القاعدة بعد مقتل الظواهري.. سـيف العدل أم صهر مؤسس التنظيم.. وكلمة السر إيران؟!

بن لادن والظواهري
بن لادن والظواهري

كتب: أيمن فاروق

..ضربة قوية وجهتها الاستخبارات الأمريكية إلى تنظيم القاعدة من جديد، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أول أيام الشهر الجاري، عن استهداف زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري في كابول العاصمة الأفغانية، في غارة جوية نفذتها طائرة أمريكية بدون طيار استهدفت الظواهري أثناء تواجده بشرفة منزله بعد عملية تعقب وصفها الرئيس الأمريكي بأنها نتيجة عمل دقيق ودءوب لمجتمع مكافحة الإرهاب والمخابرات، وهنا بات السؤال يطرح نفسه في الأفق، بعد مقتل أيمن الظواهري.. هل سيكون هناك تنظيم القاعدة في السنوات القادمة؟، وما مستقبله ومن هم المرشحين لخلافته في قيادة التنظيم؟، ومن هو سيف العدل الذي يتداول اسمه لخلافة الظواهري وسر علاقته بإيران؟!

 

بداية نشير إلى أنه منذ مقتل أسامة بن لادن في «مايو 2011» يواجه التنظيم الإرهابي «القاعدة» أزمة قيادة مستمرة، على الرغم من خلافة الظواهري لـ«بن لادن» لكنه كان أقرب إلى مفتي للتنظيم من كونه زعيمًا وقائدًا له، مع تصاعد نفوذ تنظيم «داعش» الارهابي في عام 2014، لهذا فإن معظم التحليلات تتجه نحو أن يكون «سيف العدل» هو القائد القادم «للقاعدة»، والمتواجد في إيران وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، انضم إلى جماعة الجهاد في الثمانينيات، وتم إلقاء القبض عليه عام 1987 في قضية «إعادة إحياء تنظيم الجهاد» لمحاولة قلب نظام الحكم، وهرب إلى السودان ومنها إلى أفغانستان ليقرّر الانضمام إلى تنظيم القاعدة في عام 1989، وجهت واشنطن اتهامًا لسيف العدل بإنشاء معسكرات تدريب في السودان والصومال وأفغانستان وبالضلوع في تفجيري سفارتيها في نيروبي ودار السلام عام 1998، أعد بعض خاطفي الطائرات في هجمات  11 سبتمبر، وظهر على قائمة الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، وعرضت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدّي إلى اعتقاله، وبعد الغزو الأمريكي لأفغانستان تمكّن من الفرار إلى إيران حيث تم وضعه تحت الإقامة الجبرية، وفي عام 2010 نجح سيف العدل في العودة إلى أفغانستان ومنها إلى باكستان، وحاليا اختلفت الآراء مابين تواجده في إيران أم أفغانستان، ورغم أن البنية التنظيمية لـ«القاعدة»، تواجه متغيرات جديدة تقودها لأن تصبح هشة وضعيفة، بسبب تراجع السيطرة التنظيمية للظواهري، وهو ماظهر بقوة في الانشقاقات المتعددة اشهرها انفصال البغدادي عنه، وإعلان ما يسمى «بتنظيم دولة الخلافة»، وإعلان محمد الجولاني فك الارتباط التنظيمي بين تنظيم «جبهة النصرة» «هيئة تحرير الشام» وتنظيم «القاعدة» المركزي وإلغاء البيعة لأيمن الظواهري، ثانيا الاعتماد علي اللامركزية في التنظيم في تنفيذ عملياتها الإرهابية، حيث أصبح متبقيا ثلاثة أفرع فقط وهي حراس الدين «سوريا»- شباب المجاهدين «الصومال»- نصرة الإسلام والمسلمين «الساحل والصحراء».

 

إقرأ أيضًا

بعد 10 سنوات..طالبان تدعي عدم وجود صله بين 11 سبتمبر و بن لادن

ويوثق تقرير الأمم المتحدة من هو القائد المحتمل التالى فى الصف بعد الظواهرى لقيادة تنظيم القاعدة، وجاء على رأس القائمة سيف العدل.
ويذكر ان التقارير أشارت إلى  إن تاريخ الرجل وصولا إلى أن يكون الرابع في القاعدة بعد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبي حفص المصري، وكما رصد علاقته مع إيران، حيث تدرب سيف العدل في أحد معسكرات حزب الله في لبنان على يد القيادي في الحزب عماد مغنية، وعن سر تعاون إيران مع القاعدة لقادة التنظيم بالعيش هناك؟« يقال أن إيران والقاعدة يرون أنهم فى نفس المعسكر ضد عدو واحد يسمونه الشيطان الأكبر..أمريكا».

