دموع فى صيام مريم.. مصر تبكى ضحايا حريق كنيسة «أبو سيفين»

د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء خلال تفقده موقع الحريق
د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء خلال تفقده موقع الحريق

كتب: أحمد الجمّال - حسن حافظ - ياسمين عبدالحميد

استيقظ سكان منطقة المنيرة فى إمبابة، أمس الأحد، على حادث مؤلم، بعد نشوب حريق هائل فى كنيسة «أبو سيفين»، أدى إلى وفاة 41 شخصًا بينهم كاهن الكنيسة عبدالمسيح بخيت، ونحو ١٦ مصابًا بسبب الاختناق نتيجة الدخان الكثيف الناجم عن الحريق، وتعاطف المصريون جميعًا مع ضحايا الحادث الذى يأتى فى وقت يواصل المسيحيون فيه «صيام مريم»، الذى يبدأ فى 7 أغسطس ويستمر لمدة 15 يومًا، لتختلط دموع المسلمين مع أشقائهم الأقباط فى مشهد إنسانى يعكس مدى اللُحمة الوطنية فى بلد يرتكن علـــى حصنى أمان شـمخين: الأزهر والكنيسة.

وتحتـفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ببدء صوم السيدة العذراء فـى شهر أغسطـــس من كل عــــام، الذى يوافــــق ذكرى رحيلها، وهو من صـــــوم الدرجة الثانية (أى التى يجوز فيها أكل السمك) فى الكنيـسة الأرثوذكسية، وتقــيم الكنائس النهضـات الروحية الخاصة بصوم العذراء. ويقتصر الصوم على الامتناع عن أكل اللحوم باستثناء السمك، وتناول المأكولات بالزيت، وهى المناسبة التى يحتفل بها المسيحيون فى مصر بشوق ومحبة ويشاركهم فيها المسلمون الذين يعتبرون حب مريم مشتركًا إنسانيًا مع إخوتهم المسيحيين.

لكن هذا العام حمل ما عكّر صفو المسيحيين والمسلمين، مع وقوع حادث احتراق كنيسة «أبو سيفين»، الذى أكدت وزارة الداخلية، فى بيان لها، أن سببه خلل كهربائى، وعلى الفور انتقلت قوات الحماية المدنيّة، وتمت السيطرة على الحريق وإخلاء المصابين والمتوفين ونقلهم للمستشفيات، كما أسفر الحريق عن إصابة ضابطين وثلاثة أفراد من قوات الحماية المدنية.

وقد أسفر فحص أجهزة الأدلة الجنائية عن أن الحريق نشب بجهاز تكييف بالدور الثانى بمبنى الكنيسة، والذى يضم عددًا من قاعات الدروس نتيجة خلل كهربائى وأدى ذلك لانبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيس فى حالات الإصابات والوفيات.

من جانبه، عاين النائب العام المستشار حمادة الصاوى، موقع الحادث، وقال فى بيان رسمى: «انتهت النيابة العامة من مناظرة كافة الجثامين ولم تلحظ فيها إصابات ظاهرة دالة على أمور أخرى خلاف الاختناق».

إقرأ أيضًا

شيخ الأزهر يعزي البابا تواضروس في ضحايا حريق كنيسة إمبابة

الرئيس يعزى أسر الضحايا: «أبرياء انتقلوا لجوار ربهم»

الرئيس يتابع عن كثب
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أنه يتابع عن كثب تطورات الحادث الأليم بكنيسة أبو سيفين بالمنيرة بمحافظة الجيزة، وأضاف عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»، أنه قام بتوجيه كافة أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، وبشكل فورى للتعامل مع هذا الحادث وآثاره، وتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين.
وتقدم الرئيس السيسى، بخالص التعازى لأسر الضحايا الأبرياء الذين انتقلوا لجوار ربهم فى بيت من بيوته التى يُعبد بها.

كما أجرى الرئيس اتصالاً هاتفياً مع قداسة البابا تواضروس، حيث قدم تعازيه فى ضحايا حادث الكنيسة، وأكد خلال الاتصال قيام كافة مؤسسات الدولة بتقديم الدعم اللازم لاحتواء آثار هذا الحادث الأليم. كما أصدر توجيهات للهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتولى عملية ترميم وإصلاح الكنيسة.

ومن جانبها، تقدمت السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، بخالص العزاء فى ضحايا الحادث، داعية المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، وتمنت الشفاء لجميع المصابين. جاء ذلك خلال رسالة لها على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك».

