إبراهيم المنيسي يكتب: شوبير ونادر أبناء وقتلة!

إبراهيم المنيسي
إبراهيم المنيسي

متهيألى لو كان أديب نوبل الكبير نجيب محفوظ حيا بيننا لعدل آفة حارتنا من النسيان للتعميم أو ربما فتح الأقواس  لمزيد من الآفات التى داهمت حياتنا!
التعميم أزمة حقيقية فى الفكر العربى وكلما تراجع منسوب الوعى العام وزادت نسبة الغرض والاستسهال ارتفع كثيرا سيل التعميم. من هذه الأحكام السريعة فى تقدير الآخرين وتقويمهم ما يعرف باسم «أبناء العاملين» وصفا لمن يحصل على فرصة ترتبط بعمل أو مجال أسرته. وطبعا فى الملاعب تدفق نهر الاتهام لأبناء العاملين..

وحتى تكون الأمور أكثر وضوحا وتوضيحا فالأصل فى الاختيار أو منح الفرصة هو للكفاءة وهنا لا يجب أبدا أن يحصل فرد على ما لا يستحقه وأن المجتمعات اليقظة والواعية هى التى تعظم كثيرا من معيار الكفاءة وتعتبره الأهم فى منح الفرص دون تغليب لأى عوامل أخرى من محسوبية ومجاملة وخلافه من الموبقات الاجتماعية المدمرة لبناء أى مجتمع..

وهنا، ومما يثير الخلط البين، والمؤكد الظلم الحقيقى لأى موهوب أو ذى كفاءة حقيقية أن يتم الدفع باتهامه بأنه من «أبناء العاملين» بالإشارة لمحسوبيات الاختيار فى دهاليز العمل الحكومى المعتاد وكأن امتلاك الابن موهبة وقدرات وتميز علمى أو مهنى لطبيعة عمل والده هى جريمة توصم به. هو يجب ألا يميز عن غيره ولا ينال ما لا يستحقه كما أن غيره يجب ألا تحجب عنه الفرصة لمجرد أنه ليس من أبناء هؤلاء العاملين فيها. الاختيار فقط للكفاءة..
أقول هذا؛ بعد أن لاحظنا تكرار ظاهرة أبناء اللاعبين فى الملاعب. خصوصا فى حراسة المرمى.. فلم نكد ننتهى من قصة شريف إكرامى وشقيقه الأكبر أحمد رحمة الله عليه، حتى  ظهر المرمى مشغولا بأبناء حراس كبار: الكابتن أحمد  شوبير منح قفازه لنجله مصطفى بالأهلى وارتدى أحمد نادر قفاز والده نادر السيد حارس الزمالك وظهر أحمد نجل الكابتن  طارق سليمان حارس الأهلى والمقاولون السابق ومدرب الحراس الكبير  متألقا ومتميزا، وذلك بعد أحمد عادل  عبد المنعم  ونجل البلعوطى حارس طنطا القديم وغيرهم.. وكأن الحراس الكبار لديهم وفر من القفازات يستخسرون رميها!! الإتجاه النوعى هذا ربما فيه ارتباط للجينات أو على الأقل التأثر بمناخ عمل الوالد والاقتداء به وإعادة إنتاج التجارب.. وهنا أتذكر جيدا ما قاله لى الكابتن نادر السيد منذ حوالى ربع قرن تقريبا وهو يحدثنى عن تأثره بنموذج الكابتن أحمد شوبير كليا: أنا هأشوف الكابتن شوبير بيعمل إيه وهأعمل زيه (!!).. وطبعا كرر نادر السير فى طريق شوبير فنيا وإداريا وإعلاميا.. لكن لم أكن أتخيل أن التشبه سيصل لحد تقديم النجل لحراسة المرمى!!

المباريات الأخيرة أثبتت بما لا يدع أى مجال للشك أو التشكيك فى كفاءة مصطفى شوبير وموهبته التى أراها تفوق ما توفر لشوبير الأب كما أن الحارس الصاعد أحمد نادر السيد يبدو مع منتخب الناشئين على قدر من الموهبة يمكن أن تصقل أكثر بالاحتكاك الخارجى والاحتراف المبكر بأوروبا وليته لا يعود سريعا..
هؤلاء الأبناء الموهوبون لا يجب رجمهم وملاحقتهم بالاتهام القاتل معنويا بأنهم أبناء عاملين، مادامت لديهم الموهبة والكفاءة.