 

وما يثار عن علاقة القاعدة وإيران وانهما في معسكر واحد، لا يمكن أن نغفل كلمة زعيم التنظيم أيمن الظواهري في كلمته الأخيرة «صفقة القرن» الجزء السادس المنشورة في يوليو الماضي وضع إيران في مصاف دول أجنبية وعربية قال إنها «تحتل» بلاد المسلمين إذا الظواهري لا يرى القاعدة وإيران «في نفس المعسكر» فهل هذا خلاف بين سيف العدل والظواهري الذي من المؤكد أن هناك أنصارًا كثيرين يميلون إلى توجهه، الحقيقة أن تلك الرؤية التي ترى إيران في معسكر واحد، تتماشى مع مايراه مصطفى حامد الشهير بابو الوليد والد زوجة سيف العدل، مما يمكن أن نصفه بالعلاقة المريبة التي تجمعها تبادل المنفعة أو المصلحة، فقاعدة سيف العدل وصهره مصطفى حامد ترى إيران الملجأ الأمن في عصر يضعف فيه التنظيم ويواجه عناصره مطاردات عدة في مختلف دول العالم، بينما الإيرانيون لم يكونوا بالطرف السهل، حيث أنهم تميزوا بالدهاء والمكر في تلك العلاقة، وأصبح لهم على التنظيم الكلمة النافذة والعليا، لهذا يمكن القول بأن طهران ستكون عاصمة أو وجهة «القاعدة» مستقبليًا إن جاء سيف العدل على رأس التنظيم.

 

لهذا يمكن الإجابة عن سبب بقاء سيف العدل، الزعيم المنتظر للقاعدة، في إيران، على الأقل منذ عام 2015، حينما عقدت القاعدة صفقة مع طهران تم بموجبها تحرير أعضاء التنظيم هناك وسمح لهم بالسفر للخارج، لكن سيف العدل لم يغادر، وعائلته أيضا، وتكشفت الأمور بعد ذلك، أنهم كانوا مستثنين من الاحتجاز، حيث يشير ذلك إلى وجود تفهمات مع طهران..

 

سيف العدل بدأت علاقته بإيران في التسعينيات بعد لقاء أسامة بن لادن في السودان والاتفاق المبرم حول تدريب أتباعه على استخدام المتفجرات، وبالفعل تم تدريب سيف العدل على يد عماد مغنية أحد أبرز القادة العسكريين بحزب الله وكان التدريب في سهل البقاع شرق لبنان، كما تم تكليف سيف العدل عن دور حيوي له إذ تم تكليفه بإدارة ملف علاقات التنظيم مع إيران، وسرعان ما ظهرت آثار دروس مغنية بعد عودة سيف العدل من لبنان، ففي واقعة تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في صيف 1998، تم استخدام أساليب تفجير تحمل تشابها كبيرا مع تلك الخاصة بعمليات حزب الله، ولهذا تم إداراج سيف العدل على قائمة أكثر الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي منذ عام 2001، وتم رصد جائزة عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، وهو مقيم مع أسرته في إيران مع عدد من قادة القاعدة منذ سقوط نظام حكم طالبان عام 2001.

 

حياة سيف العدل

عن حياته الأسرية التي لا تنفصل كثيرًا عن حياته العملية، حيث نجد سيف العدل متزوج من أسماء مصطفى حامد، ابنة الرجل الذي يُعرف بـ»مؤرخ القاعدة» ويشتهر بكنية «أبي الوليد»، وقد نشر قصة زواج ابنته مطلع فبراير على موقعه الشخصي «مافا السياسي» الذي يصدر من إيران، حيث ذكر فيه إعجابه بسيف يعود إلى أشهر عديدة قبل تقدمه لخطبة ابنته، ويشير إليه بوضوح كرجل عسكري مهم يتمتع بالذكاء والحيوية، ويؤكد أن تعرفه عليه جاء خلال عملية إغلاق مطار خوست القديم خلال التصدي للغزو السوفيتي لأفغانستان، ورغم موافقته عليه وعدم حاجته لمشاورة أحد إلا انه لمحبته لعمالقة القاعدة كما وصفهم  زاعمًا في مقاله، وهما أبو عبيدة وأبو حفص، فقد استشرهما في أمر الزواج فوافقا على الفور.

