تصرفها الصيدليات للمصابين بنزلات البرد بدون روشتة..

«حقنة هتلر» الموت فى سرنجة!

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتبت: إيمان طعيمة

◄متحدث «الصحة»: تسبب هبوطا فى الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب

◄ثروت حجاج: عروض الأدوية على الإنترنت تهدد صحة المواطن

◄الأطباء: حقنة هتلر تركيبة تشمل مضادات حيوية وكورتيزون ومسكنًا للالام ولكن!

لم تعد الصيدليات مجرد مكان يوفر للمريض الدواء الذى يحتاجه فحسب، بل أصبح هناك تنافس يتزايد بين عدد منها لتقديم خدمات أخرى للمستهلك بحيث تشمل تركيبات ووصفات متنوعة سواء كان ذلك بغرض طبى أو تجميلى، حتى بات الحل الأسهل للمواطن هو الذهاب للصيدلية والسؤال عن العلاج السحرى الذى يحتاجه ليتماثل للشفاء بغض النظر عن مدى توافقه مع الجسم من عدمه.

مؤخرا أثارت حقنة البرد أو كما يسميها البعض «الحقنة السحرية» أو «حقنة هتلر» ضجة كبيرة على السوشيال ميديا بعدما أودت بحياة مواطن فى بورسعيد أخذها كعلاج لنزلة برد دون استشارة الطبيب، وهذا يجعل إعادة النظر فى منظومة عمل الصيدليات ضرورة حتمية للانتهاء من فوضى عملها حفاظا على صحة المواطن ومهنة الصيدلانى.

الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة، يؤكد أن هناك ممارسات صحية خاطئة يقوم بها البعض عند تناولهم عقاقير من المفترض أنها لا تؤخذ إلا بوصفة طبية، خاصة إذا كانت هذه العقاقير تتمثل فى المضادات الحيوية التى يجب ضبط جرعاتها بناء على حالة المريض، حتى لا تتسبب فى مضاعفات كارثية، قد تؤدى للوفاة كما حدث مع حقنة هتلر التى تشمل تركيبة من مضادات حيوية وكورتيزون ومسكن للآلام، محذرا من اللجوء إليها كونها قد تؤدى إلى هبوط حاد فى الدورة الدموية وتوقف فى عضلة القلب ثم الوفاة.

إقرأ أيضًا

ضبط أكثر من 5 مليون قرص لأدوية مجهولة ومهربة داخل مخزن صيدلية بالقاهرة

 

خطورة حقنة هتلر

ويوضح الدكتور وائل صفوت، استشارى الباطنة العامة والتوعية الصحية رئيس مجلس أمناء مؤسسة صحة مصر، أن السبب وراء خطورة «حقنة هتلر»، يكمن فى تعارض مكوناتها مع نزلات البرد أو الأنفلونزا التى تعد أمراضا فيروسية ولا يوجد دور للمضادات الحيوية فى علاجها، فضلا عن أنها تجعل الميكروب يكتسب مناعة ضد هذا المضاد الحيوى فيحتاج الشخص عند الإصابات الأخرى المتكررة لمضادات حيوية أقوى، وقد لا يستجيب الجسم لها مطلقا، ما يشكل كارثة صحية جديدة، وهذه الأدوية خاصة المسكنات تؤثر فى الكلى والكبد، ويزداد الأمر سوءا لدى الأشخاص الذين يعانون مشكلات مزمنة بهذه الأعضاء، وللأسف قد يحدث فشل كلوى بمجرد تناول حقنة واحدة فقط إذا كان الشخص يعانى الحساسية، وقد ينتهى الأمر بالوفاة.

 

وللأسف لا توجد علامات تظهر على الشخص الذى تناول الحقنة تنذر بالخطر دون الإحساس العام بالإعياء والهبوط الذى قد يعتقد البعض بأنه بسبب نزلة البرد، ولكن التصرف الأصح عند الشعور بذلك هو التوجه لأقرب مستشفى فورا لإجراء اللازم وإنقاذ حياة المريض.

 

بينما يقول ثروت حجاج، رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة: للأسف أصبح عدد كبير من المواطنين يلجأ للصيدليات، والسؤال عن الأدوية التى وصفها الطبيب من قبل، أو كما نصحه بها أحد الأقارب وتحسنت حالته بسببها، و«حقنة هتلر» أبرز هذه الأدوية اعتقادا بأنها علاج سحرى يحسِّن حالة الجسم دون العلم بأنها تدمر جهاز المناعة نتيجة «كوكتيل الأدوية» غير المتوافق، الذى قد يصفه بعض الأطباء للكبار والصغار فى أحيان كثيرة.