فيما أصدرت القوات المسلحة بيانًا جاء فيه: «تنعى القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية ضحايا الحادث الأليم الذى لحق بكنيسة المنيرة بمحافظة الجيزة، كما تتقدم لأسر الضحايا ولكل أقباط مصر بخالص العزاء داعين الله عز وجل أن يلهم ذويهم الصبر والسلوان، كما تعرب القيادة العامة للقوات المسلحة عن تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين».

مدبولى: سنعيد ترميم المبنى بأفضل حال مما كان عليه

تحرك حكومى سريع
التحرك الحكومى لاحتواء آثار الحادث كان سريًعا، حيث تفقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كنيسة الشهيد «أبى سيفين»، للوقوف على تطورات موقف الحادث المؤلم، ورافقه الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، ونيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، واللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، واللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، وعدد من قيادات وزارة الداخلية، وقساوسة الكنيسة.
وفور وصوله إلى موقع الحادث، حرص رئيس الوزراء على أن يصعد إلى الدور الأخير أعلى الكنيسة، وهو الدور الذى نشب به الحريق. وقال: هذا الحادث آلمنا جميعا واستقبلناه بحزن شديد ونحن جميعا إخوة فى الوطن، متقدما بخالص التعازى لقساوسة الكنيسة ولأسر الضحايا، كما تمنى من الله الشفاء العاجل للمصابين.

100 ألف جنيه تعويضا لأسرة كل ضحية و20 ألفا للمصاب

ترميم المبنى
ووجه الدكتور مصطفى مدبولى بالبدء على الفور فى ترميم المبنى وإعادته بأفضل حال مما كان عليه. كما وجه وزيرة التضامن الاجتماعى بسرعة صرف التعويضات بشكل فوري، بواقع 100 ألف جنيه لأسرة كل ضحية من ضحايا الحادث، و20 ألف جنيه كحد أقصى لكل مصاب.
كما كلف رئيس الوزراء الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، بتقديم جميع أوجه الرعاية الطبية لمصابى الحادث، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي، الذى يتابع أولاً بأول تطورات حالة المصابين، والوقوف على حجم الخسائر.

كما زار مدبولى المصابين بمستشفى العجوزة الذى استقبل عددًا من الحالات المصابة لتلقى أوجه الرعاية الصحية اللازمة، مجدداً التوجيه بتقديم جميع أوجه الرعاية المطلوبة لمصابى الحادث الأليم، وخلال تفقده المستشفى، أجرى حواراً مع عدد من المصابين اطمأن خلاله على حالتهم الصحية والخدمات المقدمة لهم، داعياً الله بالشفاء العاجل لهم، قائلاً: «توجيهات من الرئيس بتقديم الخدمات الطبية الكاملة لكل المصابين».

من جانبه، أكد الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، تقديم كافة سبل الرعاية الصحية للمصابين بالمستشفيات لحين تحسن حالتهم الصحية وتماثلهم للشفاء، مشيرًا إلى رفع درجة الاستعداد للقصوى بجميع المستشفيات المحيطة بموقع الحادث.

مساعدات «مستقبل وطن»
وشهدت الأحزاب تفاعلا كبيرا مع الحادث، وعبَّر العديد منها عن خالص تعازيه لأسر الضحايا عبر بيانات رسمية، أبرزها حزب «مستقبل وطن»، الذى وجه أمانته بمحافظة الجيزة بتشكيل غرفة عمليات بشأن حادث حريق الكنيسة، مع التواجد الميدانى وتقديم كافة التسهيلات اللازمة بالتنسيق مع الأجهزة المعنية لكل أسر الضحايا والمصابين مع التواجد معهم فى كل المستشفيات التى استقبلت المصابين والضحايا.

كما قرر الحزب بالتنسيق مع وزارة التضامن صرف مساعدات مالية لكل أسر الضحايا والمصابين فى ضوء الدور المجتمعى للحزب، وتوفير كافة الاحتياجات اللازمة لكل أسر الضحايا والمصابين فى المستشفيات المختلفة.

وهكذا اختلطت دموع المصريين، مسلمين ومسيحيين، فى وداع شهداء الكنيسة المحترقة، وكأن دموعهم ترافق دموع السيدة العذراء فى رحلة أبدية لحب مريم حزنًا على ضحايا الوطن الواحد، ليبدو المشهد الأخير مثل لوحة للعذراء تحتضن أبناءها جميًعا برفق وحنان.