فى الصميم

شجاعة «الصدر».. وأزمة العراق!

جلال عارف
جلال عارف

بشجاعة كاملة تحمل الزعيم العراقى مقتدى الصدر المسئولية ومنع انجرار العراق إلى كارثة جديدة. أدان ما وقع من عنف فى اليومين الماضيين وأعتذر للشعب العراقى عنه. وأكد أن الدم العراقى حرام، وتمسك بمنهجه السلمى رافضاً أن تتحكم ففى الثورة «الهاونات والصواريخ» وبحسم طالب أنصاره بالانسحاب خلال ستين دقيقة.. وقد كان!


لم يكن هناك غيره يستطيع نزع فتيل الأزمة. ورغم إعلانه اعتزال السياسة فقد استشعر أن ما حققه بالتحرك السلمى مهدد، وأن هناك من يريد الحرب الأهلية طريقاً لاستمرار سيطرته على الحكم. قال فى خطابه الأخير: وطن بعد أن كان أسيراً للفساد أصبح الآن اسيراً للفساد والعنف. أنهى الصدر بخطابه الشجاع احتمال تصاعد العنف، وبقيت المعركة الأصلية مع الفساد الذى ترعرع فى ظل الاحتلال الأمريكى ثم السطوة الإيرانية، والذى فرض الطائفية ليتاجر بها فى سوق الفساد.


توقف الخوف من حمام دم جديد فى العراق الحبيب، ولكن الأزمة باقية، والحل يتطلب شجاعة الجميع وتحملهم المسئولية كما فعل الصدر. والأزمة الحقيقية ليست بين التيار الصدرى وخصومه. إنها بين الشعب وبين النخبة التى تحكم بالطائفة والفساد، والتى أوصلت الوضع فى العراق إلى ما نراه الآن.
قد تحكم المحكمة العليا اليوم أو غداً بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة. لكن الحل الحقيقى يتطلب أكثر من ذلك بكثير.. ولعل الطبقة السياسية تقرأ المشهد بوعى، وتتصرف بمسئولية. فتدرك أن الأزمة الأخيرة أظهرت عجزها الكامل كما لم يحدث من قبل، وأن الصراع ليس بينها وبين الصدر بل هو مع الشعب الذى لم يعد قادراً على تحمل فسادها. ولا على دفع فواتير ميليشيات ولائها لغير العراق، وسلاحها يستبيح الدم العراقى.


شجاعة مقتدى الصدر وتحمله للمسئولية أنقذت العراق الحبيب من كارثة وطنية. هل يملك «الآخرون» نفس الشجاعة؟
وهل يستطيعون تحمل المسئولية عن عشرين سنة من الفساد؟
وهل يفسحون الطريق للتغيير الشامل الذى يعيد العراق لشعبه وينهى ميراث الطائفية والفساد والنفوذ الخارجى؟
الأسئلة كثيرة، والاجابات غائبة، والعراق الشقيق ينتظر أن يستوعب الجميع الدرس، أن تقرأ الطبقة الحاكمة ما حدث قراءة صحيحة. شجاعة الصدر أنقذت الموقف.. هل يملك الآخرون نفس الشجاعة؟!