ريهاب عبدالوهاب تكتب: حرب الرقائق

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

القرار المصرى بمنع تصدير الرمال البيضاء والاستثمار فيها داخلياً قرار استراتيجى يأتى فى وقت تقف فيه صناعة الرقائق الالكترونية التى تعتمد على هذا المكون فى مفترق للطرق مع احتدام «حرب الرقائق» بين أمريكا الصين. فواشنطن التى تباهى العالم بتفوقها العسكرى تعرف أن قوتها الحقيقية تكمن فى تفوقها فى القطاع التكنولوجى التى اعتادت أن تحتكره قبل ان تبدأ بعض النمور الأسيوية فى سحب البساط من تحت أقدامها، خاصة فى صناعة «الرقائق الاليكترونية» التى تستحوذ دول شرق آسيا على أكثر من 75% من انتاجها.

ولقد بدأ جرس الإنذار يدق مع خسائر الاقتصاد الأمريكى جراء نقص انتاج الرقائق بسبب كورونا والذى تسبب فى تخفيض بعض الصناعات لإنتاجها واغلاق الشركات لمصانعها ثم الهبوط الكبير للبورصات، لتنتبه واشنطن لتبعات فقدانها الصدارة وانخفاض حصتها العالمية من انتاج الرقائق من40 إلى 12٪.ثم جاءت تحركات بكين حول تايوان ومنع تصدير الرمال البيضاء لها ليرفع درجة القلق الامريكى،خاصة وان تايوان وحدها تستحوذ على 90٪ من انتاج الرقائق عالية الجودة.

ثم كانت الطامة الكبرى مع انتاج الصين مؤخراً رقائق «7 نانومتر» المتطورة والتى كانت تنفرد بانتاجها تايوان وكوريا الجنوبية، فى اطار خطة بكين لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى التكنولوجيا المتقدمة وإنتاج 70٪ من رقائقها بحلول 2025.

من هنا استنفرت واشنطن كل قواها وقامت بإقرار خطة بقيمة 280 مليار دولار لتعزيز تصنيع الرقائق تتضمن 200 مليار تنفق على الابحاث على مدى 10 سنوات وحوالى 53 مليار دولار ستقدمها فى شكل حوافز ومنح للمستثمرين فى مصانع الرقائق الأمريكية، مشترطة على أى شركة تستفيد من هذا الدعم عدم توسيع أو تحديث مرافق تصنيع الرقائق المتقدمة فى الصين التى تستورد بأكثر من 300 مليار دولار أشباه موصلات سنويًا.
الصراع بات مفتوحاً وينذر بتقسيم سلاسل الإمدادات العالمية من هذا المنتج الاستراتيجى لكتلتين متنافستين احدهما تقودها واشنطن والاخرى تقودها بكين.