بينى وبينك

الحمار مؤلفا

زينب عفيفى
زينب عفيفى

 توفيق الحكيم كان مفكرا، متجدداً دوما، مثيرا للجدل، عسانا نقرأ ونفهم ما كان يدور بينه وبين حماره الذكي، حول القضايا الفكرية والاجتماعية، التى تمثلت فى كتابه «الحمير » وتضمن أربع مسرحيات «الحمار» فيها بطلا وكاتبا ومؤلفا، فى حوارات من أذكى الحوارات بين الحكيم وحماره، فالحمار يملى على الحكيم الأفكار والحلول لبعض القضايا المستعصية على رأى المثل الشعبى اللماح « الحدق يفهم» يمرر الحكيم رسائله الإنسانية وتأملاته فى النظم الاجتماعية والسياسية بصورة بارعة ذكية تثير الخيال والوجدان وتطرب النفس، عبر نصوص مسرحية يتخيل الحكيم نفسه وهو جالسا على مكتبه مستغرقا فى التأمل والتفكير، ثم يدخل عليه حمار، يقدم نفسه له بأنه حماره القديم، يعاتبه على تجاهله واحتقاره، ثم يستأذن فى الجلوس معه ويخبره بأنه سوف يعرض عليه بعض ما يعرفه عنه وعن غيره من الحمير، ثم يستدرك الكلام وغيرك من المفكرين والمؤلفين.

 يناقش الحمار مع الحكيم معانى ومغازى ألف ليلة وليلة التى كتب عنها الحكيم مسرحيته شهرزاد، واختلاف ما كتبه الحكيم عن النص الأصلي، بان عاش شهرزاد وشهريار فى تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات. بينما يختم الحكيم مسرحيته بأن شهريار يهجر زوجته ويترك قصره ويخرج هائماً على وجهه فى الخلاء، وهنا يقدم الحمار فكرة جديدة عن الخلاء ونهاية اخرى لشهريار. ومسرحية الحمير تضم أربعة مشاهد «الحمار يفكر. الحمار يؤلف. سوق الحمير. حصص الحبوب». وإذا كان الحمار يفكر فلابد أن يؤلف.

المسرحية نقد للأوضاع الاجتماعية السيئة فى مصر، ولأن الحكيم مفكر حكيم، فهو لا ينتقد الديمقراطية أو الاشتراكية، وإنما انتقد سلبيات تلك المرحلة والتى كتب عنها كتاب «عودة الوعي»، فلا يعيب الإنسان أن يراجع نفسه فى اعتقاد ظل راسخا فى وجدانه ثم يكتشف سلبياته فى التطبيق، هذا ما أرد أن يقوله الحكيم فى حواره مع حماره.