فوضى الصيدليات

ويرى حجاج ضرورة إعادة النظر فى المنظومة الطبية بأكملها بداية من منع الأطباء من وصف مثل هذه الحقن أو غيرها من التركيبات الأخرى واستبدالها بالأقراص أو الأدوية الشراب التى تعطى نفس النتائج، لكن بعد فترة أطول نسبيا، وإن كان لابد منها فتكون حين ذلك على مسئولية الطبيب وتحت إشرافه، ويتم إبلاغ المريض بذلك مع منع الصيادلة من تقديم هذه التركيبات للمرضى، ويجب إطلاق حملات توعية للمواطنين تحذرهم من خطورة تناول دواء بدون روشتة الطبيب وبدون إجراء اختبار حساسية قبل تناول بعض الأدوية، لمنع سوء الاستخدام الذى قد يؤدى للوفاة، ولا يوجد مانع من توفير بعض الدورات التدريبية والدبلومات للصيادلة لتعريفهــــم بمكــــونـــات الحقـــــن الصحيحـة ومتى يتم استخدامها والطريقة الصحيحة، لإعطائها لجميع الفئات العمرية، وكذلك التعريف بالدواء المسموح بصرفه للمريض من عدمه، لتفادى أى خطأ قد يقع فيه الصيدلانى، بسبب الدواء، الذى يكون العقاب فيه هو إلغاء ترخيص مزاولة المهنة والسجن، إذا لم يتم التفاوض مع أهل الحالة والوصول لحل ودى.

كوارث الأونلاين

ويشير حجاج إلى أنه تنتشر الآن حالة من الفوضى فى عمل الصيدليات، ويجب قيام نقابة الصيادلة بدورها فى الرقابة على عمل جميع الصيدليات والتأكد من أن العاملين بها أطباء فقط، وكذلك أصحاب الصيدليات ليكون حق النقابة فى الشطب متوفرا إذا تخطى الصيدلانى حدود مهنته، ويتم حرمانه من مزاولة المهنة، كما يجب منع بيع وشراء الأدوية من على المواقع أو التطبيقات الإلكترونية المخالفة لقانون مزاولة مهنة الصيدلة والتى لا يوجد عليها رقابة أو إشراف طبى، وتسبب الضرر لكثير من المرضى، فضلا عن تسببها فى نقص كثير من الأدوية فى الصيدليات وتوفيرها على هذه الصفحات بأسعار مخفضة.. الأمر الذى يجعلنا نتساءل: من أين هذا وكيف يتم الحصول عليها وأين يتم تخزينها؟ إلا أن هناك بعض الحيل والتلاعبات، أو أن هذه الأدوية تكون مسروقة.

ويؤكد أنه تم بالفعل تقديم بلاغات قانونية للنظر فى شأن مثل هذه الصفحات والمواقع ولم يتم البت فيها حتى الآن، كما يجب أن يكون هناك قرارات عاجلة للحد من هذه الفوضى، كتحديد غرامات مالية كبيرة على كل من ينشئ تطبيقا إلكترونيا خاصا بالدواء.

 

القانون والرقابة
من جانبها، استنكرت الدكتورة إيناس عبدالحليم، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، الفوضى العارمة التى تشهدها الصيدليات والسلاسل الكبرى مؤخرا، مطالبة بتفعيل قانون الصيادلة الذى يحد من كل هذه المهازل، وبناء على ذلك تقدمت بطلب إحاطة وفقا لما ورد لديها من العديد من الشكاوى للأهالى، ما يؤكد تعرضهم لأخطار كبيرة ومضاعفات طبية نتاج قيام بعض الصيدليات عبر صفحات التواصل الاجتماعى بالإعلان عن قيامها بإجراء خدمة التحاليل السريعة للكوليسترول، هيموجلوبين، يوريك أسيد، تحليل السكر، ومؤشر كتلة الجسم فى 5 دقائق «حسب نص الإعلان»، وذلك دون استشارة أو الرجوع إلى الطبيب المتخصص. كما ورد أن بعضا من هؤلاء الصيادلة يمتلكون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى يقدمون من خلالها العلاج والوصفات بل وتعدى الأمر إلى طباعة بعضهم روشتات للمرضى مستغلين جهل المرضى وعدم معرفتهم بما يحيق بهم من مخاطر.

