مسيرة «نور الشريف» في السينما والمسرح

الفنان الراحل نور الشريف
الفنان الراحل نور الشريف

كتبت: أ.د. إلهام سيف الدولة حمدان

سقطت ورقة الفنان القدير محمد جابر محمد عبدالله الشهير ب (نور الشريف)من أوراق شجرة الفن والإبداع العظيمة في «أغسطس» من أعوام ليست بالبعيدة، هذه الشجرة التى نحتمى بظلالها من هجير الحياة وأدعياء الفن الدخلاء على عالمه، والذى تعد رحلة حياته مزيجًا من العذاب والمتعة والتأرجح بين الفشل والنجاح .

وقد تناولت مسيرته سريعا قبلا:”هذا الفنان الذي شهدت مولده شوارع حي السيدة زينب بالقاهرة، كما شهدت أيضًا مباريات «الكرة الشراب» التي برع فيها وانتهت به إلى التحاقه بصفوف فريق أشبال نادي الزمالك المصري في مطلع الستينيات من القرن الماضي، ولكن شغفه الشديد بالمسرح والسينما جعله يخلع رداء لاعب الكرة، ليبدأ حياته الفنية عام 1967 عقب تخرجه في المعهد العالى للفنون المسرحية بتفوق، ولتسوقه الصدفة إلى التعرف على المخرج الكبير سعد أردش، حيث رشحه للعمل في دور صغير في مسرحية «الشوارع الخلفية» ثم اختاره المخرج كمال عيد ليمثل فى مسرحية «روميو وجولييت» وأثناء البروفات تعرف على الفنان «عادل إمام» الذي رشحه للمخرج حسن الإمام ليقدمه في فيلم «قصر الشوق» وحصل عن هذا الدور على شهادة تقدير وكانت أول جائزة يحصل عليها، ليبدأ أولى خطواته في عالم السينما ويخطف الشهرة ببطولة فيلم «سواق الأتوبيس» لمخرجه عاطف الطيب، هذا الفيلم الذي أعده النقاد مرآة حقيقية تعكس حال المجتمع المصري في فترة مابعد النكسة، وفي هذا الفيلم برز دور هذا الفنان المثقف الواعي الذي احترم الفن فاحترمه الفن وأعطاه المفتاح السحري لصندوق الأسرار التى يحتوي عليها، الأمر الذي جعله يعيش في قلوب كل من شاهد روائعه سواء في السينما أو المسرح الذى جسد فيه معنى الوطنية، فالوطن في نظر الفنان الأصيل المبدع هو الحضن والدفء والتعب والانتصار، إن الفن الواعي بقضايا الوطن والمجتمع؛ هو الأداة التي تدخل إلى القلوب والعقول والأرواح لمحاربة كل فكر متطرف يحاول التسلل إلى نسيج المجتمع ليفسد وحدته ويزرع بذور العطن في جذوره الممتدة بعمق التاريخ. فهو بحق يعد نموذجًا صادقًا معبرًا عن صلابة الفن .

إقرأ أيضًا

7 سنوات على رحيل نور.. آخر العمالقة

فلقد جابه الفشل الذريع في أول أدواره في «قصر الشوق» وانهالت عليه طعنات أقلام النقاد وكادت تطيح به خارج عالم السينما والفن ، ولكنه بكل الصلابة والإيمان برسالته وموهبته وفنه،استطاع أن يشق طريقه وسط عمالقة السينما والمسرح ليحتل مكانه بينهم بكل جدارة، ولعل الحُب الذي عاشه لشريكة حياته ؛كان الحافز للنجاح والتقدم وتقمص كل الشخصيات التى لعب أدوارها بكل الاقتدار وانتزاع العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية وسط أساطير هذا الفن في العالم، وعند تخرجه في قسم التمثيل والإخراج في المعهد العالى للفنون المسرحية ضمن دفعته التى ضمت المخرجين والممثلين المتميزين فيما بعد، وأعلنت نتيجته بعد أسابيع قليلة من نكسة يونيو 1967، اختلطت المشاعر داخله بين فرحه بتفوقه وحصوله على المركز الأول الذى يؤهله للتعيين معيدا بالمعهد، وحزنه على الهزيمة التى لحقت بالتجربة الناصرية التى تحمس لانفتاحها الثقافي على العالم، وسعيها لتحقيق العدل الاجتماعي، وتأسيسها لبنية أساسية للفنون الرفيعة، تمثلت في المعاهد الفنية الكبرى بأكاديمية الفنون بالهرم، فصال وجال في الأدوار المسرحية المحلية والعالمية التى لا حصر لها لعل أبرزها العرض الفانتازي «بعد أن يموت الملك» 1974 آخر كتابات الشاعر «صلاح عبد الصبور» وإخراج «نبيل الألفي»، و«سِت الملك» لفرقة المسرح القومى 1978، من تأليف د. «سمير سرحان» وإخراج «عبد الغفار عودة»، و«الفارس والأسيرة » 1979 للكاتب الكبيرالدكتور «فوزي فهمي»- رئيس أكاديمية الفنون الأسبق- وإخراج زميل دفعته د. «عوض محمد عوض»، و«لعبة السلطان» 1982 للدكتور «فوزي فهمي» أيضا، وإخراج «نبيل الألفي»، ولفرقة أكاديمية الفنون مسرحية «كاليجولا» 1991 لألبير كامي وإخراج «سعد أردش» التي مثلت مصر في مهرجان موتريل بأسبانيا، فحصد العديد من الجوائز والتقديرات، ولعل أهمها حصوله على درجتي دكتوراه فخرية في الآداب، الأولى من جامعة «ميدل بري» الأمريكية عام 2005، والثانية من جامعة «ويلز» البريطانية ...” وعن علاقته بالفنانة الجميلة بوسي حين سئل عن سبب انفصالهما أعطانا مثالا جميلا عن علاقات الحب الحقيقية قال: ”عمر الروح ما تسيب بيتها وعمر القلب ما يسبب سكينته هنرجع لبعض تاني مهما بعدنا.

وأن الحب بيننا كان ومازال ومستمر ،الناس متعرفش إلا 1% بس من حبنا واختيارنا لبعض .. عمرى في الدنيا ما قلبي يشوف غيرها لأنه اتعود عليها فرحتي وسعادتي وعكازى .

الدنيا ساعات بتجبرك على أفعال مش بمزاجك وإحنا قولنا عشان نحافظ علي حبنا نبعد عن بعض فتره .. نصفى ونرجع تاني ،وأنا فشلت وبقول هنرجع بإذن الله مهما بعدنا دي حبيبة عمرى وأم بناتي واللي كل لحظه حلوة كانت معاها هي وبس. .. أنت فاكر الحب إيه .. الحب مش كله سعادة وفرحة ولحظات حلوة بين اثنين اللحظات الحلوة مش بتبين الحب لو الاتنين دول بيحبوا بعض مهما بعدوا هيفضلوا شايفين بعض وعينيهما مش هتشوف غيرهم ،الحب ف البعد اكتر بكتير من حب القرب !” رحم الله نجمنا المحبوب الذي أنار القلوب بهجة مع كل عمل فني جاد .. أحب واحترم جمهوره وفنه فبادله الحب والاحترام ، ورحل لكن فنه باقٍ بيننا وهي خير عزاء لنا لتروي حالة الافتقاد لدى كل محبي وعاشقي أدواره المنوعة الموحية الهادفة .. وأكرر مقولتي: المبدعون لا يرحلون بل يغيرون عناوينهم، فهم باقون برغم الفراق بما تركوه لنا من إبداعات!.