بينهما فقط في طريقة القتل ونهاية الجاني، واقعة المنصورة والشرقية كانت باستخدام سلاح أبيض، لكن في هذه الواقعة استخدم القاتل سلاحا ناريًا "خرطوشأما عن الجاني، ففى واقعتى المنصورة والشرقية تم القبض عليهما، لكن في واقعة المنوفية، أقدم القاتل على الانتحار بعد أن بث مقطع فيديو قال فيه ما دفعه لارتكاب جريمته.

نعرض تفاصيل تلك الواقعة في السطور التالية.

يعيش "أحمد فتحى أبو عميرة" - البالغ من العمر ٢٦ عامًا -  في قريته طوخ طنبشا، التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، وكان على عكس أقرانه من الشباب، مهملا وغير جاد ولا يفكر في العمل ولا يسعى إلى بناء مستقبله، باختصار يعيش كشباب النواصي، هؤلاء الشباب الذين يقفون على النواصي يضايقون المارة وحسب، وينطبق عليهم المثل الشائع "لا شغلة ولا مشغلة".

وقعت عينا "أحمد" قبل سنوات قليلة على "أماني" وقت أن كانت في الثانوية العامة، وهي ابنة قريته وتسكن تقريبًا في نفس الشارع الذي يسكن فيه، وأعجب بها، وحاول أن يعبر لها عن إعجابه، لكن كانت الفتاة تصده كثيرًا، بل دائمًا تتجنبه قدر الإمكان.

أنهت الفتاة مرحلة الثانوية والتحقت بالجامعة، وتحديدًا كلية التربية الرياضية، وعلى الرغم من الفارق التعليمي بينها وبينه، حيث أنها طالبة جامعية وهو بالكاد تحصل على الدبلوم الفني بعد سنوات من الرسوب، إلا أنه تغاضى عن هذا وأكمل طريقه إليها، وحاول أكثر من مرة التقرب منها، لكن كانت الفتاة في غنى عن هذا التقرب.

وعندما فشل في أن يتقرب منها عن طريقها، تقدم لخطبتها حتى يكون الموضوع رسميًا، لكن قوبل بالرفض. وهو ما جعل الغل يدخل قلبه، ويفكر أن في رفضه تقليل له، وعليه قرر الانتقام، وفي صبيحة الأحد الماضي، وأثناء ما كانت "أماني" في طريقها إلى المخبز، جاء من خلفها وأطلق عليها طلقة من "فرد خرطوش" كان بحوزته، حتى أرداها قتيلة، ولم ينفع معها محاولات الإسعاف، وماتت قبل أن يصلوا بها إلى المستشفى.

انتحار

بعد أن هرب الجاني، وأثناء ما كانت الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لإلقاء القبض عليه، بث مقطع فيديو عبر صفحته الشخصية على فيس بوك وأوضح فيه السبب الذي دفعه لارتكاب جريمته، حيث قال: "سلام عليكم.. أنا أحمد أبوعميرة اللى بتدوروا عليه.. أنا المجرم.. أنا اللى الكل اتهمه بالغدر والخيانة.. أنا اللي معرفش يعمل الصح حتى مع نفسه.. أنا الإنسان اللى معرفش يعمل الصح حتى مع نفسه، معرفش يكون أى حاجة، حتى البنى آدمة اللى كانت فى إيده مقدرش يدافع عنها ولا يحوش عنها".

واستكمل: "والله العظيم ما عملت كده بمزاجى، وهى عارفة، هي عارفة كل حاجة الله يرحمها، أنا كنت بتنفسها وكنت عايش عشانها والله، والله كنت بتنفسها وعايش عشانها مش عايش عشان حد غيرها، هي اللي كانت بتشيل عنى كل حاجة، هى اللى كانت بتشيل همى وبتدور عليا، هي الحلم اللى بنيته لنفسى، عمرها ما قصرت معايا، وعمرها ما قالتلى اللى الناس بتقوله ده، ياما زعلنا وياما اتخانقنا وعمرها ما قالتلى المواصفات اللى انتوا بتقولوها عنى، أنا موجود ودمى موجود مستعد لأى تحليل ومستعد لأى حاجة، الكلام ده بعد ما اخد لها حقها منى".