وأشار مصطفى حامد، في مقالات له، أن سيف طلب من المجاهدين أن يكونوا على دراية بمفهوم الطابور الخامس، الذي يعني العمل مع العدو ظاهريًا «تعلم كيف تخرج أعداءك من مخابئهم، أعلن الحرب عليهم سرًا، لا تكن ساذجا، ليس كل ما هو ظاهر حقيقي»، وهذه هي بالضبط الطريقة التي وجه بها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ليصبح حليفًا للحوثيين، وطعن القبائل اليمنية في ظهورها بينما كان يختبئ وسط المجتمع كجزء منه، والسؤال هنا ما الذي يريده سيف العدل على وجه التحديد؟ إن كان يحاول تحويل القاعدة إلى منظمة أكثر براجماتية شبيهة بحزب الله اللبناني، فإن براجماتيته تلك تقتصر على التعاون مع إيران لمواصلة «الجهاد العالمي» الذي لا طائل من ورائه، ولم يعد يعرف له هدف واضح للقتال من أجله.

ثعلب القاعدة.. المغربي

المرشح الأخر لقيادة التنظيم الارهابي، عبدالرحمن المغربي ويلقب بثعلب القاعدة، من أكثر قادة التنظيم غموضا وتخفيا فهو الرجل الشبح الذي خُدع الأمريكيون بشأنه سنوات طويلة كان فيها قائدا نشطًا داخل التنظيم، كما إنه صهر مؤسس القاعدة الذي أعلن عن مقتله، أيمن الظواهري، وقد ولد في المغرب عام1970، وانضم في شبابه للتنظيم، وشغل عددًا من المواقع المهمة به حتى أصبح مسؤولاً عن شبكة السحاب، الذراع الإعلامية المركزية للقاعدة، بينما حسبه أعداؤه في عداد الأموات وأخرجوه من دائرة الملاحقة تمامًا مما أسهم في منحه حرية الحركة والعمل، وحتى اليوم تظل قصة دخوله إلى إيران لغزاً غامضًا لم يكشف عنه.

كما أنه أصبح مسؤول الأقاليم بعد مقتل عطية الليبي أواخر ٢٠١١، أي رئيس مكتب الاتصالات الخارجية، وكذلك أصبح المدير العام للتنظيم في أفغانستان وباكستان عام 2012، ومكنته تلك الأدوار المركبة والهامة من الاطلاع على أخطر أسرار التنظيم وما لا يمكن لبعض القادة الآخرين الوصول إليه، فقد كان أحد ثلاثة فقط كان لديهم إمكانية الاطلاع على مضمون الرسائل الخاصة بأسامة بن لادن، رفقة مصطفى أبو اليزيد وعطية الليبي، وبعد جمعه لهذه المناصب أضحى لديه سلطة توجيه فروع القاعدة حول العالم وإرسال الرسائل التي يريدها إليهم.

ياسين السوري

ومن المرشحين أيضا لكن فرصهم قليلة، ياسين السوري، واسمه عز الدين عبد العزيز خليل، وهو من أبرز قادة القاعدة المرتبطين بإيران، ولد عام 1982 في القامشلي في شمال شرق سوريا وانضم للقاعدة وساهم بشكل كبير في توفير الدعم اللوجستي للتنظيم، إذ تورط في الإشراف على عمليات نقل الأموال والرجال من مختلف الدول العربية إلى الأراضي الإيرانية، التي أصبحت الممر المفضل له إلى باكستان، حيث يقيم عدد من قادة التنظيم.

سلطان يوسف حسن العارف، أحد المرشحين لكن موقفه ضعيف، لخلافة الظواهري، الشهير باسم قتال العبدلي، من المقيمين في إيران، ولد في جدة بالسعودية، عام 1986، انضم إلى التنظيم، واتخذ من إيران مأوى له بعد سقوط نظام حكم طالبان في أفغانستان عام 2001،.

في النهاية، رغم ضعف التنظيم بعد مقتل الظواهري، فإن ذلك لا ينفي أن التنظيم يمكن أن يشهد العديد من التحولات اعتمادًا على من سيخلف الظواهري، سواء على مستوى تكتيكات المواجهة المنطلقة من القاعدة الفقهية (العدو القريب والعدو البعيد)، وهى القاعدة التي حكمت أداء التنظيم منذ النشأة وحتى مقتل الظواهري، أو على مستوى العلاقة مع حركة «طالبان»، والأفرع الثلاثة المتبقية للتنظيم، كما أنه من المتوقع ان تضرب الانقسامات التنظيم المتشدد علي إثر خلاف تواجد سيف العدل في إيران.. الأيام القادمة ستتكشف معها مسار القاعدة.