7 سنوات إعـجاز| القناة الجديدة.. حكاية «حلم» تحول إلى «معجزة» فى عام واحد

قناة السويس الجديدة ملحمة وطنية تحققت فى عام واحد 
قناة السويس الجديدة ملحمة وطنية تحققت فى عام واحد 

فى وقت مرير وظروف اقتصادية صعبة نجحت مصر فى التغلب على اليأس الذى ساد الربوع، وعلى حملات التشكيك التى طالت كل مشروع، ففى السادس من أغسطس عام 2015 سطر المصريون بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى سطرا جديدا فى تاريخ مصر المشرف، وافتتحت قناة السويس الجديدة التى كانت حلما تحقق خلال عام واحد فقط وسط ذهول العالم.

وقبل هذا التاريخ بعام واحد فقط وتحديدا فى الخامس من أغسطس عام 2014 وقع الرئيس السيسى على وثيقة بدء حفر مشروع قناة السويس الجديدة، وهى الوثيقة التى قدمها له الفريق مهاب مميش رئيس قناة السويس، وأعلن إقامة إقليم للقناة يضم 3 محافظات هى بورسعيد والسويس والإسماعيلية وجعلها منطقة عالمية، وحينها طالب الرئيس جميع الحضور بالوقوف دقيقة حدادا على أرواح المصريين الذين استشهدوا جراء حفر القناة، ووجه أمرا للفريق محمود حجازى، رئيس أركان الجيش المصرى انذاك، بعدم مغادرة منطقة القناة حتى يجرى تنفيذ المشروع خلال عام بدلا من 3 سنوات، مشددا على أن الشعب المصرى يُلزمه بتنفيذ ذلك.

بداية القصة

تبدأ القصة فى اليوم الذى قرر فيه الفريق مهاب مميش الاتجاه ولأول مرة لهيئة قناة السويس بعد تعيينه رئيسا لها، فحينها وصله اتصال تليفونى من مستشار الهيئة يفيد بأن القناة توقفت عن العمل بسبب شحوط سفينة فى بورسعيد، فطلب من العاملين البدء بإجراءات التعويم، وفى هذه اللحظة -ووفقا لرواية الفريق مميش- تساءل كيف تتسبب سفينة واحدة فى وقف حركة التجارة العالمية، وبخاصة أن مصر لديها معدات حفر متقدمة؟.

وكانت هذه الحادثة هى الشرارة التى بدأ منها الفريق مميش فى التفكير مع زملائه بالهيئة فى فكرة إنشاء قناة موازية للقناة الأولى، وبالفعل تم البدء فى دراسة الخرائط والمساحة وطبيعة التربة وتم عمل مشروع لحفر قناة جديدة موازية لقناة السويس.

فى ذلك الوقت لم يكن الرئيس السيسى قد انتخب رئيسا للبلاد، وبعدما انتخب رئيسا للبلاد عرض الفريق مميش عليه فكرتين وكانتا على الورق فطلب منه الرئيس الحضور لمقابلته فى اليوم التالى مباشرة، وبعد المقابلة وعرض فكرة القناة الجديدة، غادر مميش دون أى إجابة واضحة من الرئيس فأعتقد أن هذا الورق لن يرى النور، إلا أنه تفاجأ فى نفس اليوم باتصال مشفر من الرئيس قائلا له «أنا منمتش عشان الفكرة» وطلب منه مقابلته مرة أخرى فأعاد الفريق شرح الفكرة كاملة وطلب الرئيس منه فى نهاية اللقاء أن يترك الورق، وبعدها عاود الرئيس الاتصال به ليبلغه أن الفكرة ستنفذ على أرض الواقع، وطلب منه لقاء بعض رؤساء الشُعب والهيئات لشرح الفكرة، وبالفعل تم شرح الفكرة لـ30 لواء.

وحينما جاء موعد عرض الفكرة كاملة كان من المقرر أن تكون مدة التنفيذ خلال 3 سنوات، لكن الرئيس عبدالفتاح السيسى قال للفريق مميش «هى سنة»، ومن هنا كانت القناة أول مشروع على المستوى الاستراتيجى لرئيس الجمهورية، لتبدأ ملحمة حقيقية بأياد مصرية.

