علاء عبدالوهاب يكتب: الدكتور مسافر!

علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب

رد مقتضب يوحى للسائل أن الطبيب الذى يود أن يحجز معه موعدا، قد سافر لقضاء إجازة، أو واجب مثلا، لكن حين تستفسر عن موعد عودته، تأتيك إجابة فاجعة: الدكتور هاجر! أو جاءه عقد عمل!

تكرر الموقف معى، ومع أقارب وأصدقاء معارف، بصورة لابد أن تستوقف المرء ليتساءل: هل ننتظر حتى نستيقظ على كارثة؟.. الوضع الراهن بالنسبة لعدد الأطباء مع عدد السكان قياسا على المعدل العالمى، حوالى الثلث، فماذا يكون الحال إذا استمر هروب الأطباء للخارج هجرة أو عملا أو دراسة؟

سوف يأتى يوم غير بعيد يعانى فيه المجتمع المصرى من انيميا حادة فى أطبائه! هناك من يستسهل ويقول: بالإمكان إجبار الطبيب بالقانون على عدم السفر، لكن يفوت أصحاب هذا الرأى أنه يمكن التحايل على ذلك بطرق عديدة، ثم كيف نتصور أن طبيبا سوف يمارس مهنته مجبرا؟

المواجهة الإيجابية للظاهرة يكون عبر علاج شامل للأسباب التى تدفع الطبيب المصرى، إلى مغادرة وطنه بحثا عن بديل أكثر ملاءمة لممارسة أنبل مهنة فى الوجود، وتجاوز تلك النظرة القاصرة التى تحصر المشكلة فى بعدها المادى على أهميته، وربما يتغافل أصحاب تلك النظرة عن سفر العديد من الأطباء الذين لا يغادرون الوطن بسبب الحاجة للمال، بقدر البحث عن مناخ أفضل سواء لرفع الكفاءة والخبرة، أو بحثا عن الشعور بالأمان بعد تكرار حوادث الاعتداء والإهانة التى تعرض لها بعض الأطباء.

بالطبع رفع مستوى الأجور والمزايا المادية والعينية مسألة غاية فى الأهمية، لأصحاب إحدى أكثر المهن شأنا وقيمة، لكن إلى جانب ذلك، وربما قبله، فإن توفير بيئة العمل المواتية تظل للكثيرين فى موقع متقدم على سلم أولوياتهم. لابد أن يكون الجزاء من جنس العمل، لقد كان فاجعا لى ما سمعته من طبيب شاب أنه يعمل بصورة متواصلة لمدة ١٢ ساعة ليجد بانتظاره مبلغاً و قدره (٤٥ جنيها) بالتمام والكمال، فهل نلوم الطبيب الذى فكر فى البحث عن الأفضل والأنسب؟

يجب ألا نلوم الأطباء قبل أن نوفر لهم عوامل الجذب بعيدا عن إعطائهم دروسا فى الوطنية، فالوطن لابد أن يكون حضنا دافئا بحق لأبنائه الأطباء ليفضلوه عن إغراءات السفر.