عثمان سالم يكتب: «حنانيك يا نجيب»

عثمان سالم
عثمان سالم

معادن الرجال تظهر فى الشدائد.. ولا يمكن أن نقول أن ما حدث يوم الأحد الماضى فى كنيسة أبو سيفين بامبابة حدث يخص المسيحيين دون غيرهم.. وما فعله الشاب المصرى محمد يحيى هو التصرف التلقائى الطبيعى وهو ينهض من نومه على أصوات قادمة من داخل الكنيسة الى غرفته ليقفز فى سرعة البرق ليفتح مع غيره من أبناء الحى الباب والصعود إلى الدور الرابع لإنقاذ من كانوا فيه من أطفال وشيوخ يؤدون الصلاة ويتعلمون الدين.. محمد لم يكن مجبرا ولم يطلب منه  القيام بالتضحية بنفسه وهو يقتحم النيران لإنقاذ ما أمكن إنقاذه بمن فيهم رجل الدين الذى حمله على ظهره وكسرت رجله بعد أن تزحلق على الدرج بسبب المياه.. ما فعله هذا الشاب يمكن ان يفعله غيره مسلما كان أم مسيحيا فهى جينات مصرية خالصة ولدت بها تسارع لنصرة المظلوم وإعانة الملهوف دون أن يسأل عن دينه أو درجة القرابة ولم يكن فى انتظار مكافأة من أحد لولا أن عمرو أديب سأله بعفوية عن عمله ليقول انه حاصل على مؤهل سياحة وفنادق من أربع سنوات ولا يعمل ليتطوع مصرى شهم آخر بتدبير وظيفة لهذا الإنسان الذى كاد أن يفقد حياته ولديه اربعة ابناء كان يمكن ان يتركهم فى لحظة بدون عائل إلا الله الذى لا تضيع عنده الودائع.

وكالعادة قدم النجم العالمى محمد صلاح مكرمة جديدة بتبرعه بثلاثة ملايين جنيه مساهمة فى تخفيف الألم عن أسر الضحايا والمصابين وكذلك فعل الكثيرون كمشيخة الأزهر التى قدم شيخها الجليل د. أحمد الطيب دليلا على وحدة الوطن بصرف  النظر عن ديانته.. ومن المؤسف أن يخرج علينا المهندس نجيب ساويرس «بتويتة» لا تراعى الظرف الإنسانى الذى يمر به الوطن بوفاة ٤١ من الاطفال والرجال والسيدات فى حادث هو الأبشع فى إحدى دور العبادة.. نجيب قال انهم ـ أى المسيحيين ـ لن يتقبلوا العزاء فى ضحاياهم إلا بعد أن يحاسب المقصر على تقصيره.. ولا أدرى ما علاقة الصعيد وبحرى بحادث يخص كل المصريين من الوجهين وكل عناصر الأمة.. امتلأت صفحات التواصل ببرقيات العزاء والمواساة فى الضحايا، وكان الرئيس السيسى أول المعزين لقداسة البابا تواضروس وتسخير كل إمكانات الدولة للتخفيف من آلام المحنة، وتواجد رئيس الوزراء والوزراء فى مكان الحادث .. لقد بدأت القوات المسلحة فى ترميم المبنى الذى بنى بغير تخطيط فى ظروف استثنائية ولا يوجد له غير باب واحد وكانت الشبابيك مغلقة بحجة استخدام التكييف الذى كان ربما أحد أسباب الحريق الذى شب فى الحضانة بالدور الأخير.. الناس التى احتشدت فى كنائس الوراق لتشييع الجثامين او  المتواجدين فى المستشفيات كلهم مصريون لا يمكن أن تفرق بين مسيحى ومسلم وخلال ساعات كان تجديد المبنى يتم ليلا ويتم معاينة النيابة لمكان الحادث والتصريح بالدفن للمتوفين ونقلهم على وجه السرعة الى سيارات الاسعاف التى حملتهم الى أماكن الدفن سواء فى القاهرة أو فى الصعيد..

«حنانيك»  يا سيد ساويرس، البلد يحتاج لمن يحنو عليه والمواطنون يستحقون  من يربت على أكتافهم وتوفير الامكانيات المادية والمعنوية بدلا من إثارة الفتنة بين أبناء الشعب الواحد!!