بالفعل تحديد المسافة من الكيلو 60 إلى الكيلو95، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاح بطول إجمالى 37 كم ليبلغ إجمالى أطوال المشروع 72 كم، بمشاركة 17 شركة مصرية تحت إشراف القوات المسلحة.

وتعتمد فكرة الإنشاء فى الأساس على إنشاء قناة جديدة موازية، وتعظيم الاستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية بهدف تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية لتسيير السفن فى الاتجاهين بدون توقف فى مناطق انتظار داخل القناة.

بجانب تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال، مع تقليل زمن انتظار السفن ليكون 3 ساعات فى أسوأ الظروف بدلاً من  8 إلى 11 ساعة،  مما ينعكس على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن ويرفع من درجة تثمين قناة السويس.

بأيادٍ مصرية

مع إعلان الدولة البدء فى إنشاء هذه القناة الجديدة، وقف أعداء الخير متربصين متهامسين ومشككين فى قدرة مصر على تنفيذ المشروع الذى يتكلف نحو 8 مليارات دولار، وهو مبلغ كبير جدا يتطلب عددا كبيرا من الممولين.

ومن هنا خرج الرئيس عبد الفتاح السيسى ليشدد على أن يكون التمويل مصريا مئة بالمئة، وفى 15 أغسطس 2014 أعلن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أنه تقرر طرح شهادات استثمار باسم «شهادة استثمار قناة السويس» بهدف جمع 60 مليار جنيه مصرى لتمويل مشروع محور قناة السويس من خلال المصريين فقط، على أن تطرح الشهادات من البنوك القومية بفائدة سنوية 12% تصرف كل ثلاثة أشهر، ويسترد أصل المبلغ بعد خمس سنوات.

وفى  15 سبتمبر 2014 أعلن محافظ البنك المركزى المصرى، أن حصيلة بيع شهادات استثمار قناة السويس وصلت إلى نحو 61 مليار جنيه مصرى، منذ بداية الطرح يوم 4 سبتمبر من نفس العام عن طريق البنوك وهو المبلغ المطلوب لحفر القناة الجديدة، وأنه تقرر إغلاق الاكتتاب فى الشهادات بالبنوك، أما فى 19 أغسطس 2014 فأعلن الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس عن التحالف الفائز بتنفيذ مشروع تنمية قناة السويس، وهو تحالف دار الهندسة.

حفر القناة

وقد بدأت الأعمال بمرحلة الحفر الجاف والتى انطلقت فى بداية شهر أغسطس  2014 ليتم تنفيذ نحو 250 مليون متر مكعب، وشارك فيها 44 ألف مواطن مصرى، بمصاحبة 4500 معدة، وإجمالى 84 شركة، وتمت إضافة كتيبتين من القوات المسلحة لإزالة الألغام ومخلفات الحرب، بالإضافة إلى كتيبتى طرق للمساعدة فى عمليات الحفر، واستطاعوا إنهاء الحفر الجاف بنسبة 100%، تلى ذلك أعمال تكسيات وتدبيش الأجناب بطول 100 كيلو متر لضبط أجناب القناة الجديدة بهدف منع ترسب الرمال مرة أخرى للمجرى المائى.

أما أعمال التكريك «الحفر المائي» فقد تمت من خلال ثلاث لجان الأولى للإدارة، والثانية للمتابعة، والثالثة للوجيستيات وجميعها من شباب هيئة قناة السويس.

حفل الافتتاح

عقب عام من الإنجازات المتوالية تمكنت مصر من إطلاق حفل افتتاح مبهر لقناة السويس الجديدة يوم 6 أغسطس 2015، بمشاركة دولية عالية المستوى، حيث شارك فى الحفل زعماء وملوك العالم والوفود العربية والأوروبية والأفريقية والأسيوية، والذين حضروا لحفل الافتتاح بدعوة من الرئيس السيسى، لمشاهدة الإنجاز المصرى وقدرة المصريين على تحقيق الحلم بافتتاح القناة الجديدة فى وقت قياسى.

إقرأ أيضاً|قناة السويس تُسجل أعلى إيراد شهري في تاريخها بقيمة 704 مليون دولار