سكينة سلامة تكتب: الاستهلاك الواعى (1-2)

سكينة سلامة
سكينة سلامة

بقلم: سكينة سلامة

كانت تعد طعام الغداء بنشاط وبهجة جلية، تطلق الضحكات وهى تتحدث فى هاتفها الجوال. اقتربت منها أمازحها لأعرف سبب تلك الضحكات. قالت إنها قامت بشراء جهاز ابنتها الصغيرة بالكامل وإنها بهذا قد أتمت مهمتها فى الحياة على أكمل وجه، حيث اشترت لها كل ما تحتاج وبدل الغسالة أربع، رأيت فى قسمات ذلك الوجه راحة حقيقية ورضا غير مصطنع. تأتى لتساعدنا فى المنزل من وقت لآخر لتساعد زوجها الذى يعمل أيضا باليومية.

لم قد يقوم شخص دخله قليل ومحدود بشراء هذا العدد من الأجهزة الكهربائية؟ أعلم أن هذا السؤال الاستنكارى هو أول ما قد يجول فى خاطرك. ولكن الإجابة واضحة يريد ذلك الشخص إيصال رسالة ما إلى من حوله، ففى الحالة المذكورة أعلاه تريد السيدة أن تضمن لابنتها احترام عائلة الزوج بالكامل على المدى البعيد خاصة وأن الزيجة تتم فى كثير من الأحيان فى بيت عائلى. هى لا تشترى أربع غسالات بل تشترى فى الواقع وضعا اجتماعيا سيلازم ابنتها طيلة زواجها.

فى الماضى كان يتم شراء الأشياء المادية واقتناؤها بهدف جعل الحياة أكثر سهولة وأكثر عملية، أو لتوفير الوقت والجهد للقيام بأعمال أخرى ربما. وكانت طبقة بعينها فى المجتمعات هى التى يقتصر الشراء فيها على الرفاهيات والزهو والتفاخر فيما بينها على مدى قدرتها المادية فى تحمل كلفة هذا أو ذاك. استفحل هذا الأمر مع بداية الثورة الصناعية فى القرن الثامن عشر.

ومنذ ذلك الحين وبشكل تدريجى أصبح الاستهلاك فى المجتمعات الحديثة يتخطى تلبية احتياجاتنا الفيسيولوجية أو النفسية المتعلقة بتوفير الطعام والشراب والملبس والمسكن كما كان فى العصور الماضية، وأضحى جزء من الهوية الفردية وكيفية تعريف الشخص لذاته واندماجه مع المجتمع.
ولكن ماذا لاحظ الباحثون عندما بدأوا الاهتمام بسلوك المستهلك فى الطبقات المختلفة فى المجتمعات الحديثة.. هذا موضوع مقالنا القادم بإذن الله.