د. جمال شقرة يكتب : مقالات كمال الدين رفعت فى الفكر والسياسة: شاهد على عصره

د. جمال شقرة يكتب : مقالات كمال الدين رفعت فى الفكر والسياسة: شاهد على عصره
د. جمال شقرة يكتب : مقالات كمال الدين رفعت فى الفكر والسياسة: شاهد على عصره

يعد كتاب كمال الدين رفعت، إضافة جديده لتاريخ  مصر المعاصر فضلا عن كونه مصدرا مهما لمن يبحث فى تاريخ ثورة يوليو وتاريخ حركة الكفاح المسلح فى القناه

حاز الدكتور على متولى أحمد مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة السويس على جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية فرع التاريخ والآثار وحفظ التراث عن كتاب «كمال الدين رفعت.. مقالات فى الفكر والسياسة»، الصادر عن دار الكتب والوثائق القومية عام 2021، وقد أجاد الباحث فى تتبعه مقالات أحد الضباط الأحرار، كمال الدين رفعت، الذى أدار حركة الكفاح  المسلّح فى القناة قبل ثورة 23 يوليو وبعدها بنجاح، وشارك فى الحياة السياسية بعد الثورة، ولعب دورًا مهمًا فى تنفيذ المبادئ الستة التى أعلنتها الثورة، وكان شاهدًا على الحركة السياسية المصرية حتى رحيله يوم 13 يوليو 1977.

عندما ألغت مصر معاهدة 1936فى أكتوبر 1951، انطلقت حركة الفدائيين المصريين ضد القاعدة البريطانية فى القناة، كان  عزيز المصرى «الأب الروحى لضباط الوطن» من رأيه أن العمليات الفدائية ضد القاعدة فى القناة ستربك الإنجليز.

وتمنعهم من تنفيذ العمليات التخريبية التى تستهدف تدمير الكبارى والقناطر فى الوجه البحرى لإغراق الدلتا لمنع تقدم القوات الألمانية بقياده ثعلب الصحراء رومل إلى القاهرة. بينما كانت الجماهير تهتف «يا عزيز يا عزيز كبه تاخد الإنجليز» كان الضباط الوطنيون يخططون للعمليات الفدائية ضد القاعدة.


كان كمال الدين رفعت، وهو من الضباط الوطنيين الذين تخرجوا من الكلية الحربية فى يوليو عام 1942،  بعد خمسه أشهر من إهانة ملك مصر بحصار قصر عابدين يوم 4 فبراير من نفس العام، كان قد لحقته السياسة  قبل دخوله الكلية الحربية و بعدها. 


 لذلك سرعان ما انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار بعد مشاركته فى حرب فلسطين عام 1950، كانت أهم أدوار كمال الدين رفعت قبل ثورة يوليو 1952، تكليفه من قبل تنظيم الضباط الأحرار بإعداد مجموعة من شباب مصر الجديدة إعدادًا عسكرياً يجعلهم قادرين على تنفيذ العمليات الفدائية ضد القاعدة فى القناة.


 ونجح كمال الدين رفعت فى توجيه ضربات موجعة للإنجليز، من ذلك ضرب نقطة تفتيش بريطانية مع طريق مصر الإسماعيلية وتدمير الفلتر الذى ينقى مياه الشرب للمعسكرات البريطانية عند التل الكبير، وذلك فى الثالث من نوفمبر عام 1951.


كذلك إدارته لمعركة فدائية فى شهر ديسمبر من نفس العام فى محافظة الشرقية تحديد فى منطقة القرين حيث تحولت القرين إلى معسكرات للفدائيين، وقاد كمال الدين رفعت قوة من الفدائيين بلغت خمسين فدائيًا كانوا مسلحين بالرشاشات و القنابل اليدوية والأسلحة المضادة للدبابات، وبمعاونة أهالى القرين هجمت العناصر الفدائية على المعسكر وأحرقوا الخيام بمنْ فيها، واستمرت المواجهة لأكثر من ساعتين فيها، وانسحب الفدائيون بعد تكبيد الإنجليز خسائر فادحة.


واستمرت حركة الفدائيين حتى اندلاع حريق القاهرة، ورغم الخسائر التى ألحقها الفدائيون بالقوات البريطانية إلا أن كمال الدين رفعت عند تقييمه للحركة قبل 1952 أشار إلى أنها كانت غير جادّة لم تحقق النتائج المرجوة ، وأنها أُجهضت بعد حريق القاهرة 26 يناير 1952.