واختتم قائلا: "أنا عمرى ما هسامح نفسى وهاخد لها حقها منى، منك لله أنتى السبب وأنتى إللى عملتى فيا وفيها كدا، انتى السبب وانتى اللى عملتى فيها كدا بقالك ٤٥ يوم مموتاها حرام عليكى ليه كده".

وبمجرد ما انتهى بث الفيديو، استطاعت الأجهزة الأمنية أن تحدد المكان الذي منه تم البث، وهو في طريق "مصر إسكندرية" الصحراوي، في نطاق مركز شرطة قويسنا بالمنوفية، وعندما داهمته وجدت جثة "أحمد أبو عميرة" وبجانبه فرد الخرطوش الذي استخدم في الجريمة، وأعلنت الداخلية في بيان لها العثور على جثمانه منتحرًا بذات السلاح النارى السابق استخدامه فى إرتكاب الواقعة. وعليه تم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال تلك الواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيق.

مضايقات

قال عبد الكريم الجزار والد أماني في حديثه لـ "أخبار الحوادث": "حرمني من بنتي، أنا طول عمري في حالي وربيت ولادي وبناتي على كده، وأماني مكانتش تستحق أبدًا ما حدث لها، الله يرحمها كانت طيبة وغلبانة، وفاكهة البيت، دلوقتي راحت على إيد واحد قرر فجأة إنه يحرمنا منها، منه لله، هو دلوقتي عند ربنا وهو أولى بيه، أنا هاخد العزاء  في بنتي خلاص بعد ما انتحر، ومحدش هيقبل عزاء من أهله، وفي دفنته محدش هيروح من أهل البلد كلها".

وبنبرة حزن ودموع لا تنقطع، قالت "سامية عبد الستار" والدة أماني لـ "أخبار الحوادث": "هو كان كلمني في التليفون وطلب إيديها مني، واحنا رفضنا عشان سلوكه وتعاطيه المخدرات وعشان الفرق في مستوى التعليم، ويومها خرجت عشان تشتري عيش وفجأة سمعت صوت صراخ، وضرب نار، ولما خرجت على الصوت عشان أشوف حصل إي لقيت بنتي مرمية على الأرض وسط الشارع وغرقانة في دمها، والناس شافوه وهو بيضربها بالنار وحاولوا يمسكوه لكنه هرب".

وأضافت: "أنا شُفت الفيديو اللي هو نشره ده، هو باين قوي إن شكله مش طبيعي، وحتى باين على وشه وعلى كلامه، والناس كلها عارفه إنه كان بيتعاطى المخدرات وإن سلوكه سيئ، والحمد لله أنا لما عرفت انه انتحر ناري بردت، وهناخد العزاء في بنتي خلاص، أما عن اللي بيدعي عليها في الفيديو ده معرفش مين، ده واحد مريض، اللي يعمل كده في بنات الناس يبقى فعلا مريض، منه لله".

وعقبت شقيقتها الكبرى عن وفاة أماني لـ "أخبار الحوادث" قائلة: "أختى كانت الصغيرة، إحنا ٤ أخوات، بنتين وولدين، وأنا متزوجة وكانت "أمانى" هى اللي كانت بتشتري أي أغراض وطلبات للبيت، ويوم الحادثة أهل القرية بلغونا بخبر وفاة أختى، وعرفنا إن القاتل هرب، ولما روحنا المستشفى كانت اختي في المشرحة، ومصابة بطلقة في ظهرها بالعمود الفقري، ولأن الخرطوش رصاصته بتنفجر داخل الجسم فماتت على الفور من إصابتها، وملناش صلة بالجانى، هو فعلا كان جيرانا وفي صلة قرابة من ناحية والدته ووالدي، لكنه كان دايما يضايقها فى الطريق، ويجيب سيرتها بصوت عالي وهو واقف مع أصحابه، هذا غير المعاكسات لحد ما حصل اللي حصل".

وقد نعى د. نعيم سلامة عميد كلية التربية الرياضية أسرة الفقيدة سائلا المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته وأن يسكنها الفردوس الأعلى من الجنة وأن يلهمهم الصبر والسلوان.