 

وأضافت: يقوم أولئك الصيادلة بإعطاء الوصفات والأدوية  للمرضى دون روشتات طبية، ما أدى لوفاة حالات عديدة، فهناك من يأتى للمستشفى وحالته متدهورة بسبب تعرضه لأزمات صحية، واعتقاد الصيدلانى بأنه مصاب بأزمة صحية أخرى، نظرا لتشابه الأعراض. فضلا عن أن أدوية المضادات الحيوية والكورتيزون وأدوية الحساسية التى يعطيها الصيدلانى للمريض تغطى جميع الحالات الصحية وبمجرد تعافى المريض يبدأ فى الاعتماد الكلى على الصيدلانى ولا ينتبه إلى أن هذا الدواء تسبب فى تحور البكتيريا وعدم استجابتها للعلاجات.

 

وللأسف جذبت تلك الصفحات آلافا من الناس، وهناك من يجرى الفحوصات الطبية بالصيدليات وهو حاصل على شهادة الثانوية، بخلاف عدم صلاحية بعض الأجهزة المستخدمة بالصيدليات، لذا يجب تكثيف حملات الكشف الدورى على الصيدليات، وليس فقط بناء على بلاغات أو بناء على حالات الوفاة، وكذلك تشكيل لجان متخصصة دورها إعداد استراتيجية لفحص وتفتيش وحصر كل الصيدليات واتخاذ اللازم تجاه المخالفين.

 

وأوضحت أنه قد تم الرد على طلب الإحاطة من الدكتور أيمن الخطيب، نائب رئيس هيئة الدواء المصرية، وأكد أنه يوجد قانون ولائحة تنفيذية للصيدليات، ونحن الآن بصدد إصدار قرار لمنع صرف أى أدوية بدون روشتة الطبيب، كما أن المفتش الصيدلى له ضبطية قضائية، ويوجد كشوف بالمخالفات مع الإقرار بوجود تصرفات خاطئة، علما بأنه سيتم تدشين اللجنة القومية لترشيد استهلاك المضادات الحيوية قريبا.

عمل غير قانونى

قانونيًا، تقول سارة السنطاوى، المحامية وخبيرة الاستشارات القانونية، إن المادة ٣٠ من قانون تنظيم مهنة الصيدلة الصادر برقم 127 لسنة 1955، وللتعديل الصادر فى 15 يونيو 1998 على أنه يحظر بيع الأدوية بالعيادات الخاصة وتباع فقط بالصيدليات العامة بناءً على تذكرة طبية، ولا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلانى مرخص له مضى على تخرجه عام على الأقل قضاها فى مؤسسة حكومية أو أهلية، ويُعفى من هذا الشرط من تؤول له الملكية عن طريق الميراث أو الوصية، ولا يجوز للصيدلانى أن يكون مالكاً أو شريكاً فى أكثر من صيدليتين، وألا تقل المسافة بين الصيدليتين عن 100 متر، بالتالى يجب أن يكون الصيدلانى والصيدلية مرخصين.

وكذلك لا يجوز محضّر بالصيدلية إلا بموجب تذكرة طبية محررة بمعرفة طبيب بشرى أو بيطرى أو أسنان أو طبيب مرخص له طبقا للمادة 33، كما أن هذه الأدوية المحضرة يجب أن تكون مطابقة للمواصفات المذكورة فى دستور الأدوية المصرى وتوضع فى وعاء مناسب موضحا عليها اسم الصيدلية وعنوانها، واسم صاحبها، ورقم القيد بدفتر قيد التذاكر الطبية وتاريخ التحضير وكيفية الاستعمال طبقا للمادة 35.

وفى حالة الغش الدوائى إذا ترتب عليه أى أضرار بصحة الإنسان أو الحيوان يحال الصيدلى إلى مجلس تأديب، والعقوبة المقررة لذلك السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد عن 10 سنوات والغرامة بين حدها الأدنى  50 ألفا والأقصى  100 ألف جنيه، بالإضافة إلى مصادرة الأدوية موضوع المخالفة والأدوات التى ارتكبت بها، وفى حالة العاهة المستديمة بسبب هذا الغش تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو المؤبدة وغرامة لاتقل عن  200 ألف جنيه.