ونظرًا لخبرة كمال الدين رفعت و قيادته للشباب الفدائيين قبل الثورة عُين بعد الثورة بالمخابرات الحربية، وأصبح مسؤولاً عن قسم بريطانيا، وتولى قيادة حركة الكفاح المسلح فى منطقة القناة، وكانت العمليات التى خطط لها ونفّذها بنجاح تسير جنبًا إلى جنب مع المفاوضات المصرية البريطانية بل كانت داعمه لها، وكانت تشتد العمليات كلما وضع  المفاوض الإنجليزى العراقيل أمام المفاوض المصرى، واللافت للنظر أن حركة الكفاح المسلح فى القناة بعد الثورة كانت قائمة على أسس ثورية  جندت لها أكفأ العناصر.

واستخدمت فيها الأساليب الثورية والحرب النفسية ضد العدو أى كانت حركة خطط لها بدقة ونفذت كثيراً من العمليات التى تسببت فى إنهاك المحتل و نجاح المفاوضات.
وبعد نجاح الثورة تقلّد كمال الدين رفعت عديداً من المناصب السياسية، أدى دوره فى هذه المناصب على أكمل وجه.

حيث أصبح وزيرًا لشئون رئاسة الجمهورية عام 1957، ثم عضوًا بمجلس الأمة، وفى الوقت ذاته أشرف على هيئتين من أكبر الهيئات فى مصر: النيابة الإدارية، والأزهر والمعاهد الدينية فى أكتوبر 1958، ثم أصبح وزيرًا للأوقاف بالنيابة بعد استقالة أحمد حسن الباقورى فى 10 أكتوبر 1959.


وفى 18 أكتوبر صدر القرار رقم 1568 لسنة 1961 بتعيين كمال رفعت أول وزير للعمل فى وزارة جمال عبدالناصر، وظلّ فى  هذا المنصب حتى 27 سبتمبر 1962، وارتبط ذلك بصدور القرارات الاشتراكية التى انتصرت للطبقة العمالية.

وفى 19 يونيه 1967 صدر القرار رقم 1352 بتعيين كمال رفعت وزيرًا للعمل فى وزارة جمال عبدالناصر، وظلّ فى هذا المنصب حتى 20 أكتوبر  1970 طبقًا للقرار 290، وأنشأ ضمن إدارة العلاقات الخارجية بالوزارة قسمًا لمكافحة الصهيونية ومواجهة الأنشطة الإسرائيلية فى مجال العمل والعمال، ولا سيما فى أفريقيا والمنطقة العربية، وسمى هذا القسم إدارة البحوث والتطورات حتى يخفى حقيقة وطبيعة عملها على أعداء مصر.


مع بدايات فترة حكم الرئيس أنور السادات تولى كمال رفعت منصب سفير مصر فى لندن خلال الفترة (أغسطس 1971 - أبريل 1974)، وبشأن هذا المنصب كانت هناك ردود أفعال تعبر عن القلق والغضب من جانب الخارجية البريطانية والمعارضة السياسية فى مصر وقتذاك.

وكان لكل طرف حجته، ففى الوقت الذى قدمت فيه الخارجية المصرية أوراق ترشيح كمال رفعت للخارجية البريطانية سفيرًا لمصر فى لندن أبدت الخارجية البريطانية قلقها من أن يكون قائد المقاومة فى منطقة القناة ورجل الاستخبارات المصرية «كمال رفعت» هو سفير مصر فى المملكة المتحدة بسبب التاريخ الطويل من العداء المتبادل بينهما، فى إشارة إلى نضال رفعت أثناء مشاركته فى عمليات الفدائيين بمنطقة القناة ضد البريطانيين سواء قبيل الثورة أو بعدها.  


وفى أبريل 1976 أصُيب كمال رفعت بأزمة قلبية، وعلى إثرها تمّ نقله إلى مستشفى المعادى العسكري، وفى يونيه 1977 أُصيب بنفس الأزمة وعلى إثرها سافر إلى لندن للعلاج، ثم عاد إلى القاهرة، وظل ملازمًا الفراش بمنزله بمصر الجديدة، حتى وافته المنية فى 13 يوليو 1977.


وهكذا يعد كتاب كمال الدين رفعت، إضافة جديدة لتاريخ  مصر المعاصر فضلا عن كونه مصدرا مهما لمن يبحث فى تاريخ ثورة يوليو وتاريخ حركة الكفاح المسلح فى القناه قبل 13 يوليو وبعدها حتى تم الجلاء عن مصر بتوقيع اتفاقية الجلاء عام ١٩٥٤.


وتُعد الدراسة التى قدم بها الباحث الكتاب نموذجًا مثاليًا لتقديم المصادر من هذا النوع، ولقد بذل جهدا كبيرا فى المقارنة بين الكتابات التى تناولت كمال الدين رفعت والفترة التاريخية المهمة التى كتب عنها، وهى دراسة تدل على تمكنه من منهج البحث التاريخى وأدواته المختلفة.

اقرأ ايضا | ميرال الطحاوى تكتب: «أيام الشمس المشرقة» ترصد خيبة المهاجر في القبض على أحلامه