حمدي رزق يكتب: عم حسين..

حمدي رزق
حمدي رزق

«قلبى على ولدى انفطر وقلب ولدى على حجر»، ترجمة هذا المثل الحزين فى قصة «عم حسين»، القصة بدأت عندما تم نقل عم حسين إلى مستشفى الغردقة العام، وبعد أيام من مرضه توفى، وأودع جثمانه ثلاجة المستشفى، ولم يتقدم أحد من أهله لتسلّم جثمانه.

تبين لاحقا أن لعم حسين، ابنا فى «اليونان» وابنة فى «السعودية»، وبعد التواصل معهما أكدا رفضهما النزول إلى مصر، وطلبا من الأهالى أن يدفنوه بمعرفتهم.

خلال سنوات عمره الثمانين لم يسأل أحد من أهله عن عم حسين، إلى أن فارق الحياة بعد معاناة مع المرض، وتطوع مواطنون من مدينة الغردقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونشروا صورة من بطاقة الرقم القومى للمتوفى، مترحمين عليه ومناشدين أى فرد من أقاربه التعرف عليه لتسلم جثته من المستشفى، حتى تتسنى الصلاة عليه ودفنه، باعتبار أن إكرام الميت دفنه.

منسوب لشكسبير، «جحود الأبناء هو أشد من عضة الحية الرقطاء»، قلوب قست فصارت كالحجارة أو أشد قسوة، عز عليهم إلقاء النظرة الأخيرة، ودفنة كريمة، وقبلة وداعية أخيرة تعوض المسجى عن حرمان السنين.

ليتنى مت قبل هذا اليوم، يوم نسمع عن أبناء لا يهزهم رحيل الآباء، ولطيب الذكر صلاح عبد الصبور بيت شعر يقول «لا أدرى كَيف ترعرع فى وادينا الطَيب هذا القدر من السَفلة والأوغاد؟».

عقوق الأبناء آفة هذا الزمان، ومعلوم العقوق لا يمنع الحقوق، وعقوق الابن بمعنى عصيانه وجحوده، هل بلغ بكم العقوق إلى أن تنسون فضله وكرمه، «وَقَضَى، رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا..» «الاسراء/ ٢٣».

القصة من الغردقة موجعة، وتؤشر على قساوة القلوب، والقسوة هى غِلَظة القلب، وشدَّته، ولهذا يوصف بها القلب، وإن لم يكن صلبًا!
وقال ابن القيم: «ما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله»، سبحان الله، و قال الطيبى: «لأن الرحمة فى الخلق رقة القلب، والرقة فى القلب علامة الإيمان، فمن لا رقة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي، فمن لا يرزق الرقة شقى».. والعياذ بالله.