إنها مصر

صناعة الإحباط !

كرم جبر
كرم جبر

ليس من الشجاعة أن أمسك فى يدى قلما مثل مطواة قرن غزال، وأسيل الدماء هنا وهناك، وأمسح الدماء بدموع التماسيح، وأزعم أننى أحب بلدي، وأضع يدى على قلبى خوفا عليها.


من يحب بلده لا يثير القلق والإحباط، ولا يزعم أنه عالم ببواطن الأمور، أو أنه حصل على نتيجة 2023 من الكنترول، أو يستخدم الغيبيات للتنبؤ بالغيب.
الرصد الحقيقى يجب أن يكون من أرض الواقع، آخذاً فى الاعتبار الظروف الدولية الصعبة، التى تلقى بظلالها على كل دول وشعوب العالم.
ليس من المصلحة فى هذه الظروف الصعبة، إشاعة اليأس والخوف والقلق، وإنما التحلى بالموضوعية دون تهويل أو تهوين، وتبصير الناس بالأوضاع الصعبة، دون أن أقتل بداخلهم الأمل فى عبور الأزمات ومواجهة التحديات.


وشتان بين النقد الإيجابى الذى يحفز على العمل والتحمل، وبين النقد السلبى الذى يثير فى النفوس التحريض.
على أرض الواقع، هناك جهود كبيرة لتوفير مختلف السلع والخدمات، ونحمد الله أن المعاناة الدولية لم تؤد إلى الازمات التى كانت تحدث من قبل، وتبذل الدولة أقصى جهد للحفاظ على احتياطى استراتيجى لكافة السلع.
وعلى أرض الواقع حدثت زيادة فى الأسعار، ولكنها لا تزال محدودة مقارنة بمختلف دول العالم، ولو لم تقم الدولة بالمشروعات الغذائية الكُبرى ، لكان الوضع فى منتهى الصعوبة.
وعلى أرض الواقع، يقول آخر تقرير للبنك الدولى أن مصر فى العام القادم ستحقق معدلات نمو قرابة 5% وهى رابع دولة فى العالم تحقق معدلات إيجابية، بينما دول كثيرة ستكون تحت الصفر.


النقد الموضوعي، يجب أن ينصب على تحفيز الدولة للاستمرار فى المشروعات الكبرى، وعلى رأسها حياة كريمة، والمطالبة بالإسراع فى شراكة القطاع الخاص فى مختلف الأنشطة الاقتصادية، والمزيد من برامج الحماية الاجتماعية، والضرب بيد من حديد على أيدى من يستثمرون الأزمات لصالحهم.
تسليط الأضواء على السلبيات والمطالبة بعلاجها، أفضل ألف مرة من هدم المعبد على من فيه، وكل ذلك تحت شعارات زائفة.


مصر -لا قدر الله - لا تحتمل أى فوضى، وإذا كان المولى عز وجل رحيماً بشعبها وأنقذهم من أهوال الفتن والحروب والصراعات والهجرة والتشريد، فيجب أن نرفع أيدينا بالدعاء أن يحفظ بلدنا، ونسلك كل الطرق التى تؤدى إلى ذلك.


شعب تعداده 105 ملايين، ويزيد 2.5 مليون كل عام، يحتاج إلى العمل ليل نهار، وأن يتحلى بالوعى والفهم والإدراك لما يحدث حولنا، حيث انهارت دول وشردت شعوب، ونهبت ثروات بلادهم.
ليس من الشجاعة ولا البطولة التبشير بالخراب والفوضى، وإنما إضاءة الأفكار البناءة والرؤى الواقعية.